صحابيان من صلحاء العرب

صحابيان من صلحاء العرب

نصير أحمد قمر

حسب وعد الله تعالى لسيدنا أحمد :

«يصلون عليك صلحاء العرب وأبدال الشام»

أعطاه الله أصحابًا صلحاء وأبدالاً من العرب. نقدم في هذه العجالة اثنين من هؤلاء السعداء.

العالم التقي محمد سعيد الشامي

هو أول من تشرف من صلحاء العرب بتصديق الإمام المهدي والمسيح الموعود . وكما هو ظاهر من اسمه هو من سوريا، من مدينة طرابلس. زار حضرتَه في قادیان، وآمن به، ومكث لمدةٍ بصحبته. وعندما أراد السفر إلى وطنه في سنة 1894م أراد حضرته إرسال بعض كتبه معه. فدعا أتباعه لإمداده بالمال حتى يتيسر له السفر بسهولة، وكتب عن هذا الأمر، وذكر صفات هذا البدل من أبدال الشام بالتفصيل في كتابه (نور الحق)، فقال:

«… فلمّا زُلزلت أرض الهند كلها، وأحسستُ من العلماء البخل والحسد، وضعتُ في نفسي أن أُعرض عنهم فارًّا إلى مكة، وأن أتوجّه إلى صُلحاء العرب ونخباء أُمِّ القُرى الذين خُلقوا من طينة الحرية، وتفوّقوا دَرَّ الأهلية، فألقى الله في قلبي عند مسّ هذه الحاجة أن أؤلّف كتبا في لسان عربي مبين. فألّفتُ بفضل الله ورحمته وتوفيقه كتابا اسمه التبليغ(1)، ثم كتابا آخر اسمه التحفة(2)، ثم كتابا آخر اسمه كرامات الصادقين(3)، ثم ألّفتُ بعدها حمامة البشرى(4)، فيه بشرى للذين يطلبون الحق وتفصيل كلُّ ما قلنا من قبل…

وما ألّفتُ هذه الكتب إلا لأكباد أرض العرب، وكان أعظم مراداتي أن تشيع كتبي في تلك الأماكن المقدسة والبلاد المباركة، فرأيت أن شيوع الكتب في تلك البلاد فرعٌ لوجود رجل صالح يُشيعها، وأيقنت أن شهرة كتبي وانتشارها في صلحاء العرب أمر مستحيل من غير أن يجعل الله من لدنه ناصرا منهم ومن إخوانهم. فكنت أرفع أكُفَّ الضراعة والابتهال لتحصيل هذه المـُنْية، وتحقيق هذه البُغْية، حتى أُجيبتْ دعوتي، وأُعطيتْ لي بُغْيتي (تفوقوا در الأهلية: شربوا لبنها).

وقاد إليَّ فضل الله رجلا ذا علم وفهم ومناسبة ومن علماء العرب ومن الصالحين. ووجدته طيّب الأعراق كريم الأخلاق، مطهّر الفطرة لَوْذَعِيًّا ألْمَعِيًّا ومن المتقين. فابتهجتُ بلقائه الذي كان مرادي ومدعائي، وحسبتُه باكورةَ دعائي، وتفاءلت به بخير يأتي وفضل يحمي، وازدهاني الفرح وصرت يومئذ من المستبشرين، فهنّيتُ نفسي هنالك وشكرتُ الله وقلتُ الحمد لك يا رب العالمين..

وتفصيل ذلك أن شابًّا صالحا وَسِمًا جاءني من بلاد الشام، أعني من طرابلس، وقاده الحكيم العليم إليَّ ولبث عندي إلى سبعة أشهر، أعني إلى هذا الوقت، فتوسّمتُ فيه الخير والرشد، ووجدت في مِيْسَمه أنوار الصلاح، ورأيت فيه سِمة الصالحين. ثم أمعنتُ في حاله وقاله وتفحصت مِن ظاهره وباطن أحواله بنور أُعطيَ لي وإلهام قُذف في قلبي، فآنستُ حسن تقاته ورزانة حصاته، ووجدتُه رجلا صالحا تقيّا راكلا على جذبات النفس وطارِدَها ومن المرتاضين. ثم أعطاه الله حظًّا من معرفتي فدخل في المبايعين. وقد انفتح عليه باب عجيب من معارفنا وألّف كتابا وسمّاه: “إيقاظ الناس”، وهو دليل واضح على سعة عمله، وحجة منيرة على إصابة رأيه، ويكفي لكل مُمار في مضمار.

ولما فرغ من تأليف كتابه حمله إخلاصه على أن يكون مُبلِّغَ معارفنا إلى علماء وطنه، ويخبر فيهم عن أخبارنا، ويكون مناديا ويطلق نداءً في كل ناحية، ويُشيع الكتب ليتضح الأمر على أهل تلك البلاد، وهذا هو المراد الذي كنا ندعو له في الليل والنهار. وأرى أنه رجل صادق القول والوعد، يتّقي الفضول في الكلام، ولا يرتع اللسان في كل مرتع بإطلاق الزمام. ولقد أدخل الله حُبَّنا في قلبه، فيحبّنا ونحبّه، وكلّ ما وعد هذا الرجل وتكلّمَ فأتيقّنُ أنه هو أهله، وسينجز كما وعد، وأرجو أن يجعله الله سببا لريع بذرنا، وسوغ حلبنا، وهو أحسن المسبّبين.

ورأيتُ أنه رجل مرتاض صابر لا يشكو ولا يفزع، ورأيت مرارا أنه يقنع على أدنى المأكولات والملبوسات، ولو لم يكن لحاف فلا يطلبه، بل يدفع البرد من التضحي واصطلاء الجمر، ولا يسأل تعفّفًا. ووجدتُ فيه آثار الخشوع والحلم والإنابة ورقّة القلب، والله أعلم وهو حسيبه. وما قلت إلا ما رأيت.

واعلموا أيها الإخوان أن أمر إشاعة الكتب في ديار العرب وتبليغ معارف كتبنا إليهم ليس بشيء هيّن، بل أمر ذو بال لا يُتمّه إلا من هو أهله، فإن هذه المسائل الغامضة التي كُفِّرْنا وكُذِّبْنا لها لا شك أنها تصعُب على علماء العرب كما صعبتْ على علماء هذه الديار، لا سيما على أهل البوادي الذين لا يعلمون دقائق الحقيقة، ولا يتدبّرون حق التدبّر، أنظارهم سطحية وقلوبهم مستعجلة، إلا قليل منهم الذين أنار الله فطرتهم وهم من النادرين. فلأجل تلك المشكلات التي سمعتم.. اقتضت المصلحة الدينية أن نتخيّر لهذا الأمر عالِمًا مذكورا الذي اسمه محمد سعيدي النشار الحميدي الشامي. ولا شك أن وجوده لهذا المهمّ من المغتنمات، ومجيئه عندنا مِن فضل قاضي الحاجات، وهو خيرٌ قلبًا ونِعْمَ الرجل…

فلعل الله يصلح أمرنا على يديه، وهو بهذا التقريب يصل وطنه، وينجو من تكاليف السفر العنيف، ويتخلص من مفارقة الألف والأليف. وتُؤجرون عليه من الله الرحيم اللطيف. وما قلت إلا لله. وما أنا إلا ناصح أمين.

والذين يظنون أن أهل العرب لا يقبلون ولا يسمعون.. فليس عندنا جواب هذا الحمق.. من غير أن نحولق على قولهم، ونسترجع على فهمهم! ألا يعلمون أن العربيين سابقون في قبول الحق من الزمان القديم ، بل هم كالأصل في ذلك، وغيرهم أغصانهم. ثم نقول إن هذا فعل الله رحمةً منه. والعرب أحق وأولى وأقرب برحمته. وإني أجد ريح فضل الله. فلا تتكلموا بكلمات اليأس، ولا تكونوا من القانطين. ولا تظنوا ظن السوء، وإن بعض الظن إثم. فاتقوا الظنون الفاسدة التي تتزعج منها أرض إيمان الظانين، وتتزعج النية الصالحة، وتكثر وساوس الشياطين. وقوموا متوكلين على الله، وقدموا من خير ما استطعتم، وأعدوا الأخيكم من زاد يكفيه لسفره البحري والبري. وكان الله معكم ووفقكم وهو خير الموفّقين».

(الخزائن الروحانية، ج ۸، نور الحق، ص: 19 إلى ۲۹)

وكتب حضرة محمد الشامي مقرظًا على كتاب سیدنا أحمد عليه السلام (کرامات الصادقين)، وقال:

“الحمد لله الذي أطلعَ شموسَ الهداية في قلوب أهل العرفان، وأطمعَ نفوس أهل الغواية في ورود منهل الغفران، وأنبعَ ينابيع المكارم ليَرِدَ على زلالها كلُّ ظمآن، ورفَع منابر التقديس والتحميد وخفَض أعلام البهتان. والصلاة والسلام على سيد وُلدِ عدنان، سيدِنا ونبينا محمدٍ الذي أتى بالبيان، وعلى آله وأصحابه وأزواجه في كل وقت وأوان.

أما بعد.. فيقول أسيرُ ذنبه، وفقير عفو ربه المنّان، محمد الطرابلسي الشامي الشهير بحميدان، إنني لما دخلتُ الهند وبلدة قاديان، واجتمعتُ بحَبْرها بل وحَبْرِ جميع البلدان، مولانا وسيدنا الشيخ ميرزا غلام أحمد صاحِب الوقت ومسيح الزمان، واطلعتُ على هذا الكتاب.. فإذا كتاب إذا ما لمحتُه استملحتُه، وإني أراه قد انتضى الحججَ، لإزعاج المخالفين وإفحام المخاصمين ذوي العِوَج، أعطى كلَّ ذي سهم سهمه، وما أخطأ سهمه. يدعو الضالين إلى الصلاح، وما يدَع نُكتةً من لوازم الفلاح، وجَب على المسلمين إطاعة أمره، وقد أُشرِبَ قلبي أنه من الصادقين، والله حسيب، وهو يعلم سر الناس وجهرهم، ويعلم ما في السماوات والأرضين، وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين”. .

(الخزائن الروحانية ج ۷، کرامات الصادقين، ص 159).

وذكر رؤيا له غريبة قائلاً:

اعلموا أني قمتُ في عجز الليل على العادة لصلاة الفجر، ثم بعد أدائها غلبتْني عيني بالنوم، فرأيتُ كأن مرشدنا -رحمه الله تعالى- قد صنع طعامًا كثيرا فاخرا، ودعا إليه جمًّا غفيرا من الخَلق، من بلاد مختلفة عربًا وعجمًا، ثم بسَط سُفَرًا وموائدَ عديدة، وجلس عليها أولئك القوم.. عشرة عشرة.. وأنا معهم في أُخراهم، فأكلوا وقاموا وبقيتُ منفردا. فداخلَني الخجلُ وقمتُ غيرَ شبِعٍ. فنظرتُ عن يميني مكانا مملوءًا من المَرَق، فصرتُ أغُبُّ منه حتى اكتفيت. ثم انتهيت وانتهى الناس إلى مكان المذكورِ، وقد فُرِش بأنواع الفُرُش النفيسة، فجلسوا بحسب مراتبهم، وفيهم العلماء والأمراء وغيرهم. فقام رجل منهم يعِظ الناس على طريقة الفقهاء الحنفية، وكأنه نسب قولا إلى الأولياء.. فقال أحد أهل المحفل: “لعَن الله آباء الأولياء إن كانوا يقولون بهذا”. فقلت: لا.. بل أباك، لم تكذّب أولياء الله. وجرى ذكرُ الإمام الجوهري فسَبَّه رجلٌ منهم، فغضبتُ عليه وقلت: أتشتم إمام الدنيا في اللغات العربية ولا تخاف من الله تعالى؟” ورأيت كأنّ المذكورَ – أيده الله تعالى – قد أخذ بيدي، وسلِك بي منفردا طريقا مستقيما محفوفا بالأزهار والأشجار، وقال لي: إني قد أردتُ الإقامةَ إما في الشام أو في أمرتسر، فما رأيك في هذا؟ فقلت له: إن رأيي أن تقيم في الشام، فإنها أرض الله ومَعقِل المسلمين، وبها تتأهل وتبني لك بيتًا، وتتخذ بستانًا وأرضًا، وإن أقمتَ معي في مكاني حيث ذكرتُ لك فإنه أحسن، وأتكفّل لك بجميع ذلك. فقال لي: إن شاء الله أفعل ما أشرتَ به. ورأيت كأن قد جيء برجُلٍ مديد القامة، أصهَبِ الوجه واللحية، في ثياب رثّة وهيئة قبيحة كأنه يراد قتله. ثم هببتُ مِن رقدتي متعجبا من ذلك، وأظنه خيرا وإقبالا للمذكور وأمنًا له من نوائب الزمان. هذا ما رأيته وعبّرته، والله أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب”.

(الخزائن الروحانية ج ۷، کرامات الصادقين ، ص 160).

كان حضرة محمد سعيد الشامي شاعرًا مجيدًا وكاتبًا مبدعًا. رحمه الله ورضي عنه وأرضاه في أعلى عليين.

 

حضرة محمد بن أحمد المكّيّ رضي الله عنه

كان حضرته من مكة المكرمة. جاء إلى الهند سائحًا. وسمع خبر سیدنا .. فجاء قادیان، وتشرف بتصديقه وبيعته. وبعد أن مكث لفترة في قادیان رجع إلى مكة. وكتب إلى سيده خطابًا يذكر فيه أحواله في ۲۰ محرم ۱۳۱۱ ه، الموافق 4 أغسطس ۱۸۹۳م. وطلب إلى حضرته إرسال كتبه العربية. فألف حضرته كتابه الشهير (حمامة البشرى). وفيما يلي نص خطابه إلى سيدنا أحمد ، ومقتبس مما کتب إليه:

بسم الله الرحمن الرحيم

نحمده ونصلي على رسوله الكريم

سلام الله تعالى ورحمته وبركاته، وأزکی تحيته على حضرة جناب مولانا وهادينا، ومسیح زماننا غلام أحمد.. كان الله تعالى في عونه. آمین یا رب العالمين.

أما بعد، أعرفكم أني وصلت مكة بخير وعافية. وكلما جلست في مجلس أذكركم وأذكر قولكم، وجميع الذي ادعيتموه من الآيات والأحاديث. فصار الناس يتعجبون.. والبعض منهم يصدقون، ويقولون: اللهم أرنا وجهه في خير.

ولما فرغنا من شهر الحج وهلَّ علينا شهر عاشوراء، مررت يومًا من الأيام على واحد من أصحابنا اسمه علي طايع. فجلست عنده، فسألني عن الهند وعن السفر وأحواله. فأخبرته بالذي حصل، وأخبرته عن دعواكم، وفهمته على أحسن ما يكون. ففرح بذلك. وقلت له: هو رجل حلیم عظيم.. إذا رآه المؤمن يصدق به. فالكلمات التي فهمتها إياه طفق يذكرها عند كل أحد من الناس. وقال لي: متى يجيء إلى مكة؟ قلت له: إذا أراد الله سبحانه وتعالى يجيء إلى مكة.. شرفها الله تعالى عن قريب. والآن ألَّف كتبًا عربية في إثبات دعواه يريد أن يرسلها إن شاء الله تعالى. هذا ما قلت لعليّ طائع.

ثم لما أردت إرسال هذا الكتاب، قلت له: أنا أريد أن أرسل لمولانا کتابًا. فقال لي: قل له في الكتاب يعجل بإرسال الكتب التي ألفها، ويعجل بالمجيء بنفسه إلى مكة. فقلت له: حتى يأذن الله. وقلت له: لولا مخافة الفتن ما تركت الكتب التي ألفها مولانا وجئت بها. فقال لي: لم خفت، لو جئت بها لكان خيرًا. ثم قال لي: اكتب لمولانا يرسل الكتب على اسمي. وأنا أقسمها وأطلع عليها شريف مكة والعلماء وجميع الناس، ولا أبالي من أحد. وقال: أنا أعرف أن المؤمن إذا سمع ذكر هذا الرجل يفرح، والمنافق يغضب.

وهذا الرجل المذكور الذي اسمه علي طائع.. ساكن في شعب عامر. وهو رجل طيب من الأغنياء، وصاحب بيوت وأملاك وتاجر عظيم. فأنتم أرسلوا الكتب باسمه، وبهذا العنوان يصل إن شاء الله تعالى إلى مكة المشرفة، ويسلم بيد علي طائع.. تاجر الحشيش في حارة الشعب يعني شعب عامر.

وسلم منا على مولانا نور الدين، وعلى مولانا السيد حکيم حسام الدين. وسلم منا على كافة إخواننا، كل واحد منهم باسمه صغيرهم وكبيرهم، وخصوصًا فضل الدين وولد أخته مولانا عبد الكريم. وأنا لهم من الداعين في بيت الله الحرام. وخص نفسك بألف سلام.

الراقم بذلك أحقر عباد الله الصمد محمد بن أحمد ساکن شعب عامر، ۲۰ عاشورا سنة ۱۳۱۱ ه.

جواب سيدنا أحمد عليه السلام

بسم الله الرحمن الرحيم

نحمده ونصلي على رسوله الكريم

  إلى المحب المخلص، حِبّي في الله محمد بن أحمد المکي، السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

أما بعد، فإنه قد وصلني مكتوبك، وقرأته من أوله إلى آخره. وسرني كلما ذكرته في مكتوبك. وشكرت الله على أنك وصلت وطنك وبيتك بالخير والعافية، ولقيت الأحباب وعشيرتك الأقربين.

وأما ما ذكرت طرفًا من حسن أخلاق السيد الجليل عليّ طائع وسيرته الحميدة وآثاره الجميلة، ومودته وحسن توجهه عند سماع حالاتي، ومن أنه سُرّ بذلك، فأنا أشكرك على هذا، وأشكر ذلك الشريف السعيد الرشيد، وأسأل الله لك وله خيرًا وبركة وفضلاً ورحمة إلى يوم الدين.

وقد ألقي في قلبي أنه رجل طيب صالح، وعسى أن ينفعنا في أمرنا، ويكمل الله لنا بعض شأننا بتوجهه وحسن إرادته وعلى يده. والله يدبر أمور دينه كيف يشاء، ويجعل من يشاء وسيلة لتكميل مهمات الإسلام، ويجعل من يشاء لدينه من الخادمين.

وفطنت بفراستي أن ذلك السعيد الذي ذكرتَ محامده في مكتوبك.. رجل شجاع في سبيل الله.. لا يخاف لومة لائم عند إظهار الحق وإشاعته وتأييده وتشييده. وقد جمع الله فيه سِيرًا محمودة وأخلاقا فاضلة مع الفتوة والشجاعة وانشراح الصدر وجود النفس والورع والتقوى، ومنَّ عليه بتوفيق الإخلاص والاجتهاد في سبيل الله. كما منّ عليه بإعطاء الثروة والغناء وجعله في الدنيا والآخرة من المنعمين…

وكنت أريد أن ارسل إليكم تلك الرسائل، ولكنني سمعت أن بعض عملة السلطان يفتشون في الطريق ويقرأون الكتب، ويحرقونها بأدنى ظن. فأيها الأعزة، أنبئوني كيف أرسل، وبأي تدبير تصل إليكم. وأنا أجتهد في مكاني لهذا المقصد وأشاور المجربين.

وإني معكم، يا نجباء العرب، بالقلب والروح، وإن ريب بشرني في العرب، وألهمني أن أمونهم وأريهم طريقهم، وأصلح لهم شؤونهم. وستجدونني في هذا الأمر إن شاء الله من الفائزين.

أيها الأعزة، إن الله تبارك وتعالى قد تجلى عليّ لتأييد الإسلام وتجديده بأخص التجليات، ومنح عليَّ وابل البركات، وأنعم عاي بأنواع الإنعامات.. بشرني في وقت عبوس للإسلام وعيش بؤس لأمة خير الأنام.. بالتفضلات والفتوحات والتأييدات. فصبؤت إلى إشراككم يا معشر العرب، في هذه النعم. وكنت لهذا اليوم من المتشوفين. فهل ترغبون أن تلحقوا بي للّه رب العالمين؟”.

(الخزائن الروحانية ج7، حمامة البشرى ص 173 إلى 183).

Share via
تابعونا على الفايس بوك