دعوة إلى الحق

دعوة إلى الحق

أولا وقبل كل شيء أرى لزاما علي أن أبيّن لكم أن الجماعة الإسلامية الأحمدية ليست دينا مبتدعا، بل إن دينها هو الإسلام لا غير. وأنها تعتقد أن الشذوذ عن حظيرة الإسلام، وإن كان قيد شعرة، محرم ومؤد إلى الشقاء الأبدي. إن اسمها الجديد لا يدل على ابتداع دينها، بل يهدف تمييزها ممن ينتمي إلى الإسلام كما هي نفسها تنتمي إليه. الإسلام اسم يحتل في قلوبنا أشرف منزلة وأكرمها، وهذا هو الاسم الذي وهبه الله الأمة المسلمة، وقد جعل الله العظمة الرفعة إذ أنبأ به من سبق من الأنبياء كما يقول :

هُوَ سَمَّاكُمُ الْمُسْلِمِينَ مِنْ قَبْلُ وَفِي هَذَا (الحج: 79)

وكما ورد في كتاب إشعياء من العهد القديم “وتسمّين باسم جديد يعيّنه فم الرب” (2:62)

فأي اسم أقدس من الاسم الذي أحبه الله لعباده، وأنبأ به على لسان الأنبياء والذي نراه أساسا لحياتنا. لكن بما أن الطوائف الإسلامية قد اختارت لها أسماء تختلف باختلاف المبادئ التي تضطلع بها. لذا كان من الضروري أن نتخذ لأنفسنا اسمًا يميزنا عن هذه الطوائف، وكان أجود الأسماء عندنا وأجدرها بأوضاع عصرنا هو الأحمدي، لأن هذا العصر هو عصر نشر الإسلام، فهو مظهر من مظاهر حمد الله الآجل الذي تمثل بوجود رسول الله ، إن أفضل اسم مميز لم يكن غير هذا الاسم الذي يتفق وموعد ظهور صفة أحمد من صفاته .

وخلاصة القول إننا مسلمون من صميم أفئدتنا وأعماق قلوبنا، ونؤمن بكل ما يجب على المسلم الصادق أن يؤمن به، ونرفض كل ما يجب أن يرفضه كل مسلم صادق الإسلام، فإن الذي يرمينا بالكفر رغم إيماننا بجميع الحقائق والأحكام الإسلامية ويقذفنا بالابتداع، إنما هو يظلمنا وسيكون مسؤولا عند الله.

إن الإنسان يؤاخذ على ما يتفوه به ولا يؤاخذ على ما يخطر بنفسه من خاطر، من الذي يمكنه أن يعرف خبيئة أحد؟ إن من يزعم الاطلاع على ما في قلوب الناس، إنما يدعي الألوهية، لأن الله وحده يحيط بذلك علما، وليس لأحد سواه أن يدعي بمعرفة ما في القلوب. ومن الذي هو أعلم من رسول الله وأعرف، إذ يقول عن نفسه:

“إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ وَإِنَّكُمْ تَخْتَصِمُونَ إِلَيَّ وَلَعَلَّ بَعْضَكُمْ أَنْ يَكُونَ أَلْحَنَ بِحُجَّتِهِ مِنْ بَعْضٍ فَأَقْضِي عَلَى نَحْوِ مَا أَسْمَعُ فَمَنْ قَضَيْتُ لَهُ مِنْ حَقِّ أَخِيهِ شَيْئًا فَلَا يَأْخُذْهُ فَإِنَّمَا أَقْطَعُ لَهُ قِطْعَةً مِنْ النَّارِ” (صحيح البخاري، كتاب الأحكام، موعظة الإمام للخصوم)

كذلك ورد في الحديث ما معناه: أن رسول الله عقد لأسامة بن زيد على جيش، فوجد رجلا من الكفار وهاجمه، فشهد الرجل بشهادة الإسلام، فقتله أسامة، فلما بلغ ذلك رسول الله. سأله فقال: كان يتظاهر بالإسلام خوفا، فقال : “ألاَ شَقَقْتَ عّنْ قَلبِهْ” (صحيح مسلم، كتاب الإيمان)

قصارى القول أن الفتوى لا تصح إلاّ على ما يتكلم به الناس، وليس لها سبيل على ما يخطر بقلوبهم من أفكار، لأن الله هو وحده يحكم على القلوب، فالرجل الذي يجترئ على ذلك رغم اختصاص الله، سيؤاخذه الله، ولا شك أنه كذاب.

فإننا أعضاء الجماعة الإسلامية الأحمدية، إذ نجهر بإسلامنا، فليس لأحد أيا كان، أن يفتي علينا بالخروج عن الإسلام وأن إسلامنا إنما هو رياء ليس إلا، وأننا لا نؤمن برسول الله أو نشهد بغير شهادة الإسلام ونستقبل غير قبلة المسلمين.

  1. إننا نحن الأحمديين نؤمن بأن وجود الله حق وأن الإيمان به اعتراف وإقرارا بكبرى الحقائق جميعها، وليس مجرد، اتباع الأوهام الظنون.
  2. إننا نؤمن بأن الله واحد لا شريك له في الأرض ولا في السماء. وما عداه مخلوق ليس إلا. وليس للمخلوق إلا أن يمد يد الاستعانة إلى الله .
  3. إننا نؤمن بأن الله قدوس ومنزه من كل عيب، وإنه جامع لكافة الفضائل. لا عيب فيه، ولا فضيلة هو بمعزل عنها. وإن قدرته لانهائية وعلمه غير محدود. هو يحيط بكل كائن بالوجود علما، ولا يحيط به شيء. كذلك هو الأول والآخر والظاهر والباطن. هو خالق جميع الكون، ولم يبطل تصرفه ولن يبطل أبدا. هو الحي الذي لا يموت والقيوم الذي لا يزول. وتتجلى قدرته في كل وقت.
  4. إننا نؤمن بأن الملائكة مخلوقون ويحققون ما يأمرهم به الله حسب قوله : “ويفعلون ما يؤمرون”. وقد أوجدتهم الحكمة الكاملة لمتنوع الأعمال وإن ذكرهم ليس مجرّد استعارة، لأنهم يحتاجون إليه كما يحتاج إليه سائر المخلوقات، ولسي هو بمحتاج إليهم في تنفيذ قدرته عز وعلا، ولو أراد أن يظهر قدرته بغير هذا المخلوق لأمكنه ذلك، لكن حكمته الكاملة اقتضت أن يخلق هذا المخلوق فخلق. فكما أن الله ينور أعين الناس بالشمس ويملأ بطونهم بالطعام، ولا تعوزه الشمس ولا الطعام، كذلك الملائكة إذ سخرهم الله لإظهار قدرته فلا احتياج في ذلك ولا عوز.
  5. إننا نؤمن أن الله يكلم عباده ويظهرهم على إرادته، وإن هذا الكلام ينزل بألفاظ خاصة ولا دخل فيه لأي إنسان، إن معناه ولفظه كلاهما من عند الله سبحانه وهذا هو الغذاء الحقيقي للإنسان، وبه يوهب البقاء وبه يتصل بالله. وإن هذا الكلام على عدة أقسام: بعضه يشتمل على الأحكام والشرائع وبعضه يحوي المواعظ والنصائح، أحيانا يفتح به أبواب الغيب، وتارة تتجلى به دفائن العلم وخفاياه، وتارة يبشر به عباده، وينذرهم به تارة أخرى. فبالجملة إننا نؤمن بأن الله يكلم عباده وأن كلامه تختلف درجاته حسب اختلاف المنَزَّل عليهم، وأن أفضل الكلام الذي سبق نزوله وأكمله وأسماه هو القرآن الكريم فقط، وأن الشريعة التي نزلت به هي خالدة لا ينسخها كلام آخر.
  6. وكذلك إننا نؤمن بأن العالم عندما يسوده الظلام وينصرف أهله إلى الفسق والفجور يستحيل تخليصهم من براثن الشيطان إلا بيد سماوية، عندئذ وبداعي الرحمة والشفقة، يبعث الله من عباده الصالحين الطاهرين من يرشدهم ويهديهم كما يقول : وَإِنْ مِنْ أُمَّةٍ إِلَّا خَلَا فِيهَا نَذِيرٌ (فاطر: 25)، وإن هؤلاء المرسلين الذين يُخرجون العالم من الظلمات إلى النور كانوا ذوي درجات ومراتب، وإن سيدهم وأفضلهم هو محمد المصطفى الذي جعله الله سيد ولد آدم، وأرسله إلى الناس كافة، وإننا نؤمن أن جميع الأنبياء الذين سبقوا رسول الله لو كانوا في عصره لما وسعهم إلا اتباعه كما يقول الله : وَإِذْ أَخَذَ اللَّهُ مِيثَاقَ النَّبِيِّينَ لَمَا آتَيْتُكُمْ مِنْ كِتَابٍ وَحِكْمَةٍ ثُمَّ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مُصَدِّقٌ لِمَا مَعَكُمْ لَتُؤْمِنُنَّ بِهِ وَلَتَنْصُرُنَّهُ (آل عمران: 82) وكما قال في الحديث الصحيح: “لو كان موسى وعيسى حيين لما وسعهما إلا اتباعي” ابن كثير.
  7. إننا نؤمن بأن الله يجيب دعاء عباده، ويزيل مشاكلهم وإنه إله حي يشعر الإنسان بحياته في كل عصر وفي كل وقت، لم يكن ليخلق الناس ويتركهم سدى، وينقطع عنهم بل إن صلته بعباده دائمة، يقول تعالى: فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ (البقرة: 187)
  8. إننا نؤمن بأن الله ما انفك ينفذ تقديره الخاص في العالمين، ولا ينفذ القانون الطبيعي فقط، بل إن له تقديرا خاصا منذ الأزل به يظهر قوته وسلطانه، وهو قانون نصرة عباده وإهلاك أعدائهم، ولو لم يكن مثل هذا القانون لما كان من الممكن أن ينتصر موسى الضعيف على فرعون الجبار، وأن يتقوى هذا الضعيف ويرتقي ويدمر ذلك القوي رغم قوته. ولما كان من الممكن أن ينتصر رسول الله على هؤلاء العرب الأشداء الذي تألبوا عليه من كل حدب وصوب.
  9. إننا نؤمن بأن الإنسان سيبعث بعد موته وسيحاسب على أعماله، فمن يعمل صالحا يلقى أحسن ما عمل، ومن أساء تحمل عبئ ما اكتسبت يداه، ومن عصى فسيعذب عذابا شديدا. ولن يتخلص إنسان من هذا البعث المحتم بحيلة من الحيل. ولو حرفت عظامه أو أكله الطير أو افترسه مفترس الغابات، ولو أتت الديدان على كل ذرة من ذرات جسمه، وحولته إلى صورة أخرى، سيبعث رغم كل هذه الحوادث، وسيحاسب أمام خالقه، وكما أن أجسامنا تندرس لكن ذراتها الدقيقة لا تبلى، كذلك الروح التي تلازمها لن تفنى إلا بإذن خالقها.
  10. إننا نؤمن أن الذين يكفرون بوجود الله ، إذا لم يغفر لهم الله سيدخلون في موضع اسمه جهنم سيعذبون فيها بالنار وبالبرد القارس. ولم يكن الغرض منه مجرد التعذيب، بل روعي في ذلك إصلاحهم، ولا يكون هنالك إلا البكاء والعويل وصك الأسنان إلى أن يحين البوم الذي وسعت فيه رحمة الله كل شيء، ويتم ما قال الرسول أنه: “يأتي على جهنم زمان ليس فيها أحد ونسيم الصبا تحرك أبوابها”
  11. إننا نؤمن بأن الذين يؤمنون بالله وملائكته وكتبه ورسله والذين يتبعون أحكامه حق الاتباع ويسلكون سبل الخشوع والتواضع، والذين يتظاهرون بالضعف مع أنهم عظماء، ويستأثرون عيشة الفقر مع أنهم أغنياء، ويتجنبون الظلم والاعتداء والخيانة، ويتمسكون بالمثل العليا والأخلاق الفاضلة السامية، ويسمون بأنفسهم عن الرذائل والسفاسف أولئك الذين سيشرفهم الله بمكان اسمه الجنة التي تشمله فيها الراحة والسعادة، وسيحظى فيها بتجلي الله ، ويتطهر من جميع الأهواء الدنيوية، وعندئذ سينال حياة الخلد.

هذا ما نؤمن به من العقائد، ولا نعرف من أسس الإسلام غير ما ذكرناه. ولقد أقر أئمة الإسلام بهذه العقائد، ونحن متفقون معهم على ذلك كل الاتفاق.

Share via
تابعونا على الفايس بوك