عيد سعيد وأمل بعيد

عيد سعيد وأمل بعيد

التحرير

 

ها هو شهر التوبة والغفران قد هزّ عصا تسياره نحو الله عائدا إليه بعدما حل ضيفا على مضارب الأمة الإسلامية وهو في أبهى حلة إيمانية وبركات سماوية يرتجي صلاحها وصلحاءها. ها هو قد عرج إلى السماء ودمعه لا يكاد ينفطم عن عينيه لفراق من أعزه وأكرمه من المؤمنين الأكرمين، وحزنه وألمه لمن أعرض عنه متواليا من الضالين المضلين. فمن منكم يا معشر المسلمين أكرمه وكان لله ولرسوله من المطيعين، ومن منكم كان له هذا الضيف ثقلا وحملا وجوعا وشعبا ولهوا ولعبا يا معشر الغافلين. ما لهذا أهل وما لهذا أحل، وهاكم سنن خير المرسلين وسيد الأولين والآخرين إن كنتم طلباء الهداية أو الفضل المبين؟؟ فادعوا ربكم أن يشملكم بعفو منه بعدما أعرضتم عن احتضان هذا الضيف الكريم وادعوه سبحانه متبتلين منيبين حتى يرزقكم لقاءه ويمد في أعماركم حتى حين.

فبشراكم يا معشر المؤمنين، ها هو عيد الفطر فيه فرحة فطركم، وفيه فرحة لقاء ربكم ونزول هدايا صيام شهركم، طوبى لمن نال منكم عظيم الدرجات وغفران السيئات وجزيل الحسنات من رب الكائنات، جزاء لمن أوفى الوعد وجدد العهد ليكون من زمر المقربين، فمبارك لكم عيدكم بعطايا ربكم يا معشر المقبولين، ومبارك قربكم من ربكم لتكونوا حجة الله لمن عصى من المخلوقين.

أيها الناس هذا عيد فطركم أقبل، وشهر صومكم أدبر، فماذا أنتم فاعلون بحالكم وحال أمتكم ومستقبل خلفكم؟ أما زلتم تطلبون الدنيا ولها تقلقون؟ أو ما بقي فيكم ظمأ في أمتكم ومستقبل خلفكم؟ أو ما بقي فيكم ظمأ في طلب الله أم أنتم لمائه رافضين ولماء التنعم طالبين؟ تفكرون في العيد بلبس الجديد وتنسون ما أصاب ثوب الدين وحاجته إلى داعي التجديد. فلا تهلكوا أنفسكم وأزواجكم وذرياتكم بهذه الدنيا وتموتوا وقد تركتم خلفا أضاع الصلاة واتبع الشهوات. فتوبوا مع التوابين وكونوا مع الصادقين ولا تعرضوا عن قول الحق كإعراض المتكبرين.

فاقبلوا نصحنا هذا أو أعرضوا عنه مدبرين يا معشر المسلمين، فلنا عملنا ولكم عملكم ولسوف تعلمون ولو بعد حين، ولا تجعلوا عيدكم هذا أملا بعيدا وفروا إلى ربكم ليجعله لكم نصرا قريبا.

فكيف يا بني الإسلام تكون فرحتكم بالعيد فرحة تامة وإخوة لكم في الدين لا تكاد بسمة العيد تجد طريقها على محياهم بفعل معاناة الحصار أو الفقر أو العدوان، فهلا تقاسمنا فرحتنا مع المنتسبين إلى ملة المصطفى  ومع المستضعفين في الأرض، الذين لا يريدون علوا في الأرض ولا فسادا.؟

فقوموا أيها العباد وادعوا ربكم بصوت رقيق ودمع غزير وزفير وشهيق، أن يكشف عنكم مقته وعذابه ويدخلكم في زمرة الناجين من فتن الزمان، وأنتم ترون صرح دينكم كيف هوى مناره وخرت شرفاته وكيف تداعت عليكم أمم الدجال تؤلمكم بسياطها وأنتم عنه وعن فتنه جاحدون!! ولمن بعثه الله لكم حصنا حصينا وحربة سماوية ربانية لنصرة دينكم فصرتم له منكرين ولدعوته مقاومين، وهو لا يرتجي سوى رفعة دين سيد المرسلين وفتح القلوب بالكلم لتنشرح بالهدى واللين، وها هي مبشراته قد ملأت الآفاق وبزغت أنوار الإسلام بالإشراق بعدما أطبق الظلام في بيت الدين وأكل الدود في شجر التوحيد.

أين أيامكم من أيام المصطفى! وأين تقواكم من تقى صحبة الذين اصطفى! فلا تزكوا أنفسكم، ربكم أعلم بمن اتقى ومن لدّ عن المحجة ومن ارتقى.

ترجون عيدا سعيدا وعمرا مديدا وبينكم وبين طعم السعادة الروحانية دهر بعيد، فشتان بين ذوق الصالحين وذوق الطالحين وبين وجوه الصادقين والكاذبين والمقبولين.

فعظموا شعائر الله بحق واعلموا أنها من تقوى القلوب، ولا تغرنكم الدنيا وبلدة أهلها بكثرة جموعها وتهافت طلابها واحذروا أصفادها وانظروا كيف صفدت جبلا كثيرا كانوا لها عابدين وعن الله ودينه معرضين!! فاقبلوا نصحنا هذا أو أعرضوا عنه مدبرين يا معشر المسلمين، فلنا عملنا ولكم عملكم ولسوف تعلمون ولو بعد حين، ولا تجعلوا عيدكم هذا أملا بعيدا وفروا إلى ربكم ليجعله لكم نصرا قريبا.

Share via
تابعونا على الفايس بوك