سيرة المهدي - الجزء 1 الحلقة 2
  • يوم ولادته عليه السلام
  • يوم موته عليه السلام
  • تعيين خليفة لسيدنا أحمد

__

روايات عن سوانح وأخلاق سيدنا مرزا غلام أحمد القادياني

الإمام المهدي والمسيح الموعود عليه السلام،

جمعها نجل حضرته مرزا بشير أحمد رضي الله عنه في كتاب «سيرة المهدي»

تعريب الداعية محمد طاهر نديم

* العناوين الجانبية من إضافة أسرة  «التقوى»

11. يوم ولادته ويوم وفاته

بسم الله الرحمن الرحيم. حدثتني والدتي المحترمة أن المسيح الموعود لم يكن يستحسن الثلاثاء من بين الأيام كلها. وذكر الخليفة الثاني : كان موعد ولادة أختنا “مباركة بيغم” هو يوم الثلاثاء فدعا أن يحفظها الله تعالى من أذى الثلاثاء.

أقول: وُلد سيدنا المسيح الموعود توأمًا يوم الجمعة وتوفي يوم الثلاثاء. واعلموا أن عدَّ الزمن حسنًا أو سيئًا إنما هو لأهل الدنيا، وكان يوم وفاته هو يوم المصيبة لأهل الدنيا حقًّا.

(لا تعني هذه الرواية أن يوم الثلاثاء يوم نحس، بل كما شُرح المراد منه في الرواية رقم 311 و322 و360 من الجزء الثاني لهذا الكتاب وهو أن يوم الثلاثاء يحمل جانب الشدة والأذى بسبب التأثير الخفي فيه لبعض الأجرام السماوية، فلقد ورد عن يوم الثلاثاء قول النبي : إن الله تعالى خلق الجبال وخلق المكروه يوم الثلاثاء. انظر تفسير ابن كثير، تفسير آية: (خلق الأرض في يومين..[)

12. مرض الموت

بسم الله الرحمن الرحيم. حدثتني والدتي المحترمة أنه لما مرض المسيح الموعود مرضه الأخير وتدهورت حالته قلتُ قلقةً: يا إلهي ما هذا الذي هو حادثٌ معنا؟ فقال : هو ذا الذي كنتُ أقولُه لك.

أقول باختصار: كان المسيح الموعود يتمتع بصحة جيدة مساء يوم الاثنين في 25 مايو 1908. ولما دخلت البيت بعد صلاة العشاء رأيته جالسًا على السرير يتناول الطعام مع والدتي المحترمة. توجهت إلى سريري ثم أخلدت للنوم. لعل أحدًا أيقظني أو استيقظت في الهزيع الأخير من الليل قربَ الفجر بسبب تحرّك الناس وتكلّمهم فلاحظتُ أن المسيح الموعود مصاب بالإسهال الشديد وحالته الصحية متدهورة جدًّا، وأن الأطباء يتحركون هنا وهناك والناس الآخرون مشغولون في أمور أخرى. فلما وقع نظري على المسيح الموعود هبط قلبي. لأنني لم أره في مثل هذه الحالة من قبل ووقع في قلبي أنه مرض الموت. لقد طرأ عليه ضعف كبير. فلما جسّ الطبيب نبضه لم يجده، فظن الجميع أنه قد توفي فساورهم سكوت مطبق ولكن عادت حركة النبض بعض قليل إلا أن حالته الصحية ظلت خطيرة إلى أن أسفر الصبح فنُقل سريرُه من الباحة إلى داخل الغرفة. فلما انتشر نور الصبح أكثر قليلا سأل هل حان وقت الصلاة؟ لعل شيخ عبد الرحمن القادياني قال: نعم يا سيدي، فضرب بيده على السرير فتيمم وبدأ الصلاة مستلقيًا، وبينما كان كذلك إذ غشي عليه فلم يستطيع إكمال صلاته. فلما أفاق بعد قليل سأل هل حان وقت صلاة الفجر؟ قيل له نعم لقد حان، فنوى للصلاة وبدأ بها ولكن لا أتذكر إذا كان قد استطاع إكمالها أم لا. كان يعاني حالة الكرب والقلق الشديد. سأله الطبيب في الساعة الثامنة أو الثامنة والنصف مِمَّ يعاني بوجه خاص. ولكنه لم يكن يستطيع الردّ، لذلك جيء بالورق والقلم والمحبرة فنهض من السرير متكئًا على اليد اليمنى وأراد أن يكتب شيئًا إلا أنه بالكاد استطاع كتابة كلمتين أو أربع ثم أخذ قلمه ينجر على الورق بسبب الضعف، فاستلقى. لقد أُعطي لوالدتي المحترمة آخر ما كتبَه وقد ذكر في جزء منه صعوبته في التكلم ولم يكن جزءًا منه مقروءًا. تدهورت حالته أكثر بعد الساعة التاسعة ثم بدأت حالة الغرغرة التي لم يخرج فيها أي نوع من الصوت إنما كان يتنفس بصعوبة بالغة تنفسًا طويلا. وكنت آنئذ واقفًا عند رأسه . ونظرًا إلى هذه الحالة أُطْلِعَتْ الوالدة المحترمة التي كانت في الغرفة المجاورة فجاءت مع بعض نساء البيت وجلست على الأرض قرب سريره . في هذا الوقت أعطاه الدكتور محمد حسين شاه حقنة على الصدر قرب الثدي فانتفخ ذلك المكان إلا أنها ما أدت إلى أي تحسن بل امتعض بعض الإخوة قائلين لماذا أوذي بالحقنة في هذه الحالة. استمرت حالة النزع لوقت قصير وأخذت المدة ما بين تنفس وآخر تزداد إلى أن تنفس طويلا وطارت روحه إلى الرفيق الأعلى. اللهم صل عليه وعلى مطاعه محمد وبارك وسلم.

فلما عرضتُ ثانيةً على والدتي المحترمة – من أجل التصديق – هذه الرواية التي ذكرتُها في البداية، قالت عند ذكر وفاة المسيح الموعود : لقد شعر بقضاء الحاجة للمرة الأولى عند تناوله الطعام فقضاها، ثم بقينا ندلك قدميه لمدة قصيرة حتى نام مستريحًا، ونمت أنا أيضا ولكنه شعر بالحاجة مرة أخرى فذهب مرة أو مرتين غالبًا إلى المرحاض وقضى حاجته. وبعد ذلك شعر بالضعف الشديد فأيقظني بيده، فلما نهضت استلقى على سريري من شدة الضعف فجلستُ أدلك قدميه. فقال بعد قليل: نامي. فقلت: لا بل أدلكك. وبينما كنا كذلك إذ شعر بالرغبة في قضاء الحاجة مرة أخرى إلا أنه لم يكن يستطيع الذهاب إلى المرحاض فدبّرتُ له ذلك قرب السرير فقضى حاجته هناك ثم قام واستلقى وطفقتُ أدلك قدميه إلا أنه كان يعاني من الضعف الشديد. وبعد ذلك قضى حاجته مرة أخرى ثم تقيأ ولما فرغ منه وأراد الاستلقاء على السرير وقع عليه على ظهره فاصطدم رأسه بخشبة السرير وساءت حالته جدًّا. فقلتُ قلقةً: يا إلهي ما الذي هو حادثٌ معنا؟ فقال : هو ذا الذي كنت أقوله لك.

سألتُ والدتي: هل فهمتِ قصده ؟ قالت: نعم.

ثم أضافت: فلما ساءت حالته وتفاقم الضعف قلت هل ندعو المولوي صاحب (أي المولوي نور الدين)؟ فقال: نعم ادعوه. ثم قال: أيقظوا محمودًا أيضا. ثم سألته: هل ندعو النواب محمد علي خان؟ تقول والدتي: لم أدرِ إن ردّ عليَّ بشيء، أو إن ردَّ فماذا كان ردّه؟

أقول: لقد ورد في الحديث الشريف أن النبي أيضا عانى في المرض الذي توفي فيه حالة من الكرب الشديد والقلق والاضطراب والآلام، ولاحظنا أن حالة المسيح الموعود عند وفاته أيضا كانت مماثلة تقريبًا. لعل هذا الأمر يثير عجب بعض الذين ليس لديهم معرفة كافية بهذه الأمور لأنهم يسمعون من ناحية ثانية أن المتصوفة والأولياء يتوفون بحالة السكينة والطمأنينة، فالحقيقة أنه كلما أوشكت وفاة نبي من الأنبياء تتراءى له جميع مسؤولياته تجاه أمته وفوق كل ذلك يلازمه همُّ مستقبلهم. إن النبي أعلم الناس بهذا الأمر وأفهمهم له أن الموت هو الباب الذي يمثُل الإنسانُ أمام الله تعالى بالمرور منه، فبقدر ما يفرحه دنوه من الموت – لأن موعد لقائه مع محبوبه يكون قد حان- يقلقه الشعور بالمسؤولية الجسيمة الواقعة على عاتقه، ويعرضه للكرب الكبير التفكيرُ في حالة أمته في المستقبل، أما المتصوفة والأولياء فيكونون في غنى عن هذه الدواعي للقلق والاضطراب لأنهم ليسوا مسؤولين إلا عن أنفسهم، أما الأنبياء فهم شهداء على آلاف النـاس بل ملايين الناس. فالفرق واضـح.

ورد في هذه الرواية أن الوالدة المحترمة لما أبدت قلقها قال لها المسيح الموعود : هو ذا الذي كنت أقوله لك. سألتُ والدتي المحترمة عن المراد من هذه الكلمات فقالت: كان يعني أنه قد حان ذلك الوقت الموعود لوفاته الذي كان يحدثني عنه سابقا. وقالت أيضا بأنه بقوله هذا قد واساني وكأنه قال لا داعي للقلق بحيث قد حان ذلك الوقت المحدد الذي كنت أذكره لك بعد تلقي علم من عند الله تعالى، فكما أن هذا الوعد يتحقق الآن كذلك ستتحقق بعدي الوعود الأخرى المتعلقة بنصرة الله تعالى، وسيكون الله تعالى كفيلا لكم جميعًا. كذلك قالت والدتي المحترمة: كثيرا ما كان يتعرض للإسهال وينجم عنه إرهاق شديد وضعف كبير، ولقد توفي بهذا المرض نفسه.

13. تعييين خليفة

بسم الله الرحمن الرحيم. حدثتني والدتي المحترمة أن المسيح الموعود كان مرةً يتمشى في باحة بيتِ شريفٍ (أي أخي الصغير مرزا شريف أحمد) في الأيام التي كان يؤلف فيها كتيب الوصية. فقال لي أن أحد الإنجليز سأل المولوي محمد علي: هل عيّن المرزا المحترم خليفة له كما يفعله بعض كبار الناس أم لا؟ ثم سألني قائلا: ما رأيك؟ هل أكتب ذلك عن محمود أو قال: هل أعيّنه؟ تقول والدتي: فقلت: اِفعَلْ كما تراه مناسبًا.

14. سيرة المهدي

حدثتني والدتي المحترمة أن المسيح الموعود كان يقول: إن جماعتنا تضم أنواعًا ثلاثة من الناس؛ نوع يهتم بالمناصب والعظمة الدنيوية أي يريدون أن تكون هناك مناصب وأقسام ومكاتب وبنايات فخمة وغيرها، أما النوع الثاني منهم فقد دخلوا تحت تأثير أحد كبار الناس مثل نور الدين، وإنهم مرتبطون مع هذه الشخصية الكبـيرة. أما النوع الثـالث منهم فهم الذين يرتبطون بشخـصي ارتباطًا خـاصًّا وإنهم يـؤثرون رضاي ومـسرّتي في كل شيء.

Share via
تابعونا على الفايس بوك