عيد لأقوام لنا عيدان

عيد لأقوام لنا عيدان

التحرير

  • يسوء حال المسلمين من عيد إلى عيد
  • أعظم فرحة هي بنصر الله، والتجلي التام لنصر الله للمؤمنين يتحقق ببعثة المسيح الذي يدعو إلى الإسلام الصحيح بالرأفة والحب
  • مع تحقق نبوءة النبي عن المسيح يصبح العيد عيدان

__

يختلف يوم العيد عن باقي الأيام حيث يتمتع خلاله المؤمن بثمرة تضحياته وينعم بنفحات دخول الفرح والبهجة على قلبه. وقد اقتضت حكمة الله أن تجيء الأعياد بعد مواسم فاضلة ذات بركات عظيمة. ولقد أضاف الصوفية بعدا عميقا لماهية العيد حيث يرون أن اليوم الذي لا يَعصي فيه أحدهم الله فهو يوم عيد له.

ولا شك أنه لا قيمة للعيد بدون رحمة وتسامح، وليس للعيد نفحة بلا وحدة ولحمة. فغايته المثلى أن نعيش تلاحما في سبيل إشاعة الرحمة في المجتمع حتى ننعم ببـركات دعوة النبي الذي أُرسل رحمة للعالمين.

وغالبا ما يُسمع من على المنابر صدى  استنـزال سحاب مطر الاستغاثة والرحمة، ولكن بدون جدوى حيث نرى أنه بمطلع العيد التالي تزداد حالة الأمة سوءا على سوء.  وهذا هو حال المناخ السائد لدى أغلبية المسلمين. أما الجماعة الإسلامية الأحمدية فلها نظرة أشمل وأدق للعيد حيث ترى أن الابتلاءات التي يمر بها أبناؤها هي بمثابة ليالي القدر التي تسبق أفراح العيد في كل رمضان. ولا شك أن هذه الليالي تبلغ ذروتها في زمن مبعوثي السماء. إنها ليالٍ تنال قبولاً لدى الحضرة الأحدية ويهتز لها عرش الرحمان، ثم لا يأتي بعدها عيد واحد فحسب بل تتبعها سلسلة من الأعياد. إن  حالة العسر هذه التي يشهدها أبناؤها في دول عديدة بما فيها العربية، ما كان لها أن تطول أو تدوم إذ تحمل بين طياتها بشائر اليُسر والفتوحات. فأبناؤها يستعينون بالصبر والصلاة ويجعلون من الألم والغم للاضطهادات والانتهاكات التي يتعرضون لها مدعاة لنـزول أفضال الله.

إن هدفنا أن نهدي لكل بلد مواطنين مسالمين مخلصين محبين لبلدهم ولدينهم، ولا نطمح ولا نطمع في الحصول على مناصب أو ألقاب. فهذا هو هدفنا وهذا هو مبتغانا وهذا هو عيدنا.

ولا شك أن أعظم فرحة تتطلع لها جماعة المؤمنين هي الفرحة بنصر الله كما بين القرآن الكريم:

وَيَوْمَئِذٍ يَفْرَحُ الْمُؤْمِنُونَ * بِنَصْرِ الله يَنْصُرُ مَنْ يَشَاءُ وَهُوَ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ (1)

وقد قُرنت هذه الفرحة بنصر الله وذلك بظهور صدق الدين الحنيف على سائر الأديان. ولقد اتفق معظم علماء الأمة أن التجلي التام والكامل لنصر الله للمؤمنين سيتحقق لدى بعثة المسيح الموعود . ولكننا نختلف مع أصحاب الفكر التقليدي في الجزئيات والآليات لتحقيق هذا النبأ العظيم. فنحن على يقين تام بأن التعاليم الإسلامية التي أرجعها المسيح الموعود إلى صورتها الأصلية ستسود العالم في نهاية المطاف، إلا أنها ستسود بالحب والرأفة وليس بفرض الهيمنة والسلطان وبقتل الأبرياء وسفك الدماء وإرهاب كل من هبَّ ودبَّ، وليس بالسيطرة على مناصب الحكم ولا بالتآمر والتحالف، بل بالإخلاص سنقيم ملكوت الله تعالى.  وسيتحقق هذا الأمر بغزو القلوب الطاهرة وإرشادها لسبيل الفرار إلى الله.. تلك القلوب هي مملكتنا وهي حكومتنا. إن هدفنا أن نهدي لكل بلد مواطنين مسالمين مخلصين محبين لبلدهم ولدينهم، ولا نطمح ولا نطمع في الحصول على مناصب أو ألقاب. فهذا هو هدفنا وهذا هو مبتغانا وهذا هو عيدنا.

عزيزي القارئ، ما أحوجنا ونحن نستقبل العيد أن نبث روح الأمل في النفوس! وما أجمل أن تعانق فرحتنا بالعيد إيماننا بتحقق وعد الله ورسوله، لتحرق أنوار اليقين في قلوبنا كل ظلام نسجه اليأس! وما أروع أن نتذكر بفرحتنا بالعيد فرحتنا بعز الدين وظهوره على سائر الأديان! وما أجمل أن نجعل من الدماء الطاهرة لأبناء الجماعة التي تُراق في كل مكان ينبوعا يسقي شجرة الإسلام! وما أجمل أن تكون هذه الأيام جسر عبور لنا من عالم العسر إلى عالم اليسر والفتح المبين! والجدير بنا أن نتذكر في هذا المقام أن أعظم شهادة لصدق سيدنا المسيح الموعود ظهرت قُبيل العيد وتحديدا في شهر رمضان حيث انكسفت الشمس والقمر في نفس الشهر تحقيقا لنبوءة النبي الكريم فكانتا علامة على اقتراب ساعة ظهور دين محمد على سائر الأديان وما أروع ما نظمه سيدنا مرزا غلام أحمد بهذا الخصوص:

اليومَ بعد مُرور شهرِ صِيامنَا

عيـدٌ لأقـوامٍ لنا عيدانِ

فعامة المسلمين يحتفلون بعيد واحد بعد شهر الصيام أما نحن فنحتفل بعيدين كما لا يخفى على المتبصرين. ففي كل سنة نستقبل فيها عيد الفطر نستقبل في نفس الوقت سجلا جديدا من الفتوحات والإنعامات. وما كان لنا أن نحظى بهذا الشرف العظيم بدون التضحيات التي يقدمها أبناء الجماعة وأعظمها دماء أبنائها الشهداء الذين يُقتلون فقط بسبب إعلانهم رَبُّنَا الله (2).

والحق والحق نقول أن للعيد في الجماعة الإسلامية الأحمدية أبعادًا لم يشهدها إلا صحابة النبي الكريم ومن بعده خلفاؤه الكرام ومن اتبعوهم بإحسان. وهكذا شاء قدر الله أن يربط الأولين بالآخَرين.

  ذَلِكَ فَضْلُ الله يُؤْتِيهِ مَنْ يَشَاءُ وَالله وَاسِعٌ عَلِيمٌ (3)

هدانا الله وإياكم لما يحبه ويرضاه وجعلنا من الخادمين المخلصين لدينه الحنيف، وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على أشرف المرسلين سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

(1) الروم 5 و6(2) فصلت 31(3) الجمعة 5
Share via
تابعونا على الفايس بوك