وطلعت الشمس من المغرب

وطلعت الشمس من المغرب

التحرير

عندما يختص الله أمة من الأمم بالرسالة السماوية وبعدما يجنون ثمرات اتباع هذه الرسالة من مجد دنيوي تنشأ فيهم بعد مرور حين من الدهر نزعة من الكِبْر والاستعلاء تكون أول مسمار في نعش مجدهم وبداية نهايتهم وتكون هذه النزعة هي الحائل دون تطورهم ودون مواكبتهم للظروف والمتغيرات التي لا بد لهم من مجابهتها.

هذا ما حدث سابقًا مع بني إسرائيل الذين رأوا أنفسهم أبناء الله وأحباؤه ورأوا أنهم أفضل بني جنس الإنسان فلا يليق بالناس إلا أن يكونوا خدمًا لهم ، فكانت النتيجة أن ملكوت الله نُزع منهم وأُعطي لأمة تعمل  أثماره، وغادرتهم رسالات الله إلى الأبد وأرسل الله عليهم من يسومهم سوء العذاب إلى يوم القيامة نتيجة استكباركم ومكرهم السيّء الذي لا يحيق إلا بأهله، فالاستكبار يعمي الأبصار ولا يدع الناس ينظرون إلى الأمور بمنظور الحق والعدل فتفوتهم فرص عديدة للتطور ولاتّباع أحسن الأمور لأنهم يعتقدون بأن أحسن القول قولهم وأحسن الفعل فعلهم، فمن ذا الذي سيعلمهم فيما يخصهم وهم أهله وأصحابه؟! فتراهم شيئًا فشيئًا ينغلقون على أنفسهم ويفرحون بما لديهم فتمضي الأيام وهم مغرقون في انغلاقهم ويعيشون على ذكريات مجد باد ويحسبون أنفسهم على شيء وهم ليسوا على شيء.

وهذا هو حال الأمة الإسلامية بشكل عام والأمة العربية بشكل خاص فهذه سنّة الأولين تمضي فيهم، فالعرب يعتقدون بأن الإسلام الذي أكرمهم الله به هو شيء من ممتلكاتهم الخاصة ومن تراثهم فهم أعلم الناس به، فالنبي عربي والقرآن عربي فمن ذَا الذي يعرف الإسلام مثلهم؟! أما باقي المسلمين فهم مساكين لا يعرفون الكتاب ولا الإسلام إلا أماني فكيفَ لهم أن يحاولوا أن يفهِّموا العرب الإسلام وهم أهله وقومه؟! من أجل ذلك أراد الله أن ينزع من يدهم لواء الريادة في الإسلام نتيجة تكبرهم واستعلائهم على إخوانهم وأراد الله أن يبعث الإسلام من جديد في أقصى أرض الإسلام وفي أقصى التخوم التي توقف عندها المد الإسلامي ليعلم العرب أن هذه الشمس التي قدر الله لها أن تشرق عندهم ستشرق من عند غيرهم إذا لم يحاولوا من جديد إنارتها بزيت دماء قلوبهم التي علاها صدأ الاستكبار والزهو المبني على أساس مجد صنعه أجدادهم الذين كانوا يحملون الدين الحق الذي لم يبق منه عندهم سوى اسمه وأصبحوا مقلدين لغيرهم من الأمم كالقرود، فاسدين في أخلاقهم كالخنازير… وأتت عليهم سنّة من خلوا من قبلهم من بني إسرائيل.

فالاستكبار يعمي الأبصار ولا يدع الناس ينظرون إلى الأمور بمنظور الحق والعدل فتفوتهم فرص عديدة للتطور ولاتّباع أحسن الأمور لأنهم يعتقدون بأن أحسن القول قولهم وأحسن الفعل فعلهم، فمن ذا الذي سيعلمهم فيما يخصهم وهم أهله وأصحابه؟!

أما باقي المسلمين فهم أيضًا كإخوانهم من العرب رأوا أنهم يفهمون ما لا يفهمه غيرهم من الأمم وأن الأمم الأخرى دونهم في العلم وإن كانت الأمم الأخرى الآن تشهد تقدمًا ماديًّا عظيمًا إلا أنهم لا يفهمون ولا يعقلون وهم بالمفاسد  يجاهرون ويعبدون من دون الله آلهة أخرى ويعتقدون اعتقادات سخيفة ونحن لا بد في يوم من الأيام سنقهرهم وسندخلهم الإسلام بالقوة وسيكون لنا جيش عظيم يدعوهم إلى الإسلام ويرغمهم على دفع الجزية. وهذا اليوم لا بد أن يأتي وهذا هو تصور البعض. أما البعض الآخر يعتقد أن المسيح بن مريم سيأتي ليكسر الصلبان ويطارد الخنازير ويقتلها وينصر الإسلام وهكذا يظهر الإسلام على الدين كله، فهذا التصور بعضه نابع من نظرة استعلائية والآخر من نظرة سخيفة ساهم الاستكبار والانغلاق الفكري في تعميقها، لذلك أراد الله أن تشرق شمس الإسلام من جديد عند أقوام لطالما حاربوا الإسلام عندما كانوا يحملون نفس عقلية المسلمين الحالية والآن أصبحوا أكثر مقدرة على حمل هذا اللواء هم ومن يقطن أراضيهم من مواطني الدول الإسلامية الذين لم يجدوا منبرًا للحق سوى في بلاد الغرب، وها هي الشمس تشوق حيث غربت وفي الوقت الذي سجى فيه الليل وخيم على بلاد الإسلام، فهل شهدتم غروبها حيث أشرقت وشروقها وقت غربت وحيث غربت، فليس على المسلمين سوى أن يسارعوا لكي يكون لهم حظ في الإشراقة الثانية وعليهم أن يعلموا بأنهم لن يستطيعوا إطفاء نور الله بأفواههم ويظهر هذا النور رغمًا عنهم، وهم إذا أزالوا غطاء الاستعلاء والجهل عن عقولهم وعيونهم سيبصرون هذا النور وسيرون هذه الشمس وستنار بصيرتهم فطوبى لمن أدرك هذا النور ونال منه ما ينير قلبه.

Share via
تابعونا على الفايس بوك