نحن قوم أعزنا الله بالإسلام

نحن قوم أعزنا الله بالإسلام

التحرير

وَقُل رَّبِّ أَدْخِلْنِي مُدْخَلَ صِدْقٍ وَأَخْرِجْنِي مُخْرَجَ صِدْقٍ وَاجْعَل لِّي مِن لَّدُنكَ سُلْطَانًا نَّصِيرًا

ما أجمل هذا الدعاء الذي علمنا القرآن الكريم إياه وما أروع ما يحويه من تعالیم. إن الله تبارك وتعالى علمنا من خلاله ما يجب أن نستشعره عند كل مرحلة هامة من حياتنا، كذلك ما يجب علينا أن نقوم به، وبالإضافة إلى ذلك كيف ينبغي علينا أن نشعر بالعجز أمامه ، حيث إنه لا حول ولا قوة لنا، والحول والقوة كله لله . إن هذا الدعاء الذي تلهج به الفطرة الإنسانية إنما هو من نعم الله الكثيرة التي يفيض بها القرآن الكريم، فالحمد لله الذي أنزل هذا الكتاب الكامل.

فما أحوَجَنا إلى هذا الدعاء وتلك التعاليم التي يحتويها، فهل نتدارك أمورنا وندخل عهدًا جديدًا بخطى ثابتة واثقة أم نترك الزمن يُدخلنا ويُخرجنا؟، وهل فكّرنا فيما ينبغي علينا أن نفعله؟ وهل نمتلك القدرات على التأثير في حياتنا ومستقبلنا؟ وهل استعنا بالله في الإعداد والتجهيز ومن ثم المضي قدمًا؟ أين نحن من هذا وذاك؟.

لقد مر على الأمة الإسلامية ما يقارب القرنين من الضعف والانكسار والذل والهوان، وتسارعت الأحداث واستبدت الخطوب بالأمة، وكانت السنون الماضيات کسيوف تشطر جسد الأمة وتمعن في تمزيقه، وخُرّبت بيوت ودُكّت صروح المجد وآل حال المسلمين إلى ما يدمي القلب. فهل إلى خروج من سبيل؟، وهل سنترك الزمن يحركنا أم سنحركه ونترك بصماتنا عليه؟ هذا ما يجب أن يدور في خلدنا.

ولقد قدمت الأمة الإسلامية للبشرية خدمات جليلة، وأثرت في حياة الإنسانية برمتها، فكانت خير أمة أخرجت للناس، وانتشرت تلك الريح الطيبة في الأرجاء، وسقطت أمامها الرياح الخبيثة، أما في هذا الزمان فقد تنازع المسلمون ففشلوا وذهبت ريحهم، وتركت بيوتهم موئلاً للرياح الخبيثة، فظهر الفساد في البر والبحر، وغدت بيوت المسلمين قبورًا، وأُعجبوا بكثرة الخبيث، ومالت النفوس إلى زخرف الدنيا وغثائها، وفقد المسلمون كل شيء حتى نفوسهم وأموالهم وأوطانهم وأولادهم، وكذلك فقد معظمهم الحس فلم يشعروا بما هم عليه وفرحوا بما لديهم واطمأنوا به.

ويخطئ كل الخطأ من يظن أن للمسلمين عزة بغير الإسلام، فنحن قوم أعزنا الله بالإسلام وأكرمنا به، وكل ما تلاقيه الأمة الآن من ويلات ومصائب إنما هو بسبب انحرافها عن لبه، وبسبب أن كثيرا من المسلمين لم يقدروا الله حق قدره والله هو العلي الكبير، فاتَّخذوا آلهة من دونه لا يستطيعون نصرهم ولا هم أنفسهم ينصرون، وطلبوا العون من غير الله فلم يجدوا لهم من معين ولا شفيع يطاع، فخسروا خسرانًا مبينًا. فهلا استعنا بالله كي يجعل الأيام القادمة أيام خير لنا وصفحات مجد ونصر مبين.

إن ذلك الدعاء الذي علمنا الله تعالى إياه في كتابه العزيز الكريم إنما يُحيي بادئ ذي بدء الإحساس في النفوس، فيحض المؤمنين أولا على أن يدركوا أنهم على وشك الدخول في مرحلة جديدة والخروج من مرحلة سابقة. وهذا الإحساس ضروري جدا لكي يقوم المؤمنون بتقييم المرحلة السابقة التي كانوا عليها وكذلك التفكر والتدبر وأخذ الأسباب والحيطة والحذر عندما يكونون على وشك الدخول في مرحلة جديدة. وبعد هذا الاستشعار يطلبون من الله تعالى العون للخروج بسلام بخطى ثابتة من المرحلة السابقة، ومن ثم يقومون بإعداد العدة وبما استطاعوا. ولا شك أنه لو لم يكن بمقدورهم أن يقدموا شيئًا وتوجهوا إلى الله لكي يعينهم فإن الله تعالى سيمد يد العون ويهيئ أسباب النصرة. كذلك فإنهم لو امتلكوا كل الطاقات والقدرات فإن ذلك ليس كافيًا بالضرورة كي يؤهلهم لدخول أي مرحلة بنجاح، فعلى المؤمنين دوما أن يسألوا الله أن يؤيدهم بسلطان من عنده فيما هم مقبلون عليه وإلا باءوا بالخيبة والخسران وذهبت جهودهم أدراج الرياح.

ولقد أراد الله في هذا الزمان أن ينصر الأمة الإسلامية بعد أن فقدت كل شيء ولم يعد عندها ما يمكن أن تركن إليه، وأراد الله تعالى أن يظهر في هذا الزمان نصرته للمؤمنين في صورة تجلٍّ عظيم بعد أن أظهرها سابقًا في بداية عهد الإسلام. فكما أن الله تعالى قد نصر المسلمين أولاً ببدر وهم أذلة وكفةُ أعدائهم المادية كانت راجحة، كذلك فهو الآن سينصرهم إن شاء الله ببدر الكبرى والكفة أكثر رجحانًا بدرجة كبيرة لمصلحة أعدائهم. إن كل ما يتوجب على المسلمين هو أن يكونوا حقًّا عبادًا لله، وعند ذلك سيكون هو جل وعلا نعم المولى ونعم النصير. إن عليهم، وهم في هذا الموت الذريع، أن يستجيبوا لله وللرسول إذا دعاهم لما يحييهم، وعند ذلك تدب الحياة في أوصال الأمة وتقوم من سباتها العميق.

وللأسف كل الأسف فلقد أخطأ غالبية المسلمين هذه الطريق، وظنوا أن الله قد نصر أسلافهم سابقًا بالوسائل المادية وحدها، وظنوا أن هذه الوسائل إنما هي السبيل للنصر والظهور، ولكن الله قد أغلق هذه الطريق في وجوههم نتيجة ظنهم المغلوط هذا، فأخرج قوما لا يدان لأحد بقتالهم ولا طاقة لأحد بهم، وجعل موازين القوى في مصلحة أعداء المسلمين بشكل كبير جدًا، كل ذلك لكي يتفكر المسلمون ويتدبروا في حالهم. فلو أن الله تعالى قد جعل الغلبة للمسلمين وهم في هذه الحال السيئة لظنوا أنهم على حق ولما التفتوا إلى الانحراف الكبير في عقائدهم وقيمهم وأخلاقهم، ولأعجبتهم حالتهم السيئة هذه فلا سبيل عندئذ لإصلاحهم. ويخطئ كل الخطأ من يظن أن للمسلمين عزة بغير الإسلام، فنحن قوم أعزنا الله بالإسلام وأكرمنا به، وكل ما تلاقيه الأمة الآن من ويلات ومصائب إنما هو بسبب انحرافها عن لبه، وبسبب أن كثيرا من المسلمين لم يقدروا الله حق قدره والله هو العلي الكبير، فاتَّخذوا آلهة من دونه لا يستطيعون نصرهم ولا هم أنفسهم ينصرون، وطلبوا العون من غير الله فلم يجدوا لهم من معين ولا شفيع يطاع، فخسروا خسرانًا مبينًا. فهلا استعنا بالله كي يجعل الأيام القادمة أيام خير لنا وصفحات مجد ونصر مبين. وهلا أجبنا داعي الحق واتبعنا السبيل المستبين المستقيم. ألا إن المسيرة ماضية فطوبی لمن كان من السابقين، وآخر دعوانا أن الحمد رب العالمين.

Share via
تابعونا على الفايس بوك