30 خدمة الإسلام في ظل الخلافة الراشدة الأحمدية

30 خدمة الإسلام في ظل الخلافة الراشدة الأحمدية

محمد أحمد نعيم

داعية إسلامي أحمدي

 

قد أجمع المفسرون على أن إكمال الدين قد تم على يد النبي لقوله تعالى:  الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الإِسْلامَ دِينًا ، أما إكمال نشر الدين الموعود به في قوله تعالى: هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ ، فسوف يتحقق على يد المسيح الموعود والإمام المهدي الذي قال رسول الله في حقه إنه: “يحيي الدين ويقيم الشريعة”.

لقد جاء المسيح الموعود وأسس جماعة تقوم بهذه المهمة تحت قيادة خلفائه بنفسها ونفيسها، وفيما يلي نبذة عما قام به المسيح الموعود وخلفاؤه العظام من خدمات للإسلام، وما يتبعونه من وسائل في هذا السبيل.

تصدّي المسيح الموعود لأعداء الإسلام

كان الإسلام مهاجَمًا من قبل أتباع جميع الأديان لدى بعثة المسيح الموعود ، أما المسلمون الذين كان يتوقع منهم أن يهبّوا للدفاع عن دينهم فكانت حالتهم يرثى لها، فأول ما فعله المسيح الموعود هو التصدي لأعداء الإسلام من قساوسة وعلماء هندوس ومستشرقين وملحدين وغيرهم، فقد أعدّ قبل دعواه بسنوات  إعلانًا وطبع منه عشرين ألف نسخة باللغة الإنجليزية وأرسلها بالبريد إلى المثقفين المشهورين في العالم، ودعا مَن أراد منهم البحث عن صدق الإسلام ومشاهدة آيات واضحة على صدقه أن يأتي إلى قاديان وأن يقيم ضيفًا عنده سنة كاملة، ثم إذا لم يشاهد آية بعد ذلك فسوف يدفع له التعويضات.

وقد تصدّى حضرته خاصة للهجوم الشرس الذي شنه القساوسة على الإسلام، فتسببوا في ارتداد عديد من المشايخ البارزين عن الإسلام، حتى أعلنوا مغرورين بنجاحهم التبشيري أنهم سيرفعون في القريب العاجل علَم المسيحية في الهند كلها، بل على الكعبة نفسها. فانبرى لهم حضرته وقال إن إلهكم يسوع المسيح ميت، وقد بعثني الله تعالى مسيحًا موعودًا كآية على صدق الإسلام وكدليل على استمرار الفيوض الروحانية لسيدي محمد المصطفى . مما أجبرهم على الهروب من الهند. وقد اعترف بذلك الخصوم أيضًا، فقد كتب شيخٌ يُعَدُّ من أشد مناهضي الأحمدية، وهو المولوي نور محمد النقشبندي الجشتي، في مقدمة  لترجمة معاني القرآن للمولوي أشرف علي التهانوي، فقال:

“في تلك الأيام قَدِمَ إلى الهند القسيس ليفراي من إنجلترا، مصطحبًا مجموعة كبيرة من القساوسة، وحالفًا بتنصير الهند كلها في أيام قليلة. وبفضل أموال طائلة ووعود متكررة مؤكدة من الإنجليز بالمساعدة المالية أحدث زلزالا في كل أنحاء الهند.”

ويستمر الكاتب قائلا:

“لقد وجد القسيس في عقيدة حياة المسيح عيسى في السماء بجسده المادي وفي كون غيره من الأنبياء الكرام أمواتًا مدفونين تحت الأرض سلاحًا ماضيًا على عامة الناس، فقام الشيخ غلام أحمد القادياني للتصدي لهذه الجماعة وقال: “إن عيسى الذي تتكلمون عنه قد مات ودُفن كغيره من البشر، أما عيسى الذي وُعد بمجيئه فهو أنا. فصدِّقوني إن كنتم من السعداء. وبهذه الوسيلة ضيّق الخناق على القسيس ليفراي وجماعته حتى صعب عليه التخلص من يده، وأنزل بهذه الحجة هزيمة نكراء بكل القساوسة من الهند إلى إنجلترا.” (مقدمة ترجمة معاني القرآن للتهانوي ص30)

كما ألف حضرته كتبا أفحم فيها أصحاب الديانات الأخرى الذين كانوا يبسطون ألسنتهم للطعن في التعاليم الإسلامية، وأثبت بالأدلة القاطعة أفضلية الإسلام وشموليته.

تصحيح المفاهيم والتسلّح بالأدلة الدامغة

وإن أكبر خدمة أسداها المسيح الموعود للإسلام هي تصحيح المفاهيم والعقائد وتخليص المسلمين من البدعات والمستحدثات والإسرائيليات والتفاسير الخاطئة والتقاليد البالية التي كانت قد شوهت وجه الإسلام الأغرّ، فقد جاء لتجديد الدين وإحياء الإسلام، وسارت جماعته على دربه تحت قيادة خلفائها، فقد زودت المسلمين الغيورين على دينهم بأسلحة الأدلة القاطعة لردع مَن يهاجم الإسلام وإفحامه وتبكيته.

الكتب والمطبوعات الإسلامية

لقد ألَّف سيدنا المسيح الموعود ما يربو على ثمانين كتابا تبيانًا لمحاسن الإسلام وبيانًا لحكمة أحكامه، وتنـزيهًا له من الشوائب العالقة به.

ثم تابَع خلفاؤه مشواره في إصلاح المعتقدات والردِّ على مطاعن أعداء الإسلام ووساوسهم حول شخصية النبي والقرآن الكريم، وفضحِ مؤامراتهم. فقد كتب الخليفة الأول للمسيح الموعود سيدنا نور الدين كتبا رائعة عديدة منها: فصل الخطاب، ونور الدين، وتصديق البراهين الأحمدية.

وقد طبعت خطبه في كتاب “خطبات نور” وله تفسير للقرآن الكريم في 4 مجلدات باسم “حقائق الفرقان”. أما سيدنا الخليفة الثاني فقد ألف عشرات الكتب، وألقى مئات الخطب والمحاضرات التي طبعت في عشرات المجلدات في مجموعة “أنوار العلوم”، وهي تغطي شتى القضايا الهامة من قبيل: الأدلة على وجود الله، الملائكة، القضاء والقدر، سيرة النبي ، الخلافة الراشدة، ونظام الاقتصاد في الإسلام. وأهم إنجازاته التفسير الكبير في عشرة مجلدات، الذي يُعتبر موسوعة في أهم المواضيع الإسلامية.

أما حضرة الخليفة الثالث -رحمه الله- فقد ألقى أيضًا مئات الخطب والمحاضرات التي طُبعت في عدة مجلدات بعنوان “خطبات ناصر”. وأما سيدنا الخليفة الرابع فقد ألَّف أيضا كتبا قيمة عديدة بالأردية والإنجليزية منها “الوحي والعقلانية والمعرفة والحق”، و”القتل باسم الدين”. وله مئات الخطب والمحاضرات التي هي قيد التجهيز للنشر. ومن خطبه المطبوعة “كارثة الخليج والنظام العالمي الجديد” “وزهق الباطل”.

أما الخليفة الحالي -أيده الله تعالى بنصره العزيز- فقد فنّد كل ما أثاره أعداء النبي  وما ألصقوا به من تهم ساقطة في الهجمات الأخيرة، خاصة عندما نشرت بعض الجرائد الغربية الرسوم المسيئة إلى النبي . وقد نُشرت خطبه حول هذا الموضوع في كتاب: “أسوة الرسول والرد على الطاعنين”. كما نشرت خطبه الأخرى بعنوان: “خطبات مسرور”.

ويمكن أن نلخص هذه الجهود في جملة واحدة وهي أنه كلما أثيرت المطاعن ضد الإسلام أو النبي فإن أول صوت يرتفع للدفاع الصحيح عن حياض الإسلام وعرض نبي الإسلام هو صوت الجماعة وخلفائها.

نشر القرآن الكريم والحديث الشريف 

لقد وفق الله الجماعة الإسلامية الأحمدية لترجمة معاني القرآن الكريم إلى 69 لغة عالمية ومحلية، وإلى ترجمة آيات مختارة من القرآن الكريم وأحاديث النبي حول مواضيع هامة إلى أكثر من مئة لغة من لغات العالم. والجماعة تولي تعلُّم القرآن الكريم وتعليمه كبير الاهتمام عملاً بقول النبي : خيرُكم مَن تعلَّمَ القرآن وعلَّمه. فهناك مكتب خاص بتعليم القرآن في مؤسسة “صدر أنجمن أحمدية”. والجماعة منذ بدايتها تنظم دروس القرآن، ولا سيما في رمضان، حيث يلقي علماء الجماعة درسا كل يوم لجزء من القرآن الكريم مع تفسير لبعض الآيات لتكتمل دورة القرآن في رمضان. كما تهتمّ الجماعة بإلقاء دروس الحديث النبوي في مساجدها بعد صلاة الفجر في رمضان خاصة، علاوةً على  الدروس القرآنية والحديثية التي تلقى كل يوم بانتظام بعد صلاتي الفجر والمغرب.  والمعروف أن سيدنا الخليفة الرابع للمسيح الموعود قدم تفسير القرآن الكريم في صورة دروس عبر ام تي ايه وسجل 307 برامج.

تشـييد المسـاجد

كان سيدنا المسيح الموعود يقول: “حيثما تريدون نشر الإسلام ابنوا هناك مسجدا”. والجماعة الإسلامية الأحمدية تبذل قصارى الجهود لتبني في كل بقعة من بقاع العالم مسجدا تنبعث منه الدعوة إلى الله ليعبد في الأرض وحده. وقد مكَّن الله هذه الجماعة المباركة مِن بناء آلاف المساجد في العالم كله وفي القارات كلها.

وقد حثَّ سيدنا الخليفة الرابع -رحمه الله- أبناء الجماعة في ألمانيا وحدها على بناء مئة مسجد فيها، وقد وُفقت الجماعة هناك لبناء 36 مسجدا إلى الآن؛ منها مسجد خديجة في برلين الذي أنشئ بتبرعات السيدات الأحمديات فقط. ولا يغيبن عن البال أن تكاليف بناء مسجد واحد في أوروبا تصل إلى مئات الآلاف من اليوروهات التي يتبرع بها أبناء الجماعة محليا.

وهذه المساجد تجذب انتباه السكان والسياح فهم يزورونها ويسمعون تعاليم الإسلام ويتلقون الردود على تساؤلاتهم الكثيرة حول الإسلام. فكثيرون منهم يدخلون المساجد معترضين مضطربين وخائفين من أي تصرف مُعاد، ويخرجون منها مقتنعين بصدق الإسلام مُشيدين بمحاسنه وعقلانية الحلول التي يقدمها للتحديات المعاصرة.

ومن هذه المساجد مسجد “الفضل” وهو أول مسجد في لندن، حيث أنشئ في 1924، وقد بُني بتبرعات السيدات الأحمديات وحدهن. ومسجد “بيت الفتوح” في لندن وهو أكبر مسجد في أوروبا الغربية. ومسجد البشارة في بيدرواباد في إسبانيا بالقرب من قرطبة، وهو أول مسجد شيد هناك بعد 500 سنة من خروج المسلمين وانتهاء حكمهم بالأندلس. وتوجد آلاف المساجد في إفريقيا وأوروبا وأستراليا وآسيا وأمريكا، وهي بحمد الله في تزايد مستمر لإرساء دعائم التوحيد والدين الحنيف والدعوة إلى الله ليل نهار، ويهتدي كثير من السعداء من خلالها إلى الصراط المستقيم.

منذ عام 1984 إلى اليوم تمكنت الجماعة بفضل الله من بناء  1823 مسجدا، كما ضُمَّ 12600 مسجد مع أئمتها إلى الجماعة.. وذلك من خلال بيعة الأئمة مع أتباعهم أيضا. والجدير بالذكر أن المسلمين الأحمديين مولعون ببناء المساجد في العالم كله، فهناك بعض الأحمديين حتى في أفريقيا يتحمل شخص واحد منهم نفقات بناء المسجد.

مراكز الدعـوة والتبـليغ

وإلى جانب بناء بيوت الله فقد نشرت جماعتنا شبكةً من مراكز الدعوة الإسلامية واسعة النطاق والتأثير في معظم أنحاء العالم. وهناك ما يقارب ألفين من مراكز الدعوة الإسلامية في أكثر من 190 بلدًا تأسست فيها الجماعة حتى اليوم. والمسلمون الأحمديون معروفون في كل مكان بحسن أخلاقهم وصالح أعمالهم من أجل الدين والإنسانية، ويشار إليهم بالبنان بسبب سلوكهم الإسلامي الرزين.

الجرائد والمجلات

أنشأ أصحاب المسيح الموعود بأمره في حياته جريدتين “الحَكم” و”بدر” لنشر رسالة الإسلام. كما أصدر مجلة “ريفيو أوف ريليجنـز” The Review of Religions” باللغتين الإنجليزية والأردية، وقد كانت ترسل إلى مختلف أنحاء العالم، ولا تزال تصدر حتى اليوم في بريطانيا بالإنجليزية، كما تصدر في بوركينافاسو وساحل العاج باللغة الفرنسية.

ثم هناك جريدة “الفضل” الأردية، التي أسسها سيدنا مرزا بشير الدين محمود أحمد في عهد الخليفة الأول ، وهي ما زالت تصدر يوميا من ربوة بباكستان. وفي يناير 1994 أمر سيدنا الخليفة الرابع -رحمه الله- بإصدار “الفضل العالمية” الأسبوعية باللغة الأردية من لندن، وكلتا الجريدتين متوفرة على موقع الجماعة. ومن هذه الدوريات العديدة مجلة “التقوى” الشهرية الصادرة باللغة العربية في لندن من قبل المكتب العربي بالجماعة، ومجلة “البشرى” الشهرية العربية الصادرة في الديار المقدسة، ومجلة “التحريك الجديد” التي تصدرها مؤسسة التحريك الجديد بالأردية والإنجليزية.

وبالإضافة إلى ذلك هناك دوريات عديدة لمختلف فروع الجماعة في العالم تصدر بمختلف اللغات ومعظمها شهرية، منها مجلات تصدر في أفريقيا

The Guidance, The truth, Mapenze Yamungu, The African Crescent

التي ساهمت كثيرا في نشر تعاليم الإسلام والتي أجبرت بمقالاتها الرائعة القيِّمة القساوسة على الهروب، بعد ما كانوا يحلمون بتنصير إفريقيا كلها.

ثم هناك عشرات الدوريات التي تصدرها التنظيمات الفرعية في الجماعة وشتى فروع الجماعة محليًا.

الإنـتـرنـت

في عصر التكنولوجية الحديثة وانتشار المعلومات بواسطة الحاسوب وشبكة الإنترنت، تسخّر الجماعة هذه الوسائل لخدمة الإسلام. فللجماعة مواقع رسمية بلغات عديدة منها: العربية، الأردية، والإنجليزية، الألبانية، البوسنية، البلغارية، الصينية، الفرنسية، الألمانية، البرتغالية، الهندية، الإندونيسية، الإيطالية، اليابانية، الروسية،  السويدية، التركية والبنغالية والتي توفر كل المعلومات الممكنة عن الإسلام الصحيح، وتقدم ردودًا على مطاعن الطاعنين وتساؤلات الباحثين عن الحق. ويزور هذه المواقع آلاف الناس يوميا، وكثير منهم يشفون غليلهم الروحاني ويهتدون إلى دين الله الحق.. الإسلام.

 وسـائل الإعـلام

لا شك أن أكبر وسيلة إعلام منحها الله  للجماعة هي القناة الفضائية الإسلامية التي أنشئت رسميًا عام 1994، لكن قبل تأسيسها ظلت الجماعة تسعى جاهدة لنشر الإسلام بالمحطات الإذاعية، فهناك محطة إذاعة في بوركينافاسو يستفيد من برامجها آلاف السعداء إذ لا يستطيع كل فرد أن يشتري جهاز الاستقبال والصحن الفضائي لمتابعة برامج الفضائية الإسلامية الأحمدية. وعلاوة على ذلك، تبث برامجنا عبر الإذاعة الوطنية في بعض البلاد منها النرويج، بالإضافة إلى إذاعة محلية في لندن تذيع بعـض البرامـج عـلى موجات (F M).

المؤتمرات والاجتـماعات

إذا كان أعداء الإسلام يحاولون تشويه سمعة الإسلام والتشكيك في تعاليمه الناصعة ليل نهار، فإن الجماعة الإسلامية الأحمدية تسعى جاهدة لنفض هذا الغبار عن صورة الإسلام الغراء. فهي تخصص أيامًا للدعوة والتبليغ على مدار السنة في شتى البلاد حيث تُوزَّع النشرات حول التعريف بالإسلام ومبادئه العظيمة وتعاليمه السامية والرد على تساؤلاتٍ ومطاعن تثار ضده عادة. كما تقام مؤتمرات لبيان محاسن الإسلام وتعاليمِه العظيمة الخالدة، وتُعقَد ندوات دينية للرد على الأسئلة. ومنها مؤتمر السلام السنوي الذي يعقد في لندن منذ بضع سنين حيث يلقي حضرة  أمير المؤمنين مرزا مسرور أحمد – أيده الله بنصره العزيز – خطابا يبين  فيه بهاء وجلاء تعاليم الإسلام عن الأمن والسلام أمام كبار المسئولين من القطاعات العامة والخاصة المختلفة من رجال الأعمال والأطباء والأساتذة والمثقفين والأكاديميين والسياسيين.

الجلسات السنويـة

تعقد الجماعة الإسلامية الأحمدية اجتماعات سنوية في مختلف بلدان العالم، ويسمى هذا الاجتماع الجلسة السنوية، وقد بدأ عقدها سيدُنا المسيح الموعود في سنة 1891. ومن أهداف هذه الجلسات نشر رسالة الإسلام ونشر تعاليمه النقية من الشوائب. تدعو إليها الجماعة الضيوف من خارج الجماعة ليروا بأم أعينهم جوَّ الأخوة الإسلامية والتعاون فيما بين أفراد الجماعة وتعاملهم مع الضيوف بدافع الخدمة والعواطف الصادقة، فلا يجدون بدًّا من التفكير في الإسلام. تنعقد هذه الجلسات في العالم كله وتبُثّ الفضائية الإسلامية الأحمدية مباشرة أحداث كل جلسة سنوية يشارك فيها خليفة المسيح حيثما كانت وتنقل إلى العالم كله. ففي سنة اليوبيل للخلافة بُثت الجلسة السنوية من غانا ونيجيريا وبنين وكندا وأمريكا وألمانيا وهولندا، بالإضافة إلى الاحتفال الذي عقد في السابع والعشرين من أيار/مايو 2008 في إيكسل سنتر بلندن، والتي شارك فيها أربعون ألف أحمدي.

المَعـارض

كما تقام شتى المعارض بمناسبات مختلفة، كالمعرض الذي يقام في أيام الجلسة السنوية للجماعة حيث تُعرض وتباع فيه كتب الجماعة وشتى منشوراتها وترجمات القرآن الكريم، بالإضافة إلى الصور التاريخية والأشرطة والأقراص المدمجة للأسئلة والأجوبة والقصائد.

كما تشترك الجماعة بكتبها في المعارض العالمية. ولا يغيبن عن البال أن كثيرا من المنصفين المتخلين عن التعصب يُبدون إعجابهم الكبير بأفكار الجماعة ويصرّحون أنهم تعرفوا إلى الإسلام الصحيح من خلال اطلاعهم على هذه المعارض، وقد زالت شبهاتهم وشكوكهم الكثيرة عن الإسلام بعد التحاور مع المشرفين على هذه المعارض، وأنهم عرفوا أن الإسلام يحارب كل أنواع الإرهاب والعنف وأنه بريء من تهمة الجبر والإكراه.

تجدر الإشارة هنا إلى أن الجماعة الإسلامية الأحمدية تسعى جاهدة لكي  توْدع المكتبات الكبيرة والمشهورة في بلدان مختلفة نُسَخَ ترجمات معاني القرآن الكريم بلغات عالمية مختلفة، آملة أن تكون سـببا لهدايـة الكثـيرين وإطلاعـهم على تعاليـم القرآن الكريم ومحاسن الإسـلام.

المطابـع

لقد اهتم المسيح الموعود منذ تأسيس الجماعة بإنشاء مطبعة خاصة بالجماعة لنشر الكتب وغيرها من المطبوعات. وهناك الآن بفضل الله مطابع عديدة للجماعة في قاديان وربوة إلى جانب مطبعة مركزية للجماعة في “إسلام آباد” المملكة المتحدة باسم مطبعة “الرقيم”، حيث أنشئت في عام 1988. ولسد احتياجات الطباعة والنشر محليا توجد مطابع عديدة تابعة لمطبعة “الرقيم” المركزية في عديد من الدول الإفريقية مثل غانا، نيجيريا، سيراليون، بوركينافاسو، ساحـل العاج، غامبيا، تنـزانيا وكينيا، وهي مزودة بأجـهزة حـديثة متـطورة.

 جولات الخلفاء

والخلفاء الكرام يقومون بجولات لبلاد مختلفة بين حين وآخر، فمثلا قد زار الخليفة الخامس -نصره الله- في السنوات الخمس الماضية 25 بلدًا، وقد زار بعضها أكثر من مرة. إن من أهم أهداف هذه الجولات التخطيط لنشر الإسلام بعد دراسة الأوضاع عن كثب والبحث عن وسائل ممكنة لذلك، واللقاء مع الشخصيات البارزة والمسؤولين الحكوميين في تلك البلاد. كما يتم اللقاء هناك مع الصحفيين مما يهيئ فرصة ذهبية للرد على ما يُنشر ويقال ضد الإسلام وتصحيح المفاهيم الخاطئة المنسوبة إليه وتبيين وجهة نظر سليمة مستقاة من صميم تعاليم الإسلام.

كما تهيئ هذه الجولات فرصة لقاء الخليفة بأبناء الجماعة الذين يحنّون شوقًا للقائه بل يحلمون به، حيث من المستحيل أن يتمكنوا جميعا من زيارته، مما يساعد الخليفة على معرفة أحوالهم عن قرب، ومن ثم القيام بما يلزم تجاههم من تربية وتوعية ومساعدة.

المدارس والمستشفـيات

من أهم أهداف التعليم الإسلامي خدمة الإنسانية وإعانة المحتاجين والمعوزين، وعليه فإن الجماعة تقوم بإنشاء المدارس والمشافي والعيادات في الدول الفقيرة ومعظمها في أفريقيا، فهي مؤسسات إنسانية اجتماعية غير تبشيرية، لكن الذين يتعلمون فيها مجانا أو يتلقون العلاج المجاني أو يتعلمون مهنة معينة ثم يمارسونها ويكسبون لقمة العيش، فلا بد أن يفكروا في هذه الجماعة وما تنشره من تعاليم إسلامية خالصة، وبالتالي ينجذبون إلى الإسلام وينضمون إلى صفوفه.

المكاتب الخاصة بشعوب معيـنة

لتسهيل شؤون التبليغ ونشر الإسلام في شعوب وبلدان معينة وإنشاء الروابط بأهلها وحل مشاكلهم وتزويدهم بالكتب بلغاتهم، قد فتح سيدنا الخليفة الرابع -رحمه الله- بعض المكاتب الخاصة، مثل المكتب العربي الذي يهتم بشؤون العرب، والمكتب الفرنسي وهو مسؤول عن شؤون الناطقين بالفرنسية حيثما كانوا، والمكتب البنغالي الذي يهتم بشؤون البنغاليين، والمكتب الصيني الذي يُعنى بحاجات الصينيين. وعلاوة على ذلك فهـناك المكتب التركي، والمكتب الروسي، والمكتب الهندي أيضا.

الجامعات الإسلامية الأحمدية (معاهد تأهيل الدعاة)

في عام 1905 نصح المسيح الموعود أبناءَ الجماعة بإعداد العلماء والوعاظ. وتحقيقًا لهذا الهدف أُضيف صف التعليم الديني في “مدرسة تعليم الإسلام” سنة 1906. ثم حوَّل الخليفة الأول مولانا نور الدين هذا الصف إلى مدرسة مستقلّة باسم “المدرسة الأحمدية” لتظل هذه المدرسة الأحمدية ذكرى خالدة للمسيح الموعود . ثم حوَّلها الخليفة الثاني إلى معهد باسم “الجامعة الإسلامية الأحمدية” في أيار/مايو 1928، وانتقلت بعد انقسام الهند إلى لاهور في باكستان، ثم إلى “شنيوت”، ثم إلى “أحمد نغر”، وأخيرا إلى ربوة بشكل دائم. وهذه الغرسة التي غرسها المسيح الموعود أصبحت الآن دوحةً عظيمةً انتشرت فروعها في 13 بلدًا في شتى أنحاء العالم، وستظل تنتشر على الدوام بإذن الله تعالى.

كان يفد إلى الجامعة الإسلامية الأحمدية في قاديان ثم في ربوة كثير من الطلاب من شتى بلدان العالم، ولكن الدكتاتور الباكستاني ضياء الحق فرض الحظر على مجيئهم وتسجيلهم في الجامعة، فمكَّن الله الجماعة من فتح فروع لها في العالم، حيث أقام الخليفة الثالث -رحمه الله- فروعًا لها في إندونيسيا وغانا ونيجيريا. ثم في عهد الخليفة الرابع -رحمه الله- أقيمت لها فروع في تنـزانيا وكينيا وبنغلاديش وكندا. وفي عهد الخليفة الخامس -نصره الله – أقيمت فروع لها في بريطانيا وسيراليون وسريلانكا وألمانيا.

والمتخرجون في هذا المعهد هم ممن نذروا حياتهم لخدمة الإسلام، فيوفَدون إلى مختلف بلاد العالم لنشر دعوة الإسلام وتعاليمه السمحاء ورفع راية سيدنا محمد المصطفى في جميع أنحاء المعمورة.

مشـروع “وقـف نـو” (نذر الأولاد قبل الولادة)

عند اقتراب القرن الأول على تأسيس الجماعة، أدرك الخليفة الرابع -رحمه الله – أن الجماعة ستحتاج إلى عشرات الآلاف من خدام الإسلام من دعاة وأطباء وعلماء ومعلمين ومحامين ومهندسين ومعماريين وصحفيين واقتصاديين ومترجمين وما إلى ذلك، فأعلن في خطبة الجمعة في 3 أبريل/ نيسان 1987 عن مشروع سماه “وقف نو” أي “الوقف الجديد”، حيث دعا أبناء الجماعة لأن ينذروا في سبيل الله ما يولد لهم خلال السنتين القادمتين، وأوصاهم أن ينذروهم وهم في بطون أمهاتهم على شاكلة أم مريم، ثم يربّوهم منذ الصغر تربية إسلامية تؤهلهم لحمل المسؤوليات الجسيمة التي ستلقى على عواتقهم. وقال: إننا نهدف إلى أن يصل هذا العدد إلى خمسة آلاف طفل. فلبّى أبناء الجماعة نداء إمامهم وتسابقوا في تقديم أولادهم حتى بدأت الرسائل تصل إليه فور عودته من المسجد إلى البيت بعد الجمعة. وقال الكثيرون إنهم يريدون نذر أولادهم في سبيل الله تعالى، لكنهم لم يُرزقوا أي أولاد رغم مرور سنوات على الزواج، فادع لنا ربك أن يرزقنا أولادًا ننذرهم في سبيله تعالى، كما كتب إليه بعض الشباب أنهم ما زالوا عزابا، واستأذنوه في تقديم الأولاد عندما يتزوجون وينجبون. فقام حضرته -رحمه الله- بتمديد هذه الفترة إلى خمس سنوات. فزاد عدد الأولاد المنذورين إلى 15 ألفًا، ثم بعد انقضاء تلك الفترة جعله مشروعا دائما.

وهناك وكالة خاصة بهذا المشروع في مؤسسة التحريك الجديد تهتم بشؤون هؤلاء الأولاد الذين تجاوز عددهم 35 ألفًا ذكورًا وإناثًا حتى الآن. وقد بارك الله في هذا المشروع كثيرا حيث ظهرت الخوارق، فكثير من النساء اللاتي لم يكنّ ينجبن قد رزقهن الله الأولاد بعد أن قررن نذرهم في سبيل الله تعالى. وجدير بالملاحظة أن عدد الذكور يقارب ضعفي عدد الإناث على مستوى العالم كله فيمن نذرَهم آباؤهم.

وهؤلاء الجنود الروحانيون تقدّمهم الجماعة في سبيل الله لنشر دينه ورفع راية الإسلام خفاقة في العالم أجمع.

الوقف المؤقـت

وبالإضافة إلى هؤلاء الواقفين للحياة هناك من يقومون بالوقف لمدة معينة. وهؤلاء أيضا على نوعين: النوع الأول هو من الذين يقفون لأسبوعين على الأقل، فيذهبون على حسابهم الخاص إلى القرى والمدن التي لا يوجد فيها أي مبشِّر، فيقومون بالتبليغ وتربية أفراد الجماعة. أما النوع الثاني فهم الذين ينذرون أنفسهم لثلاث سنوات وهم من المتخصصين في مجال معيَّن عادة كالطب والتدريس، فيوفدون إلى البلاد الفقيرة ليخدموا هناك في مستشفيات ومدارس وعيادات ومراكز اكتساب الخبرات المهنية.

الوقف بعد التقـاعد

وهناك نوع ثالث للواقفين وهم الذين يقفون حياتهم لخدمة الإسلام بعد التقاعد، فتستعين بهم الجماعة في مجالات عمـلهم.

نظام التبرعات

لا بد من النظام المالي القوي لنجاح المشاريع والخطط الدعويّة على ما يرام. والجماعة الإسلامية الأحمدية تعتمد في مواردها المالية على ما يقدمه أفرادها فقط، ولا تقبل الدعم المالي من أية حكومة أو مؤسسة. فنتيجة لتربية المسيح الموعود وخلفائه يلتزم كل فرد من هذه الجماعة المباركة – إلى جانب أداء الزكاة – بتقديم 6.25% من دخله الشهري على الأقل في سبيل إعلاء كلمة الإسلام. ويتبرع كثير من الأعضاء، رجالاً ونساءً، بأكثر من هذا القدر بموجب “نظام الوصية”، الذي يقدّم فيه الموصي تضحية لا تقل عن عُشر ماله وعقاره، وقد تزيد أحيانا لتصل الثلث. ونظام الوصية هو النظام العظيم الذي أسسه المسيح الموعود في عام 1905م والذي على أثره نشر كتيّبَ “الوصيَّة”، فكتب فيه أن الله أراه في المنام قطعة أرضية وقال له عنها إن هذه مقبرة المخلصين من جماعتك.

تحقيق الوحدة والتآلف.. أهم إنجاز للجماعة

إن الإسلام يهدف إلى خلق مجتمع يفيض بمشاعر التآخي والتحابّ والتراحم والتلاحم. وإن مثل هذا المجتمع المثالي – بحد ذاته – آية على صدق هذه التعاليم التي يتبعها، بل هو ثمرة طيّبة لها.

وإن أهم ما أنجزته الجماعة الإسلامية الأحمدية هو تحقيق الوحدة والتآلف بين أفراد الجماعة رغم انتمائهم إلى ألسنة مختلفة، ودول مختلفة، وثقافات مختلفة، وتحوّلهم من ديانات مختلفة، ولكنهم اتحدوا جميعا على كلمة واحدة، وتحت قيادة واحدة، لأنهم اعتصموا بحبل الله جميعا ولم يتفرقوا، فألّف الله بين قلوبهم، ووحّد كلمتهم، وجمع شملهم؛ وهو الأمر الذي تقف الأمة الإسلامية كلها اليوم في أشد الحاجة إليه.

حماية مصالح المسلمين وتوجيههم في الأزمات

كان ولا يزال الخلفاء الكرام يقومون بحماية مصالح الأمة الإسلامية، وتوجيههم في الأزمات السياسية. فمثلاً قامت في الهند في عام 1912 حركة هندوسية متطرفة باسم (شدهي) بهدف استعادة من أسلم من الهنادكة، وبالفعل تمكنوا من تضليل ستة ملايين منهم، وعندما استفحلت هذه الفتنة في عام 1923 تصدى لها الخليفة الثاني ، وجمع حوله المخلصين من جماعته من كل المجالات: علماء، وأطباء، وتجار ورجال القانون وغيرهم، وخاض بهم معركة باسلة ضد الهندوس المتطرفين. وكان سلاحهم فيها القرآن والسنة والدعاء إلى الله. فهزموهم بإذن الله، وتمكنوا من إعادة المرتدين وإنقاذهم من براثن الهندوسية، حتى قالت جريدة “مشرق” الناطقة باسم المسلمين والصادرة في “غورخبور” في عددها 15مارس 1923:

“لقد أوقعت الجماعة الأحمدية ضربة قاسية على أفكار الآريا (الهندوس) على وجه الخصوص. وروحُ الفداء والحماسُ الشديدان اللذان تتحلى بهما الجماعة الأحمدية في سبيل التبشير والنشر لا يُلاحَظان في فِرق أخرى في الزمن الحالي.”

هذا إلى جانب ما قام به الخليفة الثاني من جهود جبارة لتحرير كشمير، حتى اختير رئيسا للجنة كشمير من قبل كبار زعماء المسلمين الهنود بما فيهم الدكتور محمد إقبال. ولولا اندساس الأحراريين وإفسادهم لَكُلِّلتْ جهود اللجنة بالنجاح التام.

كما كان للخليفة الثاني دور كبير في دعم حزب رابطة المسلمين (مسلم ليغ)، وهو حزب المسلمين الداعي لتأسيس باكستان. وحين هاجر محمد علي جناح إلى إنجلترا بعد أن يئس من أوضاع المسلمين الصعبة في الهند، أرسل إليه الخليفةُ الثاني إمامَ مسجد “الفضل” بلندن، وأقنعه بالعودة إلى الهند لقيادة المسلمين، فرجع وأسس باكستان بمساعدة كبيرة من قِبل الخليفة الثاني وجماعته.

وبعد انقسام الهند قام حضرته بتشكيل كتيبة تضم أبناء الجماعة باسم “الفرقان” لمحاربة عدوان الهند في كشمير، وسلّم الكتيبة إلى قيادة الجيش الباكستاني.

زار حضرته فلسطين سنة 1924 واستطلع أوضاع أهلها عن كثب، وقام بتوجيه الفلسطينيين بعدم بيع أراضيهم لليهود. وبيَّن للزعماء العرب أن طرد اليهود من أراضيهم ليس بالأمر الهين كما كانوا يتصورون.

وبعد قرار تقسيم فلسطين من قبل الأمم المتحدة نصح حضرته العرب أن لا يثقوا بروسيا أيضًا في قضية فلسطين، فالكفر ملة واحدة، ولن تنفعهم روسيا ولا غيرها من دول الكفر التي تآمرت لزرع الصهيونية في فلسطين.

أما ابن الأحمدية السيد محمد ظفر الله خان – وهو أول ممثل لباكستان في الأمم المتحدة – فدافع عن قضية فلسطين هناك، حيث هاجم بشدة قرار التقسيم. ثم قدّم نصائح للعرب بشأن قضية فلسطين قبل ضياعها، حتى سماه العرب في ذلك الوقت: “ظفر الله خان بطل قضية فلسطين”.

أما الخليفة الرابع -رحمه الله- فقد أكثَرَ من النصائح للعرب عند كارثة الخليج، وظلّ يلقي الخطب ينصحهم فيها لحل مشاكلهم داخليا وعدم الاستعانة بالأجنبي، وقد جمعت خطبه في كتاب بعنوان: “كارثة الخليج”.

Share via
تابعونا على الفايس بوك