45 ثلة من صلحاء العرب وأبدال الشام

45 ثلة من صلحاء العرب وأبدال الشام

الحافظ عبد الحميد

داعية إسلامي أحمدي


السيد مصطفى نويلاتي

هو أول من قبل الأحمدية من الإخوة السوريين على يد الأستاذ جلال الدين شمس رحمه الله. كان والده السيد علي نويلاتي يذكر دائما أن هذا الوقت هو وقت ظهور المهدي ، ويقول لابنه مصطفى: لقد تحققت جميع العلامات الدالة على ظهور المهدي.. فإذا سمعت أحدًا يذكر شيئا عن بعثته فعليك بالتحقيق والإيمان بدعوته. وأعطاه مبلغًا من المال ليتبرع به إلى مَن يبشره بظهور دعوة المهدي. وبعد وفاة علي نويلاتي سمع ابنه مصطفى بدعوة الأستاذ جلال الدين شمس، فزاره على الفور، واستمع لكلامه، وبعد التحقيق كان أول المبايعين. ثم قدّم له المبلغ، هدية والده، إلى جماعة المهدي حسب الوصية.

وكان المرحوم مصطفى نويلاتي مثالاً للأحمدي المخلص حيث كان يُبشر كل من يراه ويجتمع به في كل المناسبات والأوقات. وكان حبه وعشقه للأحمدية ولمؤسسها ولخلفائه شيئًا غريبًا وملفتًا للنظر. وقد دخل البعض في الجماعة بفضل تبشيره بالرغم من أن ثقافته وتعليمه كانا بدرجة متوسطة، وكان يعمل مقاولا في مجال تعبيد الطرق.

قام أحد المأجورين بمحاولة اغتيال الأستاذ جلال الدين شمس بطعنه بالسكين التي بلغت قريبًا من قلبه، وقد نُقل على إثرها إلى المستشفى الوطني في دمشق، فلما زاره المرحوم الأستاذ منير الحصني قال له وهو مسجّى على سريره: اذهب إلى غرفتي تجد في الخزانة مبلغًا من المال هو هدية أخينا مصطفى نويلاتي.. خذْ منه ما تحتاج لإرسال برقية سريعة إلى مولانا الخليفة الثاني ، وأخبرْه بما جرى لي، واطلبْ لي الدعاء بالشفاء. فنفّذ المرحوم منير الحصني ما طُلِبَ منه. وفي اليوم التالي قال الطبيب الذي عالجه: لقد حدثت الليلة معجزة.. لقد جزمنا بعدم نجاة المصاب، ولكن فجأة بدأت أحواله تتحسن لدرجة أنني أعتقد أنه قد شُفي تمامًا، ويمكنه أن يُغادر المستشفى إذا أراد ذلك، فلم يعد هناك أي خطر حقيقي يُهدده.

السيد منير المالكي

ولد في دمشق عام 1902 في حي الحريقة التجارية، وهو ابن عم الشهيد عدنان المالكي الذي أقامت له الحكومة السورية تمثالاً في حي المالكي بدمشق، وهو من أسرة دمشقية عريقة. كان لعائلته بستان كبير في غوطة دمشق حوّله الثوار الدمشقيون أيام الاستعمار الفرنسي إلى مستشفى ميداني لمعالجة الجرحى من الثوار. أكمل تعليمه الثانوي بالجامعة الأمريكية ببيروت، وسافر بعدها إلى ألمانيا عام 1922 لدراسة الهندسة الميكانيكية لمدة ثلاث سنوات. التقى هنالك بالأستاذ منير الحصني ونشأت بينهما صداقة قوية، والتقيا في دمشق مرة ثانية في معهد الحقوق في جامعة دمشق، فبلّغه الأستاذ منير الدعوةَ الأحمدية، فبايع وكان من أوائل الأحمديين الدمشقيين.

كان قد استلم في عام 1930 منصب مدير الشئون الإدارية في مصلحة مياه عين الفيجة، وفي عام 1949 كلَّفه رئيس الوزراء حينها خالد العظم بإدارة مؤسسة اللاجئين الفلسطينيين. وتولى منصب أمين سر حزب دعاة العربية. ثم ساهم في تأسيس الحزب القومي العربي، وأصبح بعد ذلك أمين السر العام لهذا الحزب. وذلك كما ورد في كتابه: “من ميسلون إلى الجلاء” الذي نشرته وزارة الثقافة عام 1991م. وقد كلفه رئيس الجهورية السورية آنذاك أكثر من مرة بمهمة شراء أسلحة وطائرات للجيش السوري.

وكان أحمديًا مخلصًا وملتزمًا بالجماعة وذا أخلاق فاضلة، وما كان يغيب عن الصلوات إلا إذا سافر خارج القطر. وكان يدعو كثيرًا أفراد الجماعة للولائم.

الحاج محيي الدين الحصني

تباركت أسرة الحصني بعدد من الرجال الصالحين، منهم الحاج محيي الدين. كان رحمه الله تاجرا مشهورا.. لا يزال اسمه على محلاته الكبرى في شارع الأزهر بمصر. انضمّ إلى الأحمدية عام 1933 على يد مولانا أبي العطاء الجالندهري، واستقام على مبادئها، ووضع رَفْعَ شأن الإسلام نصب عينيه. لقد صَدَقَ عَهْدَ البيعة، فآثر الدين على الدنيا وما بدل تبديلاً. كان من الذين يؤثرون مصلحة الجماعة على كل شيء ويخدمونها ابتغاء مرضاة الله لا لنيل جاه أو منصب أو خطاب، ويطيعون أولي الأمر منهم طاعة صادقة كاملة على مكرههم ومنشطهم. وكان رئيسا لجماعة مصر.

قابل حضرةَ مرزا ناصر أحمد (الخليفة الثالث فيما بعد) عند زيارته لمصر مع أخيه حضرة مرزا مبارك أحمد عام 1938. وصَاحَبَ السيدَ محمد ظفر الله خان” في بعض أسفاره ببلاد العرب.

تُوفي عام 1954. رحمه الله وبارك في أسرته، وأخرج منهم كثيرا من أمثاله.

الحاج بدر الدين الحصني

كان الحاج بدر الدين الأخ الأصغر للأستاذ منير الحصني، وكان تاجرا كبيرا في سورية ويملك مصنعا للأقمشة الحريرية. خدم الجماعة على أصعدة عدة، ويكفيه فخرا أن الخليفة الثاني أقام في بيته عندما نزل في دمشق عام 1955 في طريقه إلى أوروبا من أجل العلاج، وصلى الصلوات فيه، كما خطب فيه يوم الجمعة باللغة العربية الفصحى، حيث قال فيها للحضور: ” قبل أكثر من نصف قرن من الزمان حين لم يكن قد وُلد أكثر الموجودين منكم قد أوحى الله تعالى إلى المسيح الموعود : “يدعون لك أبدال الشام وعباد الله من العرب.” ولقد تحقق هذا الوحي اليوم بوجودكم هنا.”

كما يكفيه فخرًا أن حضرته أثنى عليه في رسالة كتبها إلى أخيه مرزا بشير أحمد جاء فيها ما يلي: “لقد أخلى لنا الأخُ بدر الدين الحصني بيته بكل إخلاص ومحبة، ونحن جميعا الآن نقيم فيه. إن هذه العائلة تخدمنا بمحبة يندر لها نظير في باكستان. إن أخي السيد بدر الدين الحصني تاجر كبير في سورية، وهو مفعم بمشاعر الخدمة بحيث يبدو من شدة إخلاصه أنه خادم أكثر منه رئيس.”

كان مخلصا جدا لدرجة أن الخليفة الثاني خلال إقامته في دمشق تطرق مرة إلى الحديث عن العطور العربية، وبينما كان حضرته في هذا الحديث إذ أرسل الحاج بدر الدين الحصني أحدا، فجاء بعطور مختلفة خلال دقائق.

الحاج عبد الرؤوف الحصني

كتب عنه الأستاذ الداعية شودري محمد شريف:

هو شقيق الأستاذ منير الحصني. توفي في 17-4-1954 وهو في الخامسة والخمسين من عمره.

كان من أهل التقوى والبر والصلاح، يتراءى نور الله في وجهه لكثرة السجود والعطاء والجود. كان بدلاً من أبدال الشام حقا. انضم إلى الأحمدية سنة 1938، وأظهر ثباتا عجيبا في سبيلها، وتمسك بمبادئها بقوة، وترقى سريعا في ميدان الروحانية حتى صار يضرب به المثل في التقوى والصلاح واتّباع أوامر الإمام الهمام، وأصبح قدوة لكثيرين. وقد أصبح متجرُه مِرْآةَ صلاحه، وأهلُ بيته سجنجلَ تقاته. كان قليل الكلام كثير ذكر الله، وكان يجتنب الهمز واللمز والقيل والقال. كان ينصر الأحمدية بماله بسخاء. (البشرى، مجلد 20 ص 139)

وقال عنه الأستاذ رشدي البسطي:

“كان رحمه الله يعمل جاهدا لنشر الأحمدية وإحياء شعائر الإسلام وسنة سيد الأنام . وذلك مع محافظته على أداء فرائضه الدينية بالتزام وواجباته المذهبية بدقة وإخلاص…. كان المرحوم جميل الخلق طيب الخصال… صريحًا صادقًا وديعًا هينًا لينًا خاليًا من العيوب الخلقية كثير البشاشة والابتسام… رخيم الصوت حسن القراءة لآي الذكر الحكيم كثير الخشوع لله تعالى والدعاء… كان يحسن إلى من أساء إليه عن قصد أو غير قصد، وذلك بدافع من فطرته السليمة الطاهرة….” (المرجع السابق ص 150)

السيدة نظمية الحصني

هي الأخت الوحيدة للأستاذ منير الحصني ومن أوائل المبايعات في دمشق، وكانت تسكن في حي الميدان. وكانت أحيانًا تذهب لإحدى الشيخات المدرّسات للدين في حي الميدان وتبشرها بظهور الإمام المهدي ، وكانت هذه الشيخة أحيانًا تسخر منها، ولكنها بايعت في النهاية. وقد بقيت ملتزمة بالجماعة حتى توفيت في بداية الخمسينيات.

السيد شفيق شبيب

يقول الأستاذ محمد الشوا: السيد شفيق شبيب سبقني في المبايعة، وكان موسيقارًا مشهورًا، وما تزال الإذاعة السورية تذكره في المناسبات حتى اليوم. وقبل أن ينضم إلى الجماعة كانت الحكومة السورية قد أوفدته إلى القاهرة ليحضر مهرجانًا موسيقيًا، وعندما بايع فاجأ الحكومةَ السورية بالاستقالة من الإذاعة حيث كان رئيسَ قسمٍ هامٍّ فيها. وباعتباره من الشخصيات المرموقة حاولت الحكومة إقناعه للتراجع عن الاستقالة، ولكنه رفض وأبى أن يبين الأسباب. ألح عليه رجال الحكومة أن يعود للإذاعة فعاد بعد ثلاث أو أربع سنوات واشترط عليهم أن لا يحضر حفلات الموسيقى ولا يعزف على أدواتها. ثم استقال ثانيةً، فألح عليه المسؤولون أن يبين الأسباب ما دام الأمر يجري وفق هواه، وكان في هذه الفترة ألّف لهم مقطوعة موسيقية مماثلة للأذان الإسلامي وكانت تبث عبر الإذاعة في شهر رمضان بعد أذان المغرب.

ومنذ خمسة أشهر تقريبًا تكلمت الإذاعة عنه وأشادت بقدرته الفائقة وقالت المذيعة: لما ألح عليه المسؤولون لتبيين سبب الاستقالة قال لهم: إني رأيت رؤيا أن الموسيقى حرام في الإسلام، ولذلك استقلت وحرمتها على نفسي، فقالت المذيعة: يظهر أنه أصبح صوفيًا.

وبالإضافة إلى هذه الوظيفة كان يشغل منصب مدير مدرسة المساحة الفنية للعقارات في سوريا.

مرة جاء الشيخ ناصر الدين السلفي الألباني الأرناؤوطي الساعاتي إلى زاوية الحصني أثناء غياب أمير الجماعة الأستاذ منير الحصني رحمه الله، وطلب مناظرة مكتوبة. وكان الأمير منير الحصني أناب عنه في غيابه السيد المرحوم شفيق شبيب، فتصدى للشيخ ناصر ونظم المناظرة بأن تكون خطية وكل واحد منهما يكتب ما يريده خلال خمس أو عشر دقائق، وكانت بداية البحث هي موضوع وفاة المسيح . والشيخ ناصر يعتقد أنه حي في السماء، فذكَّره الأستاذُ أحمد الشوا المبايعُ وقتها حديثًا بما قاله له عندما كان يسأله عن حياة المسيح ووفاته -حيث إنه كان يتردد عليه لإلقاء بعض الأسئلة والاستفسارات عليه حيث قال له الألباني وقتها: “نقول للنصارى إن المسيح مات كي نفحمهم- لقد سأله أحمد الشوا ثلاث مرات: هل حقيقةً مات المسيح كما نقول للنصارى؟ فأجاب الشيخ ناصر في المرة الأخيرة بالنفي. فتوقفت المناظرة. ومع الأسف صودرت هذه المناظرة الخطية من قبل وزارة الأوقاف عام 1950.

كانت وفاته رحمه الله في 1966 أو 1967 عن عمرٍ يناهز الثمانين عامًا.

السيد ممدوح الدُرْكَشْلي

تعرفَ ممدوح الدركشلي إلى الجماعة من خلال الأستاذ شفيق شبيب وبايع في بداية الأربعينيات. كان قاضيًا مشهورًا، ثم أصبح رئيس مكتب في المصالح العقارية في دمشق، ثم ترقى إلى وظيفة أمين السر العام لمحافظة دمشق في الخمسينيات.

وهناك قصة جميلة لترقيته إلى أمين السر كما روى الأستاذ أبو الفرج: حصلتْ للناس ترقيات قبل استلامه أمانة السر في المحافظة وقُدِّم اسمه في الوزارة، ولما جاء الجواب من الوزارة لم يكن فيه اسمه، وتأخرت ترقيته مدة طويلة. وفي هذه الأثناء شعر بضيق شديد فلجأ إلى الله قائلاً: رب لِمَ تتأخر ترقيتي وأنا أطيعك، ويترقى الذين يعصونك؟ ونام ورأى في المنام ملاكًا يأتيه ويعلّمه تفسير سور الإخلاص والفلق والناس، وحين نهض من النوم أحس باطمئنان كبير بأن الله لا يضيع من يطيعه، وأن هذا الذي يحصل هو من قبيل الاختبار للمؤمن. وبعد مدة غير طويلة انتُدب ليكون أمين السر في المحافظة.

وقال الأستاذ نذير المرادني عنه: خلال وظيفته في أمانة السر انتهت ولاية أحد المحافظين ولم يُعيَّن بدلاً عنه إلا بعد أكثر من ثمانية أشهر، فمارس الأخ ممدوح الدركشلي أعمال محافظ دمشق هذه الفترة، لأنه يُعتبر من حيث الوظيفة هو الشخص الثاني بعد المحافظ في المحافظة، ولما أرادت الحكومة تعيينه محافظًا ذهب إلى وزير الداخلية وأخبرهم أنه أحمدي لكي لا يبقى الأمر خافيًا على الدولة، ولكن الوزير لم يعترض على كونه أحمديًا، فتولى منصب المحافظ أيضًا. وكان مشهورا بخدماته الكثيرة للمواطنين وتفانيه في خدمة المدينة وسكانها.

كان أحمديًا مخلصًا وملتزمًا، وكان يقبل كل أمر يأتيه من الجماعة برحابة صدر. توفي في الستينيات.

السيد محمد الذهب

أصله من الزبداني، وكان يقيم في دمشق في إحدى الطلعات الشعبية على جبل قاسيون. كان يعمل في مطار دمشق. وكان يتقن الاعتناء بالحدائق والورود، فاستعان به الأخ شفيق شبيب ليهندس له حديقته المنـزلية، فصار يحضر كل يوم إلى منـزله ليعتني بالحديقة. وفي إحدى المرات ذكر الأخ شفيق له شيئًا عن الأحمدية والإمام المهدي ، فأُعجبَ كثيرًا بهذا الخبر وطلب المزيد من هذه المعلومات، فذكر له أشياء كثيرة عن الأحمدية، وعندما اطمأن قلبه طلب أن يقدم بيعته لينضم إلى الجماعة. فجاء به الأخ شفيق إلى الأستاذ منير الحصني، وقال له: هذا هو أمير الجماعة فاسأله ما تريد. فسأل بعض الأسئلة ثم بايع. وكان مخلصًا وملتزمًا بالجماعة. كان يلتزم بالصلوات حتى في أيام الشدة أيضًا، وكان يحضر عند الأستاذ محمد الشوا هو وابنه ليصليا معه صلاة الفجر جماعة. توفي في منتصف الستينيات.

السيد إبراهيم الجبّان

كان من أوائل المدرسين في مدارس دمشق، وكان مشهورًا بإخلاصه للتعليم وخدمته للناس كافة. هو من أصدقاء الأستاذ سعيد سوقية ومحمد الشوا وعلاء الدين نويلاتي، وقد دخل في الأحمدية في نهاية الأربعينيات، ودخلت عن طريقه شقيقته أم أنور، وبعد دخولها دخل ابنها أنور الشريف في الأحمدية.

كان الأستاذ الجبّان محبًا كبيرًا للجماعة ولأميرها في دمشق. لم يكن يتخلف عن اجتماع ولا عن صلاة. كان أحمديًا مخلصًا ومثقفًا وصديقًا وفيًا ومطيعًا. كان يدعو الناس للأحمدية أينما وجد، وكان الناس الذين يعرفونه يقولون إنه خلوق وذو سمعة طيبة. حظي بشرف اللقاء مع حضرة الخليفة الثاني أثناء إقامته في دمشق بينما كان في طريقه إلى أوروبا للعلاج وأنشد أمامه قصيدته التي نظمها في مدحه . وكان ضمن الإخوة السوريين الذين رافقوا الخليفة الثاني في سفره إلى بيروت. توفي في منتصف الستينيات.

السيدة جهان أم أنور

تعرفت إلى الجماعة من خلال أخيها إبراهيم الجبان، وكانت تعمل موجهة تربوية في مدارس دمشق. يقول الأستاذ أبو الفرج: إن بيعة هذه الأخت قصة جميلة، إذ إن أخاها كان يلحّ عليها دائمًا لتبايع، فكانت تقول له: أخشى أن تكونوا على خطأ وأتورط في هذا الأمر، فأجابها: لكي تطمئني استخيري؛ فرسول الله يقول: “ما خاب مَن استخار” وعلّمها دعاء الاستخارة. وحين قامت للاستخارة ناجت ربها قائلة: “رب إني أسألك أن تُريني أمرًا واضحًا لا يقبل الشك بحق هذه الجماعة، وأن أفهمه بنفسي بحيث لا أحتاج للعودة لأحد لأفهمه. فرأت في الرؤيا أنها تقف على جبل وفي مكان وعر، وأن هناك في الأسفل منها جماعة من الرجال يقومون بتعبيد طريق في الجبل، ورأت أخاها بين هؤلاء الرجال، فنظرت إليه وقالت: ماذا تفعلون؟ قال لها: حتى الآن لم تؤمني بصدق الجماعة الأحمدية ومؤسسها ؟ وقال: هناك سيل عارم سوف يأتي من هنا ويخرب كل شيء في طريقه وستذهبين في هذا السيل إن لم تأتي معنا. ثم مدّ يده وقال لها: حتى الآن لم تؤمني، وأخذ بيدها. وحين صحت من النوم كان الوقت قبل الفجر، فذهبت وأيقظت أخاها وقالت له: قم إني أريد أن أذهب إلى الأستاذ منير الحصني لتقديم البيعة، وقصت عليه رؤياها، فقال لها ليس مناسبا الآن حيث لم يطلع النهار، وهي تصرّ على الذهاب إليه في الحال. وبصعوبة أقنعها أن تنتظر إلى الصباح، ثم ذهبا إلى بيت الأستاذ منير الحصني في الشاغور وقدمت بيعتها.

السيد أنور الشريف أبو غلام

دخل في الأحمدية في بداية الخمسينيات عن طريق خاله الأستاذ المرحوم إبراهيم الجبّان، وقبل دخوله في الجماعة دخلت والدته في الجماعة عن طريق أخيها. وكان يدرس الطب في دمشق، ووصل إلى السنة الرابعة،  ولكنه  أصيب بمرض نفسي ودخل مستشفى الأمراض النفسية مدة عامين تقريبًا، وبذلك انقطع عن الدراسة، ولم يتمكن من إتمام دراسته في كلية الطب.

وبعد خروجه من المستشفى تعلم الرسم الهندسي في معهد خاص وعُيّن في القسم الفني في محافظة دمشق، واستمر في عمله في المحافظة حتى بداية التسعينيات، حيث توفي بعد ذلك.

سمى أولَ مولود له “غلام أحمد” تبركًا باسم المسيح الموعود ، ولذلك دُعي أبو غلام. ومرة خرج مشيًا على الأقدام من دمشق إلى باكستان ليزور مركز الجماعة ربوة ويزور الخليفة الثالث ويحضر الجلسة السنوية، ولكنه لم يتمكن من الوصول إلى مركز الجماعة لأنه تعرض في أفغانستان للسرقة مرتين، فاضطر للعودة.

ويقول الأستاذ أبو أحمد نذير المرادني: كان الأستاذ أنور مولعًا بالتبليغ، فذهب مرة إلى البدو المقيمين جانب بحيرة العتيبة آخر غوطة دمشق الشرقية، ونزل ضيفًا عند شيخ القبيلة، وبعد ثلاثة أيام سألوه عن حاجته، فقال لهم جئت مبشرًا وناصحًا لكم بأن الإمام المهدي قد ظهر وأن جماعته موجودة في دمشق. وأخذ يتحدث معهم عن هذا يوميا، وصار يشرح عن عقائد الجماعة الأحمدية، وبقي عندهم مدة شهر تقريبًا وحثهم على المبايعة، فقالوا له سندرس الموضوع، وأعطِنا فرصة وسنرد عليك بعد ذلك. فرجع من عندهم إلى دمشق.

عمل شجرة الأنبياء وعائلة المسيح الموعود ، ولكنها انمحت وضاعت، وكذلك عمل تاريخًا إسلاميًا شمسيًا بدءًا من الهجرة اقتداء بالمصلح الموعود .

السيد سعيد القباني

كان يحمل شهادة جامعية في الحقوق. عمل ضابطًا في الجمارك. وكان والد زوجته “عبد الرحمن الطباع” وزيرًا للأوقاف في سورية. بايع عن طريق أصدقائه الأحمديين في بداية الخمسينيات، وكان يسكن في حي المهاجرين. وكان مخلصًا وملتزمًا بالجماعة. وقد أعلن الخليفة الثاني عقد قرانه خلال مكوثه في دمشق عام 1955. كان ضمن الإخوة السوريين الذين رافقوا الخليفة الثاني في سفره إلى بيروت.

السيد خالد اليماني أبو نعيم

أصله من محافظة حمص، وكان يعمل في مكتب نقليّات من دمشق إلى بغداد، فزاره مرة الأخ زكريا الشوا ودار بينهما حديث، فعرف الأخ أبو نعيم أن زكريا أحمدي، فقال له: منذ سنوات وأنا أبحث عن الأستاذ منير الحصني، حيث قرأت سابقًا بعض كتب الجماعة الأحمدية وبعض كتب معارضيها، وأريد أن أتعرف إلى الأستاذ منير الحصني. فقال له زكريا سآتيك في يوم وأصطحبك إلى منير الحصني. وعندما ذكر الأخ زكريا ما جرى بينه وبين الأخ أبو نعيم قال له الأستاذ منير الحصني أنا مَن يذهب إليه. فذهبا إليه وتعرفا إليه. وعندما أخذ أبو نعيم عنوان مركز الجماعة في حي الشاغور بدأ يتردد إليه، ويسأل ويحصل على الإجابات الشافية عن كل ما يدور في عقله عن الأحمدية حتى تأكد له صدقها فبايع والتزم التزامًا كاملا بالعبادات والصلوات. وكان شديد الملاحظة وذا رأي ثاقب في كل ما يقرأ ويسمع. وبعد وفاة الأستاذ منير الحصني كان يزور الأخَ نذير المرادني أسبوعيا ويكتب له أحيانا بعض آرائه الدينية حول ما يطرح في الجرائد والمجلات من مواضيع دينية.

وكان مولعًا بالأحمديين القدامى الذين حملوا هذه الدعوة حتى إنه سافر إلى مدينة طرابلس في لبنان وراح يبحث عن عائلة حضرة سعيد الشامي الطرابلسي أول أحمدي بايع من بلاد الشام وأحد أصحاب المسيح الموعود حيث زاره في قاديان. ولكنه لم يتمكن من معرفة مكان عائلة المرحوم الطرابلسي.

كان يلتزم بشكل لافت بالصلوات، فكان يحضر لصلاة الجمعة من بيته في ركن الدين إلى قرى الأسد، كل ذلك وعمره أكثر من تسعين عاما.

وسافر إلى لندن وزار الخليفة الخامس أيده الله. وقد توفي رحمه الله في بداية عام 2009، ودفن في مقبرة قدسية.

السيد زكريا الشوا

ولد في بداية الثلاثينيات في حي باب السريجة بدمشق، ودخل في الجماعة في نهاية الأربعينيات عن طريق شقيقه الأستاذ محمد الشوا، وبعد ذلك تطوع ليعمل في الشرطة وتقاعد في بداية الثمانينيات، فأخذ يمارس أعمالا تجارية حرة  حتى وفاته في منتصف التسعينيات. وبما أنه كان في الشرطة السياحية فكان يقوم بخدمة الزوار الأحمديين الذين يزورون سورية.

كان ضمن الإخوة السوريين الذين رافقوا الخليفة الثاني في سفره إلى بيروت. كان ملتزما بالجماعة وصلاة الجمعة واللقاءات الأخرى، وعُرف بأمانته وإخلاصه للجماعة، فكلفه الأستاذ منير الحصني أن يكون المسؤول المالي في الجماعة، حيث كان يجمع التبرعات من الجماعة ويقدمها في نهاية كل شهر ضمن لائحة بالأسماء للأستاذ منير الحصني.

السيد أكرم الشوا

أكرم الشوا ابن الأستاذ محمد الشوا وهو أول أولاده الذين عاشوا. تخرج في جامعة دمشق مهندسًا مدنيًا، وكان ملتزمًا بالجماعة والصلوات وكل الاجتماعات الأخرى. وكان محبًا كبيرًا للأستاذ منير الحصني، حيث كان يطلعه على كل أحواله أسبوعيًا ويطلب منه الدعاء دائما، وكان متميزًا بنشاطه بين أفراد الجماعة. وسافر إلى الجزائر والسعودية وبقي في السعودية، ثم عاد إلى دمشق. أصيب بمرض عضال وتوفي في منتصف التسعينيات. كان أحمديًا مخلصًا وابنًا صالحا وبارًا، وكان يود أن يستأجر محلاً لنشر كتب الجماعة حتى اشترى الأدوات. كان يحب الخلافة حبًا جمًا، وكان يتمنى أن يرى الخليفة، فذهب في عهد الخليفة الرابع إلى الجلسة السنوية وقابله.

كان خير معين للإخوة المبشرين الذين جاؤوا وقتها لدراسة اللغة العربية، فكان يجالسهم ويحادثهم ليتمرسوا في اللغة العربية، ويأخذهم في سيارته للنـزهة والاستجمام.

يذكر الأستاذ محمد الشوا ما يلي:

أصيب ولدي الشاب أكرم الشوا بسرطان خبيث في دماغه وقال الأطباء أنه سيموت بعد 15 يوما وإذا أجريت له عملية جراحية تمتد حياته إلى ثلاثة أشهر. فكتبت لحضرة الخليفة الرابع –رحمه الله- بذلك وأرسلت التقارير الطبية، فأجابني بسرعة أننا تأخرنا في إخباره ووصف لنا الوصفات الهوميوباثية.

وطلب أن لا نترك وصفات وإرشادات الأطباء المختصين وأن نثابر على استعمال الأدوية الموصوفة منهم وأيضًا على استعمال وصفاته الهوميوباثية، فأدخلت النشاط على ابني وعاود أعماله المعتادة منشرح الصدر قرير العين، وعاش بعد ذلك قرابة السنة وهو لا يشعر بأي ألم.

ولما نعيناه إلى مولانا الإمام قدم لنا التعازي وعلمنا منه أن (الهوميوباثي) لم يكن إلا لتفادي الآلام التي تحصل للمصاب بهذا المرض والتي لا يمكن احتمالها،  وأرسل   العزاء إلى جميع العائلة وخصنا بدعائه وبركاته. وقد تكلم عن حالة ابني في الفضائية الأحمدية في حلقتين متتاليتين في برنامج “لقاء مع العرب”.

وكان ابني المرحوم قد حضر إحدى الجلسات السنوية قبل اكتشاف مرضه وتشرف بلقاء مولانا الإمام الراحل مع باقي الوفد السوري.

فلما توفي الأخ أكرم الشوا صلى عليه الخليفة الرابع رحمه الله صلاة الغائب.

القائد محمد علي بيك الأرناؤوط

كتب ابنه الأستاذ أنور علي بيك الأرناؤوط:

تخرّجَ أبي المرحوم في المدرسة الحربية في عهد السلطان عبد الحميد خان، ثم ذهب مع بعثة من الضباط إلى ألمانيا والنمسا لدراسة فن الأسلحة والاطّلاع على كيفية استعمالها. ثم رجع إلى إسطنبول، وعُيّن فيها ملحقًا بقسم المخابرات السرية لدائرة الأركان الحربية العامة.

حينما كان قائدًا للموقع بدمشق ثم قائدًا لحاميتها، خدم العربَ في تلك الأيام السود خدمة لم ينسها له أهل دمشق حتى اليوم، وقد تجلى عرفانهم للجميل في تشييع جثمانه إلى مقره الأخير، فقد مشى في موكب جنازته كبار القوم من وزراء ونواب وقادة عسكريين ومتقاعدين ووجهاء وزعماء وشباب مثقفين، واشترك في التشييع رسميًا الجيش والدرك السوري، وخطب أحد القواد في الجيش السوري مؤبنًا، ومما قاله:

” إنني مدين بحياتي اليوم لهذا القائد الشريف الراحل الذي خلّصني وخلّص كثيرين من أمثالي من شباب العرب من أعواد المشانق.”

ولما وافته المنية لم يكن في جيبه قرش واحد، مع أن الظروف ساعدته بصورة كان يستطيع معها أن يكون من كبار الأغنياء، ولكنه آثر رحمة الله على آلاء الدنيا ومباهجها. وقبل أحد عشر عامًا من هذا التاريخ، لما دخلتُ في الجماعة الأحمدية المباركة وشى بي إليه أحد العلماء بدمشق وحدّثه بحديث مزوّر حمل فيه على الأحمدية ومؤسسها ، فسألني عن هذا الأمر باهتمام بالغ. فخاطبته بالأمر بالقدر الذي فيه كفاية، وطلبتُ إليه أن يستخير ربه، وأنا أعلم بصلاح والدي الذي كان طيلة حياته مناضلاً في سبيل الشرف والحق. وهكذا فإن الله تعالى لم يحجب رحمته عنه، فقد أراه ما أثبت له صدق الأحمدية ومؤسسها . فبادر رحمه الله إلى مبايعة مولانا أمير المؤمنين ميرزا بشير الدين محمود أحمد الخليفة الثاني للمسيح الموعود (نصره الله)، وكانت هذه البيعة قد كُتبت بخط الأستاذ المجاهد منير أفندي الحصني رئيس الجماعة الأحمدية بدمشق. وقد أثلج صدري هذا الأمرُ. وكان رحمه الله يذكر الأحمدية في حماس وخير في كل مجاله وبجميع المناسبات، وبقي على إخلاصه حتى آخر نسمة من حياته. (باختصار من مجلة “البشرى”، المجلد 15، تموز 1949 ص 140-143)

السيدة خديجة خطاب

وُلدت في حيفا بفلسطين عام 1940، ورحلت إلى سوريا مع عائلتها بعد حدوث النكبة عام 1948، وتزوجت بالمرحوم ناصر عودة. جمعت الكثير من الصفات والمناقب. زرعت في نفوس أولادها حب الجماعة والخلافة ودفعتهم أن يكونوا أكثر قربًا والتصاقًا بالجماعة وأميرها الأستاذ منير الحصني رحمه الله. ومرة حاول والدها – الذي لم يكن أحمديًا- أن يصطحب معه حفيده عبد القادر عودة إلى الصلاة في مسجد الآخرين، فمنعت أباها رغم الحب الشديد والاحترام الكبير الذي كانت تكنه لوالدها، وبينتْ له أنها وأبناءها أحمديون ولا يقتدي الأحمدي في الصلاة بغير أحمدي.

لقد أراها الله تعالى أن مقامها في الجنة أعلى العليين وبارك لها المسيح الموعود بيعتها في الرؤيا. وقّعت بيعة الانضمام إلى الجماعة الأحمدية ولم تكن تعرف صورته قبل ذلك. كانت ترافق زوجها المرحوم ناصر عودة خلال زياراته العائلية والتبشيرية وكانت تهتم بزوجات المبايعين الجدد وترعاهن، كما كان بيتها مفتوحًا لكل الأحمديين.

في بيتها بايع العشرات، وبتشجيعها صمد الكثيرون من الأحمديين. بعد وفاة الأستاذ منير الحصني لم تقصر السيدة خديجة خطاب في رعاية السيدة “عزيزة” زوجة الأستاذ منير رحمه الله وكانت تعمل على متابعة شؤونها وصحتها وكانت ترافقها إلى عيادة الأطباء وتحث أبناءها وبناتها لزيارتها ورعايتها. توفيت السيدة خديجة خطاب في العشرين من رمضان عام 1429هـ.

السيد ناصر عودة

ولد في الكبابير، وهاجر إلى سوريا. كتبت لنا ابنته السيدة خلود ناصر عودة:

إن العلاقة التي كانت تربط والدي ناصر عودة رحمه الله مع الخليفة الرابع رحمه الله هي أسمى من الوصف. فمنذ أن تولى حضرته الخلافة قال والدي إن حضرته رجل غير عادي، وتأمل الكثير الكثير من الفتوحات على يديه، وبالفعل هذا ما حصل.

كان حب الخليفة لوالدي واضحًا جدًا من خلال كلماته ومواقفه التي لا تنسى، فمرة شعر والدي بألم في ظهره وطلب من الخليفة الدعاء، فلم يقتصر حضرته على الدعاء فقط بل أرسل لي رسالة وطلب مني أن أحضِّر وصفة خاصة له.

كان فرح حضرته رحمه الله عظيمًا عندما أخبره والدي بأن عدد المبايعين بسبب مساعيه بعد فضل الله قد وصل سبعين شخصًا حتى لقب حضرته والدي بالبطل.

أما ابنته الوسطى بارعة ناصر عودة فقالت:

“كان والدي رحمه الله حريصا على أن يقوي علاقتنا بالخلافة ويمد الجسور المتينة بيننا وبين الخليفة رحمه الله من حيث تشجيعنا على مراسلة حضرته.

وفي إحدى مكالماتي مع حضرته رحمه الله بعد وفاة والدي ذكرتُ له عن مدى حب والدي الشديد لحضرته وشوقه لرؤيته، وكيف كانت عيونه تدمع عندما كان يسمع صوته أو يرى صورته من خلال شريط فيديو رغم أنه لم يكن يفهم لغة حضرته، فأجابني حضرته:

This is The big secret

وعند وفاته عزّانا حضرته رحمه الله وكتب: “لقد وهب الله هذا البطلَ استقامة نادرة وكان الله يُعلمه بقرب أجله. وسوف يبقى اسمه وسام شرفٍ لجماعة فلسطين والشام. لقد أدى واجب الداعية أحسن أداء وسوف يبقى كل من دخل على يده في الأحمدية وكذلك أجيالهم مدينين دائمًا لهذا البطل مصداقًا لقوله تعالى “هل جزاء الإحسان إلا الإحسان”.

يذكر ابنه عبد القادر ناصر عودة:

“كان هناك أخٌ أحمدي متزوج ولم يرزق بأولاد منذ أكثر من ثماني سنوات، وعندما أخبر أبي بذلك طالبًا منه الدعاء – وكان هذا الأخ منقطعا عن الجماعة بسبب سفره وأشغاله- أجابه: عليك أن ترسل الرسالة إلى أمير المؤمنين وتطلب منه الدعاء، وببركة دعائه سوف يرزقك الله تعالى بالأولاد. وهذا ما حصل بفضل الله تعالى.لقد كانت ثقته بدعاء أمير المؤمنين لا حد لها، وعندما أصيب في ظهره بمرض أقعده في البيت شهورا طويلة، وأجمع الأطباء على أنه سيصاب بالشلل، وعندما أرسل له أمير المؤمنين الدواء والدعاء كان على يقين بأن الله سيشفيه. وفعلاً شُفي تماما خلال أيام قليلة. وكان يحثنا على طلب الدعاء من أمير المؤمنين في كل مناحي الحياة وخاصة عند الامتحانات الدراسية. وكان حضرته يرد على كل الرسائل بحب ويدعو لنا وينصحنا دائما عند الامتحان بقراءة “رب زدني علما” و”رب أَرِني حقائق الأشياء”.

كان يحتفظ بمنديل يعود للمصلح الموعود وكان حريصا جدا عليه، ولا يسمح لأحد أن يأخذه. فمرة مرضتْ أمي مرضا خطيرا (تسمُّم حمل) وفقد الأطباء الأمل منها، فيوما كان يدعو لها في الليل ووضع المنديل على رأسها وقرأ الفاتحة ودعا لها مرة أخرى وسألها: هل شعرتِ بتحسّن؟ فاستغربتْ من السؤال وأجابته بإعياء: “كلا”. فقال لها: “صدَق رسول الله وكذب رأسك”. إنك لن تموتي الآن، أنا متأكد من ذلك. فتحسنتْ بعدها وعادت إليها صحتها، وعاشت بعد ذلك عمرا مديدا.

الأستاذ سامي القزق “الحاج عبد اللطيف”

الحاج عبد اللطيف القزق ابن خضر، المعروف بسامي القزق، من مواليد حيفا في 23/10/1933. هاجر سنة 1948 مع أهله إلى سوريا، حيث استقبلهم آنذاك رئيس الجماعة الأستاذ المرحوم منير الحصني، الذي أكرمهم وأسكنهم في منـزل له.

كان الحاج عبد اللطيف أكبر إخوته، تربى في بيت أحمدي، حيث كان جده علي القزق من المبايعين الأوائل في جماعة فلسطين. كان متأثرًا بشخص الأستاذ المرحوم منير الحصني، وكان يذكر دائما كيف كان الأستاذ يوقظهم لصلاة الفجر.

كان كريما يساعد الفقراء والمحتاجين والمرضى من الجماعة ومن خارجها، ويخصص لهم رواتب، وكان يبادر لخدمة الجماعة كلما سنحت له الفرصة.

أكرمه الله تعالى برؤية حضرة المصلح الموعود حين شرّف دمشق بقدومه الميمون. كما استقبل الإخوة المبشرين الأحمديين الذين قصدوا سوريا لدراسة اللغة العربية في بيت له في منطقة ركن الدين في دمشق، وذلك منذ عام 1994 إلى 2000، فأحبهم وأحبوه، وكان دائمًا يحترمهم ويخصص لهم من فواكه مزرعته باعتبارهم ممثلين للخليفة أيده الله بنصره العزيز.

وأكرمه الله تعالى بحج بيت الله الحرام عام 1994، ثم السفر إلى لندن لحضور الجلسة السنوية في عام 1996. فتشرف برؤية حضرة الخليفة الرابع رحمه الله، وحضر معه برنامج لقاء مع العرب. وقال لزوجته إنه عاد متأثرا كثيرا مما وجد من حسن الأخلاق والنظام.

أصيب بمرض شديد عام 2007، وكان يبكي ويتأوه في مرضه عند ذكر حضرة مولانا مسرور أحمد الخليفة الخامس نصره الله، ويطلب من الإخوة أن يبلغوه سلامه ويخبروه أنه يحبه كثيرا ويدعو له بالنصر، ويرجوه الدعاء له. كان محبا للخلافة كثيرا. توفي في 18/8/2007.

السيد رشدي باكير البسطي

كتب إلينا عن أحواله الأستاذ طه القزق وقال:

هو أول من انضمّ إلى الأحمدية في مدينة حيفا على يد المجاهد العظيم الأستاذ جلال الدين شمس .

الأستاذ رشدي سوري الأصل. في عام 1928 وصل إلى فلسطين الأستاذُ جلال الدين شمس، فقام الناس، كالعادة، يتهمونه بالكفر، ويشيعون الأكاذيب والمفتريات عن الأحمدية. ولكن الأستاذ رشدي قابله.. وتبين له صدق الدعوة وبراءتها من كل تلك المفتريات، فبايع. ودعا صديقَين من أسرة القزق (محمد قزق وأخاه علي)، فبايعا أيضًا.

قال الأستاذ محمد الشوا من سوريا: مرة تربّص بالبسطي اثنان في حيفا ليلًا لاغتياله لأنه أحمدي، وعندما مرّ في طريق مظلم أطلق أحدهما عليه النار فوقع على ظهره، وقبل أن يفر الاثنان قال أحدهما للآخر: هيّا نأخذْ نقوده. ومدَّ يده فوجد شيئًا يخرج من جيب معطف البسطي، ولما تناوله إذا به المصحف الشريف، فقال لصاحبه: هذا هو القرآن الكريم، ماذا فعلنا بهذا الرجل؟ وماذا قيل لنا عنه؟

تزوج الأستاذ رشدي مرتين دون أن يرزق بأولاد، وأجمع الأطباء وقتئذ بعد زواجه الثالث أنه لا أمل له في الإنجاب. فكتب إلى الخليفة الثاني يسأله الدعاء. وبعد مدة حملت زوجته، فكتب إلى أمير المؤمنين يسأله اسما للمولود، فأجاب مولانا باسم واحد: أميرة. فرزقه الله بنتا وسماها أميرة. وتكررت هذه الحال أربع مرات متتالية.. في كل مرة كان أمير المؤمنين يرسل باسم للمولود.. ويكون كما ذكر.. وكان من بين المواليد المُبشر بهم أيضًا ابنٌ أسماه “هادي”، وهذه كرامة رأيناها جميعا بأم أعيننا.

كان الأستاذ رشدي عفَّ اللسان، دَمِثَ الأخلاق، صبورا يتحمل الإساءة، نشيطا في الدعوة إلى الله.. يكسب الأصدقاء ويحب الجميع.

وفي عام 1948 رجع إلى دمشق. والتزم فيها بالجماعة ونظامها حتى توفي في منتصف الستينيات. وكان قبل هجرته رئيس الجماعة في حيفا، وكان يكتب بشكل دائم في مجلة البشرى لسان حال الجماعة الإسلامية الأحمدية في الديار المقدسة.

الحاج محمد القزق (والد طه القزق)

يقول الأستاذ طه القزق: لما تماثل مولانا جلال الدين شمس للشفاء من طعنة في صدره بيد أحد الأشقياء في دمشق أمره الخليفة الثاني أن ينتقل من دمشق إلى حيفا، فاستأجر فيها بيتًا قريبًا من محطة سكة الحديد. وفي أول وصوله إليها رأى في الرؤيا أن قاربًا في البحر غرق، فقفز وأنقذ بعض الناس. وكان والدي وعمي والأستاذ رشدي البسطي يشتغلون في سكة الحديد، ولما انتشرت الإشاعات عن المبشر القادياني في حيفا، ذهب المرحوم رشدي البسطي لمقابلته، وبعد مقابلات بايع. أما والدي فذهب معه إلى الأستاذ شمس، ثم رأى رؤيا وفي اليوم التالي من الرؤيا بايع.

فزادت الإشاعات في حيفا أن للأحمديين القاديانيين دينا جديدا وقرآنا جديدا وقبلة جديدة. كنت أمشي في الشارع وأسمع الناس يتحدثون ويقولون إن الحاج محمد القزق (والدي) قد كفر وصار قاديانيا وله قرآن جديد وقبلة جديدة وما إلى ذلك من أكاذيب. فصرتُ أتجسس على والدي وأجلس في ركن من الغرفة وأراقبه هل غيّر طريقةَ صلاته؟ هل يوجد عنده قرآن جديد؟ هل غيّر قبلته؟ لم أجد شيئا تغيرَ إلا شيئا واحدا وهو أنه بدأ يناقش الناس المكفرين له ويثبت لهم أن عيسى قد تُوفي، وأن الوحي مستمر في الأمة الإسلامية، وما إلى ذلك من أمور نختلف فيها مع باقي علماء المسلمين. والشيء الآخر الذي تغير في والدي هو ولعه في قراءة كتب سيدنا المسيح الموعود ، إذ كان يقرأها كثيرا بل كثيرا جدا وكان يقول: أستطيع أن أستمر في القراءة أياما متواصلة وأنا جالس على الأرض.

كان المعارضون يرسلون الأشقياءَ لكي يرموا على والدي البندورة والبرتقال الفاسدة عندما كان يمر بالشارع. أذكر مرة أن والدي وعمي لم يخرجا من البيت لمدة ثلاثة أيام لأن الفتنة كانت ضدهم على أشدها.

وكتب عنه الأستاذ رشدي بسطي:

“كان الحاج محمد القزق تقيًا، ورعًا، طاهرَ القلب، سليم النية، ذكيا، دقيق الملاحظة، سليم الذوق، غضيض النظر، شريف النفس نقي القلب، ثابت الجنان، صابرا على المكاره، وقد تحمل من أعداء الإصلاح كثيرا من الأذى والسباب.

“كان كثير التلاوة لكتاب الله الكريم وحفظ الأحاديث الشريفة والانكباب على مطالعة المؤلفات العربية ومجلة البشرى وخطب أمير المؤمنين وكتب المسيح الموعود .

“كان موضع ثقة إخوانه في الله واحترامهم حتى إنهم كانوا يختارونه في كل سنة أمين سر للتربية والتعليم. كان يخرج معي للتبشير في مختلف القرى والمدن والأرياف البعيدة، وكثيرا ما كنا نتعرض لتهديد الجهلاء. لقد فاجأه في إحدى الأمسيات شابان مجرمان مدفوعان من أحد المتعصبين، وذلك حين كان يعمل في مخبز ابن عمه المرحوم حسن القزق، فأخذا يشتمانه وينعتانه بالكفر والزندقة، ثم انهالا عليه لكمًا وضربًا بوحشية، حتى كاد يغشى عليه، ثم لاذا بالفرار، ولم يستطع الدفاع عن نفسه لكبر سنه.

“كان يدافع من فطرته السليمة وحبّه للخير والإصلاح ويقابل الإساءة بالحسنة والإحسان، وذلك ما زاد في إكباري له وجعل عاطفة محبتي لشخصيته الفذة من أقوى العواطف التي أحسستها في حياتي.

لقد دعوته إلى نور الأحمدية والانخراط في سلكها بعد أن انضممت بمدة وجيزة، فلبى الدعوة بنفس راضية وعقل مطمئن، وذلك على إثر رؤيا صادقة رآها في الليلة التي ظللت أبشره فيها بتعاليم الأحمدية النيرة حتى ما بعد منتصف الليل. فقد رأى فيما يراه النائم أحد أقاربه المتوفين منذ زمن بعيد يقول له: “أسرعْ يا حاج محمد، فقد استولى الأحمديون على المدينة المنورة.” فلم يلبث أن بايع في اليوم التالي على يد أستاذنا الكبير جلال الدين شمس بيعةَ صدق وإخلاص، وظل يعمل جاهدا تحت لواء الأحمدية المباركة منافحا عن الحق حتى الساعة التي صعدت فيها روحه الزكية إلى السماء.”

دُفن في دمشق التي استقرّ فيها بعد هجرته من فلسطين إثر نكبتها في 1948.

السيد علي صالح القزق – أبو خضر

يقول السيد طه القزق عنه: كان عمي (الشيخ علي صالح القزق) من أهل الكشف وله باع طويل في ذلك، وكان صوفيا من أتباع الطريقة الشاذلية. وقد رأى في الرؤيا أن المسيح الموعود سيزوره ويجب عليه مبايعته. وفي أحد الأيام زاره صديقه السيد منير الحصني برفقة الأستاذ مولانا جلال الدين شمس ، فقال مرة: إني رأيت جلال الدين في بيتنا وعندما يأتي سأبايعه. كان عمي ووالدي يسكنان في بيت واحد. فكان أن وعد الأستاذ جلال الدين والدي بزيارته في البيت، وعندما جاء للزيارة نظر عمي في عيون حضرة الأستاذ وتأكد أنه هو الشخص المبعوث الذي بشره الله به في الرؤيا، فارتاح قلبه وبايع المسيحَ الموعود مع أفراد العائلة على يده. كان له أصدقاء في الكبابير من أتباع الطريقة الشاذلية، فجاء بالأستاذ إليها، وهكذا دخلت الأحمدية إلى هذه القرية.

السيد إبراهيم علي القزق (أبو علي)

وُلد المرحوم إبراهيم القزق سنة 1919في مدينة حيفا، وهو ابن المرحوم علي صالح القزق. كان يعمل تاجرًا في حيفا. وفي عام 1948 انتقل إلى الكبابير واستقر فيها. شغل منصب سكرتير “التحريك الجديد” و”الوقف الجديد” ثلاثين عاما. كذلك عمل سكرتيرًا للوصية وقد قام بهذه المهام بكل إخلاص وأمانة.

عمل مع حضرة المبشريْن الأستاذ شودري محمد شريف والأستاذ جلال الدين قمر مُعلّمًا في المدرسة الأحمدية، واستمر في العمل فيها حتى خروجه للتقاعد. أقام مع الدعاة الأحمديين علاقات قوية حيث كان يدعوهم مع ضيوفه بعد صلاة كل يوم جمعة لتناول الغداء على مائدته. كما كانت له مراسلات مع حضرة مرزا طاهر أحمد رحمه الله. قام بأداء فريضة الحج، وكان ينوي السفر إلى لندن للقاء أمير المؤمنين مرزا طاهر أحمد رحمه الله، ولكنه أصيب بجلطة في الدماغ لدرجة أن الأطباء قالوا إنه لن يعيش أكثر من دقائق معدودة، ولكن الله تعالى استجاب دعاء مولانا أمير المؤمنين حيث أرسل برقية يقول فيها إنه سوف يشفى بإذن الله وسيحضر اليوبيل المئوي 1989. وبالفعل عاش بعدها 14سنة حيث توفي يوم الجمعة في 26/5/2000، إنا لله وإنا إليه راجعون.

الحاج محمد المغربي الأحمدي

كتب عنه الأستاذ شودري محمد شريف الداعية الإسلامي الأحمدي في الديار المقدسة:

لقد عايشتُ الحاج محمد المغربي -رحمه الله- 18 عاما متتالية، وكنت أسمع من حضرته قصصا كثيرة عنه، وأكتب منها ما لم أنسَها.

وُلد الحاج محمد بن محمد المغربي في قرية قريبة من مدينة “فاس” أو “مكناس” في المغرب. كان اسم أبيه وجده أيضا محمد. خرج الحاج محمد المغربي لحج بيت الله الحرام مع مجموعة من الحجاج الذين سافروا على الأقدام وعلى الإبل، فمكث في مكة سنوات. كان يقول: حججتُ بيت الله الحرام 17 مرة. كان يعمل هناك خلال النهار ليجد شيئا يسد به الجوع، ويمضي باقي الوقت في ذكر الله والعبادة.

وبعد بضع سنوات ذهب من مكة إلى اليمن وتتلمذ على يد “سيدي محمد بن إدريس” الذي كان من نسل رسول الله ، وكان من أولياء الله تعالى. وصلتْ إليه في اليمن بعض كتب المسيح الموعود فجمع تلاميذه ومن بينهم الحاج محمد، وقال لهم: إن المهدي قد ظهر في الهند واسمه أحمد، وهذه بعض كتبه العربية، وأنا أصدقه وأؤمن به، فآمِنوا به. فآمَنوا جميعًا.

وكان الحاج المغربي يحفظ أجزاء من كتب المسيح الموعود ، وكان كثيرا ما يردد بيته التالي:

قضى الله أن الطعن بالطعن بيننا

فذلك طاعونٌ أتاهم ليُبصِروا

بعد وفاة سيدي محمد بن إدريس أراد الحاج المغربي العودة إلى وطنه، ولكن الأوضاع المتغيرة في وطنه بسبب الاستعمار حالت دون ذلك، فمكث في حيفا وأقام في مسجد اسمه جامع الجرينة. ثم أقام في منطقة الطيرة جنوب حيفا وكان يعلّم الأولاد القرآن الكريم. ولما وصل حضرة جلال الدين شمس إلى حيفا ذهب مرة إلى وادي السياح للتنـزّه، فالتقى به الحاج المغربي وأخبره عن قصة بيعته مع أستاذه محمد بن إدريس، ثم جدد بيعته. وكان هذا في سنة 1929. فبدأ يساعد حضرة الأستاذ شمس ويخدمه. ثم انتقل إلى الكبابير وأخذ يعلّم أطفال الكبابير القرآن الكريم حتى أُنشئت المدرسة الأحمدية في سنة 1933. وعندما بُني مسجد “سيدنا محمود” انتقل حضرة المغربي إلى إحدى زوايا المسجد.

في سنة 1935 وهبنا الله تعالى مطبعة في الكبابير، وكانت تعمل يدويًّا إذ لم تكن الكهرباء متوفرة آنذاك بالكبابير، فقام حضرة الحاج بهذا العمل حتى عام 1953 أي ما يقارب 18 عامًا.

عندما وصلتُ إلى فلسطين سنة 1938 كان الحاج محمد المغربي يبلغ من العمر60 عاما، وكان حينها يصوم كل يوم ما عدا الجمعة، وكان يقول: لا يمكن أن يذوب الدجال دون الصيام. كان يتطوع في جميع أنشطة الجماعة، ويذكر الله تعالى كثيرا في أثناء العمل. كان يستيقظ في الساعة الثانية لصلاة التهجد يوميا. كان شديد الحرص على دفع التبرعات بالتزام رغم وضعه المادي الصعب.

في ليلة 18 ديسمبر عام 1960 قام وصلى التهجد، ثم توفي وهو ينتظر صلاة الفجر في المسجد. رحمه الله وأعلى مقامه في الجنة.

السيد سليم محمد الرباني

ولد عام 1904 وبايع في عام 1927. كان من سكان قرية الطيرة إلى الجنوب من مدينة حيفا، وكان مخلصًا ومولعًا بالتبليغ. شغل منصب سكرتير التبليغ والتربية في الجماعة. يذكر الأستاذ جلال الدين شمس ما حدث مع الشيخ محمد سليم الرباني فيقول: “كان أخونا الشيخ سليم الرباني يتدرب على صيد السمك منذ شهر تقريبًا وكان يبلِّغ الصيادين بالأحمدية، فقالوا له يومًا: إذا كنت حقًا على الصدق فعليك أن تباري ذلك الصياد في الصيد – ذلك الصياد كان خبيرًا في الصيد منذ عشر سنوات- ونقرر أن صاحب الحق هو من يقع السمك في شبكته أولاً. فقال الشيخ الرباني: أنا أقبل هذا الشرط، ولكن علينا أولاً أن نتوضأ ونصلي ركعتين وندعو الله تعالى أن يفتح بيننا بالحق. فَقَبِلوا الشرط وتوضأوا وصلّوا. فرمى الاثنان الشبكة عدة مرات وأخيرًا وقع السمك في شبكة الشيخ سليم، فسجد لله تعالى شكرًا. فصدق اثنان من الصيادين دعوة الجماعة.

السيد حسين علي خالد عساف  (فرعون)

نزل المجاهد الكبير مولانا جلال الدين شمس في حيفا عام 1928 وسكن في حارة تدعى بحارة الجرينة. ويروى أنه كان يمشي في الأسواق المكتظة بالمشترين، مبلغا بظهور مسيح الأمة وإمام الزمان. وشاء قدر الله أن سمعه هنالك المرحوم حسين علي، فشده ذلك الرجل الهندي بشجاعته وحكمته وكلامه العذب المليء بالمعارف الدينية والحِكم الأحمدية والنور الساطع، فمن تلك اللحظة اتخذ أُولى خطواته نحو جماعة المسيح وأنصاره.

كان المرحوم حسين معروفًا بخصاله الحميدة من شجاعة وكرم، فلم يتردد أن يدعو مولانا جلالَ الدين -رحمه الله- إلى مائدة الطعام في بيته المتواضع القائم في منطقة وادي السياح جنوب الكبابير، فتكرم بتلبية دعوته. وتكررت الزيارات حتى انشرح صدر المرحوم لتلبية نداء إمام الزمان، فقام هو وعائلته بالانضمام إلى هذه الجماعة المباركة عام 1928.

وهو جد الأخ محمد شريف عودة من جهة أمه.

الحاج عبد القادر عودة (أبو صالح)

كان الحاج عبد القادر عودة رجلا صالحا.. وهب مع أخيه الحاج الشيخ محمد عودة قطعة كبيرة من الأرض لبناء جامع سيدنا محمود.. أول مسجد للأحمدية بالديار العربية.

عاش الحاج أبو صالح إحدى عشرة ومائة سنة، قضاها في العبادة وعمل الخير، وطلب من الخليفة الثاني أن يكتب له بخط يده أنه أحمدي لتكون معه شهادة عند الله أنه من الأحمديين! وهذه هي طيبة القلوب وبساطتها الطاهرة. لما تقدم به السن عجز عن السير إلى المسجد، فكان يأتيه ممتطيا حماره، وظل مواظبا على حضور الصلاة. وهو والد كل من الحاج صالح عبد القادر عودة والحاج أحمد عبد القادر عودة الذي سيأتي ذكرهما.

الحاج صالح عبد القادر عودة

هو ابن الحاج عبد القادر عودة. ولد في الكبابير عام 1878. كان من كبار الصوفية الشاذلية في فلسطين، وكانت تربطه بعائلة القزق بحيفا علاقة صداقة وطريقة صوفية، وبحكم هذه العلاقة حضر الأستاذ جلال الدين شمس بصحبة الشيخ علي القزق إلى بيت الحاج صالح في الكبابير والتقى بعائلة عبد القادر عودة، وبشّرها بظهور المهدي والمسيح في الهند. بعدها سافر الأستاذ جلال الدين شمس إلى مصر في مهمة تبشيرية، ولم يمض وقت طويل حتى أبرق له الحاج صالح أنه هو ووالده وإخوته وعائلاتهم وأقربائه قرروا مبايعة الإمام المهدي والمسيح الموعود . فعاد الأستاذ جلال الدين من القاهرة في تموز عام 1928 وجاء إلى بيت الحاج صالح حيث كان الجميع في الانتظار، فقاموا للمبايعة.

ويُذكر هنا أنه تبينَ أثناء المبايعة أن الابن الأكبر للحاج صالح (واسمه عبد القادر مختار الكبابير وسيأتي ذكره لاحقا) قد بايع الأستاذ شمس قبل عام في حيفا مع بعض أصدقائه الشاميين إلا أنه كتم ذلك عن والده وإخوته.

وبدخول الحاج صالح وعائلته وأقربائه في الجماعة ضربت شجرة الأحمدية جذورها عميقًا في الأرض بفضل الله تعالى، وبدأت الدعوة تنتشر في فلسطين والبلاد العربية الأخرى إذ أصبحت الكبابير بفضل الله مركزًا للأحمدية في الديار العربية. فبدأت السجالات تشتدّ على المنابر في مدينة حيفا والقرى المجاورة، وجرت محاولات يائسة من المشايخ والعلماء لرد أهل الكبابير عن الأحمدية، لكن جميع تلك المحاولات باءت بالفشل لصمود هؤلاء الأحمديين المخلصين على العهد الذي قطعوه مع الله ومع إمام هذا الزمان المسيح الموعود والمهدي المعهود . وعرضت الجماعة على الأستاذ جلال الدين شمس بأن ينتقل للسكن في الكبابير ليكون في مأمن من اعتداءات الأشرار. وبعد سنة انتقل بالفعل وسكن في الكبابير.

كان -رحمه الله- أول رئيس لأول هيئة إدارية للجماعة تُنتخب في تاريخ الجماعة في فلسطين، وقد بقي رئيسًا لها حتى وفاته عام 1950. رحمه الله رحمة واسعة وأعلى مقامه في الجنة. آمين!

وعندما توفي بعث حضرة المصلح الموعود بالرسالة التـالية يعزي فيها ابنه وأهله:

“بسم الله الرحمن الرحيمربوة  27 شباط سنة 1950معزيزي السيد محمد الحاج صالح سلمكم الله تعالى،السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد، فقد تلقينا بمنتهى الأسف الخبر الفاجع بوفاة والدكم الحاج صالح عودة رحمه الله. فإنا لله وإنا إليه راجعون.

كلُّ ابنِ أنثى وإنْ طالتْ سلامتُه

يومًا على آلةٍ حَدْباءَ محمولُ

إن والدكم المرحوم كما علمتُ كان أول شخص دخل في الجماعة الأحمدية في الكبابير، وكان مثالا للجد والنشاط والإخلاص في سبيل نشر الدعوة الحقة بين أبناء وطنه، فجزاه الله منا خير الجزاء على ما أبدى من الإخلاص والمحبة. أدعو الله تعالى أن يتغمده برحمته الواسعة، وأسكنه فسيح جِنانه، ويُجزل له الأجر والثواب في دار النعيم، ويلهمكم وإخوانكم وبقية أقربائكم على فقده الصبرَ الجميل، ووفقكم أن تكونوا خير خلف لخير سلف. وأدعو الله تعالى أن يشفي المولوي محمد شريف شفاء لا يغادر سقما. وبلغوا سلامي إلى جميع الإخوان في الكبابير. ووصيتي أن يكونوا قدوة حسنة ومثالا أسمى للذين يأتون بعدهم.

والسلام عليكم.

ميرزا محمود أحمد

الخليفة الثاني للمسيح الموعود

(تاريخ الأحمدية، ضميمة مجلد 13 ص 5)

الحاج أحمد عبد القادر عودة

هو شقيق الحاج صالح عبد القادر المذكور أعلاه . ولد الحاج أحمد سنة 1881، وتوفي يوم الاثنين 14 نيسان 1975. وكان يكتب المقالات والأشعار التي كان يرويها عن معارفه وأصدقائه الدراويش وأصحاب الطرق الصوفية الذين كانوا يتجوّلون في البلاد وغالبيتهم من بلاد المغرب العربي. وكان له صداقة مع الأخويين محمد القزق وعلي القزق.. من أول المبايعين من مدينة حيفا.. وأبنائهم، والشيخ سليم الرباني والسيد رشدي البسطي. سمع الحاج أحمد وأخوه الأكبر صالح عن الداعية الأحمدي حضرة مولانا جلال الدين شمس الذي طلب منه بعد لقاءات أن يدعو دعاء الاستخارة يوميًا قبل النوم، ويدعو الله أن يريه آية في صدد دعوة المسيح الموعود . فعاد وأخبر شقيقه الحاج صالح بما كان مع حضرة الداعية الأحمدي. وفي إحدى الليالي رأى في الرؤيا رسول الله والإمام عليًّا والسيدة فاطمة وابنيهما الحسن والحسين.. وبين يدي رسول الله رجل قدّمه رسول الله للحاج أحمد وقال: هذا الإمام المهدي، هذا الإمام المهدي، كرَّرها مرتين، وقال: عليك الإيمان به لأنه صاحب الوقت. فاستيقظ وما كان له ولشقيقه إلا أن يخبرا الأستاذ جلال الدين شمس بأنهما قد قررا البيعة والانضمام إلى الأحمدية. فلما عاد الأستاذ شمس من القاهرة إلى الكبابير استُقبل بحفاوة وإكرام، وبايع الأخوان صالح وأحمد ووالدهما وأبناؤهما وأقرباؤهما. وكان الحاج أحمد يقوم مع حضرة المبشر بالتبشير والجولات، وكانت العلاقة بينهما قوية. وكان إماما للصلاة وخطيبا وسكرتيرا للمال في أول هيئة إدارية لجماعة الكبابير.

عبد القادر صالح عبد القادر عودة (مختار الكبابير)

كان المرحوم يكنى أبو موسى. ولد عام 1900. بعد زواجه ترك الكبابير وسكن في مدينة حيفا. تروي لنا قصة انضمامه للأحمدية زوجته المرحومة آمنة خطاب (أم موسى) فتقول:

كنا نسكن في حيفا قريبًا من حارة الأقزاق الذين سبقونا في قبول الأحمدية. كنت أشاهد الأستاذ جلال الدين شمس يمر من أمام بيتنا ولم نكن نعرفه أو نسمع به. رأيته رجلاً رزينًا مستقيمًا في مشيته، لا ينظر يمينًا ولا يسارًا وإنما ينظر فقط إلى الأرض وإلى المكان الذي تقع عليه عصاه. وقد تكرر مروره أمام بيتنا عدة مرات. فحدثتُ زوجي وقلت له: إنني كنت أرى ملاكًا لا إنسانًا عاديًا. فأثّر كلامي في زوجي، فأصبح يتمنى أن يراه ويتعرف عليه. وفي أحد الأيام وعندما كان هذا الرجل يمر من أمام البيت كان زوجي في البيت، فتبعه إلى أن دخل بيتًا من بيوت عائلة القزق حيث كان يأتي كل مساء إلى بيت من بيوت هذه العائلة للصلاة، وبعد الصلاة كان يلقي دروسًا. أُعجبَ زوجي المرحوم بدروسه وأحاديثه، فصار يحضر كل يوم لصلاة العشاء وسماع الدروس حتى اقتنع وبايع على يده. وأخبرني بذلك لكنه أخفى أمر مبايعته عن والده وإخوته.

وعندما جاء حضرة المبشر الأستاذ جلال الدين شمس للمبايعة الكبرى في بيت الحاج صالح عودة في الكبابير عام 1928 قدّم عبدُ القادر والدَه الحاج صالح احترامًا له بحسب رغبته ليكون والده أول المبايعين، ثم يبايع هو من ورائه. ثم انتقل بعد البيعة ليسكن في الكبابير بعد أن بنى بيتًا كبيرًا في وسط البلدة.

كان -رحمه الله- عمدةً للكبابير (مختارًا) منذ شبابه. وكان مضيافًا وبيته مفتوحًا للضيوف من أهل البلد ومن خارجها، وكان يستضيف المبشرين وضيوفهم في بيته، كما كان يرافق المبشرين في جولاتهم التبشيرية مع شباب الكبابير. عمل في بناء أول مسجد للجماعة في الكبابير وجعله الأستاذُ شمس “مهندس شرف” لهذا المشروع. كما انتُخب سكرتيرًا للتربية في أول هيئة إدارية تقام في تاريخ الجماعة.

السيد محمد صالح عبد القادر عودة (أبو صلاح)

هو ابن الحاج صالح عبد القادر المذكور أعلاه وجدُّ الأخ محمد شريف عودة أمير الجماعة في الديار المقدسة حاليا. وُلد عام 1910 في الكبابير. لم يُتَح له في صغره أن يتعلم في المدارس، وإنما تعلم قراءة القرآن الكريم في كُتّاب القرية، كما تعلم مبادئ اللغة العربية وقواعدها على يد الأستاذ أبي العطاء الجالندهري. وعندما زار الأستاذُ الكريم جلال الدين شمس الكبابير عام 1928 لأخذ البيعة زار بيت والده بالذات. وكم كان سروره بالغًا حين قرر والده الحاج صالح وأعمامه الانضمام إلى الجماعة. وكان عمره حينذاك 18 سنة.

ولما كان المبشر يسكن وحده في مدينة حيفا طلب الحاج صالح عبد القادر عودة من ابنه محمد، الذي كان يعمل في الميناء، أن يقيم مع المبشر ويخدمه بعد رجوعه من العمل ويحرسه.  وقد استمر في هذه المهمة حتى سافر المبشر الكريم إلى قاديان، وخلَفه المبشر الثاني حضرة الأستاذ أبي العطاء الجالندهري عام 1930. وفي زمن المبشر الثاني عزم على التعلم الذاتي، فصار بفضل الله وتوفيقه وكده وجده خطيبًا على كل منبر. كان مولعًا بقراءة القرآن الكريم وكُتب الحديث الشريف وكُتب المسيح الموعود . وكان داعيًا إلى الله لا يخاف في الله أحدًا. كان يذهب إلى مساجد حيفا ويبشر الناس بدعوة المسيح الموعود والمهدي المعهود ، بل كان يناظر القضاة والمفتين والمشايخ في عقر دارهم. كما كان يخرج مع الآخرين لنشر الدعوة وتوزيع الكتب في المدن والقرى الفلسطينية، وكثيرًا ما كانوا يتعرضون لاعتداءات الأشرار وإيذائهم وشتمهم.

لقد قُدر لمحمد صالح عودة وزوجته وأولاده أن يخدموا الجماعة والمبشرين، وقد تركها سُنّةً في ذريته. خدم الجماعةَ في شتى المناصب منها سكرتير للمال، سكرتير للتربية والتعليم، سكرتير للتبشير، سكرتير عام، ورئيس الجماعة حتى وفاته سنة 1980.

حدث مرة عام 1936 حين كان سكرتيرا للمال أن جاء عصابة من اللصوص المسلحين وساقوه للقتل، ولكنه رفض أن يلبي طلبهم ولم يفرط في مال الله. ثم أفرجوا عنه بفضل الله تعالى بتدخل زعيم من إحدى القرى المجاورة الذي صادف التقاؤه بهم.

كان دائم الاتصال مع خليفة الوقت، ويراسله في كل مناسبة، ويوصي أولاده بمراسلة خليفة الوقت وأن تكون رسائلهم قصيرة ومكتوبة بخط واضح. وقد أورث كنـزًا قيّمًا من هذه الرسائل القيِّمة. بقي على صلة مع الدعاة الكرام حتى بعد عودتهم إلى أوطانهم.

حظي بلقاء الخليفة الثالث -رحمه الله- عندما قدِم حضرته إلى لندن للعلاج عام 1970، ثم عام 1973. وقد التقى أيضًا بصديقه الداعية الأستاذ أبي العطاء الجالندهري الذي كان يرافق أمير المؤمنين في تلك الرحلة.

كان -رحمه الله- من أوائل الملبين لنداء الخليفة الثاني لمشروع “التحريك الجديد” عام 1934. وتشرّف بالانضمام إلى نظام “الوصية” عام 1945. كان يقوم الليل ويقرأ قرآن الفجر، مداومًا على الصلوات بالجماعة. وكان حديثه في البيت عن الأخلاق الإسلامية الصادقة ودعوة المسيح الموعود .

حظي أن يكون من مؤسسي جامع سيدنا “محمود” القديم وبُناته عام 1930، ثم من واضعي حجر الأساس للمسجد الجديد عام 1978. وافته المنية في سن السبعين سنة عام 1980. رحمه الله رحمة واسعة، آمين!

السيد محمود صالح عودة (أبو عمر)

هو ابن الحاج صالح عودة وشقيق محمد صالح عودة المذكورين أعلاه. وُلد سنة 1914، وكان من أوائل المبايعين ندما زار مولانا جلال الدين شمس رحمه الله الكبابير مع السيد علي القزق أبو خضر. وقد عرّف عليُّ القزقُ مولانا جلالَ الدين شمس على بعض مشايخ الكبابير. كان من أوائل المبايعين الذين بايعوا وانضموا إلى دعوة المسيح الموعود .

عمل سكرتيرا للتبشير لفترة طويلة حيث كان يقوم بالجولات التبشيرية، واهتمّ بإقامة علاقات مع غير الأحمديين لجلبهم إلى الدعوة. راسل “المصلح الموعود” الخليفة الثاني والخليفة الثالث رحمه الله. كان على علاقة متينة مع المبشرين دومًا، حيث كانت تجمعه علاقة صداقة مع مولانا أبي العطاء الجالندهري ومولانا شودري محمد شريف. كان المرحوم أحمديا مخلصا ووفيا للجماعة. وتوفي في 29/1/1989.

السيدة نجمة علي خطاب (أم صلاح)

زوجة محمد صالح عودة . وُلدت المرحومة نجمة عام 1913 في مدينة حيفا لأب مشهود له بالتقوى والصلاح هو علي خطاب وأم من عائلة شنبور هي عفيفة أحمد شنبور. ترك أبوها علي خطاب مدينة حيفا ليسكن مع زوجته وابنه الأكبر داود وبناته الأربع في مغائر وادي روشميا حيث أنشأ حقلًا زراعيًّا حول بئر روشميا الشهير ورعى قطيعًا من البقر. وما لبث أن توفي.

في عام 1933 خطبها محمد صالح عودة من أخيها الشيخ داود علي خطاب، وبعد عام زُفّت إليه في بيت الزوجية الجديد الذي بُني بمحاذاة المسجد الجديد جامع سيدنا محمود في الكبابير. وكانت منذ ذلك الوقت تعمل مع زوجها في خدمة الجماعة والمبشرين وضيوف الجماعة، وظلت مواظبة على هذا العمل حتى مرضها ثم وفاتها عام 1993. وكان زوجها يقول: “لقد خدمتُ قبل زواجي المبشرَ الأول مولانا جلال الدين شمس ثم المبشر الثاني مولانا أبا العطاء الجالندهري رحمه الله، فقال لي الأستاذ أبو العطاء ذات مرة: يا محمد، لقد خدمتَ الأستاذ شمس وخدمتَني أيضًا، وليس عندي ما أقدمه لك، ولكني أدعو الله أن يرزقك زوجة صالحة. فكانت زوجتي ثمرة ذلك الدعاء. والحمد لله على ذلك حمدًا كثيرًا. رحمهم الله تعالى جميعًا. آمين!

السيد أسعد سعيد عودة ( أبو موسى)

وُلد عام 1903 في الكبابير. كان -رحمه الله- منذ طفولته ملازمًا لجدّه عبد الحي، كبير الإخوة في عائلة عودة، والمكلّف من قبَل إخوته الباقين استقبالَ الضيوف الوافدين على الزاوية في الكبابير، حيث كانت الزّاوية مقام مصلاّهم وجلوسهم واستقبال ضيوفهم. في سنة 1928 وفد إلى الكبابير حضرة مولانا جلال الدّين شمس ، وكانت الكبابير في ذلك الحين تعيش على المفاهيم الشائعة للمشايخ من أزهريّين وغير أزهريّين، ولكن ذلك لم يمنعه من قبول دعوة المسيح الموعود بواسطة حضرة المبشر ومبايعته مع بقية من بايعوا من أوائل الناس في الكبابير، مع أن والده وإخوته لم يبايعوا في ذلك الوقت. وكان كثير الدعاء لهم أن يقبلوا الأحمدية إلى أن تم ذلك بعد 27 سنة من مبايعته، وعلى وجه التحديد سنة 1955، عشية مغادرة الأستاذ جوهدري محمد شريف أرض الكبابير.

ورغم أنه لم يدخل مدرسة أو كُتّابًا باستثناء الدروس الليلية عند الأستاذ أبي العطاء الجالندهري رحمه الله، فقد اهتم بتعليم أولاده.

كانت علاقته بالمبشرين علاقة حب واحترام وإخلاص لدعوة مهدي آخر الزمان، وقد رحل عن هذه الدنيا الفانية في31/1/1982. إنا لله وإنا إليه راجعون.

الحاج هاشم طيب عودة

ولد الحاج هاشم طيب عودة عام 1922 لوالده الحاج طيب عبد الحي عودة. بايع حضرة المصلح الموعود عام 1955 بواسطة المبشر جلال الدين قمر رحمه الله.

بعد انضمامه للجماعة في 1955 انتُخب لمنصب سكرتير المال وبقي في هذا المنصب بشكل متواصل حتى مرضه الأخير في 1999. وقد خدم الجماعة في هذا المنصب بكل أمانة وإخلاص في جمع التبرعات من الأفراد، كما كان له دور في بناء مسجد “سيدنا محمود” الجديد. كان على اتصال دائم مع حضرة الخليفة الرابع رحمه الله. كان ينظر إلى المبشرين والقادمين من المركز بغاية الحب والتكريم. وقد توفي إلى رحمة الله بتاريخ 24/11/2006.

السيد موسى نايف سرور (أبو بشير)

ولد المرحوم موسى نايف سرور في 15/9/1927. انضم أبواه إلى الأحمدية المباركة مع أهل الكبابير. تعلم في مدرسة السالزيان في مدينة حيفا. عمل منذ مطلع حياته موظفًا في دائرة تسجيل السكان والهويات في حيفا، وارتقى في هذه الوظيفة حتى أصبح مديرا لهذه الدائرة، وبقي في هذا المنصب حتى التقاعد.

خدم الجماعة المحلية من خلال تقلده عدة مناصب في الهيئة الإدارية منها سكرتير عام الجماعة وسكرتير التربية والتعليم وسكرتير التحريك الجديد والوقف الجديد حيث عمل على جدولة قوائم المتبرعين حسب سنهم وتاريخ اكتتابهم مما سهل على من جاء بعده في هذا المنصب القيامَ بعمله بشكل مريح ومنتظم، وكان آخرها منصب رئيس مجلس أنصار الله. وقام بكتابة كثير من المختارات من كتب سيدنا المسيح لموعود بخط يده الأنيق حول مواضيع دينية مختلفة.

كان رحمه الله رفيقا قريبا للمبشرين الكرام وملبيا لطلباتهم. توفي في 29 إبريل عام 2005.

الشهيد أحمد المصري

كتب عنه الأستاذ فلاح الدين عودة: في أواخر العشرينات من القرن الماضي وصل الشاب أحمد من مصر إلى فلسطين بحثًا عن عمل، فعمل في سكة الحديد الفلسطينية في مدينة حيفا، ثم ترقى حتى صار مسؤولاً عن العمال في محطة حيفا وشمال فلسطين. ولما جاء الأستاذ جلال الدين شمس يرافقه الأستاذ منير الحصني إلى حيفا قادمًا من سوريا ذهبا إلى محطة سكة الحديد لتبليغ العمال القادمين من سوريا ومصر وغيرهما، فكانت هذه المحطة نقطة انطلاق للدعوة الأحمدية في فلسطين. وكان المرحوم من أوائل من انضم إلى الأحمدية في مدينة حيفا. وكان مخلصًا في إيمانه؛ فنشر الدعوة بين الناس، إلا أن هذا لم يرُق للمشايخ؛ فحرّضوا على قتله، فقام بعض الأشرار باختطافه من بيته وهو صائم ينتظر سماع أذان الإفطار هو وأفراد عائلته، وجرّوه إلى منطقة معزولة وقتلوه؛ ولم يُعثر على جثته. وكان ذلك في عام 1936 تقريبا. وقد ترك الشهيد زوجة وطفلتين. رحمه الله وأعلى مقامه في الجنة. آمين

ويروي الأستاذ طه القزق الذي عاصر ثورة الـ 36 الفلسطينية أن الفوضى والاغتيالات كانت منتشرة في أيام الثورة، ومن أراد قتل أحد فليس عليه إلا أن يدفع للقاتل جنيها واحدا فيقتل له من شاء، أو يتهم من شاء بأنه رآه يتكلم مع ضابط إنجليزي، أو يقول أن فلانا باع لليهود مؤنا. وفي هذه الفوضى قُتل الشيخ أحمد المصري الذي كان يشتغل في سكة الحديد مراقبا على العمال. وكان بعض العمال يشتركون بالثورة وكان بعضهم يظل في بيته ولا يشتغل مدعيا أنه يعمل مع الثوار، ومع ذلك كانوا يطالبون الشيخ المصري أن يسجِّلهم حاضرين في العمل، ولكنه كان يرفض ذلك لأمانته. فقتلوه في ليلة قبل العيد ولم يتمكن أحد من معرفة المكان الذي قتلوه فيه. كل ما نعرفه هو أنهم خطفوه من بيته وأشاعـوا أنه كان قد أسـاء إلى الرسـول فقتلوه.

السيد أحمد محمود ذهني

قال عنه مولانا محمد شريف المبشر الإسلامي الأحمدي: كان جوهرة من جواهر مصر، وركنًا من أركان الأحمدية ونجما من نجومها في مصر. خدَمها بإخلاص وآثر الدين على الدنيا.

الأستاذ أحمد ذهني ابن الدكتور محمود ذهني من مواليد مصر عام 1908. أتم مرحلة الثانوية، وذهب إلى إنجلترا لدراسة الطب، ولكنه آثر العلوم النظرية. قابل الأستاذَ الجالندهري أثناء زيارته لمصر عام 1934، ودارت بينهما مساجلات ومناقشات انتهت بما ينتهي إليه كل عاقل ذي فطرة سليمة.. فقبِل الحق.

كان كريم الخصال، رفيع الأدب، واسع الاطلاع، مع زينة التقوى والصلاح. انتُخب رئيسا للجماعة عدة مرات، فأدار أمورها بإخلاص وبُعد نظر. وافاه الأجل في سن مبكرة عقب مرض مفاجئ في يونيو 1949.

كانت زوجته إنجليزية أسلمتْ عام 1934، ودخلت الأحمدية على يد مولانا محمد شريف عام 1944. بعد أن رزقه الله بابنته “ضياء”، لم يرزق مولودا ذكرًا لمدة 12 أو 13 سنة، فكتب إلى أمير المؤمنين.. فاستجاب الله دعاءه، ورزقه بغلام سماه “بدر الدين”.

ويكفي لمعرفة عشقه للخليفة أنه لما قرأ في مجلة “البشرى” أن إمامنا حث كل مسلم أحمدي على أن يحيي شعارًا إسلاميًا قد نسيه المسلمون في هذا العصر ألا وهو قص الشارب وإعفاء اللحية، فعاهد المرحوم أنه لن يحلق لحيته أبدًا، فظل يحافظ على هذا الشعار الإسلامي. وقد قيل له يومًا إن فلانًا من كبار الأمة قد حلق لحيته فاحلق أنت أيضًا لحيتك، فأجاب: إني لا أتبع أحدًا غير أمير المؤمنين نصره الله.

السيد محمد بسيوني

كان رئيس الجماعة في مصر أكثر من عشرين عاما. كان مراقبا عاما بوزارة المالية. أنهى خدمته قبل بلوغ السن القانونية ليتفرغ لخدمة الجماعة. كان بيته مقر الجماعة ومسجدهم ومكتبتهم. كان على درجة عالية من الثقافة وحب النظام، مع التمسك بآداب الإسلام. كان غاية في النشاط والدقة بالرغم من ضعف بنيته. كان دائم الاتصال بمركز الجماعة، ويبعث إليها بالكتب والمراجع، ويقابل كل من يزور مصر أو يمر بها من أبناء الجماعة.

نقل إلى العربية أعمالا كثيرة منها تفسير عدة سور من القرآن الكريم منها البقرة وآل عمران والنساء والمائدة والكهف. وكان يعدّ الخطب والمقالات من تراث الأحمدية ليزود بها الشباب الأحمديين المصريين.. الذين يدينون له بالفضل في رعايتهم وتربيتهم الروحية، حيث كان بمثابة جسر بينهم وبين المركز خلال فترة طويلة تعذرَ فيها مجيء مبعوث من المركز. توفي سنة 1986، رحمه الله وأكرم مثواه وأثابه على جليل فعاله وكريم خصاله.

السيد أحمد حلمي

انضم إلى الجماعة عن طريق الداعية محمود العرفاني في العشرينيات.

كتب الأستاذ مصطفى ثابت عنه:

“ولد سنة 1908، وهو ابن عمتي. كنت أسمع عنه أنه كان الابن المدلل لأمه، حيث إنها فقدت زوجها، ثم فقدت ابنها الأكبر، فلم يبق لها غير هذا الابن الذي لم تكن ترفض له طلبًا. فنشأ كما ينشأ أي غلام مدلل ميسور الحال. وفي شبابه تعرّف على بعض الأصدقاء، وذهب مع بعض أصدقائه هؤلاء لزيارة صديق آخر في بيته، كان هو الأستاذ المرحوم محمود ذهني. وعلى منضدة صغيرة رأى كتاب “فلسفة تعاليم الإسلام” -وكان يُسمى في ذلك الوقت “الخطاب الجليل” من ترجمة الأستاذ زين العابدين ولي الله شاه – فتناول الكتاب وأخذ يتصفحه، ثم استأذن صاحب الدار أن يستعير الكتاب، فأذن له. ويقول إنه لم يستطع أن يضع الكتاب من يده بعد أن ذهب إلى بيته، حتى انتهى من قراءته، فقرر أن يبايع الخليفة الثاني حضرة المصـلح الموعود .والأستاذ أحمد حلمي يحمل لقب ثاني مصري يزور قاديان ويلتقي بحضرة المصلح الموعود ، وكان ذلك في سبتمبر عام 1939 قبل نشوب الحرب العالمية الثانية. أما حامل لقب أول مصري يزور قاديان فهو الحاج عبد الحميد خورشيد حيث زارها عام 1936، وأما ثالث مصري يزور قاديان فهو الأستاذ عبد الحميد إبراهيم، وأما الرابع فهو أنا العبد الفقير إلى الله، حيث زرتها عام 1979، وكان الخامس والسادس هما الحاج محمد حلمي الشافعي والأستاذ مصطفى كامل عام 1981.

المهم.. عندما عاد الأستاذ أحمد حلمي من الهند أرسل برقية من ميناء عدن في اليمن يبلغ أهله عن موعد وصوله إلى مصر، وذكر لهم اسم الباخرة التي سوف يصل عليها. وبعد مرور عدة أيام أُذيع خبر أن البحرية الألمانية قد أغرقت الباخرة التي ذكرها الأستاذ أحمد حلمي في برقيته. وكانت صدمة شديدة لوالدته. وتقول إنها عندما سمعت الخبر سجدت على الفور وراحت تدعو الله تعالى، وقالت يا رب أنت على كل شيء قدير، وأنا ليس لي سوى ابني أحمد، وهو سافر ليقابل خليفة الشخص الذي يقول إنه الإمام المهدي، وأنا لا أعرف إذا كان هو حقيقةً الإمام المهدي أم لا، وأنت تعرف حقيقة كل شيء، فإن كان هذا الشخص هو فعلاً الإمام المهدي، فارجع لي ابني سالما.

هذا هو مجمل ما سمعتُه منها بنفسي. وتقول إنها ظلت تدعو بهذا الدعاء كل يوم إلى أن عاد الأستاذ أحمد حلمي، وقال إنه لم يستطع اللحاق بالباخرة التي ذكر اسمها في برقيته، واضطر أن ينتظر في عدن عدة أيام كي يستقل الباخرة التالية، ولم يكن يعلم أن الباخرة التي كان من المزمع أن يسافر عليها قد غرقت في البحر. وهكذا كان هذا الحدث سببا في دخول السيدة عمتي في الجماعة الإسلامية الأحمدية.

لعل هذه الكلمات القليلة تصلح لإعطاء فكرة بسيطة عن صلحاء مصر القدماء، رفع الله قدرهم في جنته، وأثابهم بفضله قربه ورضوانه، وجعلنا نتبع خطواتهم. آمين”

الأستاذ عبد الحميد خورشيد

انضم إلى الجماعة بعدما سمع مناظرة جرت بين الأستاذ جلال الدين شمس والأزهري المرتد القسيس كامل منصور في كنيسة الحديقة الأزبكية.

كتب الأستاذ مصطفى ثابت عنه:

“الحاج عبد الحميد خورشيد أولُ مصري يزور قاديان عام 1936. لما تشرف بمقابلة سيدنا المصلح الموعود الخليفة الثاني أخبره أنه قد تزوج منذ خمسة عشر عاما، ولكنه لم يرزق بأولاد، فليدعُ الله تعالى ليهب له الذرية. فأخبره المصلح الموعود بأنه سوف يدعو الله له.وقد قضى المرحوم عبد الحميد خورشيد في الهند بعضا من الوقت إلى أن حان موعد عودته، فذهب لكي يودّع حضرة المصلح الموعود . فأخبره أنه قد دعا الله تعالى له وأن الدعاء قد استجـيب، وأنه سوف يـرزقه بجلال الدين وشمـس الدين وعـائشة.

وكاد قلب الحاج خورشيد يقفز من صدره من شدة الفرحة. باختصار وصل إلى الوطن والأهل في القاهرة، وبعد مرور بضعة أشهر تبين أن زوجته قد حملت بالفعل. فبدأ يقول للناس إن ما في بطنها هو جلال الدين. فقال له بعض الأحمديين ليس من المستحسن أن يتولى هو تفسير النبوءة بالشكل الذي يفهمه، فقد يرزقه الله تعالى بالأنثى أولاً. ولكنه كان على يقين عجيب بأن النبوءة لا بد وأن تتحقق بنفس الترتيب الذي ذكره له حضرة المصلح الموعود. وبالفعل وضعت زوجته صبيا سماه جلال الدين، ثم وضعت صبيا آخر سماه شمس الدين، ثم وضعت الأنثى فسماها عائشة.

لقد كان جلال الدين صديقا لكاتب هذه السطور، ولكن الله تعالى توفاه حينما بلغ نيفا وعشرين عاما. وأبدى الحاج عبد الحميد خورشيد ثباتا عجيبا عند وفاته، وكان يقول إنه كان أمانة من الله تعالى وإنه سبحانه قد استرد أمانته. وأغلب الظن أن شمس الدين وعائشة ما زالا حتى الآن على قيد الحياة”.

السيد عبد الحميد إبراهيم

كان السيد عبد الحميد إبراهيم قد سافر إلى قاديان وربوة للقاء أمير المؤمنين، وقد عثرنا على رسالة بعث بها إلى الداعية شودري محمد شريف في الكبابير بتاريخ 14-8-1950 يقول فيها: “وأما قاديان فإني أصفهم على مقدار إدراكي: فهم عبارة عن كتاب مفتوح، تقرأ بين ثناياه آية من البراءة، ملتهبين بنار الفضيلة لإنقاذ بني نوع الإنسان من براثن الشيطان وإرشادهم إلى طريق الرحمن. وقد بلغوا من جمال الأخلاق ما جذبوا به ألد أعداء الإسلام إلى محبتهم واحترامهم، فهذه هي المزايا والصفات التي رأيتها فيهم… جميع الإخوان من (كويته) و(لاهور) و(ربوة) و(قاديان) يهدونكم السلام”.

وقد قال الأستاذ مصطفى ثابت عنه: كان المرحوم ثالث مصري يزور قاديان، وكان على اتصال دائم بحضرة المصلح الموعود، الذي كلفه بأن يكون مبشرا في السودان وليبيا ومصر. كما كان على اتصال بالداعية شودري محمد شريف في الكبابير. وكان الدكتور سردار نذير أحمد طبيب الإمبراطور هيلاسلاسي إمبراطور الحبشة على صلة بالأستاذ عبد الحميد إبراهيم عندما كان يقيم في الحبشة.

لقد انضمّ إلى الجماعة في ريعان شبابه، وقد هنأه المصلح الموعود بزواجه من كريمة الأستاذ الأحمدي محمد دسوقي عام 1952. وكان المرحوم نشيطا في الدعوة والسفر، فقد سافر كثيرا إلى ربوة وفلسطين وغيرها من البلدان لزيارة أفراد الجماعة الإسلامية الأحمدية. وقد لقي رفيقه الأعلى في عام 1984.

الأستاذ إبراهيم عباس فضل الله السوداني

ولد في الخرطوم، وانضم إلى الأحمدية في 24-11-1941 وهو في الثانية والعشرين من عمره. ثم لبى دعوة المصلح الموعود لوقف حياته لخدمة الإسلام وذهب إلى ربوة في 3-3-1952 لدراسة علوم الدين، ورجع إلى وطنه في 14-5-1953. فبدأ يعمل في شركة في الخرطوم، وأخذ يوزع المنشورات ويقوم بالدعوة والتبليغ. ثم فتح شركة خاصة وكتب للأستاذ شودري محمد شريف داعيتنا في الكبابير أن بوسعه الآن نشر الدعوة الأحمدية بحرية تامة. فبدأ العمل داعيةً، ولكنه توفي بعد فترة وجيزة في 8-8-1955 وهو في السابعة والثلاثين من عمره.

(تاريخ الأحمدية، مجلد 17 ص 299)

Share via
تابعونا على الفايس بوك