ضرورة إمام الزمان وأدلة صدقه

ضرورة إمام الزمان وأدلة صدقه

حضرة مرزا مسرور أحمد (أيده الله)

حضرة مرزا مسرور أحمد (أيده الله)

الخليفة الخامس للمسيح الموعود (عليه السلام)
  • زمن المسيح الموعود وعلامات مجيئه
  • حال الأمتين الموسوية والمحمدية في مجيء المسيح
  • مهام المسيح الموعود
  • وفيات (درويش من دراويش قاديان)

__

أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك لـه، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله. أما بعد فأعوذ بالله من الشيطان الرجيم. بسْم الله الرَّحْمَن الرَّحيم * الْحَمْدُ لله رَبِّ الْعَالَمينَ * الرَّحْمَن الرَّحيم * مَالك يَوْم الدِّين* إيَّاكَ نَعْبُدُ وَإيَّاكَ نَسْتَعينُ * اهْدنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقيمَ * صِرَاط الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ غَيْر الْمَغْضُوب عَلَيْهمْ وَلا الضَّالِّين . (آمين)

يقول المسيح الموعود عليه الصلاة والسلام في بعض شعره ما تعريبه: هذا الوقت كان يقتضي مجيء المسيح، فلو لم أُبعث لبُعث غيري حتما.

ثم يقول في إعلان له في أحد كتبه: إنَّ ظنَّ بعض الأغبياء أنني ادّعيتُ تلقِّي الوحي افتراءً لظنٌّ باطل، بل الحق أنه لَفِعْلُ ذلك الإله القادر الذي خلق الأرض والسماء، وخلق الكون. في الزمن الذي يضعف فيه إيمان الناس بالله، يُخلَق فيه شخص مثلي، فيكلّمه الله تعالى، ويُري بواسطته أفعاله العجيبة، إلى أن يُدرك الناس أن الله موجود.

في 23 من آذار يُحتفل في الجماعة بإحياء ذكرى بيعةِ المسيح الموعود للمرة الأولى، ومع أن تاريخ اليوم هو 22 من آذار، إلا أنني رأيت من المناسب أن أقدم اليوم، بكلمات المسيح الموعود ، أدلة صدقه وتأييدات الله تعالى له، وضرورة إمام الزمان، ودعوته المسلمين إلى معرفة مقامه والإيمان به. فيقول المسيح الموعود :

“إن الأحداث الأرضية والسماوية التي هي علامات ظهور المسيح الموعود، قد ظهرت كلها في زمني، فقد مضت مدة على حدوث الخسوف والكسوف في شهر رمضان، وقد طلع المذنَّب “ذو السنين” أيضا، ووقعت الزلازل، وظهر الطاعون، وانتشر الدين المسيحي في العالم بكل قوة ونشاط، وكُفِّرتُ أيضا بشدة كما ورد في الآثار من قبل (أي كانت هناك نبوءة تنبأ بها السلف الصالح أنه عندما يُبعث المسيح الموعود سيكفّره الناس ويكذّبونه). باختصار، قد ظهرت جميع العلامات وظهرت العلوم والمعارف التي تهدي القلوب إلى الحق.” (كتاب البرية)

أي قد ذكر المسيح الموعود أن كل هذه الأمور قد تحققت لإثبات صدقه، ومع ذلك لا يعود الناس إلى صوابهم. ثم يقول في مكان آخر: “الذين يريدون أن يتبعوا السنن الطبيعية، قد أتاح الله لهم فرصة رائعة لقبول دعواي، ذلك أنهم لا يواجهون المشاكل التي يواجهها معارضونا الآخرون، إذ يعرفون جيدا أن عيسى قد تُوفي (أي الذين يوقنون أن عيسى قد مات، عليهم أن يفكّروا في دعوى المسيح الموعود) بالإضافة إلى ذلك لا بد لهم من الإيمان بأن النبوءة بظهور المسيح الموعود في الأحاديث هي من المتواترات التي لا ينكرها عاقل، إذًا فلا مناص لهم أيضا من الإيمان بأن المسيح الموعود سيكون من هذه الأمة حصرا. إلا أن من حقهم أن يسألوا كيف يمكنهم أن يصدّقوا إعلاني بكوني المسيح الموعود؟ (أي صحيح أن الموعود سيكون من هذه الأمة، ولكن ما هي الأدلة على أن ما ادّعى به هو صحيح وحق) وما هو الدليل على أنك أنت ذلك المسيح الموعود؟

فجواب ذلك أن الزمن والبلدة التي يثبت من القرآن الكريم والأحاديث أن المسيح الموعود سيظهر فيها، والأفعال المعينة التي عُدَّت الغاية المنشودة من بعثة المسيح الموعود، والحوادث الأرضية والسماوية التي عُدَّت علامات لظهور المسيح الموعود، والعلوم والمعارف التي عُدّت ميزة المسيح الموعود، فقد جمع الله هذه الأمور كلها في شخصي وفي زمني هذا وفي بلدي هذا. ثم تحالفني التأييدات السماوية التي تَهَبُ المرء قناعة أكثر.

ثم يقول حضرته في بيتينِ بالفارسية ما معناه:”لما أُمرتُ لإصلاح قوم المسيح ، سُمِّيتُ ابن مريم. السماء تُمطر آيات، والأرض تقول إن الوقت هو الوقت، فقد قام هذان الشاهدان لتصديقي.” (كتاب البرية)

وبيان ذلك أن الثابت من إشارات النص القرآني أن نبينا مثيلُ موسى، وأن سلسلة خلافته تماثل سلسلةَ خلافة موسى تماما، وكما أن موسى وُعد بأنه عندما تصل سلسلة النبوة الإسرائيلية منتهاها في الزمن الأخير، وتفترق بنو إسرائيل على فِرق كثيرة، ويكذّب بعضها بعضا، حتى إنها تكفّر بعضها، عندئذ سيرسل الله خليفةً حاميَ الدين الموسوي أي عيسى ، الذي سوف يجمع عنده خراف بني إسرائيل، ويجمع الذئب والحَمَل في مكان واحد (أي سيجمع الأمم الظالمة والمظلومة) ويرفع الخلافات الداخلية بصفته حَكمًا لجميع الملل، ويرفع البغض والحقد، فقدْ جاء وعدٌ مماثل في القرآن الكريم وتشير إليه الآيةُ:

وَآخَرِينَ مِنْهُمْ لَمَّا يَلْحَقُوا بِهِمْ ،

والأحاديث تفصّل ذلك كثيرا حيث ورد فيها أن هذه الأمة أيضا ستفترق على فرق كثيرة، مثل اليهود، ويكذّب ويكفِّر بعضها بعضا، وكلهم سيزدادون بغضًا وعنادًا، حتى ينـزل المسيح الموعود في العالم حَكَمًا، فيرفع البغض والشحناء، حتى يجتمع الحَمَل والذئب في زمنه في مكان واحد (أي الظالمون والمظلومون أو الأقوياء والضعفاء سيجتمعون على دين واحد ويسعون للفوز برضا الله تعالى). وجميع المطّلعين على التاريخ يعرفون أن عيسى جاء في وقت كانت الشعوب الإسرائيلية قد افترقت افتراقًا كبيرا، حتى كان بعضها يكذّب ويكفّر الآخر، كذلك قد جاء هذا العبد المتواضع في زمن بلغت فيه الخلافات الداخلية منتهاها، وبدأتْ كل فِرقة تكفّر الأخرى. وفي زمن الفُرقة هذا كانت الأمة المحمدية بحاجة إلى حَكمٍ، فبعثني الله حَكما.” (كتاب البرية)

فترون اليوم أيضا أنهم يتبادلون فتاوى التكفير. مهما اتحدوا على معارضة الجماعة الإسلامية الأحمدية وكيل الشتائم لها وتكفيرها، إلا أن فتاواهم ضد بعضهم لا تزال موجودة وقائمة.

ثم يقول المسيح الموعود :

“ومن المصادفة الغريبة التي تشير إليها نصوص القرآن الكريم والحديث أنه كما ظهر عيسى بعد ثلاثة عشر قرنا، أي في القرن الرابع عشر، من موسى ، كذلك بُعث هذا العبد المتواضع من الله في القرن الرابع عشر، ويبدو أنه من هذا المنطلق قد ذهب كبار أهل الكشوف إلى أن المسيح الموعود سيُبعث في القرن الرابع عشر حصرا. وقد أشار الله تعالى إلى هذا الأمر نفسه بتسميته إياي “غلام أحمد قادياني”، لأن هذا الاسم يشير إلى عدد 1300 بالتمام والكمال. (يعني أن عدد “غلام أحمد قادياني” بحسب حساب الجُمّل هو 1300). باختصار، إن القرآن الكريم والحديث يدلان بما فيه الكفاية على أن المسيح الموعود الآتي سيظهر في القرن الرابع عشر، وسيظهر في زمن افتراق مذاهب الإسلام وغلبة العناد المتبادل.” (كتاب البرية)

ثم يقول : لقد كتب الشيخ ابن عربي كشفه في كتابه “فصوص الحِكَم” أنه (أي المسيح الموعود) خاتَمُ الولاية، وسيولد تَوْأَمًا، وستولد معه بنتٌ، وسيكون صيني الأصل، أي سيكون أجداده قد سكنوا بلاد الصين. وقد حقق الله بإرادته كل هذه الأمور، فقد كتبتُ أني وُلدت توأمًا، ووُلدتْ معي بنت، وأن أجدادي كانوا يعيشون في سمرقند التي كانت تابعة للصين.” (كتاب البرية)

ثم يقول :

“لقد كتبتُ سلفًا أن دعوى كون المرء مبعوثا من الله تعالى لا تثبت على أتمِّ وجهٍ وأكملِه بحسب القرآن الكريم إلا إذا ثبتتْ من ثلاثة أوجه، أولاً: أن تشهد على صحّتها النصوصُ الصريحة، أي أن لا تكون تلك الدعوى مخالفة لكتاب الله، وثانيا: أن تؤيدها وتصدِّقها الدلائلُ العقلية، وثالثا: أن تصدّقها الآياتُ السماوية. فدعواي متحققة من منطلق كل هذه الأوجه الثلاثة للاستدلال، فمن النصوص الحديثية التي تهَب لطالب الحق البصيرةَ الكاملة والطمأنينة الكاملة بحق دعواي (أي أنها تثبت صدق دعوى المدعي لمن يبحث عن الحق ولا يكون متعنتا وعنيدا، فإذا كان باحثا عن الحق فعلاً فلا بد أن توصله هذه الأدلة إلى بصيرة كاملة وتُريه الحق) اختلافُ ملامح المسيح الموعود والمسيح الإسرائيلي. ففي البخاري (كتاب الأنبياء، باب نزول عيسى) وردت ملامح المسيح الإسرائيلي والمسيح المحمدي مختلفة، حيث توجد أحاديث عن المسيح الموعود وبينها حديث يفيد بأن النبي رآه في الكشف يطوف بالكعبة، وقد ورد عن ملامحه أنه رَجُلٌ آدَمُ سَبْطُ الشَّعَرِ، ثم ورد عن ملامح المسيح عيسى الذي كان نبيًا إسرائيليا أنه رجُلٌ أَحْمَرُ جَعْدُ الرَّأْسِ. وقد التزم البخاري في صحيحه في كل مكان أنه كتب عند وصف ملامح المسيح الآتي أنه رَجُلٌ آدَمُ سَبْطُ الشَّعَرِ، وذكَر ملامح عيسى رجُلٌ أَحْمَرُ جَعْدُ الرَّأْسِ، مما يبين أن النبي وصَف المسيح الموعود القادم وصفًا مختلفًا عن المسيح الناصري، وقال بحقه: “إمامكم منكم”، ووصف عيسى وصفًا مختلفا عنه، وأطلق على كليهما اسم عيسى ابن مريم، بناءً على بعض المماثلاث.

«قد جاء هذا العبد المتواضع في زمن بلغت فيه الخلافات الداخلية منتهاها، وبدأتْ كل فِرقة تكفّر الأخرى. وفي زمن الفُرقة هذا كانت الأمة المحمدية بحاجة إلى حَكمٍ، فبعثني الله حَكما.»

ثمة أمر آخر جدير بالتأمل وهو أن النبي حيثما ذكر المسيح الموعود لم يكتف بوصف ملامحه بأنه رَجُلٌ آدَمُ سَبْطُ الشَّعَرِ، بل قد ذكر معه الدجال أيضا في كل مكان، ولكنه حين ذكر عيسى الذي هو من بني إسرائيل لم يذكر معه الدجال، وهذا أيضًا يدل على أنه أطلق اسم عيسى ابن مريم على رجلين، أحدهما الذي سيُبعث آدَمَ سَبْطَ الشَّعَرِ ومعه الدجال، والثاني رجُلٌ أَحْمَرُ جَعْدُ الشعر وهو من بني إسرائيل ولم يذكر معه الدجال.

ومما يجدر بالانتباه أيضا أن عيسى كان من الشام، ولا يقال لابن الشام أنه “آدَمُ”، أي قَمْحِيّ اللون أبدا، بل يوصف بكلمة “آدم”، أي قمحي اللون، سكان الهند. ويتضح من هذا الدليل أيضا أن المسيح الموعود الآتي الآدم، أي قمحي اللون، لن يكون شاميا بل سيكون هنديا.

هنا لا يغيبنّ عن البال أيضا أنه يتبين من تاريخ النصارى أيضا أن عيسى لم يكن قمحي اللون بل كان أحمر اللون كعامة أهل الشام، بينما ملامح المسيح الآتي ليست كأهل الشام قط، كما هو واضح من كلمات الحديث.” (كتاب البرية)

ثم يقول :

“إذا تأمّلَ المشايخ المعاصرون متمسكين بالأمانة والدين لما وجدوا بدًّا من الإقرار بأن مهمة مجدد القرن الرابع عشر هي كسر الصليب، فلما كانت هذه المهمة تخص المسيحَ، فيُستنبط من ذلك بالضرورة أن مجدد القرن الرابع عشر يجب أن يكون هو المسيح الموعود. صحيح أن صنوف الفسق والفجور كشرب الخمر والزنا وغيرهما متفشية في القرن الرابع عشر، غير أن التدبر يكشف أن سبب كل هذه الأمور التعاليمُ التي تفيد بأن الإيمان بدم إنسان خلّص الناس من المؤاخذة بجميع الذنوب. (أي أن السبب وراء انتشار كل هذه المساوئ هو النظرية القائلة أنهم لن يؤاخَذوا بسبب تعليم الكفارة والفداء) ولهذا نجد أن أوروبا سبّاقة الجميع في ارتكاب الجرائم. (علمًا أن كل البلاد الأوروبية تدخل هذه القائمة، وكذلك البلاد الأخرى التي فيها الحرية الزائدة، بل تتفشى هذه الجرائم الآن في كل مكان) وقد تزايدت الإباحية والتحرر في كل قوم بصفة عامة بسبب جوار هؤلاء. (ولم يعد ذلك مقتصرا على أوروبا فقط بل حيثما يوجد هؤلاء الناس وحيثما يذهبون بوسائل مختلفة منها المحطات التلفزيونية وغيرها يتحرر الناس من جميع القيود ويزدادون إباحيةً) فلو هلك الناس بأمراض وفَتَك بهم الوباء، فلن يخطر ببال أحدهم أن كل هذا العذاب وبال أعمالهم، فما سبب ذلك؟ (أي أن صنوف العذاب والطوفان والزلازل هذه إنما هي عاقبة أعمالهم، ولا أحد يفكر ما السبب وراء ذلك) ألا إنما السبب أن حب الله قد فَتَرَ وأن عظمة ذي الجلال من القلوب قد تضاءلت. (فالآفات التي تنزل في هذه الأيام تدعو إلى وقفة تأملية، وعلينا أن نتوجه إلى الأدعية ويجب أن يفكر المنكرون أيضا). باختصار كما أن الإباحية المترتبة على عقيدة الفداء قد شجّعتْ الشعوبَ الأوروبية على تعاطي الخمور وارتكاب أنواع الفسق والفجور، كذلك قد أثّرث رؤية هذه الأعمال منهم في الشعوب الأخرى أيضا، فأي شك في أن الفسق والفجور أيضا مرضٌ مُعْدٍ، فمثلا لو بقيت المرأة الشريفة في صحبة المومسات ليل نهار لفسد قلبها إلى حد ما برؤية هذه الأوضاع السيئة حتمًا وإنْ لم ترتكب الفاحشة صراحة، لأن الصحبة تؤثّر، والظروف تؤثر، والبيئة تؤثر.” (كتاب البرية)

ثم يقول حضرته :

“قد أرادت غيرةُ الله ورحمته أن تُنقذ الناس من تأثير العقيدة الصليبية السامّ، وهتك ستر الدجّالية التي اتُّخِذ بها الإنسان إلهًا. ولما كانت هذه الآفة قد بلغتْ منتهاها عند بدء القرن الرابع عشر، فقد أراد الله بفضله وعنايته أن يكون مجدد القرن الرابع عشر كاسرَ الصليب، لأن المجدد يكون بمنـزلة الطبيب، ومن واجب الطبيب أن يهتمّ بإزالة المرض الذي تفاقم. فإذا كان صحيحا أن مهمة المسيح الموعود كسرُ الصليب، فالصحيح أيضا أن مجدد القرن الرابع عشر الذي عُهدت إليه مهمة كسر الصليب هو المسيح الموعود.” (كتاب البرية)

أما كيف سيتم كسر الصليب، فيقول المسيح الموعود :

“هنا ينشأ السؤال طبعًا: كيف وبأي الوسائل ينبغي أن يكسر المسيح الموعود الصليب؟ أبالحرب والمعارك كما يعتقد المشايخ المعارضون، أم بطريقة أخرى؟ فجوابه أن المشايخ -رحم الله حالهم- مخطئون تمامًا في هذه العقيدة، إذ ليس من مهمة المسيح الموعود أن يخوض الحروب والمعارك، بل مهمته أن يقمع هذه الفتنة بالحجج العقلية والآيات السماوية والدعاء. لقد زوده الله تعالى بهذه الأسلحة الثلاث، وقد وضع في هذه الثلاث كلها قوةً إعجازية لا يجاريه فيها أحد أبدا. وبها سيُكسَر الصليب نهايةَ المطاف، حتى يفقد الصليب العظمة والجلال في نظر كل باحث. (أي أن كل من ينظر بعين البحث والتحقيق، سوف تتلاشى في نظره عظمة الصليب وشوكته وتأثيره) ستُفتح الأبواب الواسعة لقبول التوحيد، وكل ذلك سوف يحدث تدريجيا، لأن أفعال الله كلها تتم تدريجيا، بعضها يتحقق في حياتنا وبعضها يتحقق بعدنا. فالإسلام في البداية أيضا تقدم تدريجيا، وفي النهاية أيضا سيعود إلى حالته الأولى تدريجيا.” (كتاب البرية)

ثم يقول المسيح الموعود : فينبغي على المؤمنين بالمسيح الموعود أن ينصرفوا إلى أداء هذا الواجب ويسعوا لإقامة وحدانية الله.

ثم يقول حضرته عن كونه إمامًا وحكمًا:

“اعلموا أن لفظ إمام الزمان يشمل كلاًّ من النبي والرسول والمحدَّث والمجدِّد. ولكن الذين لم يُؤمروا بهداية خلق الله تعالى، وما أُعطوا كمالاتها؛ فلا يسمَّون إمام الزمان حتى ولو كانوا أولياءً أو أبدالا.

بقي سؤال أخير: من هو إمام هذا الزمان الذي فُرض من الله تعالى اتّباعه على جميع المسلمين عامةً، وعلى الزهاد وأصحاب الرؤى والملهَمين خاصة؟ (أي على كل المسلمين بمن فيهم الصلحاء ومن يرون رؤى صالحة ومن يتلقون وحيًا من الله عن مجيء المسيح وإمام الزمان) فأقول بلا أدنى ارتياب:

إنني إمام الزمان

بفضل الله تعالى وعنايته، وقد جمع الله تعالى فيّ كل العلامات المذكورة والشروط اللازمة، وبعثني على رأس هذا القرن الذي مضى منه خمسة عشر عاما (أي عند كتابته هذه الأسطر)، ولقد بُعثت في وقت كانت المعتقدات الإسلامية فيه مليئةً بالتّناقضات لدرجة لم يَسلمْ منها معتقد واحد، كما انتشرت أفكار خاطئة عن نزول المسيح ، ووصل الخلاف في هذا المعتقد لدرجة اعتقادِ البعض بحياة عيسى، والبعض بموته؛ فاعتقد بعضهم بنـزوله الجسدي، وبعضهم الآخر بنـزوله البروزي، وبعضهم كان يرى نزوله في دمشق والآخر في مكة المكرمة والثالث في بيت المقدس والرابع في الجيش الإسلامي، ومنهم من كان يرى نزوله في الهند. فكانت كل هذه الأقوال والآراء المختلفة تستوجب حكَمًا ليبتَّ فيها، فاعلموا أنني ذلك الحكَم، وأُرسلت لكسر الصليب من الناحية الروحانية ولرفع الاختلافات، وهذان الأمران قد اقتضيا بعثتي. ما كان لي أن أقدم دليلا آخر على حقيقة أمري غير حاجة العصر التي بنفسها تشكل برهانا على صدقي، (أي أن الحالة السائدة كانت تقتضي ظهور المسيح الموعود وهو يكفي دليلا على صدقه) مع كل ذلك فقد أظهر الله تعالى آيات كثيرة لتأييدي، فكما أنني حكَم للبتّ في الاختلافات كذلك فإنني حكَم أيضا في قضية حياة المسيح ووفاته، فأرى في قضية وفاة المسيح صحةَ قول الإمام مالك وابن حزم رحمهما الله وقول المعتزلة، وأعدُّ الآخرين من أهل السنة على خطأ. وإنني بصفتي حكَمًا أُصدر قراري هذا بين المتخاصمين. إن حزب أهل السنة على حق في أخذهم معاني إجمالية لكلمة “النـزول” إذ لا بد أن يكون نزول المسيح بصورة بروزية، إلا أنهم أخطأوا في بيان كيفية نزوله، فلم يكن المراد من نزوله نزولا حقيقيا بل هو النـزول بالصفة البروزية. أما في قضية وفاة المسيح فإن المعتزلة والإمام مالك وابن حزم وغيرهم على حق، لأن الآية الكريمة: فَلَمَّا تَوَفَّيْتَنِي تقتضي موت المسيح قبل ضلال المسيحيين. هذا هو قراري بصفتي الحكَم. ومن لا يقبل قراري الآن فإنه لا يقبل الذي جعلني حكَمًا.

فلو سأل أحد: ما الدليل على كونك حكَمًا؟ فجوابه: إن الزمن الذي كان ينبغي أن يُبعث فيه الحكَم لهو الزمن الراهن، وإن الأمة التي كان ينبغي أن يأتي الحكَم لإصلاح أخطائها الصليبية لهي موجودة أيضا، وظهرت الآياتُ التي كان يجب أن تكون شاهدة على صدق ظهور هذا الحكَم، ولا تزال سلسلة ظهور هذه الآيات مستمرة، إن السماء تُظهر الآيات، وإن الأرض أيضا تظهرها، ومباركون من لا تبقى عيونهم مغمَضَة إلى الآن.” (ضرورة الإمام)

ندعو الله تعالى أن يفتح عيون الأمة المسلمة فيؤمنوا بالحَكَم.

يقول المسيح الموعود :

“ثم ينبغي أن يتأمل معارضِيَّ في نفوسهم أني لو كنتُ المسيحَ الموعود نفسه الذي وصَفه النبي بأنه ساعِدُه، والذي أهدى إليه سلامًا منه، وسمّاه حَكمًا عَدْلا، وإمامًا وخليفةَ الله، فهل يجوز لملِكٍ عادي (يشير حضرته عليه السلام هنا إلى السلطان التركي ولكني أتركه جانبا) أن يشتم مثل هذا الإنسانَ ويلعنه؟ تأمّلوا قليلا بتهدئة ثورتكم، لا لي بل من أجل الله ورسوله، هل كان هذا التصرف جائزا تجاه هذا المدعي؟ لا أريد أن أقول أكثر من ذلك، لأن قضيتي ضدكم جميعا مرفوعة في السماء. إذا كنتُ ذلك الشخص الذي وَعدتْ بمجيئه شفتا النبي المباركتان فلم تُجرموا بحقي بل قد أجرمتم بحق الله . فلو لم يسبق في الآثار الصحيحة أنه سيؤذَى، ويُلعَن (أي كان من المقدر أن يؤذَى المسيح الموعود كما ورد في الآثار من قبل) لما تجاسرتم على أن تؤذوني كما آذيتموني، إلا أنه كان من الضروري أن تتحقق النصوص التي كُتبت من الله تعالى وما زالت موجودة في كتبكم لإدانتكم، والتي تقرأونها بألسنتكم ومع ذلك تقومون بالتكفير واللعن لتصدِّقوا بعَملكم هذا بأنكم أنتم أولئك العلماء الأشرار وأصحابهم الذين يكفّرون المهدي ويقاومون المسيح.” (كتاب البرية)

ثم يقول :

“ثم ينبغي أن تفكّروا أنني ذلك الإنسان الذي يدّعي أنه هو المسيح الموعود والذي قال النبي بحقه إنه إمامكم وخليفتكم، وعليه سلام اللهِ ونبيِّه، وأن عدوّه لعينٌ وصديقَه حبيبُ الله، وأنه سيأتي حَكَمًا للعالم كله، وأنه سيكون عادلاً في كل أفعاله وأقواله، فهل كان من التقوى أن تجازوني بعد سماع دعواي ورؤية آياتي وبراهيني بأشنع الشتائم والسخرية والاستهزاء؟ ألم تظهر الآيات؟ ألم تظهر التأييدات السماوية؟ ألم تُعرَف جميع الأوقات والمواعيد المذكورة في الأحاديث والآثار؟ فلِمَ التجاسر إلى هذه الدرجة؟ غير أنه إذا كنتم ما زلتم في شك من دعواي أو كانت دلائلي وآياتي مشتبهة عليكم، فكان من واجبكم أن تطلبوا مني إزالة هذه الشبهات بتواضع ومسكنة وصدق نية وتقوى.” (كتاب البرية)

ثم يقول :

“لقد قلتُ مرارا أن تعالوا وارفعوا شبهاتكم، فلم يأتِ أحد. لقد دعوتُ كل واحد للحُكم، فلم يتوجه أحد إلى هنا. وقلت استخيروا الله واسألوه باكين متضرعين أن يكشف عليكم الحقيقة، فلم تفعلوا شيئا، ولم تكفّوا عن التكذيب أيضا. لقد صدَق الله إذ قال بحقي: “جاء نذير في الدنيا، فأنكروه أهلها وما قبلوه، ولكن الله يقبله، ويُظهر صدقه بصولٍ قويٍّ شديدٍ صول بعد صولٍ”. فهل من الممكن أن يكون الإنسان صادقا في الواقع ثم يضاع؟ وهل يمكن أن يكون المرء من الله ثم يباد؟ أيها الناس لا تحاربوا الله، فهذا عملٌ يريد الله إنجازه من أجلكم ومن أجل إيمانكم، فلا تقاوموه. ربما تستطيعون الوقوف أمام صاعقة، لكنكم لا تقدرون على الوقوف أمام الله تعالى. فلو كان هذا من فعل البشر لما كانت هناك حاجة لهجماتكم، بل كان الله وحده كافيا لهلاكه. فالأسف كل الأسف على أن السماء تشهد ولكنكم لا تسمعون، والأرض تصرخ “الحاجة، الحاجة” ولكنكم لا تنظرون. أيها الأشقياء، قوموا وانظروا كيف أن الإسلام قد دِيسَ تحت الأقدام في وقت المصيبة هذه، وأهينَ كالمجرمين، وعُدَّ من الكاذبين، وكُتب في زمرة الأنجاس، أفلم يكن من الواجب أن تجيش غيرةُ الله في مثل هذا الأوان. فاعلموا أن السماء لا تزال تدنو باستمرار، وإن الأيام لقريبة حين تسمع كل أذنٍ صوتَ “أنا الموجود” (أي الله تعالى).” (كتاب البرية)

الآن أود أن أتناول خبرا مؤسفا هو خبر وفاة شودري مبارك مصلح الدين المحترم الذي كان يعمل وكيلا للتعليم في التحريك الجديد، وكان من الخدام القدامى للجماعة، فقد توفي في 16/3/2013 عن عمر يناهز 79 عاما، إنا لله وإنا إليه راجعون.

« وقد حقق الله بإرادته كل هذه الأمور، فقد كتبتُ أني وُلدت توأمًا، ووُلدتْ معي بنت، وأن أجدادي كانوا يعيشون في سمرقند التي كانت تابعة للصين.»

كانت ولادته في 21/6/1934 في بيت الصوفي غلام محمد وهو من صحابة المسيح الموعود وكان جَدُّ المرحوم أيضا معدودا ضمن الـ 313 صحابيا للمسيح الموعود ، حيث كان قد بايع في 5/6/1895 وكان بعد انقسام الهند قد انتقل إلى قاديان بأمر الخليفة الثاني للمسيح الموعود وانضم إلى دراويش قاديان (وهم الذين تُركوا في قاديان لحماية قاديان والأماكن المقدسة هناك)، وهناك توفي ودُفن في بهشتي مقبرة في قاديان….كان المرحوم مكثار الدعاء ومواظبًا على صلاة التهجد وصالحًا ومواسيًا للفقراء. كتب لي أحد العاملين في مكتبه أنه كان يرسل المواد الغذائية بواسطتي إلى بعض الفقراء والمحتاجين في كل شهر رمضان ولم يكن أحد غيري يعرف ذلك. وفيما يتعلق بأمور المكتب كان المرحوم شخصيةً تتمسك بكل شدة بالقوانين والنظام ولكنه من ناحية أخرى كان يتسم بالتواضع والاهتمام بالفقراء…..

ولقد عملتُ معه في قسم “وكالة المال” قرابة ثماني سنوات، وتعلمت منه أمورًا كثيرة. كان يجيد صياغة الرسائل والتقارير ويتمتع بحنكة في وضع الميزانية. في أيامِ ضغطِ الأعمال كان مكتبه يظل مفتوحًا إلى الساعة الحادية عشرة ليلا، فلم يكن يترك العاملين في المكتب ويعود إلى بيته بل كان يبقى معهم ويشرف على عملهم ويسهر الليالي بكل إخلاص ووفاء.

كنت أعمل معه وتحت إشرافه ثم عندما أصبحت الناظر الأعلى لاحظت أنه كان يتمتع بالطاعة البالغة، أما بعد توليَّ منصب الخلافة فقد ازداد المرحوم إخلاصًا ووفاء. رفع الله تعالى درجاته ووفّق أولاده وذريتَه للتشبث بالخلافة والجماعة. آمين.وسأصلّي عليه صلاة الغائب بعد أداء صلاتَي الجمعة والعصر، إن شاء الله.رفع الله تعالى درجاته ووفّق أولاده وذريتَه للتشبث بالخلافة والجماعة. آمين.

Share via
تابعونا على الفايس بوك