إني أموت ولا تموت محبتي

إني أموت ولا تموت محبتي

مرزا بشير أحمد

يحتوي هذا المقال على مقتطفات من خطاب لحضرة مرزا بشير أحمد ابن المسيح الموعود ، ألقاه في الاحتفال السنوي للجماعة الإسلامية الأحمدية سنة 1959.

إن عشق الرسول يحتل الدرجة الثانية بعد الحب الإلهي. ومن هذه الناحية كانت مكانة حضرة مؤسس الجماعة الإسلامية الأحمدية منقطعة النظير. يقول حضرته في مدح النبي ما تعريبه: “إنني سكرت بعشق محمد ، فإن كان ذلك كفرًا فوالله إني كافر أشد الكفر”.

أنا المؤلف ولدت في بيته، وهذه نعمة الله الكبرى التي لا يمكن لي أن أشكر عليها حق الشكر، بل وأراني غير مستطيع حتى التفكير في الشكر، لكن لا بد أن أسلم نفسي إلى الله يوما ما، فأقول مستحلفا بالله: إنه لم يحدث ولا مرة واحدة أن يذكر حضرته (أي المسيح الموعود ) رسول الله إلا واغرورقت عيناه. إن قلبه وعقله حتى وكل ذرة من جسمه كانت عامرة بحب الرسول ، نابضة بغرامه.

(1)

حدث مرة أن حضرته كان يتمشى وحده في المسجد المبارك – مسجد صغير متصل بداره . وكان يهمهم بكلمات وكانت عيناه تسكبان دموعًا، فدخل المسجد رجل مخلص من أصحابه، فسمع أنه كان يردد ما قال حسان في وفاة النبي :

كنت السواد لناظري

فعمي عليك الناظر

.

من شاء بعدك فليمت

فعليك كنت أحاذر

والراوي يقول: إنه لما رأيته يبكي بهذه الصورة وكان وحده في المسجد، فسألته مضطربًا، ماذا جرى يا سيدي، وماذا دهاك؟ فرد علي حضرته قائلاً: كنت أردد بيت شعر لحسان، وكنت أتمنى ليتني كنت قائل هذا البيت.

قد أتى على المسيح الموعود أحرج ما يكون من الأيام وأقساها، وتعرض لكل الأزمات وكابد ألوانًا من المصائب، وطغت عليه عواصف الآفات، وذاق الأمرين على أيدي الأعداء، حتى واجه دسائس القتل من قبلهم، وصبر على موت أولاده وأعزائه وأصدقائه وأصحابه الفدائيين، ولم تنم عيناه على عواطف الحزن والتفجع، ولكنه في وحدته وعند ذكر وفاة حبيبه محمد التي مضى عليها أربعة عشر قرنًا، يردد هذا البيت المفجع، وتجود عيناه بفيض من الدموع، وتتدفق عواطفه المكبوتة قائلاً: ليت لساني أن جاد بالبيت الرقيق. لا ينبغي أن نرجع ذلك إلى أن هذا البيت أروع ما قيل في وفاة النبي ، بل مرجع ذلك شدة حب المؤسس للرسول التي كانت تدفعه إلى مثل هذه الرغبة.

(2)

كان بقاديان رجل اسمه “محمد عبد الله”، وكان الناس يلقبونه بالأستاذ، مع أنه لم يكن بهذه المرتبة من العلم، لكنه كان مخلصًا، وكان يرتزق عن طريق تقديم بعض الصور الغريبة للصغار، وأحيانًا كان عقله يختل عند شدة الغضب والثورة. وحدث أن ذكر في مجلس حضرة المؤسس أن فلانًا قد استعمل كلمات نابية عن حضرته، فثار لذلك الأستاذ وقال: لو كنت هناك لحطمت رأس ذلك الرجل. فانبرى حضرة المؤسس يقول له: لا! لا! لا ينبغي ذلك. نحن نعلِّم الناس الحلم والصبر. وكان “الأستاذ” ما زال في ثورة فقال في حماس بالغ: “إن حضرتك تثور وتلتهب إذا شتم أحد سيدك (محمدا )، وتتحدى المعتدي بالمباهلة، ولا ترضى إلا بقذفه في جهنم، لكنك إذا شتمت وأنت مرشدنا أمرتنا بالحلم والصبر!!”.

كان ذلك الأستاذ مخطئًا، لأنه لم يصبر منا أحد مثل صبره، غير أن هذا الحادث الغريب إن دل على شيء فإنما يدل على مبلغ عشق حضرة المؤسس للرسول وغيرته على كرامته التي قلما نجد لها مثيلا.

(3)

كان “ليكرام” من كبار زعماء الهنادك الدينيين وكان كذلك من ألد الأعداء، وكان لسانه المقذع لا ينفك يطعن في كرامة نبي الإسلام محمد ، وظل طوال عمره يتحدى مؤسس الجماعة الإسلامية الأحمدية، ويجعل الإسلام ونبي الإسلام عرضة لأرذل التهم وأحط البهتانات. وكان حضرة أحمد يرد عليه ردودا مفحمة داحضة، لكن ليكرام الهندوكي ما ارتدع عن غيه، بل تمادى فيه، حتى انتهى هذا الصراع إلى مباهلة تمت بين حضرة أحمد وبين هذا الهندوكي المتمرد الذي لقى حتفه بالمباهلة بعد أن رأى ازدهار الحركة الإسلامية الأحمدية وتقدمها وبعد أن تبددت أحلامه وتضاعفت حسراته وآلامه.

تصادف أن هذا الهندوكي نفسه اجتمع هو وحضرة أحمد أثناء السفر في محطة كان ينتظر بها حضرته القطار، ولما عرف “ليكرام” أن حضرة المسيح المحمدي بنفس المحطة، أراد حسب المظاهر التقليدية طاويا كشحه على نيران العداوة، أن يواجه حضرته. وكان حضرته عندئذ يتوضأ للصلاة. فحياه “ليكرام” بأسلوب هندوكي، لكن حضرته لم يرد عليه، كأنه لم يره. فحياه “ليكرام” ثانية محولا اتجاهه، لكنه سكت ولم يرد. فلما رجع الهندوكي يائسا، ظن بعض أصحابه أنه ربما لم يسمع تحية “ليكرام”، وقال له: إن ليكرام جاء يسلم عليه، فتغير وجه حضرته وقال: “إنه يسلم علينا ويسب سيدنا ومولانا (محمد ).

هذه الكلمات لرجل كان رحمة لجميع طوائف الناس، كان له أصدقاء من الهنادك وأخلاء من السيخ ومعارف من المسيحيين، وكان يعامل جميع الطوائف معاملة تفيض شفقة وإنسانية، لكن هذا الرجل الشفيق الكريم كان سيفا مصلتا في وجوه الأعداء إذا تحدى أحد غيرته على كرامة حبيبه وسيده محمد .

(4)

وحادث آخر من نفس النوع يتعلق باجتماع عقده الهنادك الآريون بلاهور، ووجهوا الدعوة العامة إلى ممثلي جميع الأديان للاشتراك فيه، وطلبوا إلى حضرة مؤسس الجماعة الإسلامية الأحمدية بصورة خاصة وبإلحاح أن يكتب مقالاً ليلقيه في هذا الاجتماع، ووعدوه بأنه لن يكون في برنامج الاجتماع ما ينال من كرامة أحد الأديان أو يخالف آداب الاجتماع. فأعد حضرته مقالا صافيا حول فضائل الإسلام والقرآن، وأرسله بيد أحد كبار أصحابه حضرة الشيخ نور الدين (الذي انتخب بعد وفاته خليفته الأول) برفقة جماعة من الأحمديين. لكن ممثل الهنادك الآريين لما قام لإلقاء الخطاب، ضرب بجميع وعود النزاهة عرض الحائط وتناسى آداب الاجتماع، وتكلم عن الإسلام ونبي الإسلام كلاما بذيئا مقذعا.

فلما بلغ حضرته ما جرى في هذا الاجتماع غضب على أولئك الذين رجعوا من هناك، وكان من بينهم حضرة المولوي نور الدين ، وانتهرهم في حماس وثورة قائلاً: لماذا ظلتم جالسين في اجتماع سب فيه رسولنا ، ولماذا ما أسرعتم في الخروج منه؟؟ وكيف استساغت غيرتكم أن تسمعوا وتصغوا لإهانة الرسول ، وقرأ حضرته متحمسا قول الله تعالى:

إِذَا سَمِعْتُمْ آيَاتِ اللَّهِ يُكْفَرُ بِهَا وَيُسْتَهْزَأُ بِهَا فَلَا تَقْعُدُوا مَعَهُمْ حَتَّى يَخُوضُوا فِي حَدِيثٍ غَيْرَهُ .

فأطرق حضرة المولوي نور الدين رأسه ندما بعدما سمع تأنيب حضرة المسيح الموعود مؤسس الجماعة الإسلامية الأحمدية ، بل إن جميع من سمع حضرة المسيح الموعود  يتكلم بهذا الكلام المستثير للغيرة ذاب ندما.

(5)

كان مرزا سلطان أحمد أكبر أنجال حضرة المؤسس وكان أكبر ابنيه من زوجه الأولى أيضًا، وتقاعد عن منصب المحافظ وكان رجلا محنكا ذاق حلو العيش ومره. ولم يبايع أباه أثناء حياته، بل آثر الانقطاع عنه، وظل متصلا بمعارضي الجماعة حتى بايع حضرة مرزا بشير الدين محمود أحمد الخليفة الثاني للمسيح الموعود . حدث أثناء انقطاعه عن الجماعة أن سألته عن أخلاق حضرة المؤسس وشمائله في أوائل الأيام، فأجاب على سؤالي قائلا:

إن شيئا خاصا شاهدته في حياته أنه لم يكن يتحمل حتى أتفه مساس بكرامة النبي . وإن تفوه أحد بما ينال من هذه الكرامة المقدسة احمر وجهه غضبا، واضطربت عيناه من شدة الغيظ، وكان يهجر مثل هذا المجلس على الفور. إن والدي كان يعشق محمدا عشقا لم أعهده بأحد من قبل. وكرر المرزا سلطان أحمد هذا القول مرارا.

هذه شهادة الشخص الذي لم يبايع المسيح الموعود طوال حياته، والذي راقب حياة حضرته من الشباب إلى يوم وفاته مراقبة رجل محايد بل معارض، والذي توفي وعمره ثمانون حولا، والذي كان يتمتع لأجل منصبه الحكومي الكبير ولأجل أعماله الأدبية والاجتماعية بنطاق واسع من العلاقات، هذا الرجل بالرغم أنه ليس أحمدي لم يكن ليجد في حياة المسيح الموعود شيئا سوى عشق محمد ، وكان في رأيه عشقا لم يسبق له مثيل في الأولين.

(6)

حدث في دار المسيح الموعود أن حضرته كان مريضا وكان مضطجعا في فراشه وأمُّنا نور الله مرقدها وجدُّنا للأم مير ناصر نواب أيضًا كانا موجودين. فجرى ذكر الحج، حتى قال جدنا: إنه ينبغي الآن أن نستعد لسفر الحج، لأن تسهيلات السفر والطريق ميسرة. وفي ذلك الوقت كان عينا المسيح الموعود تفيضان بالدموع، وكان يمسحهما بأصابعه. فلما سمع ما قال جدنا قال:

“.. هذا صحيح وأحب ذلك من أعماق قلبي لكنني أفكر أحيانا هل أجد قدرة على رؤية قبر الرسول .”

هذا حديث عادي من الأحاديث الكثيرة التي تجري في البيوت، لكن إذا أمعنا النظر فيه رأينا ذلك البحر الزاخر من عشق الرسول الذي كان يموج به قلب المسيح الموعود الطاهر. مَنْ مِنَ المسلمين الصادقين الذي لا يرغب في أداء فريضة الحج؟ لكن لا يمكنكم أن تبلغوا مدى الحب الذي يكنه شخص يتصور زيارته لقبر الرسول فتفيض عيناه وتذوب روحه لهذا المنظر.

(7)

وكان من عشق حضرة مؤسس الجماعة الأحمدية للرسول أنه كان يحب آله وأصحابه حبا جما. حدث مرة في شهر المحرم أنه كان مضطجعا في حديقة له، فدعا “مباركة” و”مبارك” وهما بنته وابنه وقال لهما: دعوني أقص عليكما قصة المحرم. فسرد لهما قصة استشهاد الحسين بأسلوب رقيق أخاذ، وكانت عيناه تدمعان خلال القصة، وكان يمسح الدموع بأصابعه، وأنهى هذه القصة الأليمة بقوله:

“إن يزيد الخبيث صب هذا الظلم على ابن بنت الرسول ، لكن الله تعالى أيضًا لم يمهلهم، بل عاجلهم بعذاب شديد.”

كان حضرته بحالة غريبة حينما كان يتصور استشهاد ابن بنت الرسول ، وكان قلبه مضطربا أشد الاضطراب، وكل ذلك لأجل حبه للرسول . إنه يخاطب سيده وحبيبه بما تعريبه:

“بوجهك يا أحمدي الحبيب -تحملت هذا العبء الثقيل- إن كل ذرة من جسمي عامرة بحبك، ولقد عمرنا في صدرنا مدينة لحبك”.

(8)

وكان من ذلك العشق السامي أن كلا من كلامه المنظوم والمنثور في مدح النبي ، كان كالعسل المصفى الذي يقطر لغزارته من النخاريب، حيث يقول بأسلوبه الرقيق ما تعريبه:

ما أعجب النور في نفس محمد

وما أروع اللآلي في معدن محمد

لأن شخصية محمد لأكبر دليل على محمد الرسول .

والله إنني لن أرتد عن باب

محمد ولو قتلت

وأحرقت في هذا السبيل

يا حبيبي إنك قد نورت روحي بعشقك

فيا محمد العظيم فدى لك نفسي الحقيرة

كذلك يقول في قصيدة عربية في مدح النبي :

انظر إلي برحمة وتحنن

يا سيدي أنا أحقر الغلمان

.

يا حِب إنك قد دخلت محبة

في مهجتي ومداركي وجناني

.

من ذكر وجهك يا حديقة بهجتي

لم أخل في لحظ ولا في آن

.

طير إليك من شوق علا

يا ليت كانت قوة الطيران

إن الحب والعشق والقلق وروح الفدائية التي تفيض بها هذه الأبيات لغنية عن الشرح والتعليق. ليت شباب الجماعة اقتبسوا من هذا النور، واستمدت قلوبهم الحياة من هذه الشعلة الوقادة، وليت إخواننا غير الأحمديين قدروا هذه الشخصية العظيمة حق قدرها. تلك الشخصية التي صرح الرسول عن صلته بها قائلا: “يدفن معي في قبري”. أي أن لروح المسيح المحمدي رابطة قوية بروحي، ولأجل هذه الصلة الروحية الوثيقة ستجاور روحه بعد وفاته روحي.

(9)

إن نتيجة العشق المحترمة لتتجلى بصورة تضحية وفدائية وغيرة، وكان حضرة مؤسس الجماعة يتمتع بحظ أوفر من كل هذه العواطف السامية، كما يقول أثناء الرد على تهم القساوسة المسيحيين التي يرمون بها رسول الله :

“نحتوا للرسول الكريم بهتانات، وأضلوا خلقا كثيرا بتلك الافتراءات. وما آذى قلبي شيء كاستهزائهم في شأن المصطفى وجرحهم في عرض خير الورى. والله لو قتل جميع صبياني وأولادي وأحفادي أمام أعيني، وقطعت أيدي وأرجلي، وأخرجت الحدقة من عيني، وأبعدت من كل مرادي وأوني وأرني ما كان أشق علي من ذلك. رب انظر إلينا ما ابتلينا به.”

هل لأهل هذا العصر أن يأتوا بمثال واحد لهذه الغيرة والفدائية؟ وليس هذا بادعاء فحسب، بل إن جميع حياة حضرة المؤسس ، بل إن كل حادث من حوادثها، عاديا كان أو هاما، يشهد على هذه الفدائية شهادة فعلية مقنعة، حتى أن أشد معارضيه اضطروا للاعتراف بها. وإليكم تعريب ما نشرت جريدة “وكيل”، التي كانت تصدر من “أمرتسر” بالهند:

“إن وفاة حضرة المرزا رغم مخالفتنا الشديدة لبعض معتقداته، قد جعلت المسلمين وخاصة المستنيرين منهم يشعرون، أن شخصية كبيرة لهم قد فارقتهم، وبذلك قد انتهى ذلك الدفاع المجيد الذي كان منوطا بذاته. إننا مضطرون -بعد وفاته وبعد أن بلغ رسالته- لأن نقدر تلك المجموعة الضخمة من الكتب حق تقديرها. إن هذا الدفاع الرائع قد حطم تلك القوة السحرية التي كانت تحظى بها المسيحية تحت ظلال الحكومة الإنجليزية، وبذلك جعل سحر المسيحية يتبخر في الهواء، وكذلك قام حضرة المرزا بخدمات جلّى بكسر أنياب الآريين الهنادك وتحطيمها. إن الدفاع الإسلامي مهما بلغ من القوة من المستحيل أن يستغني عن هذه الذخيرة القيمة التي ألفها حضرة المرزا.”

(10)

إن الجهاد القلمي الذي زاوله حضرته طوال عمره لإظهار صدق الإسلام وللكشف عن عظمة القرآن، لم يكن ببادئ النظر إلا مجرد جهاد علمي لا صلة له بعشق الرسول ، لكن إذا أمعنا النظر وجدنا أن رسول الله والإسلام وحدة متصلة، من المستحيل أن ينفصل أحد جزئيها عن الآخر. فإن الخدمات الإسلامية التي اضطلع بها حضرة مؤسس الجماعة الأحمدية لم تكن غير عشق الرسول وحبه الذي دفع حضرته إلى القيام بها.

ولذلك أيضًا نرى أن حضرته ، رغم هذه الخدمات الجليلة التي لم يسبق لها مثيل، لما يتوجه إلى سيده ومطاعه محمد يخضع له كتلميذ وفي وخادم متشكر، ويقدم له كل زهرة يجتنيها من بستانها قائلا: سيدي هذا من فضلكم، أما أنا فلا أملك شيئًا، كما يقول حضرته في كتاب له:

“والله، إن الله شرفني بمخاطبته كما شرف بها إبراهيم وإسماعيل وإسحاق ويعقوب ويوسف وموسى عليهم السلام، وأخيرًا شرف نبينا بمخاطبة لم يحظ بها أحد من الأولين والآخرين. وكان وحيه إليه أوضح وأسمى ما يكون. والمخاطبة التي تشرفت بها ليست إلا ثمرة اتباعي للرسول . فلو لم أكن من أمته ولم أتبعه حق الاتباع لما تشرفت بهذه المخاطبة، وإن كانت أعمالي مثل الجبال علوًا وعظمة.”

وكذلك يقول في موضع آخر من كلامه المنظوم ما تعريبه:

“هو مقتدانا الذي اقتبسنا منه كل هذا النور. اسمه محمد وهذا هو حبيبي الوحيد. أفدي بنفسي ذلك النور الذي لم أكن إلا بفضله، هو كل شيء ولست أنا بشيء”.

إن حضرته قد عزا جميع البركات والأنوار إلى النبي ثم وصل نفسه بذاته المقدسة السامية كما توصل الأسلاك الكهربائية بمولدات الكهرباء الجبارة، فترسل النور إلى جميع العالم.

كذلك يذكر في موضع آخر بركات سيده ومولاه محمد ، ويقول:

“في ليلة من الليالي صليت على النبي صلوات لا تحصى، حتى تعطرت بها نفسي وعمر بها قلبي، في ذات الليلة رأيت في المنام ملائكة الله قد أتوا إلى داري بأسقية مملوءة نورا في صورة ماء زلال. وقال أحد الملائكة لي: هذا بما صليت على محمد .”

وقصارى القول إن عشق حضرة مؤسس الجماعة الإسلامية الأحمدية للنبي لا نجد اليوم له مثيلاً. كان متفانيًا في سبيل هذا العشق. إننا رأيناه بأم أعيننا وسمعته آذاننا، وشعرت وأحست حواسنا الظاهرية والباطنية أن كل ذرة من وجوده كان فدى لمحمد وآل محمد ودين محمد ، كما يقول حضرته في كلامه المنظوم بأسلوب أخاذ:

-“قد سلمنا القلب لحبيبنا، فلم يبق لنا غير هذا الجسم المادي الذي نريد أن نجعله أيضًا فدى للحبيب.

-يا أيها الناس! أنتم تصمونني بالكفر، ألستم تخافون عقاب الله؟”

اللهم صل على محمد وعلى آل محمد وعلى عبدك المسيح الموعود وبارك وسلم، ويا أيها الذين آمنوا صلوا عليه وسلموا تسليما.

Share via
تابعونا على الفايس بوك