خالدان من خوالد الأحمدية

خالدان من خوالد الأحمدية

الأستاذ عطاء المجيد راشد

مولانا جلال الدّين شمس

أحد (خوالد الأحمديّة) كما سمّاهم حضرة الخليفة الثّاني في خطابه بالاجتماع السّنوي للجماعة بربوة سنة 1956.. وهم الأستاذ جلال الدّين شمس، والأستاذ أبو العطاء الجالندهري، والأستاذ ملك عبد الرّحمن خادم، رحمهم الله تعالى.

وقد استحقّوا هذا الاسم العظيم لغزارة علمهم، وقدرتهم الفذّة على الحوار والدّعوة، وكتاباتهم وتصنيفاتهم العظيمة الباقية، وجهادهم المشكور في سبيل الله ورسوله ودينه، وأخلاقهم الإسلاميّة المثاليّة. مولانا جلال الدّين ولد عام 1901. أبوه من أصحاب المهدي والمسيح الموعود المرموقين، هو إمام الدّين السّيكواني. لاحظ حضرة المهدي والمسيح أنّه يشخص ببصره إلى أعلى، فتنبّأ له أنّه سيكون ذا شأن في خدمة الدّين، ومسح على رأسه مرارًا. وقد تحقّق النّبأ..فكان مولانا جلال الدّين عالمــًا ربّانيًّا، وشاعرًا مجيدًا، وخطيبًا مفوهًا، ومناظرًا لايُشقّ له غبار، وكاتبًا فذًّا.. صنّف أكثر من أربعين كتابًا باللّغات الأرديّة والعربيّة والإنجليزيّة، واشترك في مناظرات كتابيّة مع المشائخ والقسس ودعاة البهائيّة.

كان ذات مرّة يلقي محاضرة في دار الحكمة بمصر.. موضوعها (عصمة الأنبياء).. شهدها عدد من العلماء والمثقّفين والفضلاء. وفي وسط المحاضرة، لم يملك أحد علماء الأزهر نفسه من الإعجاب فوقف مقاطعًا: على رسلك أيّها الأستاذ. فتوقّف مولانا جلال الدّين عن الكلام ونظر مستفسرًا. وإذا بالرّجل يقول: إنّي أحسّ وكأنّ روح ابن عبّاس في مجلسنا هذا. وعبّر عن سعادته وإعجابه بما يسمع، وأنشد أبياتًا من الشّعر حول هذا المعنى.

مولانا جلال الدّين شمس هو أوّل مبعوث أحمدي للدّعوة الإسلاميّة في البلاد العربيّة. أرسله حضرة الخليفة الثّاني عام 1925 بعد أن لمس حضرته بنفسه مايشاع من أكاذيب ضدّ الأحمديّة في دمشق وبلاد العرب عامّة.

لقد كان حقّا كاسمه، فبجهاده أشرقت شمس الإسلام الصّحيح على بلادنا العربيّة، وتوطّد (جلال الدّين) في القلوب ورسخ. أنشأ جماعة الشّام في دمشق، وجماعة فلسطين في الكبابير وجماعة مصر في القاهرة. أسّس أوّل مسجد للجماعة ومدرسة لأطفال الأحمديّة بفلسطين عام 1930 كذلك.

وقف حياته لخدمة الإسلام في عام 1917، ودرس بالجامعة الأحمديّة بقاديان وكان من خريجي الدّفعة الأولى. قضى في بلاد العرب خمس سنوات ونصف، وزار مصر مرّتين عام 29 و 30. وأثناء جهاده في سوريا طعنه أحد المتعصّبين بالخنجر في دمشق محاولاً قتله، وعندما بلغ الخبر قاديان جمع حضرة الخليفة الثّاني أهلها في المسجد ودعوا له بالشّفاء، فنجّاه الله تعالى. عاد إلى قاديان من بلاد العرب عام 1931، وخلفه مولانا أبو العطاء الجالندهري. ثمّ أرسله أمير المؤمنين في سنة 1936 إلى لندن، فمكث فيها يبشّر بالإسلام 11 عامًا متواليًا، بعيدًا عن الأهل والأولاد. ورجع في سنة 1946.

شغل حضرته عدّة مناصب بارزة في الجماعة، كناظر التّصنيف والتّأليف، ومدير للشّركة الإسلاميّة، وناظر للإصلاح والإرشاد، وعضو في (صدر أنجمن أحمديّة) وهي الإدارة المركزيّة للجماعة.

وعندما مرض الخليفة الثّاني مرضه الأخير.. أناب مولانا لإمامة صلوات الجمعة وإلقاء الخطب. توفّي حضرته في ربوة أكتوبر 1966 بعد حياة حافلة بخدمة الدّين الحنيف. رحمه الله تعالى وجزاه أكرم الجزاء.

مولانا أبو العطاء الجالندهري (رحمه الله)

اسمه (الله دتّا) أي عطاء الله، وكنيته أبو العطاء لأنّه سمّى كلّ ولد من اولاده باسم عطاء. ولد في 14/4/1904 بقرية (كريها) بمحافظة جالندهر بالهند. والده حضرة ميان إمام الدّين من أكابر صحابة المهدي والمسيح الموعود . تخرّج في الجامعة الأحمديّة، وبدأ يخدم كمبلّغ عام 1927. وفي عام 1928 ألقى أوّل خطاب له في الاحتفال السّنوي للجماعة، واستمرّ في إلقاء الخطب كلّ عام إلى حين وفاته عام 1977.. فيما عدا السّنوات الّتي خدم فيها في البلاد العربيّة.

وصل إلى فلسطين عام 1931 ليأخذ مكان الأستاذ جلال الدّين شمس، وبقى في الدّيار العربيّة حتّى 1936. في هذه الفترة أكمل مسجد سيّدنا (محمود) هناك (بالكبابير، فلسطين). وهو الّذي أسّس مجلّة (البشارة الإسلاميّة الأحمديّة) لسان حال الجماعة في الدّيار العربيّة، وغيّر اسمها إلى (البشرى) فيما بعد.

قام حضرته بمناظرات مشهودة مع المشائخ والقساوسة ودعاة البهائيّة.. اشتهرت منها مباحثة في مصر مع بعض القسس المسيحيّين الكبار.

وبعد عودته للهند عمل أستاذًا ثمّ عميدًا للجامعة الأحمديّة عام 1944.كما تولّى مناصب عديدة أخرى منها ناظر ثان للإصلاح والارشاد، ورئاسة المجلس المشرف على نظام الوصيّة، وعضو بمجلس الإفتاء المركزي.

كان خطيبًا وكاتبًا ومناظرًا من الطّراز الأوّل. له أكثر من سبعين مناظرة كبيرة، وماينوف على أربعين مؤلّفاً، أشهرها كتابه الضّخم (تفهيمات ربّانيّة) الّذي يبحث في المسائل الجدليّة الخلافيّة بين الجماعة الإسلاميّة الأحمديّة وغيرها. ولقد أطلق اسم الكتاب مولانا الخليفة الثّاني . وله أيضًا القول المبين، ومقامات النّساء، والتّعليق على الحركة البهائيّة. ومن آثاره الخالدة أيضًا إنشاء مجلّة (الفرقان) الّتي كان يحرّرها ويصدرها بنفسه من قاديان ثمّ من ربوة لمدّة 27 عاما متواصلة إلى حين وفاته. وقد كانت مجلّة رفيعة المستوى.. لايكتب فيها إلّا كبار العلماء.

كان حضرته عضوًا في وفد الجماعة الإسلاميّة الأحمديّة برئاسة حضرة الخليفة الثّالث للدّفاع عن موقف الجماعة أمام  مجلس الشّعب أيّام فتنة عام 1974 بباكستان. حاز على لقب خالد الأحمديّة مع زملائه العظام الثّلاثة. توفّى حضرته سنة 1977. رحمه الله تعالى وأرضاه، وأجزل له الثّواب بقدر ما أثرى المكتبة الرّوحانيّة بالكثير.

مماثلة غريبة بين الخالدين:

1.أبواهما من أكابر وقدامى أصحاب المهدي والمسيح الموعود .

2.أبواهما يحملان اسم (إمام الدّين).

3.أمّ كلّ منهما اسمها عائشة بي بي.

4.زوجة كلّ منهما اسمها سعيدة بيجم.

5.خدم كلّ منهما في التّبليغ بالدّيار العربيّة.

6.برع كلاهما في الكتابة والخطابة والمناظرة، وكانا من العلماء الرّبّانيّين.

7.كلاهما درس في قاديان في فترة متقاربة.

8.كلاهما من التّلامذة الأفذاذ للعلّامة الصّحابي روشن علي .

9.وهب كلّ منهما من أبنائه لخدمة الإسلام.

10.ابناهما يتشرّفان بخدمة الإسلام اليوم بالمملكة المتّحدة.

Share via
تابعونا على الفايس بوك