نصائح ثماني تعينكم على سلوك سبيل التقوى
  • ما التقوى أصلا؟
  • لماذا التقوى هي أصل كل عمل صالح؟
  • ثماني وسائل لتعزيز تقوانا

 

 __

الخطاب الافتتاحي الذي ألقاه أمير المؤمنين سيدنا مرزا مسرور أحمد أيده الله تعالى بنصره العزيز

الخليفة الخامس للمسيح الموعود والإمام المهدي بتاريخ 5/8/2022م

بمناسبة الجلسة السنوية لجماعة بريطانيا في حديقة المهدي بريطانيا

 

أشهد ألّا إله إلا الله وحده لا شريك لـه، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله. أما بعد فأعوذ بالله من الشيطان الرجيم. بسْمِ الله الرَّحْمَن الرَّحيم * الْحَمْدُ لله رَبِّ الْعَالَمينَ * الرَّحْمَن الرَّحيم * مَالك يَوْم الدِّين * إيَّاكَ نَعْبُدُ وَإيَّاكَ نَسْتَعينُ * اهْدنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقيمَ * صِرَاط الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلا الضَّالِّين . آمين.

 

 الهدف من عقد الجلسة السنوية

لقد بين المسيح الموعود الهدف من عقد الجلسة السنوية، وهو إقامة العلاقة الخاصة مع الله تعالى والاستماع لأقوال النبي والعمل به لإصلاح أنفسنا. فإننا نجتمع في هذه الأيام لإرواء ظَمَئِنَا الروحاني، فعلينا أن نضع هذا الهدف أمام أعيننا دوما. فكما قلتُ في خطبة الجمعة ستكون الجلسة محدودة في هذا العام بسبب ظروف خاصة، وهي تُعقد بعد انقطاع عام واحد، ندعو الله تعالى أن يبعد عنا هذا الوباء عاجلا ويرحمنا وأن تعود الأمور إلى ما كانت عليها وتُعقد الجلسة بكل شؤونها. ولكن شأنَ الجلسةِ الحقيقي هو أن يحدث حضورها تغييرا طيبا في أنفسهم وأن يسلكوا دروب التقوى بشكل دائم، كما ذكرتُ أننا اجتمعنا هنا لإطفاء غليلنا الروحاني، فهذا لا يعني أنه يكفي أن نشرب الماء مرة، بل الحق أنه لا يكفي أن نطفئ غليلنا بالاستماع لقول الله تعالى ورسوله في هذه الأيام فحسب بل علينا أن نتزود بهذا الماء الروحاني معنا ونطفئ به ظمأنا طول السنة ونهيّئ لأنفسنا أسباب الحياة به، وألا نعود إلى سابق عهدنا بعد أن أحدثنا تغييرا في حالنا في هذه الأيام الثلاثة بتأثير من جو الجلسة.

في هذه المرة هيأت بعض فروع الجماعة وفق ظروفها الأجواء لمتابعة البث الحي لبرامج الجلسة بشكل جماعي، ونستطيع أن نراهم بدورنا على الشاشة، وهذه أيضا تجربة جديدة في الجماعة وهي تجربة جيدة، حيث يجتمع الناس في مختلف الدول جالسين في مجالسهم في مساجدهم أو قاعاتهم لمتابعة برامج الجلسة المنعقدة هنا ويشتركون فيها مباشرة ونشاهدهم نحن  بدورنا. إنه أيضا فضل خاص من أفضال الله تعالى، إذ بالرغم من الظروف غير المواتية يَهَبُ لنا وسائل جديدة تفيدنا على نطاق واسع من حيث الجماعة. باختصار، يتابع أفراد فروع الجماعة هذه الجلسة في مناطقهم في بعض الدول، وبعض الناس يتابعونها من بيوتهم أيضا، فينبغي أن يكون تأثير هذه الجلسة على جميع المستمعين بحيث يصبح هذا التأثير جزْءًا دائما من حياتهم، حينها نستطيع أن نقول إننا قد حققنا هدف الجلسة وأدّينا حق مبايعتنا للمسيح الموعود وبالنتيجة سنكون ممن ينالون بركة أدعية المسيح الموعود وإلا سنكون محرومين من النعم التي هي منوطة بالجلسة.

مِن منة الله العظيمة علينا أنه وفقنا للإيمان بالمسيح الموعود الذي أرانا سبل أحكام الله والرسول التي لو سلكناها لفُزْنا بقرْب الله تعالى، ولأصبحنا أمة الرسول الحقيقية واستفدنا بأدعيته. لذا على كل واحد منا أن يتوجه إلى ذلك الهدف في هذه الأيام سواء كان يتابع برامج الجلسة هنا في حديقة المهدي أو في مكان الاجتماع في بلده تحت نظام الجماعة أو في بيته، عليه أن يضع نصب عينيه هذه الأمور التي هي من أهداف الجلسة والتي بيَّنها المسيح الموعود بوضوح في مختلف المناسبات. والتي لو أردنا أن نلخّصها في جملة واحدة فهي السلوك على دروب التقوى.

النصيحة الأولى: تزهّدوا دون رهبانية

قال : تزهّدوا. كيف ينشأ الزهد؟ لا يمكن من دون التقوى. والزهد يعني أن يضحي المرء بعواطفه، ويتجنب كل سيئة، ولا يتجنبها فقط بل يردّها بشدة كارها إياها، وأن يتجنب أهواء الدنيا الدنيَّة، ويفوِّضَ أموره لله ويسجد له وحده. ولا يمكن أن تنشأ هذه الأشياء إلا فيمن كان يتحلى بالتقوى، والتي أوصانا المسيح الموعود بتحقيقها، وقال أننا لو عملنا بها لأحدثنا انقلابا في حياتنا. وهذا لا يعني أن نترك الدنيا كليا فإن النبي قال ما مفاده أنه من الخطأ أن يترك الإنسان أمور الدنيا ويعيش في البراري وأن يُضيع ماله ولا يبالي به، لقد نهى الإسلام عن هذا أيضا، ونهى عن عدم أداء حقوق الأقارب. فالزهد يعني أن يضحي المرء بعواطفه ابتغاء مرضاة الله تعالى وهو يقيم في الدنيا ويقوم بجميع أموره الدنيوية، ولا تحول أية أمنية دنيوية بينه وبين الله، وإذا رزقه الله تعالى الجاه والمال فيُنفقه من أجل أداء حقوق الله وحقوق عباده. قال المسيح الموعود متحدثا في هذا السياق نفسه:

من مِيْزَةَ المؤمن الحقيقي أن يؤثر الدين مع اشتغاله في أعمال الدنيا. فيمكن أن يعمل في تجارات الدنيا ولكن ينبغي ألا تصبح هي الهدف الأساسي له. كان الصحابة أيضا يشتغلون بالتجارات التي كان قوامها مئات الآلاف، ولكنهم لم يكونوا ينسون حقوق الله وحقوق العباد للحظة واحدة.

لقد ذكر المسيح الموعود واقعة من كتاب «تذكرة الأولياء» فقال:

كان رجلٌ يشتغل بتجارة قوامُها آلاف الروبيات، فرآه أحد أولياء الله بنظرة الكشف فعلم أن قلبه لم يغفل عن الله لحظة واحدة على الرغم من اشتغاله بهذه التجارة الكبيرة، فعن مثل هؤلاء الناس يقول الله تعالى: لَا تُلْهِيهِمْ تِجَارَةٌ وَلَا بَيْعٌ عَنْ ذِكْرِ اللهِ . ومن كمال المرء أن يشتغل في أشغال دنيوية ولا ينسى الله أيضا. قال :

«والناسك الذي يلجأ إلى زاوية الخمول متضايقا من الأشغال الدنيوية يبدي ضعفا نوعا ما، لا رهبانية في الإسلام. لا أقول قط أنِ اخذُلوا الزوجات والأولاد واتركوا الأعمال الدنيوية. كلا، بل على الموظف أن يؤدي واجباته الوظيفية على أكمل وجه وعلى التاجر أن ينجز أمور تجارته ولكن يجب أن يقدم الدين».(1)

فهذا هو الزهد الحقيقي، وعلينا أن نستعرض أوضاعنا لنعرف هل نسعى لبلوغ هذا المستوى من الزهد؟ ألا إنما سنبلغه حين نتحلى بالتقوى، ونُعرض عن اللغو ابتغاء مرضاة الله ونسعى لاجتناب الأخلاق الذميمة، وليس ذلك فحسب بل نسعى لإظهار نماذج الأخلاق السامية، ونجتنب الفواحش وننشر الحسنات، بحيث لا تُبعدنا ثروتُنا عن إخوتنا بل تزيدنا تآخيا وحبا، فثمة حاجة إلى فحص نفوسنا من هذا المنطلق، لكي يتولد فينا هذا الزهد ونجعل دنيانا دينا، ووسيلةً لاكتساب رضوان الله ، وهذا لا يتحقق دون خوف الله وحبه، وهو ما يسمى التقوى.

من مِيْزَةَ المؤمن الحقيقي أن يؤثر الدين مع اشتغاله في أعمال الدنيا. فيمكن أن يعمل في تجارات الدنيا ولكن ينبغي ألا تصبح هي الهدف الأساسي له. كان الصحابة أيضا يشتغلون بالتجارات التي كان قوامها مئات الآلاف، ولكنهم لم يكونوا ينسون حقوق الله وحقوق العباد للحظة واحدة.

النصيحة الثانية: كونوا مثلا في الورع

ثم قال حضرته للقادمين لحضور الجلسة: لن ينفعكم حضورُ الجلسة ما لم تكونوا مثلا في الورع. فما هو الورع إذن؟ إنما هو خشية الله ، ولا يستطيع المرء إحراز هذه الحال ما لم يدرك ماهية التقوى وما لم يُكِنَّ قلبُه التقوى، فالإنسان يعمل أعمالا كثيرة ويعامل الآخرين معاملة سيئة بحيث يهضم حقوقهم، دون أن يشعر بذلك، أو قد يشعر فيخدعه الشيطان. أما إذا كان يخشى الله ويوقن بأنه ينظر إلى كل عمل له وهو يعاقب على الأمور الخاطئة والخطايا، فعند إقدامه على غصب حق أحد سيخطر بباله أن الله سيعاقبه على ذلك ومن ثم يمنعه هذا الخاطر من هضم حقوق الآخرين. إذن ثمة حاجة إلى فهم موضوع خشية الله بهذا التعمق، وليكن معلوما أن المسيح الموعود لا يتكلم هنا عن الورع البسيط بل يقول: يجب أن تكون معايير الورع عندكم مرتفعة جدا حتى تُعتبَروا مثلا في ذلك ويقول الناس فيما بينهم: إذا كنتم تريدون النظر إلى إنسان ورع حقيقي وأردتم أن ترَوا رجلا يضع خشية الله في الحسبان في كل قول وفعل له فانظروا إلى هذا الأحمدي. إذن يجب أن نفحص أنفسنا هل نسعى لإحراز هذه المعايير.

ثم يجب أن تتقدموا على درب التقوى أيضا، ويجب أن تكونوا مثلا في ذلك أيضا، أي يجب أن تسعوا لاجتناب كل نوع من الذنوب. إن حضرته يذكر كبرى الحسنات والذنوب الكبيرة، وإلى جانب ذلك ينصحنا باجتناب الصغائر أيضا. فقال: يجب أن تكونوا مثلا في التقوى أيضا، فكل هذه الأمور التي ذُكرتْ هي من خصال المتقي، الذي يسير على درب التُّقَى الحقيقي، ويؤدي حق البيعة. والإنسان لا يستطيع أن يؤدي حق البيعة ما لم يصبح مثلا يحتذى في التقوى، حيث يفحص الشخص نفسه ويعدد السيئات التي يجترحها وما إذا كان يسعى للتخلص منها، ثم يجب أن يستعرض ما هي الحسنات التي يقصر في إحرازها وهل يسعى لتدارك ذلك القصور، عندها سيصبح مثلا.

حين أتيتم لحضور الجلسة فعليكم أن تستعرضوا هذه الأمور. عندئذ ستستفيدون من الجلسة في الحقيقة.

النصيحة الثالثة: تحلَّوا بلين القلب، واملكوا زمام غضبكم

وبعد لفْت الانتباه إلى فحص نفوسنا بهذه الدقة، وجَّهَنا إلى خُلق آخر فقال تحلَّوا بلين القلب، فمن الترقي في درجات الورع وقطْع الأشواط على درب التقوى، والتماس الوسائل لنيل قرب الله، وسلوك السبل لدخول جنات رضوانه  واتخاذ الذرائع للفوز بحبه ، يأتي لينُ القلب وكظمُ الغيظ بدلا من إظهاره على أحد أيضا. والرفقُ والعفو رغم صدور القصور من الآخرين، بوصفها من أروع الخصال التي ذكرها الله في القرآن الكريم فقال:

وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِين (2)

فهذه هي العلامة التي بيَّنها للمومن الحقيقي الذي يُحْدث التغيير في نفسه، وغير المؤمن لا يقدر على بلوغ هذا المستوى. وإنما يكظم الغيظَ لله ويعفو عن أخيه مَن يخاف الله ولَيِّنُ القلب فقط. وقلَّما يتصف بهذه الصفة أحدٌ من أهل الدنيا، ويجب أن يَبلغ كل واحد منا هذه المستويات، فالواقع أننا نتخاصم على أبسط الأمور ونسعى للانتقام، لكن الله يقول إن ذلك لا يليق بالمؤمن، وإنما يليق به أن يعفو ويكظم غيظه. ثم انظروا، ما أعظم منة الله على ذلك! فهو يقول إنكم أحسنتم إلى أخيكم بالعفو عنه وأنا أجزيكم على ذلك بحبي. فكظْم الغيظ الجائز في سبيل الله والإحسان إلى الآخرين محبب إلى الله حيث يقول إنه يحب المحسنين. إذا كان المقامُ يقتضي إظهار الغيرة والجلال من أجل الله فيجب إظهارها، أما الغضب على أبسط الأمور والخصومات والانتقام فباطل تماما. فمن فاز بحب الله ماذا يريد أكثر من ذلك؟! إذ إن حبَّ الله يُدخل الإنسان في الجنة، ويملأ حياته بالحسنات. فعدم العفو عن الإخوة وإطالة القضايا بلا داع واللجوء إلى المحاكم ودُور القضاء لا يؤدي إلا إلى استشراء الخصومة وتفشِّي الفساد في المجتمع، فينبغي أن يجتنبها المؤمن الحقيقي. ولم يقل الله أن اكظموا الغيظ فقط وإن كان هو بحد ذاتها حسنة كبيرة، إذ كظم الغيظ صعب جدا، ويُعدُّ حسنة كبيرة، لكن الله ينصحنا بالارتقاء إلى مقام أرفع بكثير، ويريد المسيح الموعود ألا نكظم الغيظ فحسب بل أكثر من ذلك، أنْ نعفوَ بصدق القلب، حيث لا يبقى في القلوب أدنى كدورة، وهذا هو العفو الحقيقي، وهذا هو ليْن القلب، وهذا هو المقام الذي يُكسبنا حبَّ الله .

فعندما نصل بحياتنا إلى هذا المستوى سنصبح من الذين يحققون، وفق رغبة المسيح الموعود ، الهدف من هذه الجلسة. فعلى كل واحد الآن أن يحاسب نفسه، وينظر فيما إذا كان يسعى إلى بلوغ هذه الدرجة أم لا. لا شك أن الأغيار یجدون مثل هذه العلاقة والمحبة بين أفراد الجماعة، ولكن ينبغي ألا نرضى بمستواها حتى يبلغ كل واحد منا في التعامل مع غيره مستوى عاليا من الرفق والعفو بحيث تتولد منه نماذج الإحسان عند كل خطوة.

كيف أفهمنا النبي هذا الأمر؟ يقول :

«مَا مِنْ جُرْعَةٍ أَعْظَمُ أَجْرًا عِنْدَ اللَّهِ مِنْ جُرْعَةِ غَيْظٍ كَظَمَهَا عَبْدٌ ابْتِغَاءَ وَجْهِ اللَّهِ»(3).

فينبغي أن يراعي المرء رِضَى الله تعالى دائمًا. فكم هم سعداء أولئك الذين يُبَلِّغون رقةَ قلوبهم ورفقَها المستوى المذكور! هذا هو التعليم الحقيقي الذي تنتشر بواسطته المحبةُ والوداد وتنهدم به جدران النفور والكراهية.

فتحقيقا لرغبة المسيح الموعود وعملا بهذا التعليم ينبغي أن نسعى جاهدين لنشر المحبة وتهديم جدران الكراهية. الأمر الذي نحن بأمس الحاجة إليه. يقول المسيح الموعود وهو يوجه لنا النصح بقوله:

اعلموا يقينا أن هناك عداوة شديدة بين العقل والثورة، عندما يغضب الإنسان وينور لا يستقيم العقل. ولكن الذي يصبر ويتجلّد يُعطى نورا ينشأ به نور جديد في قواه العقلية والفكرية. ثم يتولّد نورٌ من نور. ولأن القلب والدماغ يكونا مظلمَين في حالة الغضب والثورة فلا يتولد من الظلام إلا الظلام.

ثم قال حضرته في مناسبة أخرى:

«اعلموا أن الذي يقسو ويغضب لا يخرج من لسانه كلام الحكمة والمعرفة قط. القلب الذي يستشيط غضبًا سريعًا مقابل خصمه يُحرم من كلام الحكمة. إن شفتَي بذيء اللسان وخليع الرسن تُحرمان من ينبوع اللطائف. الغضب والحكمة لا يجتمعان في مكان واحد. إن سريع الغضب يكون سطحي العقل وبليد الفهم. ولا يُعطى الغلبة والنصرة في أي مجال. الغضب نصف الجنون وعندما يستشري أكثر يمكن أن يصبح الجنون كله»(4).

فلا يسبب الغضب مضرة مؤقتة فحسب، بل إذا غضبت فئة من الناس أدى ذلك إلى إثارة غضب فئة أخرى، ثم يندلع الشجار، وتسعى كل فئة لإلحاق أفدح  الخسائر بالفئة الأخرى. ولا يتوقف ضرر الغضب عند هذا الحد، بل إن الذي يكنّ غضبًا وغيظًا يُحرم من أحاديث الحكمة والعقل، ولا تخرج من فم بذيء اللسان أقوالُ البر والمعرفة، فإذا لم تخرج من فِيهِ أقوال الحكمة والمعرفة، فلا بد أنه أصبح خاليًا من التقوى، ولا يمكن لمثله أن يجد حظًّا من الجو الروحاني الموجود في هذه الجلسة. لذلك لم يحب أن يكون فرد من أفراد الجماعة على هذه الشاكلة، لأنه سيشترك في الجلسة ويفسد أجواءها في هذه الأيام خصوصًا، كما يفسد أجواءه اليومية عمومًا. فعلى الجميع أن يحاسبوا أنفسهم في هذه الأيام مراعين الأمور المذكورة.

النصيحة الرابعة: كونوا نموذجًا للمحبة والمؤاخاة

ثم يقول المسيح الموعود : ينبغي أن يكون الأحمديون نموذجًا للمحبة والمؤاخاة فيما بينهم. فإنَّ خَلْقَ مثل هذا النموذج للحب والأخوة في قلوب أفراد الجماعة لهو أيضا هدف من أهداف الجلسة. وإن المستوى الرفيع والمثل الأعلى الذي ينبغي أن يحتذى في هذا الخصوص هو ما قدّمه لنا القرآن الكريم وهو نموذج مؤاخاة بين المهاجرين والأنصار، الذي ذكره الله تعالى في القرآن الكريم كالتالي:

وَالَّذِينَ تَبَوَّءُوا الدَّارَ وَالْإِيمَانَ مِنْ قَبْلِهِمْ يُحِبُّونَ مَنْ هَاجَرَ إِلَيْهِمْ وَلَا يَجِدُونَ فِي صُدُورِهِمْ حَاجَةً مِمَّا أُوتُوا وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنْفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ وَمَنْ يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ (5)

أي أن هذه الأموال المذكورة هي أيضا لأولئك الذين  كانوا يسكنون في المدينة سابقًا وآمنوا قبل وصول المهاجرين إليهم، وكانوا يحبون من يهاجر إليهم، وما كانوا يجدون في قلوبهم حاجة مما أوتوا ورغم فقرهم كانوا يؤثرون المهاجرين على أنفسهم، ومن عُصمت نفسه من البخل فأولئك هم المفلحون.

فهؤلاء هم الذين أوصانا الرسول بالتأسِّي بأسوتهم إذ إنهم كانوا قد ارتبطوا فيما بينهم بأواصر المحبة والأخوة ارتباطًا وثيقا بحيث كانوا مستعدين للتضحية لأجل إخوانهم ولو كان ذلك بالتضييق على أنفسهم. بل كان منهم من قدّم لأخيه المهاجر شيئًا من عقاراته، وبعضهم بلغ في تضحيته لأخيه مبلغ أن استعد لتطليق إحدى زوجاته وتزويجها لأخيه المهاجر. ومن ناحية ثانية قد أرى المهاجرون أيضا نموذجًا عاليا من المحبة والمؤاخاةفأجابوا الأنصار بأن يحتفظوا بعقاراتهم والأشياء التي عرضوها لهم، لأنهم لا يريدون إلا مساعدة مؤقتة. وإن مثل هذه التصرفات تزيد المحبة والتآلف والأخوة والتآخي إذ لم يطمع في الثروات أي من الفريقين، ولم يُبد أي منهم أي نوع من الضيق. أما في هذه الأيام فنجد أن الأشقاء أيضا يحاولون غصب عقارات إخوتهم ثم تُرفع القضايا في المحاكم.

فها هو المجتمع الإسلامي الجميل الذي جاء المسيح الموعود لإقامته والذي نرى نموذجه في حياة الصحابة.

وقال : فقدِّموا أنتم أيضا تلك الأسوة. وقد بدأ عقد هذه الجلسة من أجل التدريب على إراءة ذلك المجتمع الجميل. لقد قال : تدربوا في هذه الأيام على نشر المحبة وتقديم التضحية من أجل الآخرين.

وقال سيدنا المسيح الموعود ذات مرة: عليكم أن تكونوا كأخوينِ من بطن واحد -ومع أن من الأشقاء أيضا من لا يؤدون حق الأُخوّة، إلا أن الأشقاء عادة يسعون بكل طريقة لأداء حق الأخوة- وأن تراعوا حق الأخوة ومحبة القرابة هذه ابتغاء مرضاة الله. يجب أن يكون كل فعل للمؤمن لوجه الله تعالى، وعندها يُعَدّ عمله من التقوى. قال الله تعالى: قد أفلح الذين قدموا هذه الأسوة من التضحية والمحبة والمودة والتآخي فيما بينهم، وصار عملهم مقبولا عند الله تعالى، ففازوا برضا الله في الدنيا كما ورثوا جنات رضوانه في الآخرة. ومن ذا الذي يكون مؤمنا وموقنا بالله تعالى ثم لا يريد أن يدخل جنات رضوانه؟ كلا، لن يريد المؤمن الحقيقي أن يظل محروما من رضوان الله تعالى.

فمن أجل الفوز برضوانه تعالى هناك حاجة إلى تقديم هذه النماذج. قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:

«إِنَّ اللَّهَ يَقُولُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَيْنَ الْمُتَحَابُّونَ بِجَلَالِي وعظمتي، اَلْيَوْمَ أُظِلُّهُمْ فِي ظِلِّي يَوْمَ لَا ظِلَّ إِلَّا ظِلِّي»(6).

فيا له من مقام رفيع يريد الله تعالى أن يوصل إليه المؤمنين! وما أعظمَها من منة يمن بها الله تعالى على الذين يحافظون على أواصر المحبة والأخوة هذه!

وكم هو عظيم إحسان الله إليهم إذ يريد أن يرفعهم إلى هذا المكانة العالية! ولو لم يدرك الناس أهمية هذه الأواصر بعد ذلك، فلا شك في شقاوتهم. لقد ذكر سيدنا المسيح الموعود أن من أهداف بعثته الحفاظ على أواصر المحبة والأخوة تلك، وبالنظر إلى أهميتها قد جعلها من أهداف جلسته السنوية هذه. فمن واجبنا القضاء على أية ضغينة وشكوى بيننا، وأن نُفشي بدلا من ذلك جوا تسوده المحبة والوداد، وأن نصبح مؤمنين صادقين، ونقدم أسوة حسنة كما قدمها الصحابة لنا. يجب علينا دفن أنانيتنا وحَمِيَّتِنَا الزائفة.

النصيحة الخامسة: سيروا بالتواضع وانبذوا الكِبْر

قال ناصحا الحضور في الجلسة السنوية: يجب على الذين يحضرون هذه الجلسة أن يتحلوا بالتواضع والانكسار، لأن الله تعالى يحب التواضع جدا.

وقد قال الله تعالى مرة للمسيح الموعود في وحيه: «لقد أعجبته أساليب تواضعك»(7).

فإن كنتم تبحثون عن سبل رضوان الله تعالى فلا بد لكم من البحث عن سبل التواضع. وقد نبهنا الله تعالى إلى ذلك في القرآن الكريم أيضا حيث قال: ولَا تُصَعِّرْ خَدَّكَ لِلنَّاسِ وَلَا تَمْشِ فِي الْأَرْضِ مَرَحًا إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ كُلَّ مُخْتَالٍ فَخُورٍ (8). فإن كنتم تريدون الفوز برضوان الله وحبِّه فعليكم التواضع. لقد قال سيدنا المسيح الموعود عليه الصلاة والسلام في بيت شعر له:

اعتبروا أنفسكم أسوأَ من سواكم، فلعلكم بذلك تدخلون دار الوصال.

فلا ينال المرء المقام المنشود بالتكبر، أو برفع رأسه تفاخرا، أو التأكيد على فضله على الآخرين، إنما ينال مقام قرب الله تعالى بالتواضع. لقد قال سيدنا المسيح الموعود عليه الصلاة والسلام ذات مرة:  إن التكبر أنواع كثيرة، فأحيانا يصدر التكبر بالعين، فعندما ينظر أحد إلى غيره شزرا، فيعني ذلك أنه يحتقره ويرى نفسه خيرا منه. وأحيانا يصدر الكِبْر من اللسان، وأحيانا يكون مصدره الرأس، وأحيانا يظهر الكبر من الأيدي والأقدام. باختصار هناك مظاهر عديدة للتكبر، وعلى المؤمن أن يتجنبها كلها دوما، حتى لا تنبعث رائحة الكبر من أي عضو من أعضائه ويظهر منه الكِبر.

وقال : كثيرون هم الذين يظنّون أنهم متواضعون جدا، ويقولون أيضا إننا متواضعون جدا، ولكن يوجد فيهم أيضا نوع من أنواع التكبر، لذا يجب اجتناب أدقِّ أنواع التكبر. أحيانا ينشأ هذا التكبر من الثروة، حيث يعدّ المتكبر الثريُّ غيرَه فقيرا معدما ويقول: أنى لهذا أن ينافسني؟ وأحيانا يصدر التكبر بسبب العائلة والنسب، حيث يتفاخر المتكبر بنسبه، زاعما أنه من عائلة شريفة وغيره من عائلة حقيرة. وأحيانا يتولد الكبر بسبب العلم أيضا، حيث لا ينطق غيرُه بكلمة خاطئة إلا ويهبّ هذا المتكبر بعلمه ويخطِّئه ويصرخ بين القوم أن هذا لا يقدر على نطق كلمة صحيحة واحدة.

باختصار إن للتكبر أنواعا كثيرة، وكلها تحرم الإنسان من الحسنات، وتمنعه من نفع الناس. ثم قال : «يجب اجتناب كافة صنوف الكبر هذه. ولكن اجتنابها كلِّها يتطلب موتا، وما لم يرض الإنسان بهذا الموت لن تنزل عليه البركة من الله تعالى»، أي أن اجتناب الكبر بكل أنواعه يتطلب من المرء جهادا وكفاحا، وأن النجاة من الكبر تقتضي موتا وجهادا، أي يتطلب منه إصلاحَ النفس وقتْلَ أنانيته وكبْح جماحها.

فإذا كنا نريد الفوز ببركات الله تعالى فلا بد لنا من أن نطرد من أنفسنا أنانيتنا الزائفة ونقضي عليها وإلا فإن الله تعالى يقول إنكم لن تفوزوا بمحبتي.

النصيحة السادسة: تحلُّوا بالصدق والسداد

لقد نصح سيدنا المسيح الموعود عليه الصلاة والسلام جماعته بمنتهى الألم وقال: إن أهم هدف من أهداف عقد هذه الجلسة التحلي بالصدق والسداد.

إن هذا الجو الروحاني يخلق أعلى مستويات الصدق. وقد قال النبي :

«إِنَّ الصِّدْقَ يَهْدِي إِلَى الْبِرِّ، وَإِنَّ الْبِرَّ يَهْدِي إِلَى الْجَنَّةِ، وَإِنَّ الرَّجُلَ لَيَصْدُقُ دائما حَتَّى يَكُونَ صِدِّيقًا عند الله تعالى، وَإِنَّ الْكَذِبَ يَهْدِي إِلَى الْفُجُورِ وَإِنَّ الْفُجُورَ يَهْدِي إِلَى النَّارِ»(9).

يقول المسيح الموعود : لقد أكد القرآن الكريم على الالتزام بالصدق كثيرا بما لا يوجد في الإنجيل عشر معشاره. يقول : «لقد عَدّ القرآنُ الكريم قولَ الزور نجاسةً ورجسًا(10)، فقال:

فاجْتَنِبُوا الرِّجْسَ مِنَ الأَوْثَانِ وَاجْتَنِبُوا قَوْلَ الزُّورِ (11)

ويقول في آية أخرى:

كُونُوا قَوَّامِينَ بِالْقِسْطِ شُهَدَاءَ لِلّهِ وَلَوْ عَلَى أَنْفُسِكُمْ أَوِ الْوَالِدَيْنِ وَالْأَقْرَبِينَ (12)

فلو بلغنا هذه المستويات من الصدق عندنا لحُلّت كثير من المشاكل العائلية تلقائيا. تحدث المشاكل بين الزوجين وبين الأقارب كما تطل المشاكل برأسها في المجتمعات بوجه عام وتحلُّ كلها نتيجة قول الزور. فعلينا أن نفكر في كل هذه الأمور. فلو تحلَّينا بالأخلاق الفاضلة واجتنبنا السيئات كما تمنّى لنا المسيح الموعود لأمكن لنا أن نؤسس مجتمعا طاهرًا وجميلا. وليكن معلوما أيضا أن العمل بالحسنات المذكورة كلها واجتناب السيئات لا يمكن إلا إذا سلكنا مسلك التقوى كما قلتُ في البداية. وقد وجّه سيدنا المسيح الموعود أنظارنا إلى التقوى نفسها فقال:

اتقوا، فإن التقوى أصل كل شيء. إن المراد من التقوى اجتناب أدق سبل الذنب. إن مثل القلب كمثل قناة كبيرة تَرْفِدُها قنوات أصغر. فإذا كان ماء قناة صغيرة آسنا ونجسا وكدرا فقياسا على ذلك فإن ماء القناة الكبيرة أيضا سيكون كذلك. من أمثلة القنوات الأصغر التي تصب في القلب اللسان وغيره. فلو رأيتم عضوا من أعضاء أحد مثل لسانه أو يده أو قدمه غير طاهر فاعلموا أن قلبه أيضا كذلك.

النصيحة السابعة: اصبروا على الأذى

ويتابع قائلا: إن للتقوى أجزاء عديدة، فالكفّ عن العُجب والزهو وأكل المال الحرام وسوء الخلق أيضا يدخل في التقوى. إن الذي يتحلى بحسن الخلق يصبح أعداؤه أصدقاءه. قال الله تعالى:

ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ

فكروا الآن، ماذا يعلّمنا هذا الحكم؟ إنما يريد الله تعالى من هذا الحكم أنه إذا شتمكم بعض المعارضين فلا تردوا عليه بالشتيمة بل اصبروا عليه، لأن هذا يجعل المعارض يقتنع بفضلكم فيندم ويخجل، وهذه العقوبة أشد بكثير من العقوبة التي قد تصبُّونها عليه انتقاما. قد يدفع الموقف بشخص عادي لسفك دم الخصم أيضا، ولكن هذا ليس من مقتضى الإنسانية والتقوى. إن حسن الخلق ميزة تؤثر حتى على أشد الناس إيذاء. ونِعْم ما قال الشاعر وتعريبه:

«لطف كن لطف كه بيكانه شود حلقه بكوش»

أي: أَحسِنْ، فإن الإحسان يحوّل الغريب صديقا حميما.

اتقوا، فإن التقوى أصل كل شيء. إن المراد من التقوى اجتناب أدق سبل الذنب. إن مثل القلب كمثل قناة كبيرة تَرْفِدُها قنوات أصغر. فإذا كان ماء قناة صغيرة آسنا ونجسا وكدرا فقياسا على ذلك فإن ماء القناة الكبيرة أيضا سيكون كذلك. من أمثلة القنوات الأصغر التي تصب في القلب اللسان وغيره. فلو رأيتم عضوا من أعضاء أحد مثل لسانه أو يده أو قدمه غير طاهر فاعلموا أن قلبه أيضا كذلك.

النصيحة الثامنة: اسعوا لتغيير أنفسكم

ثم يقول : يجب على الإنسان التوجه إلى السعادة والتقوى واختيار سبل السعادة، عندها فقط يمكن أن يحدث التغيير المنشود.

إِنَّ اللهَ لَا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِمْ

إن ظن السوء وثرثرة اللسان دون مبرر تصرف سخيف تماما. والمهم أن يرجع المرء إلى الحق ويصلي ويؤدي الزكاة ويجتنب إتلاف الحقوق ويمتنع عن السيئات. من الثابت المتحقق جيدا أنه إذا ارتكب أحد سيئة أدت إلى هلاك أهل البيت وأهل المدينة كلهم، فاجتنِبوا السيئات لأنها تؤدي إلى الهلاك.

ندعو الله تعالى أن يوفقنا لإنشاء التغيُّر في أنفسنا وأن نخلق فينا بحسب رغبة المسيح الموعود تقوى تُخلصنا من جميع المساوئ وتعيننا على كسب الحسنات كلها، وأن تكون هذه الأجواء الروحانية مدعاة لخلق الزهد وخشية الله والرفق والحب المتبادل والأخوة والتواضع وأعلى مستوى الصدق فينا. وأن تخلق أجواء الجلسة هذه في الذين يصلهم صوتي وكذلك في الذين يسمعونه جالسين في بيوتهم أو تحت نظام الجماعة، انقلابا، وليرى الناس هذا الانقلاب حقيقة عندما نخرج من هذه الأجواء، وعندها فقط يمكننا أن ندعوهم إلى دعوة إمام العصر الراهن التي هي دعوة الإسلام الحقيقي، وإلا فليس ذلك إلا كلام فارغ فحسب. وفقنا لفهم رسالة المسيح الموعود .

والآن سندعو معا، فادعوا للخلاص من الظروف الراهنة، وأن ينـزل الله تعالى فضله على البشرية ويُخرجها منها. ويزيل أخطار الحروب إذا كانت محدقة في منطقة ما وأن يعيد الأوضاع إلى طبيعتها سريعا، ولنتمكن من عقد جلساتنا بشوكتها وعظمتها السابقة وتترك أثارها الإيجابية على العالم كله، وأن تُعقد الجلسات في كل بلد كما كانت. وادعوا للأحمديين في باكستان أن يخلّصهم الله من الكروب، وادعوا للمظلومين في العالم كله أن ينقذهم من المظالم.

في هذه الأيام عليكم الالتزام بصلاة التهجد وذكر الله والدعاء بوجه خاص وإن كنتم في بيوتكم، فبالدعاء فقط نستطيع أن نجلب فضل الله تعالى، وفقنا الله تعالى لذلك. أُدعوا للأسرى في سبيل الله أن يفك أسرهم سريعا، تعالوا ندع معا.

الهوامش:

  1. (بدر، 14/ 3/1907، ص6) 2.  (آل عمران: 134)
  2. (سنن ابن ماجه، كتاب الزهد)
  3. (الحكم، مجلد7، رقم9، عدد10/3/1903م، ص8)
  4. (الحشر: 10)
  5. (صحيح مسلم، كتاب البر والصلة والآداب)
  6. إلهام تلقاه سيدنا المسيح الموعود في 15/3/1907، ونشره في جريدة بدر يوم 22/3/1907، ثم دونه في كتاب حقيقة الوحي، ص 482، الحاشية.
  7. (لقمان: 19)
  8. (صحيح البخاري، كتاب الأدب)
  9. جريدة الحكم، ج6، عدد 31/8/1902م، ص2
  10. (الحج: 31)
  11. (النساء: 136)
Share via
تابعونا على الفايس بوك