براءة الإسلام من براثن الإرهاب

براءة الإسلام من براثن الإرهاب

التحرير

  • الظن بنوال الجنة بالعدوان
  • التذبذب في حسم إصلاح الخطاب الديني
  • طريقة المجتمع كمحاولة للحل

__

تطالعنا يوميا التقارير الإخبارية بأنباء عن آلاف المدنيين الأبرياء شيوخًا ونساءً وأطفالاً تذهب دماؤهم هدرًا في العديد من المجتمعات الإسلامية على أيدي شباب مسلمين. والأدهى والأمَرّ أنهم بأعمالهم الإجرامية هذه يعتقدون أنهم يجاهدون في سبيل الله وأنهم سينالون الجنة.

فتهجم مجموعة مسلحة على أناس عزل ويرشّونهم رشًّا عشوائيا فيسقط العشرات من القتلى والجرحى من غير ذنب. هذه الأعمال الإرهابية الوحشية تتكرر يوميًا على الساحة الإسلامية ويدّعي فاعلوها أنهم يجاهدون في سبيل نصرة الدين وإعزاز الإسلام. وتنقل وسائل الإعلام المشاهد المأساوية للضحايا وآثار الدمار والدماء دون أن تثير الدوافع لاتخاذ موقف حاسم لتفكيك الفكر العدواني الإجرامي الذي غزا عقول بعض شبابنا وتمكّن منها واستولى على نفوسهم وزيَّن لهم الضلالة هدى.

فبالرغم من آلاف ضحايا هذا الفكر الوحشي الذي يعيث في الأرض فسادًا، لم نسمع بوقفة حازمة جادة تجاه المنابر الدينية التي تملأ قلوب وعقول كثير من الشباب بـ”ثقافة الكراهية” التي تدفعهم إلى تدمير ذواتهم وإرخاص قيمة الحياة في نفوسهم. أما السلطات الأمنية فلا زالت تُغلِّب العامل الأمني في مواجهتها للأعمال الإرهابية، وتكرس جهودها على المعالجة الأمنية دون استئصال عروق المرض الفكري الذي تمكّن من عقول بعض شبابنا المتحمس دينيًا. ومن خلال محاولات هزيلة لا تسمن ولا تغني من جوع شُكلت بعض اللجان لتوعية من ابتُلِيَ بداء الإرهاب وراجعت مراجعة سطحية المناهج التعليمية بهدف تنقيحها من العناصر الفتاكة، ولكن ما جدوى كل هذا مع بقاء الجذور السامة في بنية الخطاب الديني؟!

وهكذا تبقى الحلول والإجراءات المتخذة تجاه الفكر العدواني الإرهابي، حلولاً سطحية أشبه بالمسكنات المؤقتة التي لا تصل إلى أصل الداء العميق المتمكن من المفاصل الفكرية والثقافية المسيطرة في مجتمعاتنا. والسؤال الذي يطرح نفسه في هذا المقام.. لماذا يتردد أصحاب السلطة في اتخاذ موقف حاسم من الفكر المتطرف عبر تطهير مؤسسات ومنابر أخفقت في تحصين شبابنا ضد آفة الإرهاب؟! إلى متى يتم في مجتمعاتنا تغليب العامل السياسي على العامل العقائدي الصحيح؟!

يجب على مجتمعاتنا أن تراجع نفسها وتقف وقفة تأملية جادة تفحص من خلالها الآليات الضالة التي أوصلتنا إلى هذه المأساة. وتتساءل لماذا نحن في هذا الحال بالرغم من توفر وانتشار وسائل التوعية من محطات إذاعية وفضائيات دينية وهلم جرًّا. ولا شك أن جميعها فشلت في إنتاج ثقافة مانعة على أرض الواقع تجاه الفكر الديني المتطرف. لماذا تحول بعض شباب المسلمين إلى “وحوش فتاكة” ضد مجتمعاتهم وأوطانهم؟ لم هذا الاستخفاف بحياة الناس؟ هذه التساؤلات وغيرها تضعنا أمام الأمر الواقع أننا نعيش فزعة لم يشهد لها تاريخ الإسلام مثيلا يمكن أن تشخص بمصطلحات الطب الحديث بالسرطان الذي هو خلل تهاجم من خلاله بعض مكونات الجسم مكونات أخرى. وهذا ما نراه على الساحة الإسلامية تحديدا حيث إن الكراهية تهاجم كل معالم المحبة وتمحقها محقًا تحت غطاء شعارات دينية زائفة.

ولقد استولت هذه الكراهية العمياء على قلوب الحاقدين الفاشلين في تحقيق أي شيء يُذكر أو يُسمى فأطالوا اللحى وارتَدوا العباءات، ونصبوا أنفسهم حماةً ودعاةً للدين،ِ والدينُ منهم براء، ونغثوا سمومهم في عقول كثير من الشباب المتحمس لخدمة الدين وألقوا بهم وبضحاياهم إلى التهلكة. إن هؤلاء المتاجرين بدماء شبابنا ذرياتهم لا زالوا و في أمن ونعمة بينما آلاف الشباب ذهبت دماؤهم هدرًا. وتناسوا سماحة الشريعة الإسلامية وعفو الدين الحنيف قاموا باستنباطات خاطئة مبنية على نصوص جردوها من سياقها. هذا إلى جانب قراءات مشوهة لتاريخ الإسلام اتخذوها صرحًا أيديولوجيا يبررون من فوقه جرائمهم وإساءتهم للدين الحنيف ولرسول الأمن والسلام سيدنا ومولانا محمد المصطفى .

ولا شك أن هذه الشريحة من الشباب الثائر هم ممن يتاجرون بالإسلام من أجل مصالحهم أو أحلامهم وأوهامهم. ولا شك أنهم يخلطون بين قداسة الدين وجاه الدنيا. والحقيقة التي لا بد من الجهر بها هي أنهم شديدو الخطر على الإسلام لأن الكثير من المسلمين تحملهم العواطف الجياشة فينقادون ويتطوعون في صفوفهم. فيسيئون للإسلام والمسلمين على حد سواء وهم يحسبون أنهم يحسنون صنعا. فشتان بين رحمة الدين الحنيف وسماحته وبين وحشيتهم وغطرستهم.

وها نحن نقول من منبر التقوى لكلّ من تسول له نفسه للقيام بهذه الأعمال الوحشية: “بالله عليكم .. لا ترتكبوا الجرائم والمظالم باسم حبينا المصطفى “. فرسول الرحمة للإنسانية قاطبة لم يرفع سيفه البتة إلا مضطرًا لرد العدوان ضد جماعته، ولم يهجم قط على مدنيين ولم يحرق زرعًا ولا نباتًا ولم يهدم دير عبادة ناهيك عن المساجد، بل على النقيض من ذلك أمَّن لها الحماية والرعاية الكاملة.

إن هذا هو فكر الجماعة الإسلامية الأحمدية المستوحى من شعارها “الحب للجميع ولا كراهية لأحد” الذي أثبت نجاعته على ما مدى تاريخها المجيد منذ مائة وخمسة وعشرين سنة المنصرمة وهو وحده لقادر على تفكيك الفكر العدواني وأن يحل محله.

إنها دعوة صادقة نرفعها من هذا المنبر الشامخ داعين المولى عز وجل أن ينور بصيرتكم ويهدينا وإياكم لسواء السبيل. وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.

Share via
تابعونا على الفايس بوك