العزيمة.. طاقتنا الجبارة الكامنة

العزيمة.. طاقتنا الجبارة الكامنة

عكاش أحمد

  • ماذا نعني بعضلة العزيمة؟
  • كيف يمكننا تقوية عزائمنا؟
  • أيكفي أننكون أقوياء جسمانيا لتكون عزيمتنا قوية؟

___

حياتنا اختبار محدد بزمن، وهو طول مدة عمرنا، وما من إنسان إلا ويرغب في الإجابة على أكبر قدر من أسئلة ذلك الاختبار الشاق، ويكون هذا من خلال تحقيق هدف شخصي نعتقد أنه سيحسن حياتنا، ولكن ما هو السبب في أن الكثير منا يفشلون في إنجاز أي شيء على الإطلاق؟

أترى السبب هو افتقارنا إلى الحافز؟ أم أنه يكمن في افتقارنا إلى القوة أم أنه مجرد كسل منا؟

للشاعر الفرنسي فيكتور هوغو مقولة موجزة تلخص المسألة، يقول: الناس لا يفتقرون إلى القوة، بل يفتقرون إلى العزيمة!

في دراسة استقصائية أجرتها جمعية علم النفس الأمريكية، بعنوان «الإجهاد في أمريكا»، سئل المشاركون عن قدرتهم على إجراء تغييرات إيجابية في نمط حياتهم. غالبًا ما أشار المشاركون إلى أن السبب الأول وراء عدم مواظبتهم على تلك التغييرات هو غياب قوة العزيمة لديهم.

الكثير منا لا يعرفون ما هي قوة العزيمة، وكيف يمكننا الحيلولة دون نضوبها، كيف نستخدمها لصالحنا، فهذه الأمور ستكون موضوع هذه السطور.

القوة وحدها لا تكفي

لقد وضع القرآن الكريم أساس الإنجاز، فيصف أن المرء إنما يحقق هدفه بسعيه الدؤوب والمستمر والمثابر، فقال عز وجل:

وَأَنْ لَيْسَ لِلْإِنْسَانِ إِلَّا مَا سَعَى * وَأَنَّ سَعْيَهُ سَوْفَ يُرَى * ثُمَّ يُجْزَاهُ الْجَزَاءَ الْأَوْفَى (1)

إذن فسعي المرء في هذه الحياة سيتخذ صورة مرئية يوم القيامة، وبناء عليها تتم مجازاته. وبما أن الله تعالى خلق المرء قادرا على السعي، فهو إذن لم يحرمه القوة، ولكن القوة وحدها لا تكفي!

نعم، القوة وحدها لا تكفي! وعالَم الأحياء يؤكد هذه الملاحظة، وكم من حيوانات الغاب تملك من القوة العضلية ما يفوق قوة الأسد، غير أنها إذا قيست بالأسد من حيث القوة العامة فإن الأخير يظل محتفظا بلقب «ملك الغابة»، فما السر يا ترى؟! لماذا لا تُعد القوة الجسمانية كافية ليحقق المخلوق نجاحاته؟! المثير للفضول أن هذه الملاحظة تصدق على الواقع الإنساني وتنطبق عليه تمام الانطباق، فمن ناحية القوة الجسمانية لا نزال في مجتمعات شرق العالم وجنوبه نتمتع بشيء من القوة الجسمانية التي يفتقر إليها أهل المجتمعات الغربية، على الرغم من تدني مستوى العناية الطبية لدينا مقارنة بالغرب، وعلى الرغم من هذا فإن منجزنا العلمي المعاصر لا يكاد يُذكر بجوار المنجز الغربي، فما السر يا ترى؟!

تعريف قوة العزيمة

السؤال الأول الذي يطرح نفسه هو: «ما هي قوة العزيمة؟» ولكي نجد تعريفها نعود إلى القرآن الكريم الذي وردت فيه كلمة ‹العزم› والعزيمةبذات المعنى، لا سيما إذا لاحظنا ما بين «العزم» و«العزيمة» من جناس لفظي كما هو مبين في قوله تعالى:

وَلَقَدْ عَهِدْنَا إِلَى آدَمَ مِنْ قَبْلُ فَنَسِيَ وَلَمْ نَجِدْ لَهُ عَزْمًا (2)،

أي أن آدم لم يكن عازما على الخطأ، وإنما بدر منه هذا الخطأ لاإراديا بسبب النسيان. وبلغة قانونية فإن آدم لم يرتكب الجريمة بدافع العزيمة. ومعنى العزم هو «الملَكة التي تخول للمرء اتخاذ قرار بشأن عمل ما والبدء بتنفيذه أو الشروع فيه». وببساطة أكثر إن قوة العزيمة هي القدرة على السيطرة على النزوات الضارة وغير الضرورية؛ والقدرة على التغلب على الكسل والتسويف. إنها القدرة على اتخاذ قرار ومتابعته بمثابرة حتى إنجازه بنجاح. إنها قوة فينا تتغلب على الرغبة في الانغماس في عادات غير ضرورية لا فائدة فيها؛ وقوة تتغلب على مقاومتنا العاطفية والعقلية لاتخاذ الإجراءات. إنها القدرة على السيطرة على النزوات قصيرة الأجل لتحديد أهداف طويلة الأجل. من هنا يتضح أن الاستعمال القرآني للفظ «العزم» أو «العزيمة» يتفوق بمراحل الاستعمال الغربي للفظ «العزيمة»، والذي يبدو بوضوح أنه يتوقف عند  حدود العلم والرغبة.

بعد أن عرّفنا قوة العزيمة، نحتاج إلى أن نفهم أهميتها بالنسبة لنا. يجب أن نسأل أنفسنا سؤالا آخر. هل نريد حياة ناجحة ذات نتائج إيجابية؟ قد يفاجئك أن تعرف أن علماء النفس قد وجدوا عاملين يقودان الناس باستمرار إلى مستويات أعلى من السعادة والصحة والنجاح وهما قوة العزيمة والذكاء. ولكن بما أن الذكاء فطري وتحدده جيناتنا، لا يمكننا أن نقول بأن الجميع سينجحون فقط بفضل ذكائهم، وبالتالي فإن قوة العزيمة هي الأداة الأنجع لتحسين حياتنا. وثمة دراسة أكاديمية شهيرة تدعم هذا الادعاء هي الدراسة الشهيرة باسم «اختبار المارشميللو»، والمارشميللو لمن لا يعرفه هو حلوى الخطمي، وهو نوع من الحلوى الهشة التي تذوب في الفم، ويفضلها الصغار والكبار على حد سواء. وقامت دراسة المارشميللو على تجربة اجتماعية نفسية ترك فيها الأطفال في غرفة مع الحلوى وقيل لهم أن بإمكانهم تناولها على الفور، أو الانتظار 15 دقيقة للحصول على حلوى إضافية. الأطفال الذين كانت لديهم مستويات أعلى من ضبط النفس، أي الذين استطاعوا الانتظار للحصول على قطعة حلوى أخرى، كبروا وأصبحوا أشخاصاً أكثر صحة وحصلوا على نتائج أفضل في امتحاناتهم وتمتعوا بعلاقات ناجحة وسليمة.

عضلة العزيمة!!

بعد أن عرّفنا قوة العزيمة وتحدثنا عن فائدتها بالنسبة لنا، نصل إلى السؤال الأساسي وهو: كيف نعزز قوة العزيمة؟ ونحتاج في البداية إلى فهم طريقة عمل قوة العزيمة، وقد غيرت اكتشافات علماء النفس الجديدة فهمنا لها. فهي بالمعنى التشبيهي عضلة!  نعم، عضلة، كأي عضلة أخرى في جسمنا، وقوة العزيمة عضلة موجودة في دماغنا. وتعمل كأي عضلة أخرى أي أننا كلما مرناها قويت، لكن لو مرناها أكثر من اللازم لتعبت وهكذا يمكن أن تستنفد قوة العزيمة إذا بالغنا في استخدامها دفعة واحدة. فالمنطقة المسؤولة عن العزيمة هي بالفعل جزء من المخ يقع في القشرة الجبهية. بل وسيطرتنا على العواطف أيضا تتم عبر جزء من المخ يقع أيضا في نفس المنطقة من الدماغ. في حين أن هناك العديد من الطرق للحفاظ على قوة إرادتك، لا يوجد إلا طريقة واحدة لتعزيزها وهي العمل بانتظام على هدف أو عادة ما تُمرِّن ضبط النفس لدينا. هذا هو بالضبط ما يلمح إليه النبي الكريم في هذا الحديث:

 «‏اكْلَفُوا مِنَ الْعَمَلِ مَا تُطِيقُونَ فَإِنَّ خَيْرَ الْعَمَلِ أَدْوَمُهُ وَإِنْ قَلَّ»(3).‏

وعلينا أن نتذكر أن العزيمة مثل العضلة، فيجب أن تتعب على المدى القصير كي تبني قوتها على المدى الطويل. عندما تعمل على تغيير عادة، تستنزف قوة عزيمتك في الصراع، لكن مع مرور الوقت، تتقوى عزيمتك بهذه التمارين، مما يجعلك أكثر قدرة على تولي المهام المستقبلية.

إن قوة العزيمة هي القدرة على السيطرة على النزوات الضارة وغير الضرورية؛ والقدرة على التغلب على الكسل والتسويف. إنها القدرة على اتخاذ قرار ومتابعته بمثابرة حتى إنجازه بنجاح. إنها قوة فينا تتغلب على الرغبة في الانغماس في عادات غير ضرورية لا فائدة فيها؛ وقوة تتغلب على مقاومتنا العاطفية والعقلية لاتخاذ الإجراءات. إنها القدرة على السيطرة على النزوات قصيرة الأجل لتحديد أهداف طويلة الأجل

كيف أعزز من قوة عزيمتي؟!

تؤثر قوة العزيمة في أربع فئات سلوكية لدينا، وهي: الأفكار، والعواطف، والنزوات، والمراقبة الأدائية. فمن حيث تأثير قوة العزيمة في الأفكار، تساعد قوة العزيمة على التركيز على ما يريد المرء التفكير فيه، من خلال إبعاد الأفكار الدخيلة غير المرغوب فيها.

ومن حيث تأثير قوة العزيمة في العواطف، لا يمكن التحكم بما يشعر به المرء من سعادة أو حزن. ولكن يمكن أن تتخذ إجراءات لتغيير ما تشعر به، كأن تحدث نفسك المحبطة قائلا: أشعر بالإحباط. سأذهب للركض، هذا يرفع دائماً معنوياتي. هذا يتطلب قوة إرادة كبيرة لأنه عندما نشعر بالإحباط لا نرغب في القيام بأي شيء ولكن قوة العزيمة تعطينا الدفعة الكافية التي نحتاج إليها لإحداث التغيير.

أما من حيث تأثير قوة العزيمة في النزوات، فالنزوة أولا هي رغبة قوية ومفاجئة ولاشعورية في القيام بعمل ما، «أفضِّلُ اللعب على الدراسة» أو «سأبقى في السرير، بدلاً من أداء صلاة الفجر». هناك طرق مختلفة للحد من هذه النزوات، لكن قوة العزيمة تساعد على تنظيم كيفية تحكم المرء فيما ينتابه من نزوات.

ومن حيث تأثير قوة العزيمة في المراقبة الأدائية، والتي نعني بها «محاسبة النفس»، فإن المرء يسارع إلى العمل إذا ما شعر بقرب موعد الحساب، فمحاسبة النفس هنا عامل من العوامل التي تتجلى فيها قوة العزيمة.

عند محاربة الإغراءات نستخدم الكثير من احتياطي قوة عزيمتنا ونشعر أننا لا نملك ما يكفي للحفاظ على مقاومة النزوات. ولكن كما أن هناك طريقة لتعزيز قوة العزيمة هناك طرق للحفاظ عليها وإعادة شحنها. يقول حضرة المصلح الموعود :

«ينبغي على المرء أن يغرس في نفسه الأخلاق الفضيلة التي يسعى إلى اكتسابها وعكس ما يريد التخلص منه».(4)..

ومتطلبات الإيمان هي نفسها تمرين لعضلة قوة العزيمة من خلال أداء الصلاة والصيام، إلخ، بما سيتضح تباعا:

استعينوا بالصبر والصلاة

لأن التأمل وسيلة جيدة لإعادة شحن قوة إرادتنا عندما نشعر بالإحباط. فإننا كمسلمين تتاح لنا الفرصة للتأمل على الأقل خمس مرات في اليوم خلال الصلاة، فنحن نعزل أنفسنا عن العالم، نجلس ونركز على تلاوة ما حفظناه، هذا بالضبط ما يقوم عليه التأمل. وقد أظهرت الأبحاث أن ممارسة التأمل على المدى الطويل يزيد من المادة الرمادية في دماغنا حيث توجد المنطقة المسؤولة عن العزيمة في القشرة الجبهية. بل ويزيد التأمل أيضاً من تركيزنا وسيطرتنا على العواطف، وهذه المنطقة من المخ تقع أيضا في نفس المنطقة من الدماغ.

قل: إني امرؤ صائم

لا يتم تعزيز قوة عزيمتنا فقط بالتخلص من العادات السيئة، ولكن بإخراج دماغنا من منطقة الخمول أيضاً. فعلى سبيل المثال، إن محاولة كفنا عن الشتائم أو حتى محاولة تصحيح وضعيتنا باستمرار خلال النهار أظهرت زيادة في قوة إرادتنا الإجمالية. من هنا نلحظ أثر الصوم في تقوية عزيمتنا، فما أسلفنا من حديث يكاد ينطبق تمام الانطباق على ما رواه النبي   عن ربه عز وجل في الحديث القدسي:

«كلُّ عَمَلِ ابْنِ آدَمَ لَهُ إِلَّا الصِّيَامَ فَإِنَّهُ لِي وَأَنَا أَجْزِي بِهِ وَالصِّيَامُ جُنَّةٌ وَإِذَا كَانَ يَوْمُ صَوْمِ أَحَدِكُمْ فَلَا يَرْفُثْ وَلَا يَصْخَبْ فَإِنْ سَابَّهُ أَحَدٌ أَوْ قَاتَلَهُ فَلْيَقُلْ إِنِّي امْرُؤٌ صَائِمٌ»(5).

 

حاسبوا أنفسكم قبل أن تُحاسَبًوا

الإنسان الطبيعي يُقَيِّمُ أعماله ومَتَاعَه، ليحسب إجمالي خسائره أو مكاسبه، لقد بات هذا أسلوبا متبعا لدى كافة المؤسسات السياسية والاقتصادية والثقافية الناجحة(6)، إنه ما ندعوه في العرف الاقتصادي بالمراجعة أو المحاسبة، وهو اصطلاح لا يقتصر على المجال الاقتصادي وحسب، ولكنه يصلح تماما للاستعمال في كافة المجالات الأخرى، بما فيها المجال النفسي والسلوكي اللذين نحن بصدد التعرض إليهما في هذا المقال.. وقد يروق للحداثيين استعمال مصطلح «الوعي الذاتي» رديفا للمحاسبة الذاتية أو محاسبة النفس، غير أن مصطلح «المحاسبة» يتضمن معنى اتخاذ الإجراءات والخطوات الفعلية، ولا يتوقف عند مجرد الوعي الذي يعني مراقبة سلوكك ومعرفة ما تقوم به عن وعي. إذا كنت لا تعرف أين أنت الآن وما هو هدفك في الحياة، فكيف ستعرف كم المسافة التي تحتاج إلى قطعها؟!

وعَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «الْكَيِّسُ مَنْ دَانَ نَفْسَهُ وَعَمِلَ لِمَا بَعْدَ الْمَوْتِ وَالْعَاجِزُ مَنْ أَتْبَعَ نَفْسَهُ هَوَاهَا وَتَمَنَّى عَلَى اللَّهِ»(7)،

وفي ذات السياق تحدث عمر بن الخطاب   أيضا عن موضوع المحاسبة الذاتية، شارحا قول رسول الله «امِن مَن دان نفسه» فقال:

«حَاسِبُوا أَنْفُسَكُمْ قَبْلَ أَنْ تُحَاسَبُوا وَتَزَيَّنُوا لِلْعَرْضِ الْأَكْبَرِ وَإِنَّمَا يَخِفُّ الْحِسَابُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ عَلَى مَنْ حَاسَبَ نَفْسَهُ فِي الدُّنْيَا وَيُرْوَى عَنْ مَيْمُونِ بْنِ مِهْرَانَ قَالَ لَا يَكُونُ الْعَبْدُ تَقِيًّا حَتَّى يُحَاسِبَ نَفْسَهُ كَمَا يُحَاسِبُ شَرِيكَهُ مِنْ أَيْنَ مَطْعَمُهُ وَمَلْبَسُهُ» (8).

محاسبة النفس إذن تُعد أول إجراءات تعزيز قوة العزيمة.

لا يمكن التحكم بما يشعر به المرء من سعادة أو حزن. ولكن يمكن أن تتخذ إجراءات لتغيير ما تشعر به، كأن تحدث نفسك المحبطة قائلا: أشعر بالإحباط. سأذهب للركض، هذا يرفع دائماً معنوياتي. هذا يتطلب قوة إرادة كبيرة لأنه عندما نشعر بالإحباط لا نرغب في القيام بأي شيء ولكن قوة العزيمة تعطينا الدفعة الكافية التي نحتاج إليها لإحداث التغيير.

مرِّن نفسك، وحدد هدفك

التمرين وسيلة جيدة حقاً لبناء عزيمة قوية، لأنه يتطلب الانضباط. فمجرد الذهاب إلى صالة الرياضة هو تمرين لعضلة العزيمة سالفة الذكر. يقول حضرة المصلح الموعود أن الشخص المبتلى بعادة جسدية سيئة، فإن النصيحة الأولى له هي أن ينخرط في ممارسة الرياضة(9).. ثم إن وجود هدف أعلى لديك يساعد على الحفاظ على قوة عزيمتك لأن ما يوفره ذلك من إطار ومسار يجعل العديد من قراراتك، إن لم تكن تلقائية، فعلى الأقل أكثر وضوحاً. هذا هو أحد أسباب العلاقة القوية بين قوة ضبط النفس لدى الشخص وكونه دينياً، يقول المسيح الموعود   عن ضبط السلوك وامتلاك غاية عليا: «من قال لأصدقائنا إنهم سيعيشون حياة طويلة؟ لا أحد يعرف متى يقترب الموت، فمن المناسب أن يقضي المرء وقته، أياً كانت المدة الممنوحة له، بأفضل طريقة ممكنة. فهذا الوقت لن يعود؛ ويتبقى فقط الوقائع والأحداث»(10).

إن قوة العزيمة هي أعظم قوة عند الإنسان، فإذا استخدمناها بفعالية لتمكنا من تغيير حياتنا، فنصبح ما نريد أن نكون ونحقق ما نريد تحقيقه. فالموهبة بدون عمل شاق توصلك فقط إلى حد ما. أما العزيمة فهي التي تعطيك القوة لمقاومة الرغبات قصيرة المدى وتحقيق أهداف طويلة المدى.

إن تطوير إرادة قوية لا يحدث فقط بعد جلسة تأمل واحدة، أو بالتغلب على إغراء واحد، تماماً كما لا يصبح من يركض مرة في الشارع عدّاء في سباق الماراثون.

يتطلب تأسيس عادات هادفة نوعا من الالتزام، والعزيمة القوية ستمِدُّك بما يلزمك من عزم لتحقيق أهدافك.

وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا وَإِنَّ اللَّهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ (11)..

نصيحة أخيرة: لا تغير عاداتك كلها في وقت واحد

لأن قوة عزيمتك مورد محدود، فعندما تنفقها على شيء واحد، لا يتبقى منها الكثير لأشياء أخرى. وهكذا عندما تحاول تغيير عدة عادات في وقت واحد، فإنك تستهلك قوة إرادتك كلها. وهذا سيؤدي في نهاية المطاف إلى الفشل، فلا

تحمل نفسك فوق وسعها، وغير من عاداتك ببطء، لكن باستمرار، وتذكر قول رسول الله آنف الذكر:

«‏اكْلَفُوا مِنَ الْعَمَلِ مَا تُطِيقُونَ فَإِنَّ خَيْرَ الْعَمَلِ أَدْوَمُهُ وَإِنْ قَلَّ»(12).‏

الهوامش:

  1. النجم 40 – 42)
  2. (طه: 116)
  3. (سنن ابن ماجه، 4240)
  4. (منهاج الطالبين، حضرة المصلح الموعود ، ص 110)
  5. (صحيح البخاري، كتاب الصوم)
  6. افتتاحية مجلة التقوى، المجلد الثلاثون، العدد التاسع، يناير 2018م
  7. (سنن الترمذي، كتاب صفة القيامة والرقائق والورع عن رسول الله)
  8. (سنن الترمذي، كتاب صفة القيامة والرقائق والورع عن رسول الله)
  9. انظر: مرزا بشير الدين محمود أحمد، «منهاج الطالبين»، ص110
  10. (الملفوظات المجلد 1، ص 436)
  11. (العنكبوت: 70)
  12. (سنن ابن ماجه، 4240)
Share via
تابعونا على الفايس بوك