سيرة المهدي - الجزء 1 الحلقة 22

سيرة المهدي – الجزء 1 الحلقة 22

مرزا بشير أحمد

  • البركة من قدرة الله
  • النار من جد الله وخادمة لأولياءه
  • معاملة المسيح الموعود لمعارضيه.

__

  1. بسم الله الرحمن الرحيم. حدثني شيخ كرم إلهي البتيالوي وقال: حدث مرة قبل إعلان حضرته عن أنه المسيح الموعود أنني كنت في “بتياله” حيث استمعت إلى كلمة أحد سكانها محمد حسين -الذي مات على معارضة حضرته – سمعته يلقي في الناس وعظًا مفاده: يتعجب الناس لدى سماعهم عن معجزات النبي أنه ببركته زاد الطعام أو بورك في الماء القليل بحيث كفى لإرواء غليل جمع كبير من الناس ولا يقبلونها في حين أن هذه الأمور ممكنة الحدوث بقدرة الله تعالى، إذ تظهر اليوم أيضا على يد الصلحاء وأولياء الله مثل هذه الخوارق. ثم ذكر حدثًا أنه ذهب ذات مرة للقاء حضرته في “أنباله”، حيث أُرسِل لحضرته من البيت طعامٌ كان يكفي لشخصين فقط، إلا أننا جميعًا أكلنا وشبعنا وكنا 10 أو 12 نفرًا.

يقول شيخ كرم إلهي بأن هذا الشخص تعثر عند إعلان حضرته ‎ أنه المسيح الموعود، فغدا يعارضه حتى وافته المنية.

  1. بسم الله الرحمن الرحيم. حدثني الحافظ روشن علي وقال: حدثني الدكتور محمد إسماعيل خان وقال: كنا جالسين ذات مرةٍ عند حضرته بمناسبة الجلسة بينما كانت طبخة الرز المالح والحلو تُعدُّ في الخارج للضيوف، وفي هذه الأثناء أُرسِل لحضرته طعام من بيته. كنا نظنّ أنه سيكون طعامًا فاخرًا شهيًّا، ولكن لما رأيناه وجدنا شيئًا من الرز المسلوق وشوربة، ولم يكن يزيد عن طعام شخص واحد فقط. دعانا حضرته إلى المشاركة معه في تناول الطعام فاشتركنا معه. يقول الراوي بأن الدكتور محمد إسماعيل خان كان يقول: لقد أكلنا وشبعنا جميعًا مع أن عددنا كان كبيرًا.

أقول: أتعجب ممن يدعون بالإيمان بالله ثم يشكّون في ظهور الخوارق. إذا سلّمنا بوجود الإله القادر المطلق الذي بيده العالم كله، والذي هو خالق الأشياء ومالكها، لما اشتبه وجود الخوارق، لأنه هو من أودع في الطعام هذه الميزة أن يكون كافيًا لشخص واحد، أو ليس ذلك الإله بقادر على أن يودعه بتقدير خاص ومصلحة معينة خاصية أن يملأ بطون عشرة أشخاص أو يشبع عشرين نفرًا؟ لو سلّمنا أن الله تعالى هو من وضع خواص الأشياء، فلماذا لا يكون قادرًا على إحداث التغيير والتبديل فيها بشكل مؤقت نظرًا لبعض حِكَمه الخاصة؟ فإذا كان الله هو القادر المطلق فلا بد من أن نسلّم بأنه قادر على كل ما يمكن أن يسمى بالقدرة، كذلك الحال بالنسبة إلى جميع صفاته الأخرى. ولقد أُمِرنا أن نؤمن بالقدر، والمراد منه أن نؤمن بأن الأشياء أودعت من الله تعالى الخواص كلها، وأن الله تعالى قادر على التغيير فيها بقدرته الخاصة. باختصار، أُمِرنا بالإيمان بالقدر العام والقدر الخاص كليهما. أي ينبغي أن نؤمن أولا أن صفة الحرق في النار لم تنشأ فيها تلقائيًا بل تولدت بأمر من الله تعالى، ثم ينبغي أن نؤمن بأن الله تعالى قادر على تغيير هذه الصفة أو الخاصية أو تبديلها أو تعطيلها، وينبغي أن نؤمن أيضا أن الله تعالى يري الناس أحيانًا مظاهر قدره الخاص بهذه الطريقة من خلال عباده الخواص لإظهار ذاته ولإقامة الدليل على وجوده، وذلك لأنه لا يمكن بدونه أن يستحكم إيمان المرء بالله تعالى. يجب التذكر بأنه ليس هنالك أي فعل من أفعال الله عبثًا، بل هو مبني على حِكَمٍ كثيرة، ولا يظهر أي أمر خارق للعادة إلا عندما تقتضيه الحكمة الإلهية ووفق ما تقتضيه مشيئة الله، ولا تظهر الآية عندما يطالب بها الطالبُ ولا تظهر وفق مطالبته. إن الله تعالى غني، ولا يحتاج إلى أحد، بل العباد يحتاجون إليه فهو الذي يقرر ما إذا كانت ثمة حاجة لإراءة آيةٍ أم لا.

  1. بسم الله الرحمن الرحيم. حدثني شودري حاكم علي وقال: قال أحد الهندوس مرة معترضًا: كيف صارت النار بردًا وسلامًا على إبراهيم؟ فكتب الخليفة الأول بأن المراد من النار هنا هو نار الخصومة والعداء. في تلك الأيام نفسها كان المسيح الموعود جالسًا في المسجد الصغير وكنا ندلك قدميه، وكان المولوي نور الدين أيضا جالسًا معه إذ ذكر أحد الإخوة الاعتراض المذكور وما ردّ عليه المولوي نور الدين، فقال حضرته : ما الحاجة إلى هذا التكلّف، أنا موجود ههنا، فليرمِني أحدٌ في النار وليختبر هل تتحول إلى برد وسلام لنا أم لا؟

أقول: وَجّه هذا الاعتراض أحدُ الآريا “دهرم بال” الذي ارتدّ عن الإسلام وألف كتابًا بعنوان: “تركُ الإسلام” فألف الخليفة الأول كتاب: “نور الدين” ردًّا عليه، وضمّنه الرد المذكور وهو أن المراد من النار هو نار المعارضة، ولكن لما بلغ ذلك حضرته أنكره وقال بأنه لا حاجة لمثل هذا التأويل، فإننا موجودون في هذا العصر فليرمِنا أحد المعارضين في النار وليختبر إذا كان الله يخمدها أم لا؟ ولقد قال المسيح الموعود في مناسبة أخرى في بيت من الشعر ومعناه:

أيها الجاهل! لن تستطيع أن تضرّ بي شيئا بمكائدك، لأن نفسي هي تلك التي إذا أدخلتْ في النار خرجتْ سليمةً منها.

وهناك وحي لحضرته يسلط الضوء على هذا المفهوم نفسه، ويقول الله تعالى فيه أنْ يوجّه حضرته للناس هذا الكلام: “لا تخوِّفوني بالنار فإن النار خادمة لنا بل خادمةُ خدامِنا.”

أقول: ذكر شودري حاكم علي في هذا السياق حادثةً أن أحدًا كان يدّعي اقتحام النار والخروج منها سليمًا دون أن تضر به شيئًا. وبسبب معارضته لحضرته قال ذاكرًا اسمَه: إنه يدّعي بكونه مسيحًا موعودًا، فإذا كان صادقًا في دعواه هذه فليأت إلى هنا ويدخل معي في النار. يقول الراوي: تلقّيت من أحد الإخوة رسالة بهذا الخصوص فقدمتها إلى حضرته ، فقال: إنها شعوذة ليست إلا. لا يسعنا الذهاب إلى هناك، ولكن اكتبْ له أن يأتي إلى هنا، ثم إذا دخل أمامي النار فلن يخرج منها حيًّا. فكتبت له ردّ حضرته، إلا أنه لم يقبل دعوة حضرته.

أقول: يرتاب الجهلة أحيانًا في ظهور قدرة الله تعالى بسبب هذه الأمور، في حين أن أعمال الإنسان لا تبدي إلا وجه إنسانٍ فيها مهما قام بالعجائب بناء على علمه، أما الأمور الإلهية فتتسم بتجليات إلهية تري وجه الله وتعكسه. وعليه، فما يأتيه من الله يتسم بعظمة خارقة، وما يأتي من الإنسان فله وقع آخر تمامًا ولو كان في الظاهر مشابهًا لما يأتي من الله. ويتضح من المثال السابق أنه كيف تبخر سحر الإنسان بإعلان حضرته عن إظهار قدرة الله. يبدو أن هذا الشخص كان يري الناس بعض أعمال الشعوذة كما كان السحرة يقومون بها في عهد موسى . ولكن يبدو أن فضل الله تعالى على المسيح الموعود في هذه القضية كان أكثر مما كان يحظى بها موسى إذ اضطر موسى لإراءة آية ما لإبطال سحر السحرة، أما هنا فقد تبخر هذا السحر بمجرد الإعلان عن إراءة الآية ولم يجرؤ العدو على البروز أمامه، فالحمـد لله على ذلك.

  1. بسم الله الرحمن الرحيم. حدثني الحافظ روشن علي وقال: لما اكتملت الإجراءات لبناء منارة المسيح في قاديان رفع الهندوس المجاورون شكاواهم إلى المسؤولين في الحكومة أنها ستؤدي إلى هتك سِتْرِهم في بيوتهم. فجاء نائب المفوض من قبل الحكومة للتحقيق في الأمر، وقابل المسيح الموعود في الغرفة المجاورة للمسجد المبارك على محضر من بعض المشتكين. جرى حديث بين حضرته والمندوب الحكومي، وخلال ذلك قال له حضرته مشيرًا إلى الهندوسي “بُدّهامَل”: اسأله هل حدث مرة منذ صِغري إلى يومنا هذا أن قصرتُ في اغتنام أية فرصة أتيحت لي لإفادته؟ ثم هل حدث أن فوَّتَ هو فرصةً للإساءة إليّ والإضرار بي؟

يقول الحافظ روشن علي: كنت أنظر إلى الهندوسي “بُدّهامَل” وقد دسّ رأسه بين ركبتيه من شدة الندم، واصفر وجهه فلم ينبس ببنت شفة.

أقول: كان “بُدّهامَل” شخصية معروفة من آريا قاديان وكان عدوًّا لدودًا للإسلام وبالتالي للأحمدية أيضا. ولا يزال هذا الشخص على قيد الحياة وهو مصداق لمحتوى الآية: يمدّهم في طغيانهم .

Share via
تابعونا على الفايس بوك