حب العرب إيمان

إخواني الكرام!

إن الأمر  الأهم الذي أحب أن أحدثكم بشأنه، هو أن العالم الإسلامي يمر بدور ابتلاء رهيب، وأخص بالذكر الدول العربية والعالم العربي المستهدفين لمظالم متوالية وعذاب شديد من كل جانب. وكأن الأهداف التقت باتجاه إبادة العرب من على وجه الأرض. إن إسرائيل والمعسكرين الشرقي والغربي على حد سواء، مشتركون في الظلم الدائر ضد العرب، حيث يتلاعبون بمقدرات الأمة العربية في حقل السلاح، ويدفعونهم ليسفك العربي بيده دم أخيه العربي. وحيثما كان الأمر متعلقا بإسرائيل، فلا توجد قوة في الأرض هي على استعداد لمد يد العون للعرب بجدية. وإن ما يتراءى في الأفق هو أن هؤلاء اتفقوا على وضع العرب في حالة ينهبون فيها نفطهم مقابل أسلحة زائدة لديهم، ويسعون لنهب خيراتهم وتحريضهم بعضهم ضد البعض الآخر.

إن العرب اليوم في حالة يرثى لها، مما لا يسع أي مسلم السكوت على هذا الوضع واحتماله. لذا فإني أحض جماعتنا على الالتزام بالدعاء المستمر في هذه الأيام وبكل توسل وتضرع لصالح الأمة العربية، ليس مرة واحدة أو اثنين، بل ثابروا على الدعاء لهم دونما انقطاع، في تهجدكم وفي جميع صلواتكم. ادعوا ربكم ليتفضل على العرب ويرحمهم وينقذهم من مصائبهم وآلامهم، ويغفر لهم ويعفو عنهم، حتى يعود إليهم النور الذي أشرق من بينهم بكل قوة وجلال، فيجعلهم الله سبحانه حملة هذا النور المحمدي إلى العالم قاطبة، وليكونوا في الصف الأول من المضحين في سبيل الإسلام، كما كانوا كذلك من قبل. فلا يكونوا من المتخلفين.

إن بعثة رسول الله في الأمة العربية يشكل إحسانا عظيما إلى العالم أجمع، وإن لم يكن مردُّ ذلك لإرادتهم، فللعرب فضلهم العظيم أن كان محمد المصطفى من بينهم.

ولقد قدم العرب من التضحيات في سبيل الإسلام ما لا نجد له نظيرا بين أمم الأرض. ولا ريب أنه وإن كان ظهور محمد من العرب دون إرادتهم، لكنه لا بد أن كانت فيهم خصال حميدة ما وجدت في سواهم، أهّلتهم تلك الصفات في نظر الله لتكون فيهم بعثة سيد الأنبياء.

إن الذي يتفحص إنجازات العرب العملية، يوقن بصدق صحة الاصطفاء، وعلى هذه الصورة يصبح إحسان العرب إلينا إحسانا مباشرا وإراديا، حينما رأيناهم وقد تقدموا فنصروا رسول الله وأيدوه وتسابقوا إلى ميادين الشهادة في سبيل الله وما نكصوا، وبهذه الصورة نوروا العالم بنور الإسلام، وفي سنين معدودات.

يقول رسول الله :

“إني دعوت للعرب فقلت يا رب، من لقيك منهم مؤمنا موقنا بك، مصدقا بلقائك، فاغفر له أيام حياته. وهي دعوة ابراهيم واسماعيل. وإن لواء الحمد يوم القيامة بيدي. وإن أقرب الخلق من لوائي يومئذ العرب” (كنز العمال)

وقال أيضا:

“العرب نور الله في الأرض، وفناؤهم ظلمة. فإذا فنيت  العرب أظلمت الأرض وذهب النور” (المرجع السابق)

لذلك على أفراد الجماعة التضرع بين يدي المولى القدير أن يحفظ العرب، فلا يبيدهم معنويا، ولا يهلكهم ظاهريا. ولقد نصحنا رسول الله بقوله: “أحبُّوا العرب لثلاث، لأني عربي، والقرآن عربي، وكلام أهل الجنة عربي” (كنز العمال)

وقال أيضا:

“أحبوا العرب وبقاءهم فإن بقاءهم نور في الإسلام، وإن فناءهم ظلمة في الإسلام”

كما قال:

“مَنْ غَشَّ الْعَرَبَ لَمْ يَدْخُلْ فِي شَفَاعَتِي وَلَمْ تَنَلْهُ مَوَدَّتِي”. (سنن الترمذي، كتاب المناقب عن رسول الله)

لقد سار المسيح الموعود على خطى سيده المصطفى ، فكان يحب العرب حبا جما، فدعا للعرب كثيرا وعلمنا محبتهم. وها إني أنقل إليكم ما كتبه في هذا الموضوع، حتى تكونوا على مرتبة محبته لهم، ولتتوجهوا بالدعاء لإخوانكم العرب بروح التضرع والتواضع والإخلاص.

بدأ المسيح الموعود بالكلام أولا عن صلحاء العرب الذين يحملون بين جوانحهم فطرة سليمة، وفؤادا طيبا، ومن بين هؤلاء من آمن به وصدقه، رغم ما صادفهم من مقاومة وعقبات في طريق صدقهم ووفائهم. فكتب المسيح الموعود يقول:

“صرف (الله) إلي نفرا من العرب العرباء، فبايعوني بالصدق والصفاء، ورأيت فيهم سمت الصدق ونور الإخلاص، وحقيقة جامعة لأنواع السعادة. وكانوا متصفين بحسن المعرفة، بل بعضهم كانوا فائضين في العلم والأدب، وفي القوم من المشهورين.. وإني معكم يا نجباء العرب بالقلب والروح. وإن ربي قد بشرني في العرب، وألهمني أن أمونهم وأريهم طريقهم، وأصلح لهم شؤونهم، وستجدوني إن شاء الله من الفائزين.أيها الأعزة! إن الرب تبارك وتعالى قد تجلى عليَّ لتأييد الإسلام وتجديده بأخص التجليات، ومنحني وابلا من البركات، وأنعم علي بأنواع الإنعامات، وبشرني في وقت عبوس الإسلام وعيش بؤس أمّة خير الأنام بالتفضلات والتأييدات والفتوحات، فصبوت إلى إشراككم يا معشر العرب في هذه النعم، وكنت لهذا اليوم من المتشوقين. فهل ترغبون أن تلحقوا بي لله رب العالمين؟” (حمامة البشرى)

ثم بشّر العرب قائلا:

“وإني أرى أن أهل مكة يدخلون أفواجا في حزب الله القادر المختار. وهذا من رب السماء، وعجيب في أعين الأرضين” (نور الحق)

وأود هنا تنبيه الجماعة إلى ضرورة الدعاء ليحقق الله هذه البشارة في القريب العاجل لنتمكن من مشاهدتها بأعيننا، وما ذلك على الله بعزيز.

ثم كتب :

“إني رأيت في مبشرة أريتها جماعة من المؤمنين المخلصين والملوك العادلين الصالحين. بعضهم من هذا الملك، وبعضهم من العرب، وبعضهم من فارس، وبعضهم من بلاد الشام، وبعضهم من أرض الروم، وبعضهم من بلاد لا أعرفها. ثم قيل لي من حضرة الغيب أن هؤلاء ييصدقونك ويؤمنون بك ويصلُّون عليك ويدعون لك. وأعطي لك بركات حتى يتبرك الملوك بثيابك، وأدخلهم في المخلصين. هذا ما رأيت في المنام وألهمت من الله العلاَّم” (لجَّة النور)

وخاطب المسيح الموعود العرب في كتابه (مرآة كمالات الإسلام) قائلا:

“السلام عليكم أيها الأتقياء الأصفياء من العرب العرباء. السلام عليكم يا أهل أرض النبوة وجيران بيت الله العظمى. أنتم خير أمم الإسلام وخير حزب الله الأعلى. ما كان لقوم أن يبلغ شأنكم. قد زدتم شرفا ومجدا ومنزلا. وكفى لكم فخرا أن الله افتتح وحيه من آدم. وختم على نبي كان منكم ومن أرضكم وطنا ومأوى ومولدا. وما أدراكم من ذلك النبي محمد المصطفى، سيد الأصفياء وفخر الأنبياء وخاتم الرسل وإمام الورى.. اللهم فصل وسلم وبارك عليه بعدد كل ما في السماوات، وبعدد كل ما ظهر واختفى. وبلِّغه منا سلاما يملأ أرجاء السماء. طوبى لقوم يحمل نير محمد على رقبته، وطوبى لقلب أفضى إليه وخالطه، وفي حبه فنى. يا سكَّان أرض وطأتها قدم المصطفى، رحمكم الله ورضي عنكم وأرضى. إن ظني فيكم جليل، وفي روحي للقائكم غليل. يا عباد الله وإني أحن إلى أعيان بلادكم وبركات سوادكم، لأزور موطئ أقدام خير الورى. وأجعل كحل عيني تلك الثرى، ولأزور صلاحها وصلحاءها ومعالمها وعلماءها. وتقر عيني برؤية أوليائها ومشاهدها الكبرى. فأسأل الله تعالى أن يرزقني رؤية ثراكم، ويسرني بمرآكم بعنايته العظمى. يا إخوان! إني أحبكم وأحب بلادكم، وأحب رمل طرقكم وأحجار سكككم، وأوثركم على كل ما في الدنيا. يا أكباد العرب! قد خصَّكم الله ببركات أثيرة ومزايا كثيرة ومراحمه الكبرى. فيكم بيت الله التي بورك بها أمر القرى. وفيكم روضة النبي المبارك الذي أشاع التوحيد في العالم، وأظهر جلال الله وجلى. وكان منكم قوم نصروا الله ورسوله وبكل الروح وبكل النهى. وبذلوا أموالهم وأنفسهم لإشاعة دين الله وكتابه الأزكى، فأنتم المخصوصون بتلك الفضائل ومن لم يكرمكم فقد جار واعتدى” (مرآة كمالات الإسلام)

ومن كتب المسيح الموعود باللغة العربية كتابا سماه (حمامة البشرى) وتوجه بالبيتين التاليين:

  • حمامتنا تطير بريش شوق وفي منقارها تحف السلام
  • إلى وطن النبي حبيب ربي وسيد رسله خير الأنام

هذه هي الأمة العربية التي فاقت الدنيا إحسانا، فقد أحسن العرب إلينا أن أوصلوا الإسلام لنا، وقد بعث الله نبيه الأمي محمدا المصطفى منهم، ولو لم يكن هنالك من سبب لمحبة العرب إلا هذا الأمر لكان كافيا لمحبتهم والدعاء لهم بنفس الروح والاندفاع الذي دعا لهم به المسيح الموعود عليه الصلاة والسلام. فكما أرسل المسيح الموعود تحياته وأدعيته إلى الوطن العربي محمولة على منقار حمامة الشوق، كذلكم ينبغي اليوم على كل أحمدي إستمطار رحمة السماء على بلاد العرب ليحفظهم الله تعالى من كل الابتلاءات. وينورهم بنور هدايته، ويرفع عنهم آلامهم، وينظر إليهم بعين العفو والغفران، وأن يمطرهم بوابل رحمته بجاه المصطفى . اللهم آمين

Share via
تابعونا على الفايس بوك