بعض صحابة المسيح الموعود عليه السلام

بعض صحابة المسيح الموعود عليه السلام

منير أحمد جاويد

لقد أوحى الله تعالى للإمام المهدي والمسيح الموعود عليه الصلاة والسلام قائلا: “ينصرك رجال نوحي إليهم من السماء”.. أنجز الله وعده هذا وآتى المسيح الموعود أنصارا ملهمين كثيرين، لا نستطيع بالطبع ذكر كل هؤلاء ولكن نذكر منهم البعض.

 

حضرة مولانا عبد الكريم السيالكوتي رضي الله عنه

هو (زعيم المسلمين) كما سمَّاه الله تعالى في إلهام للإمام المهدي والمسيح الموعود .

كان أكبر أنصار حضرته بعد حضرة مولانا نور الدين (رضي الله عنهما). يقول سيدنا المسيح الموعود أنه عندما التقى بي كان من الدهريين، ورغم تصديقه لي كان يناقشني في مواضيع كثيرة.. مثل ولادة المسيح من غير أب. ولكن عندما وهبه الله تعالى المعرفة قال لي يوما: سيدي، اشهدوا أنني أتوب الآن من كل نقاش معكم، ولن تروا مني حتى الموت إلا الطاعة والاستسلام.

كان قارئا للقرآن عذب الصوت، وخطيبا تأخذ نبراته بمجامع القلوب. قرأ عددًا من مقالات الإمام المهدي على الملأ.. ولا سيما خطابه الجليل الشهير: فلسفة أصول الإسلام.. في مؤتمر الأديان بلاهور سنة 1896.. والذي لولاه للقي الإسلام في هذا المؤتمر هزيمة نكراء.. كما قال المسلمون من كل الطوائف بعد الخطاب.

وقد ذكر حضرته (عليه السلام) موقفه هذا قائلا:

ألا رُب يوم قد بَدَت فيه آيُنا

ولا سيما يوم علا فيه منطقي

.

إذا قام عبد الله كريمنا

وكان بحسن اللحن يتلو ويعبقِ

.

فكل من الحضّار عند بيانه

كمثل عُطاشى أهرعوا أو كأعشقِ

.

ومالت خواطرهم إليه لذاذةً

كمثل جياعٍ عند خبز مرقّقِ

.

فأَخرجَ حَيَواتِ العدا من جحورها

وأَنزلَ عصمًا من جبال التغّرق

.

وكانوا بهمسٍ يحمدون كأنه

حفيف طيور أو صداء التمطّق

(الخزائن الروحانية، ج 12، حجة الله، ص: 225)

ترجم عددًا من كتبه إلى الفارسية.

توفي في سنة 1905. وقبل وفاته أوحي إلى حضرة الإمام المهدي: “انكسرت دعامتان. إنا لله وإنا إليه راجعون”. وكانت هاتان الدعامتان هما المولوي عبد الكريم والمولوي برهان الدين الجهلمي (رضي الله تعالى عنهما). ابتهل سيدنا أحمد (عليه السلام) بحرارة شديدة أمام الله لشفائه، وبذل كل مجهود في علاجه. وعندما توفي قال حضرته فيه: “كان مخلصا جدا. لقد أخبرني الله وطمأنني قبل وفاته وقال لي: إنه على وشك الرحيل عنا. لقد دعوت له كثيرا، واستشفعت عند الله بأنه صديقي”.

وقال أيضا:

“كان من أصحاب الصفَّة. كان قد ذاب وانمحى في حبي. كان يقول: حرام عليَّ حديث أو خطاب ليس فيه ذكر الإمام المهدي والمسيح الموعود”.

حضرة العلامة المولوي شير علي

مفسر القرآن المجيد باللغة الإنكليزية

كان حضرته من أسرة ثرية. آمن بسيدنا (أحمد) المهدي والمسيح الموعود عليه الصلاة والسلام في عنفوان شبابه، وآثره على أهله والدنيا وأهلها، وهاجر إلى قاديان، واختار سُدَّة سيده العلية، ودخل في المخلصين في حبه وزمرة السالكين.

اختاره عليه السلام رئيسا لمدرسة (تعليم الإسلام)، ثم عميدا (لكلية تعليم الإسلام). ثم نقله إلى إدارة مجلة الأديان (رِيفيو أُف ريجلنز الإنكليزية) التي أنشأها عليه السلام في سنة 1902. وكانت ولا تزال تترجم رسالته إلى اللغة الإنكليزية وتنشرها في أوروبا وأمريكا. وظل حضرته يؤدي هذه الخدمة الجليلة عدة سنين.

ولما استخلف مولانا أمير المؤمنين مرزا بشير الدين محمد أحمد انتدبه لتفسير القرآن باللغة الإنكليزية في 1917م، وذلك لكونه من المطهَّرين، ومن جهابذة اللغة الإنكليزية، وأيضا بناءً على كشف من كشوف المهدي والمسيح الموعود . فانهمك حضرته في هذه الخدمة الجليلة، ودأب في تفسير القرآن المجيد بكل شوق وجدٍّ لا يفرق بين الليل والنهار، حتى أتم هذه الخدمة الجليلة الخالدة في تاريخ الإسلام إلى يوم القيامة في 1936م. فأوفده أمير المؤمنين إلى (لندن) ليراجع هناك هذا التفسير مع علماء اللغة الإنكليزية من أبنائها. فمكث هنالك ثلاث سنوات تقريبا.

وشير علي نفسه كان رجلا شرقيا، زاهدا، عابدا، متقشفا بلباسة الهندي المعروف، لم تشغف حياة لندن قلبه، ولا خلبت مدينة أوروبا لبَّه. قضى ثلاثين عاما في تفسير القرآن المجيد باللغة الإنكليزية، وأنجز عمله الجليل نهائيا في سنة 1947م، ولم يرحل من هذه الدنيا الفانية إلا بعدما رأى تفسير القرآن مطبوعا ومرسلا إلى الشرق والغرب.. حاملا رسالة الإسلام إلى أنحاء المعمورة،

ذَلِكَ فَضْلُ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشَاءُ .

ولما أنجز حضرته تفسير القرآن المجيد باللغة الإنكليزية أُلقي في روع مولانا أمير المؤمنين أن يترجم هذا التفسير إلى اللغات الأوربية العالمية. فأمر حضرته بترجمته حالا إلى هذه اللغات ونشرها في العالم. فتم نقله إلى هذه اللغات. وبذلك حاز مولانا شير علي درجةً لم يحرزها أحد غيره، ولن يحوزها أيضا أحد بعده. كان بحرا من بحور العلم الدينية والدنيوية، وصدّيقا من الصديقين، وقائدا من كبار القواد الروحانيين المدربين.

ويكفيك دليلا على مكانته عند مولانا أمير المؤمنين أنه عينه أميرًا على الجماعات الأحمدية بالهند حين جولته بإنكلترا في سنة 1924، وعينه أميرًا على قاديان مرارا حين غيابه عنها. تقلد مناصب هامة في إدارة الجماعة المركزية كناظر التأليف والتصنيف، والتعليم والتربية، وناظر أعلى للجماعة. وورد اسمه الكريم في كشف من كشوف المسيح الموعود . توفى حضرته في 27 ذي الحجة 1366 ه، عن 76 عامًا.

حضرة المولوي سيد محمد سرور شاه رضي الله عنه

كان مولانا سيد محمد سرور شاه من فحول علماء الهند. آمن بالمسيح الموعود عام 1311ه، وآثره على كل شيء. فهاجر من أرضه وداره واختار سدته عليه السلام العلية، وتفانى في حبه. وبلغ أعلى مدارج السلوك ببركة صحبته سريعا حتى دخل في زمرة الروحانيين الربانيين.

أوتي حظا وافرًا من معارف القرآن وعلوم الحديث الشريف والمنطق والفلسفة واللغة العربية. خدم المهدي والمسيح الموعود ، ثم الجماعةَ بعد وفاته 55 سنة كاملة. وكفاه فخرا أنه لقبَّه بالغضنفر (أسد) في كتابه (الإعجاز الأحمدي).. ذاكرا المناظرة التاريخية التي تمت بين جماعة أهل الحديث وبين المسلمين الأحمديين بمقام اسمه (مُدّ) بالهند.. انتدبه حضرة المسيح والمهدي المعهود لتمثيل الجماعة فيها. وقال المسيح الموعود وهو يذكر هذه المناظرة:

وكان (ثناء الله) مقبولَ قومهومنا تصدى للتخاصم سَرْوَرُ

.

كأن مقام البحث كان كأجمةٍ

به الذئب يعوي والغضنفر يزأرُ

ثناء الله: هو أحد كبار أعداء المهدي عليه السلام.

سيدنا المهدي والمسيح الموعود بين صحابته ويظهر على يمينه المولوي عبد الكريم السيالكوتي وعلى يساره المولوي نور الدين ووراء حضرته صحابي عربي: عبد الله،  رضي الله عنهم. أضف إلى ذلك أن الخليفة الثاني ومعظم علماء الجماعة الأحمدية كانوا من تلامذته. قُلد حضرته مناصب عديدة كعضو صدر أنجمن أحمدية (اللجنة المركزية لإدارة الجماعة الأحمدية)، وسكرتير لجنة مقبرة بهشتي، ومدير المدرسة الأحمدية، ثم عميد الجامعة الأحمدية، ومفتي الجماعة الأحمدية.

كثيرا ما ناب عن مولانا أميرَ المؤمنين في الصلوات وإمارة مدينة المهدي والمسيح الموعود (قاديان) حين غيابه عنها. كان حضرته أستاذا لكبار علماء الجماعة، مثل الأستاذ جلال الدين شمس والأستاذ أبي العطاء الجالندهري رحمهما الله.

حضرة سيدنا زين العابدين ولي الله شاه رضي الله عنه

إذا أردنا الحديث عن الدعوة الإسلامية الأحمدية في الديار العربية لا بد من ذكر الأستاذ زين العابدين.  جاء حضرته إلى مصر بأمر من سيدنا نور الدين الخليفة الأول سنة 1913 لدراسة اللغة العربية. قابل بعض الأساتذة في كلية صلاح الدين بالقدس، ومنهم الشيخ صلاح الدين الرافعي رحمه الله، فبلغه الأحمدية.. فقبلها، وأعلن عن قبوله لها في حفل عام أمام وجهاء القوم. اشتغل الأستاذ فيما بعد كأستاذ لتاريخ الأديان في نفس الكلية.

واشترك بعدئذ في الحرب العالمية الأولى حتى انتهت سنة 1918. وسافر إلى دمشق حيث التحق بمدرسة التجهيز مديرا لها. ولكن الإنجليز اعتقلوه عندما دخلوا دمشق، وأخذوه أسير حرب. وانقطعت أخباره حتى عرف أحد الأحمديين بمكانه صدفة. فتدخلت الجماعة للإفراج عنه بضمان. فرجع إلى بلده.

وفي سنة 1924 عندما زار إمام الجماعة دمشق عائدا من إنجلترا بعد افتتاح مسجد فضل لندن، وحدثت ضجة شديدة ضد الجماعة بفعل المشائخ المتعصبين، قرر حضرته بعث الدعاة لتصحيح المفاهيم عن الأحمدية. فأرسل حضرته الأستاذ زين العابدين إلى الشام مع الأستاذ جلال الدين شمس عام 1925 ليمهد الطريق للأستاذ شمس.

كانت الدعوة الإسلامية الأحمدية محظورة في العراق، فذهب الأستاذ هناك، وتكلم مع فيصل ملك العراق وقتئذ، وعرَّفه بعقائد الجماعة، فرفع هذا الحظر.

ترك الأستاذ زين العابدين ثروة قيمة من الكتب عن الأحمدية باللغة العربية منها كتاب حياة المسيح ووفاته. ولقد قال علامة مصر الأستاذ أحمد زكي باشا: لو لم يكن للأحمديين من تحقيق سوى تحقيقهم عن حياة المسيح ووفاته لكان لهم فضلا على جميع طوائف المسلمين.

كما ترجم (فلسفة أصول الإسلام) لحضرة الإمام المهدي تحت اسم (الخطاب الجليل). وقد قال تولستوي الشاعر الروسي العظيم عن هذا الكتاب: “إذا كان هذا هو الإسلام فهو حق”. وترجم كتابا لحضرته عليه السلام (سفينة نوح). كما قام بتعريب العديد من خطب الخليفة الثاني .

وتولى عدة مناصب هامة في الجماعة منها ناظر الدعوة والتبليغ، وناظر التعليم والتربية.

Share via
تابعونا على الفايس بوك