قضية خلق آدم بين القرآن وبعض مفسريه

قضية خلق آدم بين القرآن وبعض مفسريه

حلمي مرمر

كاتب
  • وجهتي النظر لقضية أصل الخلق.
  • وجهى نظر القرآن الحقيقية في أصل الخلق

__

كيف خلق الله آدم ، ماذا يقول القرآن؟ وماذا يقول العلماء الذين يشرحون لنا القرآن؟ القرآن الكريم يتكلم بلغة موجزة مركزة عالية، والعلماء في وادٍ آخر يريدون أن يقولوا أن شرحهم ذلك هو ما يود أن يقوله القرآن، وكأن القرآن معجَم غامض مُبهَم أبْكم، وهم جاءوا ليعربوه ويبيّنوه ويَشرحوه ويستنطقوه، ويقولون أن الله أرسل جبريل يأتي بقبضة من طين الأرض لتكون المادة التي يشكلها الله بيديه لتصير تمثالًا طينيًا ضخمًا طوله ستون ذراعًا، بعد مراحل تأخذ كل مرحلة أربعين سنةً من الطين ثم الحمأ المسنون ثم الصلصال ثم نفخ الله فيه من روحه بنفَسه كما ينفخ أحدنا في جَزوة النار حتى تتقد وتشتعل، وهنا تحرك هذا التمثال الطينيّ وصار لحمًا ودمًا، يتنفس ويسمع ويبصر ويعقل وله أجهزة داخلية هائلة وأعصاب دقيقة ونظام متكامل لم يخبرونا كيف نشأ، وظل سبحانه ـ على حد قولهم ـ ينتظر المرحلة بعد المرحلة والسنوات بعد السنوات حتى يكتمل خلقه البشريّ على هذه الطريقة العجيبة التي منتهاها تمثال طينيّ، ثم إذا أراده أن يتحرك ويحيا ـ فقط ـ نفخ فيه من نفَسه، وكأن لله نَفَسًا هوائيًا من غازات يتنفسه هو أيضًا ويحتاج إليه ليحيا، والعياذ بالله، فكان لهذه النفخة فعل السحر، وما ضر لو أنه سبحانه قد استخدم تلك النفخة السحرية منذ البداية وخلقه من العدم دون اللجوء لهذا الأسلوب الأسطوري الذي يذكره العلماء الأجلاء، ولماذا تستهلك كل مرحلة تلك السنوات الأربعين؟

أما آدم الذي كنت أبحث في خلقه فوجدته كما كنت أظن من التطور في الخلق باستفاضة كاملة، ووجدت رؤية رفيعة المستوى لبدء الخلق وكيفية خلق الإنسان وتطوره من خلال الألفاظ: آدم، البشر، الأناسي، الإنسان، وذلك بأسلوب خلاب رائع في كتاب: الوحي العقلانية المعرفة والحق لحضرة الخليفة الرابع سيدنا مرزا طاهر أحمد رحمه الله تعالى

إن يومًا واحدًا أو أيامًا أو أسبوعًا لهو مدة كافية جدًّا لتبلغ كل مرحلة غايتها المرجوة، فمثلًا إن تحويل التراب والماء إلى طين لهو أمر يسير يقوم به الصبيان بمجرد خلط التراب بالماء، وإن تحويل الطين إلى حمأ مسنون ليس بالعملية الكيميائية المعقدة والتفاعلات ذات الأمد الطويل، إنما بضعة أيام كافية جدا لتبلغ بالأمر إلى المراد والغاية، وإن مرحلة الصلصال والفخار ليست بذات اختلاف عن ذلك، بل ربما كانت أيسر وأسرع، فلماذا هذا المد والمط والتطويل غير المبرر؟  إن هذا لشيء عجاب، لا هم فسروا الأمر كله خلقًا ماديًا كاملًا بما في ذلك الأجهزة الداخلية للإنسان، ولا هم أرجعوا الأمر كله برمته إلى قدرة الله المطلقة بالنفخ من روحه، ثم كيف تكلمني عن الله ذي القدرة والعظمة والجبروت، ثم تكلمني عن ذلك الأسلوب العجيب المتضارب المتنافي مع كل عقل ومنطق عن خلقه لآدم، تقول لي دومًا أن الله ليس كمثل خلقه خلق، ثم إذا تكلمت عن الخلق تكلمت بكلام يتنافى مع ما قُلت عن القدرة والعَظمة، والحق أن قضية خلق آدم كانت قضية محيرة أبحث لها عن حل لا أجده عند أحد أبداً، ولم يكن لديّ إلا أن أُسكِت صوت العقل الذي يطل من حين لآخر سائلًا، ما حقيقة الأمر؟ لكني فوضت الأمر إلى الله وقلت في نفسي لعل الله يُحدث بعد ذلك أمرًا.

أما آدم الذي كنت أبحث في خلقه فوجدته كما كنت أظن من التطور في الخلق باستفاضة كاملة، ووجدت رؤية رفيعة المستوى لبدء الخلق وكيفية خلق الإنسان وتطوره من خلال الألفاظ: آدم، البشر، الأناسي، الإنسان، وذلك بأسلوب خلاب رائع في كتاب: الوحي العقلانية المعرفة والحق لحضرة الخليفة الرابع سيدنا مرزا طاهر أحمد رحمه الله تعالى، وأدركت حينها أنني لو بذلت عمري كله بحثًا حول هذا الموضوع ما حصلت العلم حول هذا الموضوع في ذلك الكتاب القيم، وقد تبيَّن أن القرآن الكريم سابق لأحدث البحوث العلمية في هذا الموضوع، وقد أصبحت أفخر بكتاب الله المعجز الذي قد ازداد يقيني إلى أقصى درجة أنه كلام الله الواحد، وأنه لا تضارب ولا تعارض بين معطيات العلم الحديث وكلام الله الأزليّ، وأن القرآن الكريم في ذلك العصر ربما كان سببًا في هداية الملايين ببيان خلق آدم على هذا النحو العلمي الدقيق الذي هو قطعًا أمرٌ لا يعجب المتحجرين الحرفيين الذين لا يزالون يعيشون في كهوف الجهل والضلالة والتردي في ظلمات التقليد الأعمى الذي لم نر منه إلا شرًّا.

Share via
تابعونا على الفايس بوك