إنهم لم يقرؤوا حرفاً واحداً من دروس الرفق و العطف على بني الإنسان
  • صفات الصحابة فقد حظوا بروح الأنبياء.
  • توضيح الإمام المهدي عليه السلام لمفهوم الجهاد  المعوج لدى مشايخ اليوم.
  • أنواع بلايا  الزمان التي تستدعي نزول مصلح.
  • بعثة الإمام وإنذاره لمن ادعى نزول عيسى عليه السلام من السماء.

__

’’سبحان الله، كم كانوا أتقياء! وكم كانوا يحظَون بروح الأنبياء أولئك القومُ الذين إذا أمرهم الله في مكة بألا يواجهوا الشر بالشر ولو مُزّقوا إربًا، فإنهم فورَ تلقيهم هذا الأمر تواضعوا وضعفوا كأطفال رضّع وكأنهم ما بأيديهم ولا في أرجلهم من قوة. فقُتل بعضهم بحيث رُبطت بقوة إحدى رجليه ببعير ورجله الأخرى ببعير آخر، ثم أُركِض البعيران في اتجاهين متعاكسين، فقُطعوا جزءين في لمح البصر كما يُقطع الجزر وغيره من الخضار. ولكن للأسف أن المسلمين، ولا سيما المشايخ منهم، صرفوا أنظارهم عن كل هذه الأحداث، فيزعمون الآن أن أهل الدنيا كلهم صيدٌ لهم، وكما أن الصياد عندما يطّلع على الغزال في فلاة يتسلل إليه في الخفاء ويتحين الفرصة لإطلاق الرصاص عليه، كذلك هو حال معظم المشايخ. إنهم لم يقرؤوا حرفًا واحدًا من دروس الرفق والعطف على بني الإنسان، بل يزعمون أن إطلاق الرصاص على شخص بريء على حين غفلته منه هو الإسلام فقط. أين فيهم الذين يمكن أن يصبروا بعد أن يُضرَبوا كالصحابة رضوان الله عليهم؟ هل أمرنا الله تعالى أن نفاجئ رجلًا، لا نعرفه ولا يعرفنا، على حين غفلة منه، دون أي سبب أو جريمة ارتكبها، فنقطّعه بالسكين إربًا أو ننهي حياته بالرصاص؟ هل يعقل أن يكون من الله تعالى دينٌ يقول أنِ اقتُلوا عباد الله الأبرياء دون أن يرتكبوا جريمة وبدون أن يتم تبشيرهم، تدخلوا الجنة؟! من المؤسف بل المخجل أن نصادف إنسانًا – ليس بيننا وبينه عداوة أو معرفة سابقة – يشتري بعض الحاجيات لأولاده من إحدى المحلات أو كان مشغولا في بعض أعماله الشرعية الأخرى، فنطلق عليه النار بدون سبب أو مبرر، فنجعل زوجته أرملة وأولادَه أيتامًا وبيته مأتمًا. في أية آية من القرآن الكريم أو حديث من أحاديث النبي ورد مثل هذا الأمر؟ هل من المشايخ أحد يستطيع أن يجيب على هذا؟ الواقع أن هؤلاء الجهال سمعوا اسم الجهاد، ثم أرادوا أن يتخذوه ذريعة لتحقيق أغراضهم النفسانية‘‘. (الحكومة الإنجليزية والجهاد، الخزائن الروحانية مجلد 17 ص 12- 13)

’’أفلا يدعو الزمان بأيديه مصلحًا يُصلح حاله ويدفع ما ناله؟ أما ظهرت البيّنات وتجلّت الآيات، وحان أن يُؤتَى ما فات؟ بل قلوبهم مظلمة وصدورهم ضيّقة، قوم فظاظ غلاظ، خُلُقُهم نار يسعّر في الألفاظ، وكلِمُهُم تتطاير كالشواظ، ما بقي فيهم أثر رقّة، وما مس خدودهم غروب مسكنة. يكفّرونني ولا أدري على ما يكفّرونني! وما قلتُ إلاّ ما قيل في القرآن، وما قرأت عليهم إلاّ آيات الرحمن، وما كان حديثًا يُفترى، بل واقعة جلاّها الله لأوانها، ويعرفها من يعرف رحمة الرب مع شأنها‘‘. (تذكرة الشهادتين، الخزائن الروحانية ج 20 ص86)

’’أفلا تنظرون إلى الزمان وقد نزلت عليكم بليّة عظمى، وتنصّرَ فوج من قومكم وأحبّائكم، وهلكت البلاد والعباد، واهتزّ عرش الرحمن لما نزل فقضى ما قضى. ولو أراد الله أن ينـزّل أحدًا من السماء كما زعمتم لكان خيرا لكم أن ينـزّل نبيّكم المصطفى. أما قرأتم قوله تعالى:

لَوْ أَرَدْنَآ أَنْ نتَّخِذَ لَهْوًا لاتَّخَذْنَاهُ مِنْ لَدُنَّا ،

يعني محمدا فانظروا نظرًا. إن السماوات والأرض كانتا رَتْقًا ففُتِقَتا في هذا الزمان ليُبتلى الصالحون والطالحون وكلٌّ بما عمل يُجزَى. فأخرج الله من الأرض ما كان من الأرض، وأنزل من السماء ما كان من السماوات العُلى، ففريق عُلّموا مكائد الأرض، وفريق أُعطوا ما أُعطيَ الرسلُ من الهدى. وقُدّر الفتح للسماويّين في هذا الوغى. وإن تؤمنوا أو لا تؤمنوا لن يترك الله العبد الذي أرسله للورى، ولا تُضاع الشمس لإنكار الأعمى. فريقان يختصمان في الرشد والهوى، وفُتِحَت لفريقٍ أبواب الأرض إلى تحت الثرى، وللثاني أبواب السماء إلى سِدرة المنتهى. أما الذين فُتِحت عليهم أبواب الأرض فهم يتبعون شيطانهم الذي أغوى، والذين فُتِحَت عليهم أبواب السماء فهم ورثاء النبيّين وقوم مطهَّرون من كل شُحّ وهوًى. يدْعون قومهم إلى ربهم ويمنعونهم مما يُشرَك به في الأرض والسماوات العُلى. وإني بُعِثتُ فيكم من الله الذي لا توقّرونه لأنذر قومًا أَطْرَأُوا ابن مريم عيسى‘‘.
(الخطبة الإلهامية، الخزائن الروحانية مجلد 16 ص 126-130)

Share via
تابعونا على الفايس بوك