سيرة المهدي - الجزء 1 الحلقة 4
  • وفاة الأخ الأكبر للمسيح الموعود وتحويل عقاراته إلى اسم متبناه
  • دليل صدق المسيح u في رده على طفل يسأله عن دعواه
  • وحي: ” يسألونك عن شأنك، قل الله..”
  • مثال مقتطف من رسالة عن أهمية تعليم البنات
  • احترام المسيح للطفل الذي سأله عن صحة ادعائه وإعطائه كتابه ليقرأه دليل على صدق دعواه
  • يُسأل المسيح في المحكمة عن شأنه فيجيب حسب الإلهام الذي تلقاه
  • مرض المسيح وردة فعل أقربائه

__

23. كتابة المسيح وخطه

بسم الله الرحمن الرحيم. أقول: كان المسيح الموعود يكتب في آخر عمره بالريشة ذات الرأس العريض كما كان يستخدم ورقًا أبيض غير مسطّر. كان قد اعتاد على أن يطوي الورق على طوله من جهتيه اليمنى واليسرى ليكون ذلك بمنزلة الحاشية من الطرفين، وكان يكتب بالحبر الأسود والأزرق الغامق أيضا، وكان يأخذ كُريّة من الطين ويثبت فيها المحبرة حتى لا تقع على الأرض. كان يكتب وهو يمشي، إذ كان يضع المحبرة في مكان وكلما مرّ من قربها غمس القلم فيها. كما كان يقرأ ما يكتبه أولاً بأول. وكان من عادته أنه كلما قرأ بنفسه خرج من شفتيه صوت غير واضح فيه نغمة لم يستطع السامع فهم الكلمات بشكل صحيح. لقد سمعت مرزا سلطان أحمد يقرأ، وكانت طريقته تشبه كثيرًا طريقة المسيح الموعود في القراءة. كانت كتابته قوية أما خطّه فكان ضعيفًا بحيث ما كان يستطيع قراءته صحيحًا من لم يكن معتادًا عليه سابقا. كان يشطب عبارة ويكتب بديلها أيضا، فنرى في كتاباته بعض الأجزاء التي عليها علامة الشطب. كان خطّه صغيرًا جدًّا. وأورد فيما يلي نموذجا لخطه.

إضافة إلى ذلك أرى بخصوص أولادي أن يتزوَّجوا من فتيات تلقين العلوم الدينية ودرسن شيئًا من العربية والفارسية والإنجليزية، ويتحلين بالعقل والفكر اللازم لتدبير أمور بيوت العائلات الكبيرة. فإن كل هذه الأمور – أن يتحلين بهذه المزايا بالإضافة إلى صفات وميزات أخرى- بيد الله تعالى. هناك تقصير هائل في تعليم البنات في العائلات الشريفة في البنجاب فتنشأ هؤلاء المسكينات كالوحوش.

أقول: أُخذت هذه العبارة من إحدى رسائل المسيح الموعود إلى مرزا محمود بيك من منطقة “بتي” في عام 1899.

24. وفاة أخ المسيح

بسم الله الرحمن الرحيم. حدثتني والدتي: لما توفي عمك الأكبر (مرزا غلام قادر أي الأخ الأكبر * للمسيح الموعود ) دون أن يخلّف ولدًا جاءت زوجته إلى المسيح الموعود تبكي وتقول له أن يحول جميع عقار أخيه باسم مرزا سلطان أحمد لكونه متبناه، ولما أصبحت هذه العقارات هي لك الآن فإنها ستبقى ملكك أيضا بعد تحويلها إلى ابنك. فحول جميع عقارات عمك إلى اسم مرزا سلطان أحمد.

سألتُ والدتي: كيف قبل ذلك الأمر بخصوص المتبنىّ؟ قالت والدتي: لم يكن هذا إلا قولٌ كانت زوجةُ عمِّك قائلته وإلا فلا حقيقة للمتبنى بعد وفاة المتبني. وكان القصد من ذلك هو أنه لم يحول عقار عمك إلى اسمه بل حولها إلى اسم مرزا سلطان أحمد نزولا عند رغبة زوجة عمك، وذلك لأنه كان يرى أن مرزا سلطان أحمد سيرث نصف عقاره أما النصف الآخر فسيناله مرزا فضل أحمد، وبتحويله عقار أخيه إلى مرزا سلطان أحمد رأى أنه قد أعطى له نصيبه في حياته.

25. الإرث

بسم الله الرحمن الرحيم. حدثتني والدتي: لما توفي مرزا فضل أحمد قال لي بعد مدة قصيرة من وفاته: مرزا فضل أحمد كان الوحيد الذي سيقاسم أولادك الإرث ولكنه غادر هذا العالم.

أقول: كان لجدي ابنان اثنان أحدهما والدي مرزا غلام أحمد والآخر عمي مرزا غلام قادر الذي كان أكبر سنًّا منه . لقد عمّر جدّنا قريتين اثنتين في ضواحي أراضي قاديان وسماهما باسم ابنيه إحداهما “قادر آباد” والأخرى أحمد آباد. لقد خرجت قرية “أحمد آباد” من يد عائلتنا لسبب ما أما “قادر آباد” فقد وزعت على أولاده ومنها أخذ مرزا سلطان أحمد نصيبه. ومن عجائب قدر الله تعالى أنه بعد مضي أربعين عامًا قد رجعت لعائلتنا قرية “أحمد آباد” أيضا التي كانت قد وقعت بيد عائلة أخرى، فهي الآن مِلكٌ لنا نحن الإخوة الثلاثة، أي ليس فيها نصيب لمرزا سلطان أحمد. تقع “قادر آباد” في شرق قاديان أما أحمد آباد ففي شمالها.

26. إعلان مرزا غلام أحمد u أنه المسيح الموعود

بسم الله الرحمن الرحيم. حدثني الدكتور مير محمد إسماعيل (الذي هو خالي) وقال: كنتُ طفلا صغيرًا ولعلي كنت طالبًا في الصف الثالث لما نشر المسيح الموعود في “لدهيانه” دعواه أنه المسيح الموعود. لم أكن أعرف عن دعواه هذه شيئًا. ففي أحد الأيام دخلت المدرسة فقال لي بعض الطلاب: إن مرزا القاديان الذي هو في بيتك حاليًا قد أعلن أن عيسى قد مات وأنه هو المسيح الموعود. قال الدكتور: كنت قد أنكرت ذلك وقتها وتساءلت كيف يمكن أن يكون كذلك لأن عيسى لا يزال حيًّا وهو نازل من السماء. على أية حال لما وصلتُ إلى البيت كان جالسًا فسألتُه: سمعتُ أنك تقول بأنك المسيح الموعود. سمع هذا السؤال ثم قام وجاء بنسخة من كتابه “فتح الإسلام” من الخزانة في الغرفة (وكان ذلك تأليفه الجديد) وأعطاه لي قائلا: اقرأه. يقول الدكتور: هذا الأمر هو دليل على صدق المسيح الموعود أنه قد اهتم بكل جدية بسؤال طفل صغير في حين كان بإمكانه أن يصرفه بقول أو بغيره.

27. الاحتفاظ ببعض من شعر النبي صلى الله عليه وسلم تبركاً

بسم الله الرحمن الرحيم. حدثني القاضي أمير حسين أنني كنت أقرأ في الحديث النبوي الشريف أن الصحابة كانوا يحتفظون عندهم بشَعر النبي تبركًا، فخطر ببالي يومًا هذا الأمر فالتمست من المسيح الموعود أن يمنحني بعض شَعره. فأرسل لي بعض شَعره بعَيد الحلاقة.

أقول: أنا أيضا أحتفظ ببعض شَعره .

28. يقرأ المسيح القرآن أثناء الصلاة بألم وحرقة

بسم الله الرحمن الرحيم. حدثني القاضي أمير حسين أنني حضرت صلاة المغرب في الأيام التي لم يكن فيها المولوي المحترم (الخليفة الأول ) في قاديان، فرأيت أن المسيح الموعود يصلي بالناس إمامًا. لقد قرأ سورتين قصيرتين بكل ألم وحرقة حتى أصبح الناس يبكون بوجد وألم. فلما أنهى الصلاة دنوتُ منه فرآني وقال لي: لقد بحثت عنك كثيرًا ولكني لم أجدك، قاسيت معاناة كثيرة في هذه الصلاة، فصلّ أنتَ بالناس صلاة العشاء.

أقول: لعل هذا الأمر يتعلق ببداية عهده .

29. وحي من الله

بسم الله الرحمن الرحيم. حدثني المولوي شير علي وقال: حدث في أحد الأيام – التي كان المسيح الموعود موجودًا فيها في غورداسبور لمتابعة قضية مرفوعة من قبل المدعو “كرم دين”- أن ذهب الجميع إلى المحكمة أو إلى هنا وهناك ولم يبق معه إلا أنا والمفتي محمد صادق. كان مستلقيًا وكان على ما يبدو نائمًا، إذ رفع رأسه في هذه الحالة وقال لقد تلقيت وحيًا فاكتبوه. لم يكن في ذلك الوقت أي قلم أو محبرة أو قلم رصاص أو ما شابهه فدخلنا المطبخ وجئنا بقطعة فحم كتب بها المفتي محمد صادق ذلك الوحي على الورق. فاستلقى ، وبعد قليل أملى إلهامًا آخر، وهكذا أملى عدة إلهامات في ذلك الوقت.

يقول المولوي: لا أزال أذكر منها وحيًا واحدًا وهو: “يسألونك عن شأنك، قل الله، ثم ذرهم في خوضهم يلعبون.” فلما مثُل في المحكمة في اليوم التالي طرح عليه محامي الادعاء بعض الأسئلة منها هل تظنّ أن شأنك عظيم ودرجتك عالية كما كتبت بكلمات قوية في كتابك “تحفة غولروية” ثم قرأ المحامي هذه العبارة من هذا الكتاب فقال المسيح الموعود : هذا فضل من الله، أو قال جملة نسب فيها هذا الفضل إلى الله تعالى.

يقول المولوي: لم يخطر بباله في ذلك الحين أن هذا السؤال وجوابه كان مطابقًا لمحتوى الإلهام الذي تلقاه قبل يوم. فلما عاد من غورداسبور إلى قاديان قلت له في أحد المنعطفات في الطريق: أرى أن وحيكم قد تحقق من خلال الأسئلة والأجوبة التي تمت في المحكمة. سُرّ كثيرًا بسماع ذلك وقال: نعم هذا ما حصل في الواقع، إن فهمك صائب جدًّا.

يقول المولوي: إن شيخ يعقوب علي العرفاني حدّثه بأن المسيح الموعود ذكر هذا الأمر في مناسبة أخرى وقال: لقد فهم المولوي شير علي تحقق الوحي بشكل صائب ثم أبدى سروره تجاه هذا الأمر.

(لقد ورد في هذه الرواية اسم كتابه “تحفة غولروية”، ويجدر بالذكر التنويه هنا إلى أن المسيح الموعود كتب في حقيقة الوحي اسم هذا الكتاب “ترياق القلوب” بدلا من “تحفة غولروية” ولكن الحقيقة أن هذا سهو، والصحيح الذي سُئل عنه هو كتاب: “تحفة غولروية” وليس “ترياق القلوب” كما أثبتنا ذلك في الرواية رقم 389 في الجزء الثاني من هذا الكتاب من خلال عرض الملف الموثوق به حول هذه القضية.)

30. تدوين المسيح عليه السلام للرؤى

بسم الله الرحمن الرحيم. أقول: كان دأب المسيح الموعود أنه كان يستمع إلى رؤيا كل واحد بكل إصغاء، وأحيانًا يسجلها عنده أيضا.

لما أغلق مرزا كمال الدين الطريق المؤدي إلى المسجد بإقامة الجدار دونه وتعرّض الأحمديون بسببه لأذى كثيرًا لجأ مضطرًا إلى القانون (لم يرفع أية قضية ضد أحد قط سوى هذه القضية الوحيدة). في تلك المرحلة نفسها رأيتُ في الرؤيا أن الجدار يُهدَم وأني أمرُّ من فوق أنقاضه. فلما ذكرت هذه الرؤيا للمسيح الموعود سمعها بإصغاء ثم سجلها عنده، وكنت آنئذ طفلاً صغيرًا.

31. زلزال 1905

بسم الله الرحمن الرحيم. أقول: لما حدثت زلزلة كبيرة في عام 1905 وانتقل إلى بستانه للسكن رأى في تلك الأيام محمد منظور بن مفتي محمد صادق – الذي كان طفلاً صغيرًا آنئذ – أن كثيرًا من المعز تُذبح. فلما علم بهذه الرؤيا طلب بعض المعز وتصدق بها، وهذا ما فعله بعض الناس الآخرين اتباعًا له ، وأظن أنه في ذلك اليوم ذُبح أكثر من مئة معز في ذلك البستان.

32. يوم حدوث الزلزال

بسم الله الرحمن الرحيم. أقول: كنت طفلا صغيرًا عندما حدثت زلزلة في عام 1905 وكنا نائمين على الأسرة بالإضافة إلى أولاد آخرين في بيته المجاور لبيت النواب محمد علي خان، فلما حدث الزلزال نهضنا خائفين مذعورين دون أن نستوعب الوضع الحاصل. فلما وصلنا إلى باحة الدار لاحظنا تساقط الأحجار والأجزاء من اللِّبن المكسور من فوق البيت. فهرولنا إلى البيت الكبير حيث رأينا المسيح الموعود والوالدة المحترمة يخرجان من غرفتهما فتشبثنا بالمسيح الموعود والتصقنا به. كان قلقًا أيضا ويريد التوجه نحو الباحة الكبيرة ولكن الأولاد ووالدتنا المحترمة قد تمسكوا به، كان في الوسط والأولاد يجرونه إلى هذه الناحية أو تلك، وفي نهاية المطاف وصل ووصلنا ملتصقين به إلى الباحة الكبيرة. كانت هزات الزلزلة قد خفت قليلا إلى ذلك الحين، وبعد قليل أخذَنا إلى بستانه حيث وصل الإخوة الآخرون أيضا حاملين بعض أمتعتهم. لقد أنشئت بعض الغرف الطينية المؤقتة هناك كما جاء الإخوة ببعض الخيم أيضا فأقمنا في هذا البستان مدة طويلة. أقيمت المدرسة أيضا مؤقتًا في هذا البستان الذي كان قد تحول إلى مدينة في تلك الأيام. ما أروعه ذلك الزمن!

33. قصر الصلاة

بسم الله الرحمن الرحيم. حدثني القاضي أمير حسين: كان موقفي في البداية أنه لا يجوز قصر الصلاة في حالة السفر في الظروف العادية إنما يجوز ذلك في الحرب خوفًا من الفتنة، وكنت أناقش المولوي المحترم (أي الخليفة الأول للمسيح الموعود ). قال القاضي: لقد زرت المسيح الموعود في غورداسبور لما كان هناك لمتابعة القضية في المحكمة، وكان يصطحبه المولوي صاحب (أي الخليفة الأول للمسيح الموعود ) والمولوي عبد الكريم. فلما حان وقت صلاة الظهر أمرني قائلا: صلّ أنت بالناس. فعقدت العزم في نفسي بأنني لن أقصر اليوم ولقد وجدت الفرصة الرائعة للبتّ في هذه القضية، فسأصلي الصلاة كاملةً دونما قصر. فبعد هذه النية بعدم قصر الصلاة لما رفعت يداي تقدّم من خلفي – وكان واقفًا خلفي في الجهة اليمنى- وقال لي في أذني: ستصلي ركعتين، أليس كذلك؟ فقلتُ نعم سيدي، سأصلي ركعتين فحسب. وهكذا حُسم في الأمر وحُلّت المشكلة فتخلّيت عن موقفي السابق منذ ذلك الوقت.

34. الجزع والنواح عند موت عزيز

بسم الله الرحمن الرحيم. حدثنا القاضي أمير حسين قال: توفي ابني الذي كان من الزوجة الأولى فجزعتْ أمه واشتركت معها حماتي أي جدة الابن المتوفى أيضا. لقد منعتُهما من الجزع والنواح إلا أنهما لم ترتدعا. جاء المسيح الموعود لصلاة الجنازة عليه ثم قام بعد صلاة الجنازة يخطب في الناس طويلا، وقال لي في النهاية: بلّغ هذه النصائح أهل بيتك أيضا. فأخبرت زوجتي عن خطابه . ثم حدث أن توفي لي ابنان أو ثلاثة ولكن زوجتي لم تفـعل شـيئًا سـوى ذرف الدمـوع.

35. عجائب قدر الله تعالى

بسم الله الرحمن الرحيم. حدثني المولوي شير علي أن المسيح الموعود أقام في “بتاله” أثناء توجهه إلى غورداسبور، فلقيه هناك شخص كان قد ذهب إلى قاديان للقائه فلم يجده فعاد إلى “بتاله” بحثًا عنه، وكان قد جاء ببعض الفواكه منها العنب أيضا، فتناول العنب وقال: يحتوي العنب على شيء من الحموضة ولكنها ليست ضارة في الزكام. ثم قال: كنت أرغب في أكل العنب قبل قليل فقد أرسله الله تعالى. ثم قال: لقد جرّبت هذا الأمر مرارًا أنه كلما رغب قلبي في أكل شيء هيأه الله تعالى لي.

كما حكى لنا مرة وقال: كنت على سفر مرةً إذ نشأت في قلبي رغبة لتناول قصب السكر من نوع خاص. لم تكن ثمة إمكانية ليتوفر هذا النوع أثناء السفر. ولكن من عجائب قدر الله تعالى أننا لقينا بعد قليل شخصًا يحمل هذا النوع من قصب السكر فأخذناه منه.

36. مرض المسيح الموعود عليه السلام

بسم الله الرحمن الرحيم. حدثتني والدتي أن المسيح الموعود قد تعرض لنوبة شديدة من المرض في أوائل عهده، ولعل أحدًا أخبر مرزا سلطان أحمد ومرزا فضل أحمد أيضا فلما أتيا أصيب بالنوبة في حضورهما أيضا. تقول والدتي: رأيت في ذلك الوقت أن مرزا سلطان أحمد لزم الصمت وظل جالسا بجنب سريره أما مرزا فضل أحمد فكان يتغير لون وجهه وكان يجري هنا وهناك، ويلفّ بعمامته رجلَي المسيح الموعود مرةً ويمسّدهما مرةً أخرى وكانت يداه ترتجفـان من شـدة قلـقه عليه.

Share via
تابعونا على الفايس بوك