سيرة المهدي - الجزء 2 الحلقة 54

سيرة المهدي – الجزء 2 الحلقة 54

مرزا بشير أحمد

  • كيف ان الطيبة جديرة ابالتباع دون أن يعيب هذا متبعها؟
  • ما ينبغي مراعاته في رواية الأحاديث عموما

__

ما ينبغي مراعاته في روايات الأحاديث عموما

471-ج.. تتمة لما أوردناه خلال الشهرين الماضيين مما سجَّله مرزا بشير أحمد من اعتراضات للدكتور بشارة أحمد اللاهوري على أسلوب كتابة الجزء الأول من «سيرة المهدي»، نورد هذا الشهر اعتراضين آخرين، ليكون مُجمل ما أوردناه حتى هذا الشهر أربعة اعتراضات من أصل سبعة تناولها المؤلف بالتفنيد كما يلي:

الأساليب الطيبة جديرة بالاتباع دون أن يعيب هذا مُتَّبِعَهَا

كان الاعتراض الثالث العام الذي وجهه الدكتور المذكور أنني انتحلت في جمعي الروايات أسلوب رواية أحاديث رسول الله واتبعت الأساليب العربية، ولكن حيثما كنت أنا نفسي الراوي فإني تركت كل هذا متمثلا قواعد الأردية.

لقد كتبت السطور الأولى من كتاب سيرة المهدي بعد الدعاء في بيت الدعاء تيمّنًا وتبركًا. وأُشهِد الله على أن هذه السطور المعدودة جاءت مني على الأسلوب العربي دون تكلُّف. فلم أشعر بتاتا بأنني أكتب بخلاف الأسلوب الأردي المعروف. فلما خرجت من بيت الدعاء وقرأت هذه السطور شعرت بأن بعض جملي المكتوبة جاءت على الأسلوب العربي. ثم عندما قرأ بعض أصدقائي مسودة سيرة المهدي نبّهوني أيضا إلى هذا الأمر. ولكن الحق أنني ما أردت إحداث أي تغيير في هذه السطور التي كتبتها بعد الدعاء في بيت الدعاء، فنُشرت كما هي.

أما عن قوله بانتحالي أسلوب الأحاديث النبوية، ففي رأيي أن الأشياء الطيبة والسامية جديرة باتباعها، فإن مثل هذا الاتباع والانتحال الظاهري أو المعنوي مع صحة النية ينبغي أن يعدّ مدعاة للبركة عند أهل العلم والذوق السليم بدلاً من  أن يُعترَض عليه؛ ولكن الحق أنني لم أفعل ذلك لأنتحل هذا الأسلوب. والله على ما أقول شهيد.

أما عن انتقاده لي على ترك التعبير بالأسلوب العربي إلى الأردي كلما تحولت بنفسي راويًا، وإيراده تعبيرات كتبتها يرى هو أنها كان ينبغي كتابتها على نحو مغاير، فلا أقول إلا «سلامًا»، إذ لا أجد في قوله هذا ما يستحق الالتفات إليه.

ما ينبغي مراعاته في روايات الأحاديث عموما

يرى المعترض في اعتراضه الرابع عليَّ أني لم أتَوَخَّ الحيطة في اختيار الرواة ولم أفرّق بين الصادق والكاذب، كما لم أكتب أحوال الرواة حتى تُعرف كفاءتهم للرواية، كما يبدو أحيانًا أن هناك راويًا مفقودًا في سلسلة بعض الرواة. وعليه فكأنه يقول بأن الكتاب يحتوي على روايات مرسلة تسقط من الاعتبار. ثم استهزأ بالكتاب قائلا بأن المؤلف تقلد أسلوب الأحاديث دون أن يكون هناك الالتزام بالنقد كنقد المحدثين وخبراء الجرح والتعديل.

باختصار، يرى الدكتور أن كتاب سيرة المهدي مجموعة مشوَّشة من الروايات. ويرى أن المؤلف، أي أنا، بالقيام بمثل هذا العمل عرّضت نفسي للاستهزاء دونما داع له.

لم يذكر الدكتور أمثلة في اعتراضه لذلك أنا في حيرة من  أمره وفي ماذا ينبغي أن أردّ به عليه؟

يقول الدكتور: لا يُعرف الرواة الكذبة من الصادقين في روايات سيرة المهدي.

أقول: افتحوا صحيحي البخاري ومسلم وانظروا فيهما فلن تجدوا فيهما أيضا أي تمييز بين الرواة الكذبة والصادقين. على الأقل لم أر في صحيح البخاري ولا في صحيح مسلم ولا في أي كتاب للتاريخ والسيرة بيانًا عن الرواة الصادقين والكاذبين والثقات وغيرهم، إنما هناك كتب أخرى تخص هذه البحوث وهي كتب أسماء الرجال التي تحتوي على أحوال الرواة المختلفين التي يتبين منها أن هذا الراوي صادق أم كاذب وهذا عدل أم لا، أو هذا حافظ أم لا، وبناء على هذه الكتب يُجري الناس بحوثًا حول صحة بعض الروايات أو غيرها وعن قوتها وضعفها. ولكن لا أعرف سبب عداء الدكتور لي بحيث يعدّني مذنبًا لأنني لم أذكر في سيرة المهدي أحوال الرواة.

كان ينبغي أن يذكر لي اسم رواة سيرة المهدي الذين يَبْدون في نظره مثار شبهة ويرى الاعتراض عليهم في محله. ومن  ثَمَّ  كان عليّ إما أن أثبت كونه ثقة عدلا أو أعترف بصحة اعتراض الدكتور وبالتالي لا يمكن أن يكون مثل هذا الراوي جديرًا بأن تقبل روايته. ولكن إذا كان الاعتراض عامًّا ومجملا فماذا عسى أن أقول له سوى أنني أخذت روايات الذين رأيتهم ثقاتٍ.

أما بالنسبة إلى الرواية فتُرَاعى فيها عمومًا الأمور الآتية:

  1. ألا يكون الراوي متهمًا بالكذب، ألا يكون في حفظه نقص يعترض عليه.
  2. ألا يكون قليل الفهم بحيث لا يدرك معنى الكلام وإن كان لا يلزم أن يكون فقيهًا.
  3. ألا يكون معتادًا على المبالغة أو على تلخيص الرواية، أو ذكر مفهوم الأمر بكلامه الحرّ.
  4. ألا يستبطن غرضًا معينًا من خلال رواية يرويها.
  5. ألا يكون مجهول الحال بحيث لا يُعرَف عنه ما إذا كان صادقًا أم كاذبًا، حافظًا أم لا، وما إلى ذلك. أما فيما يتعلق بي فقد راعيت هذه الأمور كلها في نقد الرواة على قدر مراتبهم. والله أعلم. ولا أستطيع أن أقول أكثر من ذلك لأنه ليس أمامي أي مثال حتى أردّ على الاعتراض الوارد عليه.

ومن الجدير هنا أن أذكر بأنه قد لا يكون أحد الرواة في بعض الأحوال ثقةً عدلًا ولكن روايته تكون صحيحة. وفي هذه الحالة لا حرج في أخذ روايته إن ثبتت صحتها بقرائن أخرى. لا شك أن هذا الأمر محاط بخطورة كبيرة ولكن لا بد من وضع اليد في الأماكن الخطيرة بحثًا عن العلم.

Share via
تابعونا على الفايس بوك