مع رحيلِ 2018، هاؤم اقرءوا كتابِيه
  • حصاد سنة 2018
  • ترجل مشايخ التكفير عن صهوة ظهور الشعوب
  • إنجازات الجماعة خلال هذه السنة

__

بات من الممكن أن تشهد الدنيا بأم عينيها آية البعث والخلق الجديد على نطاق واسع. وإنه لعمري خلق أعظم شأنا من مجرد إعادة جسد مقبور إلى الحياة من جديد، وثمة قاسم مشترك بين خلق الأمم وبعثها وخلق النفس الواحدة،

مَا خَلْقُكُمْ وَلَا بَعْثُكُمْ إِلَّا كَنَفْسٍ وَاحِدَةٍ إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ بَصِيرٌ (1)..

العالم من حولنا يتغير، وما كان بالأمس من قبيل المستحيلات، أصبح اليوم يتحقق بكل منطقية وبسرعة وبخطى حثيثة بشكل لافت للنظر، وخريطة الأحداث العالمية تتغير، فتذهب أنظمة حاكمة وتحل محلها أنظمة أخرى تهدم ما عمرته سابقتها من القواعد وتقتلعه من الجذور.. لسنا بصدد تأييد أي من الأطراف على حساب الآخر، وإنما نرتقب الصراع من مكان بعيد، مسبحين الله الحي القيوم الذي أنبأنا من قبل بكل تلك التغيرات قبل أن تولد من رحم الغيب، وتدهشنا حركة بوصلة الأحداث التي تتجه دوما نحو تحقق إرادة الله تعالى في نهاية المطاف، وإن كانت معطيات الواقع تشير في الظاهر إلى نقيض ذلك.
من كان ليتصور يوما أن يترجل مشايخ التكفير عن صهوة ظهور الشعوب؟! نعم، كنا نؤمن بأن سطوتهم ستضمحل يوما، ولكن ما كان أكثرنا ليتوقع أن ذلك الاضمحلال قريب إلى هذه الدرجة.

وصرنا نسمع أصواتا تنادي بتجديد الخطاب الديني، من أعلى الجهات، بل وتجعل بعض من نصَّبوا أنفسهم الأوصياء على الدين في موضع المسؤولية الكبرى وتضطرهم إلى تجديد يتجرعونه ولا يكادون يسيغونه. إننا وإن كنا نحمد مساعي التجديد تلك، إلا أننا لا نتوقع أن تؤتي ثمارها المرجوة، لأن فاقد الشيء لا يُعطيه، فلا يُعقل أنْ تُلام الذبابة إذ لا تُخْرِج من بطنها عسلا…

إن إعادة تقييم المرء لموقفه وحساب حجم ما تكبده من خسائر خلال مدة معينة، لهو مدعاة إلى نظرة تأمل وتساؤل عما إذا كان ربما يسير في الاتجاه الخاطئ دون أن يشعر، والعاقل من يدرك من فوره أن مجرد مواصلة السير في ذلك الاتجاه المشؤوم لهو أمر منذر بعاقبة وخيمة. الحال ذاتها جارية على المجتمعات والأمم. ولقد لوحظت ظاهرة تقييم الموقف تلك في أكثر من بلد في منطقتنا العربية، وصرنا نسمع أصواتا تنادي بتجديد الخطاب الديني، من أعلى الجهات، بل وتجعل بعض من نصَّبوا أنفسهم الأوصياء على الدين في موضع المسؤولية الكبرى وتضطرهم إلى تجديد يتجرعونه ولا يكادون يسيغونه. إننا وإن كنا نحمد مساعي التجديد تلك، إلا أننا لا نتوقع أن تؤتي ثمارها المرجوة، لأن فاقد الشيء لا يُعطيه، فلا يُعقل أنْ تُلام الذبابة إذ لا تُخْرِج من بطنها عسلا، لهذا طالما سمعنا التعليم النبوي القائل: «إِذَا وُسِّدَ الْأَمْرُ إِلَى غَيْرِ أَهْلِهِ فَانْتَظِرْ السَّاعَةَ»، وليس أهل تجديد الخطاب الديني من كانوا بالأمس القريب سبب نكبته، إنما أهله من نصبه الله تعالى، وأعلن ذلك بنفسه، وشهد له ولا يزال يسجل إنجازاته على مدى قرن وربع. فبإجالة النظر في هذا السجل الناصع، ألا وهو سِجِلُّ أحوال جماعة الخلافة، أي الجماعة الإسلامية الأحمدية، فها هو عام 2018 يشد رحاله، وقد لبث معنا ضيفا خفيفا أهدانا من متاعه الكثير، فلجماعتنا خلال هذا العام نجاحات شتى وفتوحات عابرة للقارات، أبرزها ما تم إعماره من مساجد في أوروبا وأمريكا الشمالية وأمريكا الوسطى، فمن مسجد بيت المقيت في ضاحية وولسول بلندن، إلى مسجد بيت الرحيم في ألكين ببلجيكا، ثم بيت العافية في فيلادلفيا وبيت الصمد في بالتيمور، وكلاهما في الولايات المتحدة الأمريكية، وصولا إلى الزيارة التاريخية التي قام بها خليفة المسيح إلى جمهورية غواتيمالا بأمريكا الوسطى لافتتاح مستشفى ناصر. ووصل صوت رسالة الأحمدية أي الإسلام الحقيقي إلى أقصى الغرب من المعمورة، ليصدح صوت الأذان في بلاد لا تكاد تسمعه، فيعلم الخلق تأدية حق الله، أما على صعيد أداء حقوق العباد، فحدث ولا حرج، فكم من بئر حفرت! وكم من شجرة غرست! وكم من مدرسة شيدت! كلها لفائدة خلق الله جميعا دون تمييز بينهم سواء في الدين أو العرق أو اللون، وكم من المشافي أقيمت! ليعالج فيه -إلى جانب المسلمين الأحمديين- خصومهم ومن كانوا لا يتورعون عن إزهاق أرواحهم، فلسان حالنا يقول: لَئِنْ بَسَطْتَ إِلَيَّ يَدَكَ لِتَقْتُلَنِي مَا أَنَا بِبَاسِطٍ يَدِيَ إِلَيْكَ لِأَقْتُلَكَ ۖ إِنِّي أَخَافُ اللَّهَ رَبَّ الْعَالَمِينَ (2)
كان كل ما سبق مجرد صفحة من سجل أحوال وإنجازات جماعتنا خلال عام 2018 الموشك على الرحيل، فماذا عن سجل الآخرين، من دول وحكومات ومنظمات؟! إننا بالنظر بعين المقارنة بين كلا السجلين نجد أنفسنا مضطرين إلى إعادة طرح السؤال التاريخي الذي طرحه المسيح الموعود (عليه الصلاة والسلام) على معارضيه مرارا، وهو:

هَلْ كَانَ هَذَا فِعْلَ رَبٍّ قَادِرٍ؟!
أَمْ هَلْ تَرَاهُ مَكَائِدَ الإِنْسَانِ؟!

عزيزي قارئ التقوى، تطالع في عدد آخر شهور 2018 باقة من المواد المواضيع ذات العلاقة بالتجديد بمعناه الأشمل، فارتكازا على خطبة حضرة أمير المؤمنين (أيده الله تعالى بنصره العزيز) ندرك كيف أن الاستقامة والتأسي بالأسوة المحمدية لهما منبع الكرامات ومظهر الآيات، وأنَّى يُتَوقع تجديد الدين ممن لم يُجددوا أخلاقهم ولم يُحَسِّنُوها؟! ثم من مقالات العدد نقدم ما يشير فيه الكاتب إلى أن أسقام المجتمعات بحاجة إلى الأسوة المحمدية لعلاجها.نسأل الله تعالى أن تكون كل كلمة سُطرت في هذا العدد ابتغاء مرضاته، وأن تكون سببا في التقدم إلى الأمام.. آمين ثم آمين، وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.

1. لقمان 292. المائدة 29
Share via
تابعونا على الفايس بوك