33 نبذة من خدمات الأحمدية  للإنسانية

33 نبذة من خدمات الأحمدية  للإنسانية

محمد أحمد نعيم

داعية إسلامي أحمدي


لقد أرسل الله نبينا الكريم محمدا المصطفى رحمةً للعالمين وإلى الناس كافة وإلى يوم القيامة، فكان مجال عَمله العوالِم كلها، وكانت فيوضه للإنسانية كلها، دون تمييز بين مؤمن وكافر، فقد قال “الخَلْقُ عيال الله، فأحبُّ الخلقِ إلى الله مَن أحسن إلى عياله”. فكان أعداؤه يأتونه طلبًا للدعاء، فكان يدعو لهم، وكان الله يستجيب دعاءه وينـزل عليهم فضله. ولم يكن رحمة للناس فحسب، بل كانت رحمته تتسع لتشمل الدواب والطيور أيضا، فهناك في الأحاديث أمثلة كثيرة على ذلك، لكن المجال لا يتسع لذكرها هنا.

وفي هذا العصر بعث الله تعالى سيدَنا ميرزا غلام أحمد القادياني المحبَّ الصادق والخادم البار للنبي ، فجعله يتصف بمثل صفات سيده ويتأسى بأسوته الحسنة لأقصى حد، فكان شديد الاهتمام بخدمة الخلق ومواساتهم والعطف عليهم، فقد كتب ضمن شروط الانضمام إلى جماعته أن يتعهد كل مبايع أن “يظل مشغولا في مواساة خلق الله عامة لوجه الله تعالى خالصة وأن ينفع أبناء جنسه قدر المستطاع بكل ما رزقه الله من قوى ونِعَم.”

ونصح جماعته وقال:

“اعلموا، أن مجال المواساة لواسعٌ جدًا عندي. لا تحرموا قوما ولا شخصا من إحسانكم. لا أقول لكم كالجهلاء أن تخصوا المسلـمين فقط بمواساتـكم، بل أقـول: واسُوا جميعَ خلق الله أيًا كـانـوا، هنـدوسا أو مـسلمـين أو غيرهـم.” (الملفوظات ج 4  ص 217، الطبعة الجديدة بربوة)

كم كان يتألم لآلام الفقراء البؤساء، ويفرّج كروب الضَعَفة البسطاء، ويزيل همومهم وآلامهم! يتضح هذا من حادث رواه صحابيه الجليل المولوي عبد الكريم السيالكوتي فقال:

“مرة جاءت بعض القرويات البسيطات إليه لعلاج أطفالهن، وفي أثناء ذلك حضرتْ من بيته بعض الخادمات أيضًا ليأخذن منه الأدوية… وكان على حضرته أن يكتب مقالا دينيا هاما وبأسرع ما يمكن. فخرجتُ إليه مصادفة، ورأيتُه يعمل بنشاط كبير كما يؤدي الأوروبي واجبه المادي بنشاط وشغف. كانت أمامه 5 أو 6 صناديق مفتوحة، فكان يعطيهن من القارورات الصغيرة أدوية مختلفة من قبيل العصير أو المشروب أو الحبوب. واستمر هذا المستوصف حوالي ثلاث ساعات. وبعد أن أنهى قلت له: سيدي، هذا العمل متعب جدا، ويضيع فيه وقت كثير. فسبحان الله، لقد أجابني بكل طمأنينة ونشاط: “هذا أيضا عملٌ دينيٌ؛ إذ ليس لهؤلاء المساكين أي مستشفى هنا، وقد جلبتُ لأجلهم أنواع الأدوية الكيماوية والشعبية التي تفيد عند الحاجة. ثم قـال: إن في هذا العمـل ثوابًا عـظـيمًا.” (سيرة المسيـح الموعود ، للمولـوي عبد الكريم السـيالكوتي ص 36)

وقد سلك الخلفاء بعده نفس المنهج، وبذلوا كل ما في وسعهم ليكفكفوا دموع البشرية المتألمة المتضررة من جراء الأمراض والأوبئة والكوارث الطبيعية، كما قدموا خدمات عظيمة للنهوض بالشعوب الفقيرة بمساعدتهم في مجال التعليم خاصة، وكل ذلك من تبرعات أفراد الجماعة. ولضيق المجال نذكر هنا ثلاثة أنواع فقط.. كغيض من فيض.. من هذه الخدمات واسعة النطاق ومتعددة الأبعاد ومختلفة المجالات وهي:

  1. الخدمات الطبية.
  2. الخدمات للنهوض بالضعفاء والمنكوبين.
  3. الخدمات التعليمية.

الخدمات الطبية

كان الخليفة الأول مولانا نور الدين   طبيبًا حاذقًا شهيرًا. وكان يعالج الفقراء مجانا، ويفضّلهم أحيانا على كبار القوم. وهناك قصة شهيرة بهذا الشأن جاء فيها: كان حضرته يعمل كطبيب مَلَكي عند مهاراجا كشمير، وفي إحدى الليالي أصيب المهاراجا بوعكة صحية، فأرسل إلى حضرته أن يأتيه حالا. وبينما كان على وشك الخروج إذ جاءته زوجة أحد الكناسين باكية وقالت إن زوجها في حالة خطيرة من وجع شديد في بطنه. فقال حضرته لمبعوث المهاراجا: اذهب إليه وبلِّغْه أني سأكون عنده بعد فحص هذا الكناس. فقال له المبعوث: أتُفضّل كنّاسًا على المهاراجا؟ سيسجنك المهاراجا مع الكناس؟ فقال : إن حالة الكناس أشد خطورة من حالة المهاراجا، وسوف أحضر إليه بعد فحصه. فانصرف الخادم. لقد وجد حضرته أن الكناس يعاني من ألم حاد في القولون، فأعطاه الدواء وكان ناجعًا، فشفي بفضل الله تعالى، ودعا دعاء حارًا لحضرته ولمن كان سببًا في وصوله إليه. ولما وصل حضرته إلى المهاراجا سأله عن تأخره، فأخبره عما حدث، وقال: لقد وقع في نفسي أن دعاء هذا الكناس قد خرج من أعماقه وقد استُجيبَ ولا بد أن المهاراجا أيضًا يكون قد شُفِيَ الآن. فقال المهاراجا: نعم، لقد تحسنت صحتي الآن. ثم قال: هذا ما يليق بالطبيب العظيم مثلك، وأعطاه جائزة كبيرة.

عندما هاجر حضرته إلى قاديان بدأ يعالج الناس مجانا، وظل هكذا حتى آخر حياته حتى اشتهرت قاديان بسبب مستوصفه المجاني العظيم.

مستشفىنور

في 21 حزيران عام 1917 في عهد الخليفة الثاني وُضع حجر الأساس لمستشفى “نور” بقاديان لخدمة الإنسانية، ولا تزال هذه المؤسسة الطبية تخفف من معاناة المرضى هناك منذ 92 سنة دون تفريق بين دين وعرق. وفي 9 نوفمبر/ تشرين الثاني 1998 وُضِع حجر الأساس لبناية جديدة لمستشفى نور، وقام الخليفة الخامـس أيده الله بـنصره العزيز بافتـتاحه خـلال زيارته لقـاديان في عام 2005.

مستشفى “فضل عمر” *

وبعد الهجرة إلى باكستان بدأ مستشفى “فضل عمر” عمله في مركز الجماعة الجديد في خيمة بتاريخ 12 نيسان 1949. ثم في عام 1956 وضع الخليفة الثاني حجر الأساس لمبنى هذا المستشفى. ومع مرور الزمن تطور هذا المستشفى حيث يلجأ إليه الكثيرون من المرضى الأثرياء والفقراء بحثًا عن العلاج. وبفضل الله الشافي ينالون الشفاء على أيدي الأطباء الأحمديين الذين تعلّموا من خلفاء المسيح الموعود الحماس لخدمة الإنسانية.

معهد “طاهر” لعلاج أمراض القلب

لإحياء ذكرى الخليفة الرابع رحمه الله، قرّر الخليفة الحالي نصره الله تأسيس معهد “طاهر” لعلاج أمراض القلب. وفي 23 تشرين الثاني عام 2003 وَضع ميرزا خورشيد أحمد الناظر الأعلى بـ صدر أنجمن أحمدية بربوة حجر الأساس لهذا المعهد. تجري في هذا المستشفى العمليات الجراحية للقلب، وتُقدَّم للمرضى الخدمات الحديثة رفيعة المستوى.

مؤسسة “نور العين”

تعمل هذه المؤسسة في بناية واسعة جميلة ذات طوابق ثلاثة في ربوة تحت إشراف مجلس خدام الأحمدية باكستان، وتقدِّم مرافق جديدة مثل “بنك الدم والقرنيات”. وُضع حجر أساسها في تشرين الثاني عام 2000 باسم “هيئة نور للمتبرعين بالقرنيات”. الهدف الأساسي لهذه الهيئة هو علاج المرضى المصابين في القرنية. ويقوم الأطباء المتخصصون بهذه العملية تطوعا. وقد وُفِّقت هذه المؤسسة من إعادة النور إلى الكثيرين بفضل الله تعالى. ولها 26 فرعا داخل باكستان. ولقد سبقت الأخوات الإندونيسيات الجميعَ في هذا المجال حيث تبرعت ألف أخت منهن بقرنيات عيونهن.

إضافة إلى ذلك تقيم الجماعة في العالم كله عيادات مجانية لعلاج مرضى العيون، فمثلا أقام “مجلس خدام الأحمدية” في الهند عيادة في قاديان مرة، وقد تم الإعلان عنها بواسطة مكبرات الصوت واللافتات. وقد قدّم 8 أطباء مختصون خدماتهم في هذه العيادة وفحصوا 800 مريض، واختاروا 30 منهم لإجراء العملية الجراحية. أما البقية فقد قدموا لهم نظارات طبية وأدوية مجانا.

كما قدمت منظمة (Humanity First) “الإنسانية أولاً” العلاج والنظارات الطبية والأدوية مجانًا لـ 500 مريض مصاب بأمراض العيون في سيراليون.

مستشفى ومعهد “طاهرللبحوث الطـبية الهوميوباثـية

إن “العلاج بالمثل” (الهوميوباثي) هو طريقة العلاج العجيبة والسهلة والرخيصة، وقد فتح مجلس خدام الأحمدية بباكستان عيادة الهوميوباثي التي بدأت عملها بشكل رسمي في عام 1999 بربوة، حيث يُفحَص المرضى وتُقدم لهم الأدوية مجانًا. وقد تم علاج كثير من الأمراض المزمنة المستعصية. ويأتي المرضى – المسلمون وغير المسلمين – من كل أنحاء باكستان. وهناك قسمان للعيادة: رجالي ونسائي.

لقد بدأ الدكتور “وقار منظور بسراء” العملَ في غرفة في ربوة. كان يتطوع لهذا العمل بعد التدريس في الجامعة الإسلامية الأحمدية. فتوسع العمل وكثر المرضى، فأمر أمير المؤمنين -نصره الله– أن يتفرغ لخدمة المرضى وأن يكون للعيادة مبنى كبير. ففي 17 نيسان 2005 وُضع حجر الأساس لمستشفى ومعهد “طاهر” للبحوث الطبية الهومياباثية في ربوة، حيث يتم حاليا فحصُ وعلاج حوالي 500 مريض يوميًا.

وكان سيدنا ميرزا طاهر أحمد رحمه الله قد فتح عيادة هوميوباثية في مؤسسة الوقف الجديد في ربوة، وقد ظل يعالج فيها المرضى حتى صار خليفة. ولا تزال هذه العيادة تعمل. كما توجد عيادة هوميوباثية في مستشفى فضل عمر أيضا. كما يوجد في كل فرع من فروع الجماعة المحلية في العالم عيادة هوميوباثية يقوم فيها الأطباء الأحمديون بفحص المرضى وتقديم الأدوية لهم مجانا.

مشروع “نصرت جهان”

في أثناء أول جولة له إلى قارة إفريقيا عام 1970، ألهم الله تعالى الخليفةَ الثالث -رحمه الله – مشروع “نصرت جهان” لتوسيع مجال خدمة الإنسانية في بلاد إفريقيا الغربية في مجال التعليم والعلاج. وبدأ العمل بالمشروع تحت إشراف “التحريك الجديد”. لقد فتح الدكتور غلام أحمد المحترم أول مستشفى تحت هذا المشروع في مدينة  Kokofu في غانا عام 1971. ومع مرور الوقت ازدادت الأعمال، ووفق الله الجماعة لفتح 54 مستشفى حتى الآن في إفريقيا الشرقية والغربية يعمل فيها الأطباء في ظروف صعبة. علمًا أن بعضها أُغلقت بسبب الحروب الأهلية في تلك البلدان.

ويعمل حاليا 50 طبيبًا وطبيبة في 40 مستشفى في 12 بلدا. وقد نذر 20 من هؤلاء الأطباء حياتهم لخدمة البشرية، وأما الآخرون فكرّسوا حياتهم مؤقتا لهذه الخدمة.

كانت هذه المستشفيات في البداية تخدم الناس بالعلاج التقليدي، أما في عصر الخليفة الرابع -رحمه الله- فبدأ المرضى يتلقون فيها العلاج (الهوميوباثي) أيضا.

ولكي يستفيد الناس من هذا العلاج الرخيص جدا ويتمكنوا من علاج أنفسهم قد سجل سيدنا ميرزا طاهر أحمد محاضرات كثيرة قد طُبعت في صورة كتاب فيما بعد، وقد صدر بالعربية أيضا.

ومنذ بداية مشروع “نصرت جهان” وفَّق الله تعالى 350 طبيبا لوقف حياتهم تحت هذا المشروع.

الخدمات للنهوض بالضعفاء والمنكـوبين

في هذا الجزء سنقدم نبذة عن إنجازات الجماعة في عهد كل خليفة.

دعا الخليفة الأول أبناء الجماعة في عهده إلى إقامة “دار الضعفاء” لرعاية الضعفاء والمسنين ولإعانة اليتامى والمساكين استمرارًا لخدمات المسيح الموعود للإنسانية، فلبَّت الجماعة كلها نداءه.

وفي تموز 1927 دعا الخليفة الثاني الجماعة إلى رعاية اليتامى والأطفال، وبنى “دارًا لليتامى” و”دارًا للمسنين”.

ومن الجدير بالذكر أن الجماعة الإسلامية الأحمدية في باكستان تقدم المساعدة للفقراء والمساكين لشراء القمح بكمية تكفيهم سنة كاملة.

وعندما وقع زلزال شديد في الهند في تموز 1934، دعا الخليفة الثاني الجماعة إلى مساعدة المنكوبين قائلا: “فلنُثبتْ بعملنا أننا أكثر الناس مواساةً للمنكوبين.” (جريدة الفضل 8 شباط 1934)

وفي بداية عام 1941 أصيبت الهند بقحط شديد، فحث أمير المؤمنين الجماعة على توفير القمح والمال للمنكوبين.

وفي 11 أيلول 1942 بدأ أمير المؤمنين بمشروع “بناء البيوت للفقراء”.

وفي 30 أيار 1944 دعا أمير المؤمنين أهلَ قاديان خاصة والجماعةَ الأحمدية عامة إلى إطعام الجياع. ثم عند استقلال باكستان حث الجماعة على تقديم الفرشات والألحفة للمهاجرين.

في عام 1954-1955 سببت الفيضانات في باكستان دمارا كبيرا، فقام الخليفة الثاني بنفسه بجولة للمناطق المنكوبة، وحث المسلمين الأحمديين على إعانة منكوبي الفيضانات.

وفي 17 أيلول 1965 دعا الخليفة الثالث رحمه الله الجماعة إلى إطعام المساكين واليتامى قائلا: “اليوم أنبّه كلَّ مسؤول في الجماعة أن عليه أن يتأكد ألا ينام أي أحمدي في منطقته جائعا.” (جريدة الفضل 10-3-1966)

وفي 1973 قدمت الجماعة من بيت المال مبالغ كثيرة لمنكوبي الفيضانات في باكستان الشرقية والغربية.

11 تشرين الثاني 1983: قدم الخليفة الرابع رحمه الله “مشروع بيوت الحمد” حيث طلب من أفراد الجماعة جمع التبرعات لبناء مئة بيت للفقراء والمساكين واليتامى والأرامل الذين ليس عندهم سكن، وذلك بمناسبة مرور 100 عام على تأسيس الجماعة. وقدم من جيبه الخاص مئة ألف روبية. وقد تم بناء هذه البيوت المزودة بمرافق أساسية في مجمّع سُمي “بيوت الحمد”.

كما تُقدَّم المساعدة للبعض لبناء بيوت خاصة لهم أو لإصلاحها.

في 9 تشرين الثاني 1984: قدم إمام الجماعة – رحمه الله- مشروع المساعدة المالية للبلاد الأفريقية المجدبة مثل الصومال ورواندا وغيرهما.

في 14 آذار 1986: أسس رحمه الله “صندوق سيدنا بلال” لرعاية أولاد شهداء الأحمدية، فحيثما يُستشهد أحد المسلمين الأحمديين تتولى الجماعة كفالة أولاده، فيعيشون بكرامة.

وفي كانون الثاني 1991: أسس رحمه الله “صندوق اليتامى”، وقد قام بكفالة أكثر من 1000 يتيم إلى الآن.

وفي 1993 أسس – رحمه الله – مؤسسة خيرية عالمية باسم “Humanity First” (الإنسانية أولاً) وهي تقدم المعونات لمنكوبي الكوارث في كافة أنحاء العالم، وبفضل الله تعالى، قد تم تسجيلها رسميا في 26 بلدا من العالم. وبأمر من الخليفة الحالي – نصره الله تعالى – تقدم هذه المؤسسة مساعدةً للشعب الإفريقي خاصةً في مجال نشر علوم الحاسوب. كما تعمل، مستعينة بلجنة المهندسين الأحمديين، على إنشاء مضخّات مياه صالحة للشرب وصيانتها في إفريقيا في مناطق لا تتوفر فيها المياه إلى أميال، وتمدّهم بمولدات الطاقة الشمسية. وقد قدمت هذه المؤسسة خدمات عظيمة لمنكوبي الزلزال في تركيا عام 1999، وفي ولاية غجرات الهندية عام 2001، ولضحايا تسونامي في مختلف البلدان عام 2004. والجدير بالذكر أن الحكومة الإندونيسية قد عينت “Humanity First”  ممثلا رسميا لها في بريطانيا لجمع التبرعات لضحايا “تسونامي”.

وضحايا الزلزال المدمر في باكستان وكشمير عام 2005. كما أرسلت مساعدات لضحايا الحرب الأخيرة في غزة.

وقد سُجلت هذه المؤسسة رسميا عند الأمم المتحدة كـ “مؤسسة خيرية إنسانية” اعترافا بخدماتها.

البـوسنة

في عام 1993 كتب أفراد الجماعة ما يقارب مئة رسالة وبرقية وفاكسات إلى رؤساء الوزراء والدبلوماسيين في البلدان الإسلامية أن يهبُّوا لمساعدة إخوانهم البوسنيين المظلومين. كما أرسل الخليفة الرابع -رحمه الله- لهؤلاء المظلومين مساعدة كبيرة بما فيها مواد مختلفة بقيمة مليون وخمسمئة ألف جنيه إسترليني.

وفي 30 تشرين الأول 1992: أسس مشروع تقديم الهدايا إلى يتامى البوسنة والصومال.

صندوق مريم للتزويـج

وفي شباط 2003 فتح الخليفة الرابع رحمه الله “صندوق مريم للتزويج” تخليدًا لذكرى والدته رضي الله عنها، حيث يقدم هذا الصندوق المساعدة للآباء الفقراء لتزويج بناتهم. هذا الصندوق هو آخر مشروع أسّسه الخليفة الرابع رحمه الله في حياته. وقال عند الإعلان عنه في خطبة الجمعة في 28 فبراير 2003:

“آمل أن لا يغلق هذا الصندوق أبدا، وسوف يتم تزويج البنات الفقيرات بكرامة.”

فكان ولا يزال أبناء الجماعة يلبون نداء إمامهم ويقدمون النقود والهدايا والحلي في هذا الصندوق.

الخدمات التعليـمية

لقد وضع المسيح الموعود أساس خدمة عظيمة للإسلام من الناحية العلمية أيضا، وقد اعترف بذلك معارضو الجماعة أنه لم يخدم الإسلام أحدٌ مثله. وكُتبه قد أحدثت في الدنيا انقلابا علميا وعمليا. لقد بذل  جهده لتقوية أبناء الجماعة علميا وعمليا وتزويدِهم بالتقوى، بل أعلن ذلك بناءً على وحي الله تعالى:

“لقد أخبرني الله تعالى مرارًا وتكرارًا أنه سيرزقني عظمة خارقة، ويرسخ حبي في القلوب، وينشر جماعتي في الأرض كلها، ويجعلها غالبة على جميع الفرق، وسينال أبناء جماعتي كمالا في العلم والمعرفة لدرجة أنهم يُفحِمون الجميعَ بقوة نور صدقهم والبراهين والآيات، وكل قوم سيرتوي من هذا الينبوع. إن هذه الجماعة سوف تنمو وتزدهر بقوة خارقة حتى تحيط بالعالَم كله. ستكون هناك كثير من العراقيل والبلايا، ولكن الله سوف يزيلها جميعا من الطريق وسوف يُتم وعده. ولقد قال الله مخاطبًا إياي: سوف أباركك بركة تلو بركة حتى إن الملوك سيتبركون بثيابك. فأيها المستمعون اسمعوا وعوا واحتفظوا بهذه الأنباء في صناديقكم، لأنه كلام الله الذي سوف يتحقق يومًا”. (التجليات الإلهية، الخزائن الروحانية مجلد 20، ص 409-410)

مدرسة تعليم الإسلام الثانوية وكلية تعلـيم الإسلام

وأسس مدرسة نموذجية باسم “مدرسة تعليم الإسلام” في قاديان 1898 لحماية أبناء المسلمين من تأثير المسيحية والإلحاد ومساوئ الثقافة الغربية في المدارس الأخرى، ولكي يصبحوا خدام الدين. وكانت هذه المدرسة في أولها ابتدائيةً، ثم صارت متوسطة ثم ثانوية في سنة 1900، وبعد ثلاث سنوات أصبحت كليةً في 1903، وسُميت “كلية تعليم الإسلام”، وقد برزت كمؤسسةٍ تعليميةٍ عظيمة في الهند. وبعد انقسام الهند صادرت الحكومة الهندية “مدرسة تعليم الإسلام” الثانوية وسمَّتْه “مدرسة ستنام سنغ باجوه” ومدرسة “الخالصة” الثانوية، أما “كلية تعليم الإسلام” فسمتها: كلية السيخ الحكومية.

وبعد الهجرة إلى باكستان شعر الخليفة الثاني بضرورة الكلية الأحمدية بشدة، فوضع حجر الأساس لكلية تعليم الإسلام في لاهور، وبعد تأسيس مدينة ربوة انتقلت هذه الكلية إليها سنة 1954. كما أسس حضرته بعد الهجرة فورًا “مدرسة تعليم الإسلام الثانوية” في مدينة شنيوت، ثم انتقلت إلى ربوة. وأُسستْ مدرسة “النُصْرة” الثانوية للبنات و”جامعة النُصْرة” للبنات أيضا، وأقيمت المدارس الابتدائية في ربوة. وبقيت هذه المدارس والكليات حتى عام 1972 تعمل كمراكز للتعليم والتربية عالية المستوى التي يبعث إليها الأحمديون وغيرهم أولادهم من مختلف أنحاء البلاد، إلى أنْ أعلنت الحكومة الباكستانية تأميمها. فبدأت حال هذه المؤسسات التعليمية تسوء يومًا بعد يومٍ، فلم يبق فيها علم ولا ثقافة ولا دين ولا تربية، إذ تعيّن الحكومةُ فيها أساتذة لا يهمهم التدريس، وإنما كسب المال والإساءة المقصودة إلى الطلاب المسلمين الأحمديين. ولكن الخلافة الإسلامية الأحمدية قامت بتأسيس مؤسسات تعليمية جديدة خاصة بالجماعة للنهوض بأبنائها وأبناء الآخرين.

كما توجهت الجماعة إلى مختلف العلوم الضرورية  الأخرى لخدمة الإنسانية إلى جانب بذل الجهد الكبير لاستتباب الأمن واطمئنان القلوب ولتوطيد العلاقة بالله تعالى. وهناك الكثير من المعاهد التعليمية الخاصة التي تعمل في باكستان تحت إشراف “نظارة التعليم” التابعة لِـ “صدر أنجمن أحمدية” طبق المناهج التعليمية الحكومية، وقد بلغ عددها حتى الآن 17 معهدًا.

لقد تمكنت الجماعة بفضل الله تعالى من نشر العلم في إفريقيا أيضا على نطاق واسع؛ حيث فتحت مدارس كثيرة يعلِّم فيها المعلمون الذين قد نذروا حياتهم للإسلام مؤقتًا. وتوجد اليوم في 11 بلدا في إفريقيا 510 مدارس أحمدية بعضها ثانوية وبعضها ابتدائية.

مسـاعدة الطـلاب

هذا، وتقدم الجماعة تحت إشراف “نظارة التعليم والتربية” بمؤسسة صدر أنجمن أحمدية ربوة، مساعدات مالية للفقراء من الطلاب الذين لا يستطيعون دفع رسوم المدارس وشراء الكتب والدفاتر. وما أكثر هؤلاء! ويكمل عدد كبير منهم الدراسات العليا، ويشغلون فيما بعد مناصب رفيعة.

إن الأثرياء في الجماعة أيضا يساهمون في ذلك مساهمة سخية. هناك قصة رائعة لشاب ذكرها الخليفة الرابع رحمه الله، حيث قال حضرته: نحن بفضل الله تعالى نقدم مساعدة كبيرة للطلاب حيث تجمّعت لدينا تبرعات كثيرة، فإذا كان هناك طالب موهوب لا يستطيع متابعة الدراسة لضيق اليد فنحن نساعده. فذات مرة قال لي المرحوم شاه نواز أنه يريد أن يخصص ثلث أرباح أحد مصانعه كصدقة جارية باسم والده، وخوَّلني في إنفاقها حيثما أريد. ولا يمرّ يوم واحد إلا وأساعد بعض الطلاب من هذا الصندوق. فاليوم أيضًا جاءني طالب فقير أرسله والده الفقير للدراسات العليا في بريطانيا، وأثناء اللقاء سالت دموعه. فلما سألته عن السبب، أخبرني أن أوضاعه الاقتصادية تعيسة جدا. فعرضتُ عليه أن يقترض من الجماعة مبلغًا. فامتنع. فقلت: لا يمكن لك الامتناع، فإني آمرك بأخذ الدين. واكتبْ لأبيك أنه لا داعي للقلق الآن، فقد دبر الله لي المبلغ، وقل له أيضا ألا يقلق بصدد تسديد هذا الدين، إذ يمكنك تسديده بقدر ما شئت ومتى شئت بعد تخرُّجك وحصولك على عمل مناسب. وقد جربتُ أن معظم هؤلاء الطلاب يعيدون المبلغ مع زيادة منهم مما يفيد الآخرين. (جريدة “الفضل” ربوة 24/3/2000)

والجدير بالذكر أيضا أن الخلفاء يقدمون للمتفوقين من الطلاب ميداليات ذهبية أيضا تشجيعا لهم.

باختصار، إن بذرة أعمال خدمة الإنسانية التي بذرها المسيح الموعود في زمنه أصبحت اليوم بفضل الله تعالى شجرةً كبيرة وارفة الظلال يستظل بها الناس في بلاد كثيرة، وهي لا تزال تنمو وتزدهر ليل نهار، ولا تبرح الجماعة -بفضل الله وتوفيقه -تقدّم الخدمات للإنسانية البائسة في كل العالم وفي كل مناحي الحياة على ضوء توجيهات الخلفاء الكرام. نسأل الله تعالى أن يوفق جماعته الحبيبة إلى خدمة الإنسانية دائمًا في ظل الخلافة المباركة.

Share via
تابعونا على الفايس بوك