ما الإيمان؟! وما العرفان؟!
  • ما الإيمان؟
  • ما العرفان؟
  • ما السر في أن العرفان والإثم لا يجتمعان في قلب واحد؟

___

لعل أحدا يقول هنا بأن الشيطان أيضا حائز على المعرفة الكاملة فلماذا يعصي؟ فجوابه أنه ليست لديه المعرفة الكاملة قط التي يُعطاها السعداءُ. ومن طبيعة الإنسان أنه يتأثر حتما بالعلم البالغ درجة الكمال، ولكن عندما يواجهه الهلاكُ بوجهه المهيب فلا يتصدى له. أما حقيقة الإيمان فليست إلا أن المرء يؤمن على سبيل إحسان الظن، أما حقيقة العرفان فهي أن يرى أيضا ما آمن به. لذا فإن اجتماع العرفان والعصيان في قلب واحد محال، كاستحالة اجتماع النهار والليل في آن معًا.

تجربون كل يوم أنه إذا ثبت كون شيء ما مفيدا تتولّد في القلب رغبة فيه فورا، وإذا ثبت ضرره خافه فورا كذلك. فمثلا إن مَن لا يعرف بأن الذي في يده هو سم الفأر يمكن أن يتناوله بقدر مثقال أو مثقالين دفعة واحدة معتبرا إياه طباشير أو دواء مفيدا آخر، ولكن الذي يعرف من خلال تجربته أنه سم قاتل فلن يتناوله ولو بأقل من المثقال لأنه يعرف أنه سيرحل من الدنيا فور تناوله. فعندما يعرف الإنسان على وجه الحقيقة بأن الله تعالى موجود بلا شك وأن الآثام كلها قابلة للعقوبة في نظره بما فيها السرقة وسفك الدماء، والفاحشة والظلم والخيانة، والشرك والكذب وشهادة الزور والاستكبار، والرياء، وأكل الحرام، والغدر، والسباب والخداع، ونقض العهود والغفلة والعيش بأعمال مشينة، وعدم الشكر لله، وعدم خشيته، وعدم مواساة عباده، وعدم ذكر الله بقلب خائف، والانهماك الكلي في لهو الدنيا ولعبها، ونسيان الـمُنعم الحقيقي، وعدم الالتزام بالدعاء والتواضع، والغش في المبيعات، وخسران الموازين، والبيع بسعر أقل من السوق، وعدم خدمة الوالدين، وعدم حسن المعاشرة مع الزوجة، وعدم طاعة الزوج بالكامل، والنظر السيئ إلى غير المحارم من الرجال أو النساء، وعدم الاهتمام بالأيتام والضعفاء والمساكين والمنكوبين، وعدم رعاية حقوق الجيران وإيذاؤهم، وإهانة المرء الآخرين لإبراز نفسه، والاستهزاء بأحد بكلمات نابية تؤذي قلبه أو بيان عيبه الجسدي إهانةً له، أو نَبْزُه بالألقاب أو اتهامه بغير حق، أو الافتراء على الله، أو ادعاء النبوة أو الرسالة بالباطل، أو الادّعاء أنه من الله، والعياذ بالله، أو إنكار وجود الله تعالى، أو التمرد ضد مَلك عادل وعيث الفساد في البلاد شرا وخبثا، فكل هذه الآثام يتركها المرء تلقائيا بعد معرفته أن ارتكاب كل واحد منها يستلزم عقوبة.

( كيف يمكن التخلص من الإثم، ص 69)

Share via
تابعونا على الفايس بوك