قصيدة للمسيح الموعود عليه السلام

تخيَّرَه الرحمن مِن بين خلقه

وأعطاه ما لم يُعْطَ أحد من الندى

وقد كان وجه الأرض وجهًا مسوَّدا

فصار به نورًا منيرا وأغيَدا

وأرسله الباري بآيات فضله

إلى حزبِ قوم كان لُدًّا ومفسِدا

فوجهُ المدينة صار منه منوّرا

وباركَ حُرَّ الرمل وَطِئًا وقَردَدا[1]

حِفافَي جناني نُوِّرا مِن ضيائه

فأصبحتُ ذا فهم سليم وذا الهدى

وأرسلني ربي لتأييد دينه

فجئتُ لهذا القرن عبدا مجدِّدا

له صُحْبةٌ كانوا مجانينَ حُبِّه

وجعلوا ثرى قدميه للعين إثْمَدا

وأرَوا نشاطا عند كل مصيبة

كعَوْجاءَ مِرقالٍ[2] تُواري تَخدُّدا

وأحيَوا لياليهم مخافةَ ربهم

وأذابهم يومٌ يُشيِّب ثَوهَدا[3]

تَناهَوا عن الأهواء خوفا وخشية

وباتوا لمولاهم قِياما وسُجّدا

تلقَّوا علوما من كتاب مقدس

حكيم فصافاهم كريم ذو الندى

كنوقٍ كرائمَ ذاتِ خُصْلٍ تجلَّدوا

وتربَّعوا كلاءَ الأسِرَّة أغيَدا

أتعرف قوما كان ميتًا كمثلهم

نَؤومًا كأموات جَهولا يَلَنْدَدا[4]

فأيقظَهم هذا النبي فأصبحوا

منيرين محسودين في العلم والهدى

وجاءوا ونورٌ من وراءٍ يسوقهم

إليه ونورٌ من أمامٍ مُقوِّدا

ولو كُشف باطنهم نرى في قلوبهم

يقينًا كطبقات السماء مُنضَّدا

تداركَهم لطفُ الإله تفضلا

وزكّى بروح منه فضلاً وأيّدا

ففاقوا بفضل الله خَلْقَ زمانِهم

بعلم وإيمان ونور وبالهدى

وأكفَرَني قومي فجئتك لاهفًا

وكيف يُكفَّرُ مَن يوالي محمداص

وهل من دلائلَ عندكم تُؤثِرونها

فإن كان فأْتوني بتلك تجلُّدا

أنحنُ نخالف سبلَ دينِ نبينا؟

وقد ضل سعيًا مَن قَلَى دينَ أحمدا

سيُكشَف سِرُّ صدورنا وصدوركم

بيومٍ يسوّد وجهَ مَن كان مفسِدا

فمن كان يسعى اليوم في الأرض مفسدا

فيُحرَق في يوم النشور مُزوَّدا

ولستُ بذي علم ولكن أعانني

عليم رآني مستهاما[5] فأيّدا

وواللهِ إني صادق غيرُ مفترٍ

وأيّدني ربي وما ضاعني سُدًى

وما قلتُ إلا ما أُمِرتُ بوحيه

وما كان هَجْسٌ بل سمعتُ مُندِّدا

تعالى مقامي فاختفى من عيونهم

وربي يرى هذا الجَنان المجرَّدا

وفي الدين أسرار وسبلٌ خفيّة

يلاحظها من زاده الله في الهدى

وهذا على الإسلام أدهى مصائبٍ

يُكفَّرُ مَن جاء الأنامَ مجدِّدا

أنحن نفرّ من الرسول ودينه؟

ويبدو لكم آياتُنا اليوم أو غدا

ووالله لولا حُبُّ وجهِ محمدص

لما كان لي حولٌ لأمدح أحمداص

وموتي بسبل المصطفى خيرُ مِيتةٍ

فإنْ فزتُها فسأُحْشَرَنْ بالمقتدى

سأدخلُ مِن عشقي بروضةِ قبره

وما تعلم هذا السرّ يا تاركَ الهدى

[1] – قردد: أرض مرتفعة إلى جنب وهدة. ويقال الأرض المستوية.[2] – مرقال: من أرقل: أسرع. ومرقال: مسرعة. بعوجاء مرقال: تروح وتغتدي.

[3] – ثوهدا: من الثوهد: الغلام السمين، التام الخلق، المراهق.

[4] – يلنددا: من الألدّ: الشديد الخصومة.

[5] – مستهام: شديد الحب، هائم.

Share via
تابعونا على الفايس بوك