مؤتمرات الخيرات والبركات

مؤتمرات الخيرات والبركات

التحرير

خيمة شامخة، لونها يسر الناظرين نُصبت على أرض معشبة. في داخلها الأبيض والأسود والأحمر والأصفر مجتمعين تحت لواء تظاهرة دينية سلمية كبيرة يرددون “الله أكبر” تارة و “لا إله إلا الله محمد رسول الله” تارة أخرى.. وِحدة الصفوف، الأمن، السلام والطاعة المنقطعة النظير لقائدهم الروحي إحساس يجد طريقه إلى قلب كل من يشهد هذا المنظر الخلاب.. تجدهم متحابين متكاتفين، يتموجون في بعضهم البعض في هدوء ساحر.. ويشتعلون حماساً تارة في هتافات تكبير الله عز وجل.. وتأتي عليهم لحظات خشوع تام فيذرفون الدموع على أعتاب الله. يستمعون بكل جد واهتمام إلى كل صغيرة وكبيرة تُقال في الندوات والمحاضرات المنعقدة ويستفيدون من التجارب الروحية لبعضهم البعض، تلك التجارب التي تُقوي صلتهم بخالق العباد وتجذب المزيد من أصحاب القلوب الطاهرة إلى منبع الصدق والإيمان.

هكذا عزيزي القارئ نكون قد رسمنا لك صورة مصغرة للمؤتمر السنوي للجماعة الإسلامية الأحمدية الذي ينعقد في كل صيف جديد يشرق على أبناء جماعتنا حيث يحمل معه لقاء الأحبة.. فتجتمع الطيور الإسلامية المنتشرة في الخارطة العالمية المختلطة الأجناس والانتماءات تحت قيادة إمامهم الروحي والخليفة الرابع لسيدنا الإمام المهدي عليه السلام.

ويتلهف أبناء الجماعة للسفر لحضور المؤتمر ويبذلون كل ما في وسعهم لأجل ذلك. والجدير بالذكر أن هذه اللهفة هي لهفة لقاء إمامهم وإخوانهم، ولرؤية الإخوة الجدد الذين التحقوا بهذه المسيرة المباركة. ولا يخالط هذه اللهفة شيء من متاع الدنيا وزينتها. فهدفهم هو اللقاء وليس السياحة والتسوق والشراء.

“وهكذا تتوطد الصلات الاجتماعية وتتلاقح الثقافات ويطلع على الأرض فجر جديد يسبح فيه الناس بحمد الله ويستغفرونه”

فهم يقضون نهارهم في حضور فعاليات المؤتمر من خطب وندوات دينية تتناول تفسير القرآن الكريم وشرح السنة النبوية الشريفة وذكر مآثر السلف الصالح، ويقضون ليلهم في اللقاءات الودية مع إخوتهم، إضافة إلى الدعاء والابتهال أمام الله تعالى في ظلمات الليل خاصة أثناء صلاة التهجد. وهكذا تنصهر القلوب في بوتقة الحب ويزول ما فيها من غل، وتتوجه الأنظار إلى هدف سام وهو رفعة الإسلام وإعلاء كلمته على أنفسهم أولاً، وفي كل موضع يطئونه أو منزل ينزلونه ثانياً.

وقد يستغرب المراقبون والدارسون للتاريخ المجيد لجماعتنا عن النجاح الباهر الذي يحظى به هذا المؤتمر الفريد من نوعه. والسر وراء هذا النجاح يكمن في أن نداء سيدنا الإمام المهدي عليه السلام لعقد هذا المؤتمر كان أمراً من الله تعالى. ومن سنته عز وجل أنه عندما يأمر أصفياءه بالقيام بأمر ما يكتب له النصر والتوفيق ولن يؤثر كيد الكائدين في أمر السماء هذا، بل على العكس يُظهر الله عز وجل جلاله وقدرته ويحقق أمره. فيفرح المؤمنون بهذا التجلي العظيم لقدرة الله وسلطانه.

وفي واقع الأمر لا نجد وصفاً أشمل وأكمل لخيرات وبركات هذا المؤتمر من ذلك الذي بينه خير خلق وأكملهم.. سيدنا محمد المصطفى صلى الله عليه وسلم حيث قال: “ما جلسَ قومٌ مجلسًا يَذكرونَ اللهَ فيه إلَّا حَفَّتْهُم الملائكةُ وتَغشَّتهُمُ الرحمةُ وتنزَّلَتْ عليهم السكينةُ وذَكرَهُم اللهُ فيمن عندَه”. فما كان لهذا المؤتمر أن يذوق طعم التأييد الإلهي المطلق بدون أن تحف الملائكة مجالس ذكر الله.

وهكذا تتوطد الصلات الاجتماعية وتتلاقح الثقافات ويطلع على الأرض فجر جديد يسبح فيه الناس بحمد الله ويستغفرونه.

جعلنا الله ممن يشهدون هذه المجالس لذكر الله ومِن روّادها وجعل نصر الإسلام قريباً إنه مجيب. وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.

Share via
تابعونا على الفايس بوك