الله هو السعادة
  • اتفاق المقربين من الله تعالى على صفاته العظيمة .
  • الله هو منبع المحبة والسلام والسعادة وكل الخير.
  • خير من عرف الذات الإلهية ووصفها الأنبياء عليهم السلام.
  • معنى التوحيد الحقيقي .
  • نتائج الالتزام بالشعائر الإسلامية والوصول إلى السعادة.

__

إن جميع الذين عرفوا الله واستقر بهم المقام بوعي ذاتي مستبصر وتلقوا وحي الله عز وجل، ووقفوا أمام الحق وجها لوجه قد اتحدت كلمتهم على أنه هو المحبة والسلام، وهو النور الأعظم، وهو السكينة المباركة، وهو الملجأ والملاذ، وهو الهدف والغاية. وجميع أولئك الذين استغرقوا تماماً في الله شعروا بأنهم قد انغمسوا في محيط هائل من المحبة والخير والسلام والسعادة الذي لا يُوصف. ولذلك يقول المسيح الموعود عليه السلام:

’’إن فردوسنا إلهنا، وإن أعظم ملذاتنا في ربنا، لأننا رأيناه ووجَدْنا فيه الحسنَ كله. هذا الكنـز لجديرٌ بالاقتناء ولو افتدى الإنسانُ به حياتَه، وهذه الجوهرة لحَرِيّةٌ بالشراء ولو ضحّى الإنسان في طلبها كلَّ وجوده‘‘. (سفينة نوح ص 41)

إن العقل التصوريّ عاجزٌ تماماً عن إدراك طبيعة الله ، ولا يمكن معرفة الله حق المعرفة إلا من خلال الوحي الإلهي فقط. إن الله ليس محجوباً عن عباده، ولكنّ الحجاب الذي بيننا وبينه هو في أنفسنا كما يقول الشيخ الرئيس ابن سينا رحمه الله.

الدين والنظريات الدينية

إذا كان الدين هو طريق الوصول إلى الله حيث المحبة والسلام فلابد من أن نفرّق بين الدين والنظريات الدينية، فالنظريات الدينية نشأت من أشخاص متدينين حاولوا صياغة تجربتهم الدينية بطريقة رمزية لكي يسهل على أتباعهم الذين لم يبلغوا تلك المقامات الروحانية العالية أن يستوعبها. ولم تلبث هذه النظريات أن تطايرت شذرات فاستحالت إلى الآف النظريات المتعارضة، وقد عملت هذه النظريات على إشاعة التفرقة بين الناس فأصبحت هى نفسها حجر عثرة في سبيل الحياة الدينية. وأما الدين فهو واحد بالنسبة للبشر جميعا. والنظريات الدينية لا تعدو أكثر من نسبة بعض الصفات إلى الله وتطبيق بعض التصورات عليه.
فالمسيحة على سبيل المثال تقول بأن الله واحد مثلث الأقانيم، وأن الأقنوم الثاني قد حل في جسد المسيح الناصري عليه السلام.
أما الإسلام فإنه لا يقول بأن الله ذات لها صفات حسية، إن القرآن الكريم يقول بأن الله ذات لها أسماء فاسمه الرحمن والرحيم ومالك يوم الدين واسمه الخالق والباريء والمصور إلى غير ذلك من الأسماء.
وقد قلنا فيما سبق أن العقل لا يستطيع أن يعرف الله حق المعرفة، ولكن العقل يستطيع أن يحكم على النظريات الدينية أكانت صائبة أم خاطئة. وهناك من يقول إن الله عُرف بالعقل، وهذا قول غير صحيح إذ إن الذي عُرف بالعقل هو النظرية الدينية الصحيحة. أما معرفة الله فلا تكون بغير الوحي الإلهي.
والأنبياء هم الذين عرفوا الله حق المعرفة ثم من بعدهم الأولياء، وقد تكلّم الله معهم بلغة الرمز والمجاز حتى يسهل علينا نحن أتباع الأنبياء أن نعرف الله بشكل جزئي حتى يكون ذلك عوناً لنا في طريقنا إلى الله تعالى وربما يقول قائل ما دام الأنبياء قد تكلموا عن الله باللغة الرمزية فإنهم هم أنفسهم لا يعرفون الله حقاً مثلنا تماماً.
والحق أن هناك شرطاً ضروريا يقترن بكل من المجاز أو التمثيل أو التشبيه أو الكناية الرمزية وهو أن يكون الرمز والمرموز إليه معاً حاضرين أمام ذهن الشخص الذي يستخدم الرمز، وإذا لم يتوفر هذا الشرط فهنالك تتحول الرمزية إلى عملية خالية تماماً من كل معنى وتتحول إلى خيال سارح.
فالنبي عندما يتكلم عن الله بالرمز والمجاز تكون طبيعة الله التي عرفها بالوحي ماثلة أمامه ويحاول التعبير عن هذا الذي لا يمكن التعبير عنه باللغة الحرفية.
والحق أن الوحي الإلهي ليس شيئا بعيداً نائياً فيما وراء النجوم، بل هو في باطننا، كما أنه في باطن سائر الموجودات جميعا، فإن الله ماثل في قلب كل إنسان سواء أكان ذلك بصورة حضور واع بذاته، أو على صورة حقيقة مطوية دفينة في باطن اللاشعور. ونحن نعبر عن ذلك بصورة مجازية عندما نقول إن الله موجـود في القلب، ففي قلب كل إنسـان يكمـن ذلك الشاهد الذي ينـطق باسـم الله ويـبرهن على وجوده.

حقيقة التوحيد

والحق أن التوحيد ليس اسما لشيء معين، بل هو شعور داخلي يختلج في القلب بأن ما دون الله هو عدم وأن الله هو الوحيد الواجب الوجود. وفي هذا يقول المسيح الموعود عليه السلام: ’’ودرجة كمال التوحيد إنما هي أن يعتبر المحبُّ الصادق ما سوى المحبوب الحقيقي كالمعدوم، نتيجة غلبة حبه له وشهوده عظمته سبحانه وتعالى، ولا يعني ذلك أن ما سوى الله معدوم في الواقع، إذ إن اعتبار المعدوم معدومًا لا علاقة له بغلبة الحب والعشق‘‘. (مكتوب أحمدية، المجلد الأول الرسالة رقم 41)
وللوصول إلى هذا المستوى من التوحيد يجب على المؤمن أن يواظب على إقامة الشعائر الدينية كالصلاة والصيام والزكاة والحج إن استطاع إليه سبيلا، وذكرِ الله أيضا ومعاملة الناس بخلق حسن. فمن يواظب على هذا ويُقبلِ عليه بحب وإحسان يخلق الله في نفسه شعوراً عجيباً لا يمكن وصفه.. إنه العـروج إلى السمـاء وعندها يشعـر المؤمن بأنه يتـصل بالسمـاء ويظـل معلقاً بها، وعندها يشعر بنهر من الراحة والسعادة.

Share via
تابعونا على الفايس بوك