عيد لأقوام لنا عيدان

عيد لأقوام لنا عيدان

التحرير

  • معنى العيد وفرحته فرحتان مع مجيء المسيح الموعود والمهدي عليه السلام

__

العيدُ يومٌ يختلفُ عنْ باقي الأيَّام.. ساعات معدودات يتمتع خلالها المؤمن بثمرة تضحياته وينعم بنفحات تدخل الفرحة والبهجة على قلبه. وهكذا جعل الله الأعياد تجيءُ بعدَ مواسمَ فاضلةٍ ذات بركاتُ ورحمات؛ فما أعظمَ فضلَ اللهِ على عبادِه حينَ جعلَ توديعَهم للمواسمِ في يومي عيدٍ لا مثيلَ لهما. وبما أن العيدَ يحوي كثيرًا من القيمِ النبيلةِ يفرحُ بهِ الجميع؛ ويسعى كل واحد للتنعم ببركاته حسب  مبتغاه.

وليسَ للعيدِ نفحة بلا وحدةٍ ولحمة.. ولا جمال للعيد بدون تسامحٍ ورحمة.. فغايته أن نعيش تلاحمًا  في سبيلِ إشاعةِ معاني الرَّحمةِ واللُّحمةِ في المجتمعِ وحتى ننعمَ بثمارِ دعوةِ نبي الرحمة دونَ إفسادِ أوْ غوايةِ.. ونأمل أن يكون في الأمة من يحمل همَّ المجتمعِ على امتداد  طبقاته وفئاته للإصلاحِ والبناءِ والتطويرِ ولو طالَ الزَّمانُ وتطاولَ الباطل، فللحقِّ دومًا بعدَ الخفوتِ ظهورٌ وبعدَ الذَّهابِ إياب، وليسَ بعزيزٍ على الله أنْ يدخل الأمل كلَّ حيٍّ وحارةٍ حاملاً معه بذورَ الرَّحمةِ وجذورَ اللُّحمةِ. هذا هو بصيص الأمل الذي يحوم سحابه كل سنة على الساحة الإسلامية وهذا هو لسان الحال الذى يُسمع صداه من خلال الأدعية التي تُرفع من على المنابر شرقا وغربا آملة أن يُنـزل هذا السحاب مطر الإغاثة والرحمة، ولكن دون جدوى فبمطلع العيد التالي نرى أن حالة القوم ازدادت سوءا على سوء.

إننا سنغزو تلك القلوب الطاهرة ذات الفطرة السليمة ونرشدها لسبيل الفرار إلى الله والوصال به عز وجل.. تلك القلوب الطاهرة النقية هي مملكتنا وهي حكومتنا..

غالبا هذا هو الجو السائد لدى أغلبية المسلمين، أما الجماعة وخصوصا في الظروف الراهنة فلها نظرة أشمل وأدق للعيد حيث ترى أن الابتلاءات التي يمر بها أبناؤها هي بمثابة ليالي القدر التي تسبق أفراح العيد في كل رمضان، ولا شك أن هذه الليالي تبلغ ذروتها في زمن مبعوثي الله تعالى. إنها ليالي تنال قبولاً لدى لحضرة الأحدية ويهتز لها عرش الرحمان، ثم لا يأتي بعدها عيدٌ واحد فحسب بل تبدأ سلسلة من الأعياد. فحالة العسر هذه التي يشهدها أبناؤها في دول مختلفة بما فيها العربية ما كان لها أن تطول أو تدوم إذ تحمل بين طياتها بشائر اليسر والفتوحات. فأبناؤها يستعينون بالصبر والصلاة ويجعلون من الألم والغم لفراق ثلة من أبنائها الأبرار -إثر استشهادهم وهم يؤدون الصلاة على يد الحاقدين المفسدين- مدعاة لاستنـزال أفضال الله ورحمته. ولا شك أن دماءهم لن تذهب هدرًا بل ستكون مدعاة لهطول أمطار أفضال الله تعالى التي ستروى تلك الشجرة اللاشرقية واللاغربية.

إن أعظم فرحة لدى جماعة المؤمنين هي الفرحة بنصر الله كما بين القرآن الكريم:

  وَيَوْمَئِذٍ يَفْرَحُ الْمُؤْمِنُونَ * بِنَصْرِ الله يَنْصُرُ مَنْ يَشَاءُ وَهُوَ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ

وقد قُرن هذا الفرح والنصر.. أي ظهور الدين الحنيف على سائر الأديان ببعثة المسيح الموعود حيث جُعلت بعثته علامة لذلك . ولكننا نختلف مع العامة في جزئيات وكيفية تحقق هذه الفرحة والآليات المستعملة لذلك. فنحن على يقين تام أن النظام الذي أقامه الله تعالى بواسطة المسيح الموعود سيسود العالم في نهاية المطاف، إلا أنه سيقام بالحب والرأفة وليس بفرض الهيمنة والسلطان على البلاد الأخرى، ولا بقتل الأبرياء وسفك الدماء والإرهاب، ولا بالسيطرة على الأراضي والحكومات ولا بالتآمر والتحالف مع القوى السياسية، بل بالإخلاص سنقيم ملكوت الله تعالى على الأرض، إننا سنغزو تلك القلوب الطاهرة ذات الفطرة السليمة ونرشدها لسبيل الفرار إلى الله والوصال به عز وجل.. تلك القلوب الطاهرة النقية هي مملكتنا وهي حكومتنا.. هذا هو هدفنا وهذا هو مبتغانا ولسوف يصدقنا الله وعده. فاليوم الذي ننجح فيه بإقامة حكم الله تعالى يكون لنا يومَ عيدٍ حقيقي. فإذا كان الأحمديون يُستشهَدون، ويضحّون، ويضطرون للهجرة من بيوتهم فإنما يقومون بذلك لاستقبال ذلك العيد الذي قُدّر مجيئه.

عزيزي القارئ ما أحوجنا ونحن نستقبل العيد أن نبثّ روح الأمل في النفوس، وما أجمل أن تتعانق فرحتنا بالعيد مع إيماننا بتحقق وعد الله ورسوله لتحرق أنوار اليقين في قلوبنا كل ظلام نسجه اليأس. وما أروع أن نتذكر بفرحتنا بالعيد فرحتنا بعزّ الدين وظهوره على سائر الأديان، وما أجمل أن نجعل من تلك الدماء الطاهرة التي تراق في كل مكان ينبوعا يسقي شجرة الإسلام لتورق وتزهر، وما أجمل أن تكون هذه الأيام جسر عبور لنا من عالم العسر إلى عالم اليسر والفتح والمبين.

إن أعظم شهادة على صدق المسيح الموعود ظهرت قُبيل العيد وتحديدا في شهر رمضان حيث انكسفت الشمس والقمر في نفس الشهر تحقيقا لنبوة النبي الكريم . فكانتا علامة على بداية ساعة ظهور الدين الحنيف على سائر الأديان. وما أروع ما نظَمه حضرته في بيت شعر:

اليوم بعد مرور شهر صيامـنا

عيـد لأقوام لنا عيـدان

أي أن عامة المسلمين يحتفلون بعيد واحد أما نحن فنحتفل بعيدين كما لا يخفى على المتبصرين. ولم يتوقف هذا الاحتفال بعيدين دفعة واحدة بل أصبح سُنة جارية في جماعة المؤمنين. ففي كل سنة نستقبل عيد الفطر نستقبل سجلا جديدا من الفتوحات التي منَّ بها الله علينا والتي ما كان لنا أن نحظى بها بدون التضحية بكل غال ونفيس.

هدانا الله وإياكم إلى ما يحبه ويرضاه وجعلنا من الخادمين المخلصين لدينه الحنيف وآخر دعونا أن الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على أشرف المرسلين سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

Share via
تابعونا على الفايس بوك