المكملات الغذائية.. فوائدها المرتجاة وممضارها المحتملة

المكملات الغذائية.. فوائدها المرتجاة وممضارها المحتملة

أحمد وائل

كاتب
  • لماذا لا يمكن الاكتفاء بأحدهما (أي العمل والأمل) دون الآخر؟!

 ___

 

 

تتعاطى نسبة ضخمة من الناس حول العالم المكملات الغذائية أو Dietary Supplements  بدوافع شتى، منها الطبية، ومنها الرياضية، ومنها العادات الغذائية. ويطلق مصطلح المكملات الغذائية على مجموعة واسعة من المنتجات التي تُتَناول دعما للوضع الصحي أو تكملة للنظام الغذائي، ولا تعتبر المكملات الغذائية بديلاً تاما عن الطعام أو بديلاً تاما عن الأدوية في حالة المرض، حيث لا يسمح لمصنعي المكملات الغذائية بوصف منتجاتهم على أنها تشفي أو تعالج أو تمنع الأمراض، ولكنها تساعد في تقليل خطر حدوث بعض المضاعفات الصحية مثل هشاشة العظام، أو نزلات البرد، أو التهاب المفاصل وغيرها من الأمراض. القاسم المشترك بين كافة مستخدمي المكملات الغذائية أنهم يتعاطونها بغية تعويض بعض العناصر الغذائية للنظام الغذائي في حال نقصها أو رجاء الحصول عليها بكميات وفيرة قد لا يتيحها النظام الغذائي الطبيعي بسهولة.

تاريخ المكملات الغذائية

لم تُدرجَ المكملات الغذائية تاريخيًا في النظام الطبي الغربي التقليدي. تتضمن المكمّلات الغذائية الأعشاب الطبية والإضافات الغذائية التي هي في أصلها منتجات مشتقة من مصادر غذائية يُفترض أنها ذات جدوى صحية. ونظرا إلى اتساع نطاق انتشارها، فقد أقر الكونغرس الأمريكي قانونا لتنظيم رواج المكملات الغذائية والتوعية بها ويعرف اختصارا بـ DSHEA، وذلك في عام 1994. وقد عرف DSHEA المكمل الغذائي بأنه أي منتج (غير التبغ) يحتوي على فيتامين، أو معدن، أو عشبة، أو منتج نباتي آخر، أو حمض أميني ويُستعمل كمكمل للنظام الغذائي العادي. كما تُعدُّ هرمونات مُعيَّنة مثل الميلاتونين، من المكملات الغذائية أيضًا.

يقتضي القانون DSHEA بأن يتضمن المُلصق الموضوع على عبوة المُكمِّل الغذائي معلوماتٍ تُعرِّف به في حدّ ذاته، وينبغي أن يُبيِّن هذا الملصق أنَّ خواص مُنتَج المكمِّل الغذائي لم يجرِ تقييمها من قبل هيئة الغذاء والدواء الأمريكية، كما ينبغي أن يتضمن أيضًا قائمةً تشمل كافة مكونات ذلك المكمل الغذائي بالاسم والكمية والوزن الإجمالي، وينبغي أن تُحدِّد أجزاء النبات التي استُخرجَ منها كلُّ مُكوِّن. يُسمَح للمُصنِّعين بتقديم معلومات حول بنية ووظيفة المنتج، كأن يُكتب عليها مثلا أن هذا المنتج مفيد لصحة الكليتين أو مفيد لصحة المعدة، ولكنهم لا يستطيعون تقديم أو تضمين معلومات تصف المُنتج كدواء أو علاج (على سبيل المثال، يعالج قرحة المعدة أو يُعالج التهاب مجرى البول). وغالبًا ما تُدرج تواريخ انتهاء الصلاحية على الملصقات المعيارية للمُنتَج، شأن كل المنتجات الغذائية والطبية الأخرى.

لماذا نطمئن لاستعمالها؟!

نظرا إلى طبيعية مصدر معظم المكمّلات الغذائية المستعمَلة في الطب البديل، حيث تُشتقُّ من النباتات، ويُشتق بعضُها من أنسجة حيوانية، فإن غالبية الناس يفترضون أنَّها آمنة للاستخدام البشري، على الرغم من أنه ليس من الضروري أن تكون كل مادة آمنة لمجرَّد كونها طبيعيَّة المصدر، فالكثير من السُّموم الفعّالة على سبيل المثال تُستخلص من مصادر طبيعية، نباتية أو حيوانية كسم الشُّكران ذي المصدر النباتي وسموم الثعابين ذات المصدر الحيواني. بالإضافة إلى ذلك، فإن كل مادة يتعاطاها المرء لا بد وأن يؤثر حتما في كيمياء الجسم بصورة ما، سواء كانت أدوية أو مكملات غذائية نالت موافقة هيئة الغذاء والدواء للاستعمال الغذائي أو الطبِّي، أن تسبب تأثيرات جانبية غير مرغوبة.

السّلامة والفعاليَّة

نظرًا إلى أنَّه لم يتم وصف المكملات الغذائية باعتبارها أدويةٍ علاجية من قِبَل هيئة الغذاء والدواء، فإن مُصنعيها غير مطالبين بإثبات كونها آمنة وفعَّالة (رغم أنَّه ينبغي أن يكون لها تاريخٌ محدد لضمان سلامة الاستعمال). ولذلك، جرت دِراسة بضعة مكملات بشكلٍ دقيقٍ من حيث سلامتها وفعاليتها. بالإضافة إلى ذلك، ولأن الحاجة إلى تقييم المكملات الغذائية عند البشر لم تُكتشف إلا مؤخرًا، فإن الكثيرَ من المعلومات المتاحة لم تُجمَع بشكل منهجي أو علمي، ولهذا يصعُبُ تقييمها. ينبغي على الشركات المصنِّعة إبلاغ هيئة الغذاء والدواء بشكل فوري عن الأعراض الجانبية السلبية المتوصل إليها، والتي قد تشكل خطرا على صحة المستخدمين، ويتم ذلك الإبلاغ من خلال نظام MedWatch التابع لهيئة الغذاء والدواء، ومع هذا فإن عددا من المكملات الغذائية قد ثبتت فوائدها الجمة وأمنها التام، مثل زيت السمك، والكوندرويتين، والغلوكوزامين، ونبتة سانت جون، فوصفت باعتبارها آمنة وتشكل إضافات مفيدة للأدوية المعيارية.

وفي المُقابل، جرت دراسة كلّ من الأدوية الموصوفة والأدوية التي تُباع من دون وصفةٍ طبيةٍ بشكلٍ شاملٍ ومنهجيّ من قبل باحثين، وجرت مُراجعتها من حيث السلامة والفعالية من قبل هيئة الغذاء والدَّواء. ينطوي هذا على دراسات على الحيوانات للتَّحرِّي عن استفحال السرطان وتضرُّر الأعضاء، واختبارات سريرية على البشر للتَّحرِّي عن أيَّة علاماتٍ للسُّمِّيَّة.

تختلفُ كمية ونوعية الأدلة التي تدعم فعالية المكملات بشكلٍ كبيرٍ، وبالنسبة إلى بعض المكملات، تكون الأدلَّة التي تدعم فعاليَّتها مُقنِعة، ولكن بالنسبة إلى معظم المكملات، لم يَجرِ تصميم دراسات علميَّة بشكلٍ يكفي لتقديم إجابات واضحة وموثوقة. فبالنسبة إلى بعض المكملات، يكون الدليل الوحيد الذي يشير إلى الفعالية هُوَ تقارير حول أعداد قليلة من الأشخاص أو دراسات أُجريَت على حيوانات. وتزداد الأدلة حول سلامة وفعالية المكملات الغذائية بسرعة مع إجراء المزيد من الأبحاث السريرية.

 

النَّقاوة والمُعايَرة

من الأمور الأخرى المثيرة للقلق بخصوص المكملات الغذائية مسألة مدى نقاوتها ومعايرتها مختبريا وصناعيا، فعلى خلاف الأدوية، لا توصف المكملات باعتبارها نقيَّة أو محتوية على المكونات أو مقدار المادة الفعَّالة المزعومة، ونتيجةً لذلك، قد يحتوي المُكمِّل على مواد أخرى قد تكون خاملة او ضارَّة، بما في ذلك بعض الحالات التي رصدت فيها أدوية موصوفة أو أدوية تُباع من دون وصفةٍ طبيةٍ، اشتمل تركيبها على مواد خطرة مثل المعادن الثقيلة ذات الأثر السمي كالرصاص والزئبق.

 

التداخلاتُ مع الأدوية

إن ما يميز المكمل الغذائي عن الدواء هو أن المكمل الغذائي يجب ألا يدعي أنه يعالج أو يمنع المرض. ومن الممكن أن يكون الفرق بين المكملات الغذائية والدواء معقدًا. على سبيل المثال، يمكن بيع النياسين (فيتامين ب3) في بعض المواقف كدواء لخفض مستويات الكوليسترول في الدم ومستويات الدهون الثلاثية. ومع ذلك، إذا كُتِب على ملصق عبوة المكمل الغذائي هذا الادعاء، فسيخضع المصنِّع للمساءلة القانونية. الفرق أن الدواء يتم وصفه من قبل طبيب مختص يقوم بتقييم الاحتياجات الشخصية للمريض في سبيل التعامل مع المرض بهدف علاجه، في حين يمكن الحصول على المكملات الغذائية بدون وصفة طبية لدعم الصحة العامة واكتساب الشعور بالعافية.

يسمح DSHEA لمصنعي المكملات باستخدام المطالبات التي تشير إلى تأثير الملحق على بنية الجسم أو وظيفته، بما في ذلك تأثيره العام على رفاهية الشخص. تُعرف هذه باسم مطالبات «الهيكل – الوظيفة». أمثلة على ادعاءات الهيكل والوظيفة هي:

فيتامين د 3؛ يدعم وظيفة المناعة الطبيعية والدفاعات المضيفة.

فيتامين ج؛ يدعم سلامة الكولاجين والأنسجة الضامة.

يوفر الغلوتاثيون؛ مضادات الأكسدة ودعم إزالة السموم.

يمكن للمصنعين استخدام ادعاءات الهيكل والوظيفة دون إذن إدارة الغذاء والدواء، ولكن مثل جميع مطالبات الملصقات، يجب أن تكون ادعاءات الوظيفة الهيكلية صحيحة وليست مضللة وإلا ستتدخل إدارة الغذاء والدواء أو لجنة التجارة الفيدرالية. يمكن أن يكون من السهل تحديد ادعاءات الهيكل والوظيفة لأنه، على الملصق، يجب أن تكون مصحوبة بإخلاء المسؤولية «لم يتم تقييم هذا البيان من قبل إدارة الغذاء والدواء. هذا المنتج غير مخصص لتشخيص أي مرض أو علاجه أو الوقاية منه.

مَخاوف محتملة

يمكن للمكملات الغذائية أن تتداخل مع الأدوِيَة الموصوفة والأدوية التي تُباعُ من دون وصفةٍ طبيةٍ، وقد تزيدُ هذه التداخلات أو تقلل من فعالية دواء أو تسبب تأثيرات جانبية. قبل أخذ مكملات، ينبغي على الأشخاص استشارة الطبيب، بحيث يمكن تجنُّب مثل هذه التداخلات. أجرِيَ عدد قليل من الدراسات التي أجريت للتَّحرِّي عن التداخلات الدوائيَّة مع المُكمِّلات الغذائيَّة، لذلك فإنَّ معظم المعلومات حول هذا الأمر تأتي من تقارير فرديَّة متفرِّقة حول التداخلات.

بالإضافة إلى التداخلات الدوائية، هناك مشاكل أخرى محتملة مع استخدام المكملات الغذائية:

قد لا تكون المكملات (خُصوصًا المنتجات العشبية) مستقرةً حالما يجري تصنيعها، ونتيجة لذلك، تُؤدِّي إلى فوائد متباينة أو لا تؤدي إلى أية فائدة على الإطلاق.

وخلافًا للأدوية التي تصرف بموجب وصفة، غالبًا ما يكون هناك القليل من الأدلة على أفضل جرعة من المُكمِّلات.

قد يستخدمُ المرضى المكملات الغذائية بدلًا من الأدوية التقليدية التي يصفها الطبيب.

قد تكون المكملات سمِّيةً وتسبب الضرر.

ولتجنب أو تدبير هذه القضايا المحتملة، من المهم أن يكشف الأشخاص عن استخدامهم لجميع المكملات الغذائية للطبيب.

Share via
تابعونا على الفايس بوك