الافتتاحية

الافتتاحية

التحرير

.. كَزَرْعٍ أَخْرَجَ شَطْأَهُ فَآزَرَهُ فَاسْتَغْلَظَ فَاسْتَوَى عَلَى سُوقِهِ..

تدخل الجماعة الإسلامية الأحمدية الآن في القرن الثاني من حياتها، هذه الجماعة المسلمة التي تأسست في 23 مارس 1889م عندما اجتمع حوالي أربعين شخصًا في لدهيانة (الهند) ليبايعوا رجلاً بعثه الله كمصلح آخر الزمان، أعني سيدنا مرزا غلام أحمد القادياني عليه الصلاة والسلام، الذي تواتر عليه وحي الله تعالى كالمطر الغزير، يخبر بأنه مهدي معهود ومسيح موعود، بعثه على لسان الصادق المصدوق محمد المصطفى قبل أكثر من ألف عام.. للدفاع عن الإسلام من هجمات أعدائه وخاصة الدجال (القساوسة المسيحيين)، وإعادة الناس إلى تعليم القرآن الذي اتخذوه مهجورًا، وشمل الأمة الإسلامية واسترداد مجدها الغابر.

وطبق سنة الله في الذين خلوا من قبل لاقت دعوته معارضة شديدة، في حياته وكذلك في زمن خلفائه، من كل جهة وكل ملَّة، من القساوسة المسيحيين وزعماء الهنادك وعلماء المسلمين الذين رموه وأتباعه بالكفر، وأفتوا عليهم بالقتل ظلمًا وزورًا، وحتى الحكام عارضوا دعوته بالقوة. ولكن لم تزل عين الله ترعاها، فما زالت تشق طريقها من جبال الصعاب والمحن، ولم تنفك هذه البذرة التي زرعها الله بيده تنمو وتزدهر رغم أعاصير الأخطار والمخاوف، وصارت الآن مصداقًا لقول الله تعالى:

كَزَرْعٍ أَخْرَجَ شَطْأَهُ فَآزَرَهُ فَاسْتَغْلَظَ فَاسْتَوَى عَلَى سُوقِهِ يُعْجِبُ الزُّرَّاعَ لِيَغِيظَ بِهِمُ الْكُفَّارَ (الفتح: 30)

فنصر الله عبده بتأييدات سماوية وأرضية، وأسبغ عليه نعمه ظاهرة وباطنة، وأظهر له آية خسوف الشمس والقمر في رمضان حسب نبوءة خير الأنام “إن لمهدينا آيتين..” (سنن الدارقطني)، كما جاء بالطاعون لإبادة أعدائه، وهزم كل المعارضين من قساوسة وهنادك ومشائخ في كل موطن، وأهلك عددًا منهم بأنفاسه، وشفى المرضى بدعواته. وأكبر وأهم من ذلك أن الله جمع حوله من عباده الذين آثروا الدين على الدنيا، فنصروه بالنفس والنفيس، وصاروا بفضل الله أولياء الله وأحباءه. فانتشروا في الأرض يدعون الناس إلى الإسلام الحقيقي، ويؤسسون ويوطدون هذه الدعوة المباركة. يُشار إليهم بالبنان في الصلاح والخير والعلم والفضل أينما وجدوا وحيثما حلوا. وقد تجاوز عددهم الآن عشرة ملايين، وتوطدت دعوة الأحمدية في 120 بلدًا.

أيها القراء الكرام! بالله عليكم، بينوا هل هكذا ينصر الله، والعياذ به، الكاذبين في كل موطن، ويخذل عباده الصادقين؟ وهل هكذا يُري الآيات في السماوات والأرض في تأييد المفترين، ويحبط كل عمل الصادقين، ويذلهم ويخزيهم كل مرة؟ ثم لا يزال مستمرًا في تأييد الكاذبين منذ مائة عام، وهكذا يجعل الأمر مختلطًا على عباده الضعفاء؟ بيّنوا توجروا، أيها المتقون!!

وشكرًا وحمدًا على هذه الأفضال السماوية يحتفل المسلمون الأحمديون عام 1989م احتفالاً بعيد الشكر المئوي (اليوبيل المئوي)، ولكن بطريقة لا يألفه الناس، فتراهم ركّعًا سجّدًا يبتغون فضلاً من الله ورضوانًا.. كلهم يصلّون التهجد ويصومون تطوعًا في 22 مارس، ويقيمون في 23 مارس اجتماعات يتذاكرون فيها ويصلون ويسلمون على النبي محمد ، ويدعون ربهم أن يقيهم من شرور أنفسهم ومن سيئات أعمالهم، ويعاهدونه أنهم سوف يدخلون في قرنهم الجديد وهم أكثر طهارة وأكثر خيرًا وبرًا. كما يقيمون المعارض لعرض تراجم معاني القرآن بعشرات اللغات العالمية، وكذلك الكتب عن الإسلام. وتستمر هذه الاحتفالات طوال السنة في كل أرجاء العالم.

أصيب المسلمون في كل أنحاء العالم بصدمة عنيفة بسبب الكتاب الشيطاني لسلمان رشدي، وبالطبع تفطر قلب كل أحمدي مسلم على هذه المؤامرة الخطيرة على الإسلام (انظر المقال: الحياء الحياء، يا أعداء الإسلام)، وكيف لا، وهو يحمل قلبًا لا يوجد فيه سوى حب الله وحب محمد رسول الله. ثم كيف لا، وقد صدق بشخص متفان في حب حبيبه غيور على عرضه لدرجة أنه لما رأى هجوم القساوسة على سيده فار دمه غيرة فقال:

“نحتوا للرسول الكريم بهتانات وأضلوا خلقًا كثيرًا بتلك الافتراءات. وما آذى قلبي شيء كاستهزائهم في شأن المصطفى، وجرحهم في عرض خير الورى. ووالله لو قتلت جميع صبياني وأولادي وأحفادي بأعيني، وقطعت أيدي وأرجلي، وأخرجت الحدقة من عيني، وأبعدت من كل مرادي وأوني وأرني (أي راحتي وسكينتي)، ما كان عليّ أشق من ذلك. رب انظر إلينا وإلى ما ابتلينا، واغفر لنا ذنوبنا، واعف عن معاصينا” (مرآة كمالات الإسلام، ص 15) (رئيس التحرير)

Share via
تابعونا على الفايس بوك