الصيام خط ساخن للوصال

الصيام خط ساخن للوصال

التحرير

  • الصيام والطقس الحار
  • رمضان والقرآن
  • شرط استجابة الدعاء في رمضان

__

الصيام خط ساخن للوصال الصوم طقس من طقوس الديانات السابقة ارتقى به الإسلام إلى وجه الكمال وربطه ارتباطا وثيقا بالنظام القمري ووسع نطاق شروطه وفعالياته. فالصائم ينقطع عن بعض الحلال حبا لله وعن الحرام خوفًا منه . وهكذا ينقطع عن المنكرات ويعكف على فعل الخيرات قولا وفعلا.

إن الحالة الباهتة التي وصل إليها الشارع الإسلامي اليوم في فهم الشعائر الدينية جعلت من هذا الطقس المفيد عبئًا ثقيلا على الكثيرين. وها بالشهر الفضيل يطل علينا هذه السنة في شهر عالي الحرارة حيث تراه شريحة كبيرة أنه أشغال شاقة. وهكذا أدى هذا الاستهتار في مناخ روحي جاف إلى تهميش قدسية شعيرة سامية مارسها الإنسان منذ عشرات القرون.كما ساهم تمسك العامة بقشر الدين والخوض في الفتاوي والمسائل الفقهية البديهية بخصوص الصيام إلى زيادة الطين بلة. فواجبنا إزاء خير أمة أخرجت للناس هو توجيه عامة المسلمين إلى لبِّ الدين، ألا وهو الإيمان اليقيني بوجود الله الذي تساهم الطقوس الدينية في تقويته وذلك من خلال الدراسة المستفيضة للقرآن الكريم. ولا شك أن العلاقة المتينة المنقطعة النظير بين الشهر الفضيل والقرآن الكريم التي أُوحيت أول آياته فيه إلى جانب مراجعة الروح الأمين خلاله لكتاب الله كل سنة مع الرسول الكريم عليه أفضل صلوات الله لدليل قاطع على أفضلية هذا الشهر.

وتنكشف علينا بركات هذه العلاقة المميزة للقرآن الكريم برمضان حينما ندرس أحكامه بكل تروٍّ وتحرٍّ، حيث هيأ الله سبحانه وتعالى في هذا الشهر الفضيل الظروف المثالية للغوص في أعماق الكتاب الذي لم يترك صغيرة أو كبيرة إلا أحصاها. وفي واقع الأمر إن الامتناع عن الأكل خلال ساعات الصيام يساهم في تزكية النفس وتصفية أجواء الروح مما يؤدي إلى تزكية القوى الكشفية. فكما تؤثر كثرة الأكل على الجسم المادي وتزحف عليه الأمراض من كل حدب وصوب. كذلك الحال بالنسبة للروح التي تتأذى هي الأخرى من كثرة الأكل التي تخنقها وتمنعها من التحليق في فضاء الروحانية. فالصيام يدربنا مبدئيا على عدم الأكل خلال الساعات المحددة له يوميا ثم على التقليل منه وتنظيم أوقاته في باقي شهور السنة.

فالصيام بعبارة أخرى هو خط ساخن للوصال بالله . وسعيد ذلك الذي انتهز الفرصة وفتح حسابا لهذا الخط الذي يحظى بعض منخرطيه بجائزة منقطعة النظير خلال ليلة هي خير من ألف شهر، تتغير فيها الموازين ويترسخ فيها اليقين.

ولقد قلّد الله طقس الصيام بتاج جوهر الدين حيث وعد كل من يراعي جوانبه المختلفة ويقوم به إيمانا واحتسابا أن الله يكون جزاءَه أي سيحظى بوصال الله، كما دل على ذلك الحديث القدسي “الصيام لي وأنا أجزَى به”. إنها فرصة ذهبية تتجدد كل سنة أمام المسلمين كي يحققوا أعلى مراتب اليقين. فالصيام بعبارة أخرى هو خط ساخن للوصال بالله وسعيد ذلك الذي انتهز الفرصة وفتح حسابا لهذا الخط الذي يحظى بعض منخرطيه بجائزة منقطعة النظير خلال ليلة هي خير من ألف شهر، تتغير فيها الموازين ويترسخ فيها اليقين. وهكذا يدخل المرء عالم قبول الدعاء حيث يُصقل حسه الروحي وتُستجاب أدعيته بصفة إعجازية.

والعجب كل العجب.. لماذا لا تُستجاب أدعية الملايين من الصائمين حيث يزداد حال بلدانهم كل سنة سوءا بعد سوء، ويبتعدون من الله ولا يقتربون حيث تقضي شريحة كبيرة منهم نهارهم نائمين ولياليهم لاهين. ومعظم من تبقى منهم يتمسكون بالقشور ويتجادلون في أمور لا تُسمن ولا تغني من جوع. وفي ظل هذه الظروف تزداد نسب جرائمهم وموبقاتهم فلا تجدهم مبالين ولا منتهين. فلا شك أنه لو تحققت مقاصد الصيام لتنعمت بلدانهم بالأمن والسلام. ولألَّف الله بين قلوبهم وأزال كل مظاهر الحقد والكراهية والفسوق والعصيان. فتجدهم في كل واد يهيمون ويحلمون بأن تسوسهم قادة صالحين متناسين قاعدة أزلية أنهم لو كانوا صالجين لأصلح الله لهم قادتهم.

هكذا عزيزي القارئ نكون قد لامسنا من خلال هذه السطور نبض الشارع الإسلامي الذي يُوقن أن مفتاح الرقي والنجاح كله في العمل بتعاليم القرآن الكريم ومع ذلك لا يوليه أي اهتمام واتخذه مهجورا. ولا يسعنا في هذا المقام إلا أن ندعوه أن يرحم أمة سيدنا ومطاعنا محمد المصطفى ويهديها إلى ينبوع فيوض الدين الحنيف التي تقوم عليها في هذا العصر الجماعة الإسلامية الأحمدية المباركة. وصلى اللهم على سيدنا محمد وآله وصحبه أجمعين.

Share via
تابعونا على الفايس بوك