سيرة المهدي - الجزء 1 الحلقة 26
  • حالة المسيح الموعود عليه السلام حين وفاة أبنه مبارك أحمد
  • موقف المسيح الموعود وهو يحكي عن وفاة ولد رجل صالح
  • موقف خاص لحضرته حول نبوءة آتهم
  • قوله حين عُرض عليه لقاء المهاراجا
  • شهادة أحد صحابته بإخباره بالغيب
  • تحقق دعاء المسيح الموعود بشكل جلي

__

158- بسم الله الرحمن الرحيم. أقول: لما مرض أخونا الأصغر مبارك أحمد، أخذ المسیح الموعود يسهر على مداواته ليل نهار ويهتم بمعالجته أيما اهتمام. كان حضرته يحبه كثيرًا، مما جعل البعض يظن أنه لو مات هذا الطفل لأصيب حضرته بصدمة عظيمة، ولكنه لما توفي صباح أحد الأيام جلس حضرته بكل طمأنينة قرب الباب الخارجي يكتب للإخوة الساكنين خارج قاديان رسائل يخبرهم فيها بأن مرزا مبارك أحمد توفي وينبغي أن نرضى بقضاء الله، وأن الله أخبره في بعض وحيه أن هذا الطفل سيكون من المقربين عند الله تعالى وقد يموت في الصغر. فينبغي أن نفرح لأن قول الله تعالى قد تحقق بوفاته.

ويقول الخليفة الثاني للمسيح الموعود : كان مرزا مبارك أحمد نائمًا عندما وافته المنية، فلما فحص الخليفة الأول نبضه وجده ضعيفا للغاية، فقال للمسيح الموعود بأن النبض ضعيف جدًّا فأعطِه قليلا من المسك، فأخذ حضرته يخرج المسك من الصندوق، إلا أن المولوي نور الدين أعاد قوله ثانيًا: سيدي أصبح النبض ضعيفًا جدًّا؛ فأسرع حضرته في إخراج المسك، غير أن المولوي نور الدين أعاد كلامه ثالثًا: سيدي صار النبض الآن ضعيفًا شديد الضعف. يقول الخليفة الثاني بأن مرزا مبارك أحمد كان قد مات إلى ذلك الحين، ولكن المولوي نور الدين لم يكن يريد أن يتفوه بهذه الكلمة تحسبًا للحزن والألم الذي سيصيب حضرته لسماع هذا الخبر. ولقد فهم المسيح الموعود حقيقة الأمر فجاء وفحص نبض الطفل وعرف أنه فارق الحياة. فقال: إنا لله وإنا إليه راجعون. ثم فتح حقيبته بكل طمأنينة وأخذ يكتب الرسائل للإخوة عن وفاة مرزا مبارك أحمد.

وحدثني الحافظ روشن علي وقال: لما ذهب حضرته لدفن مرزا مبارك أحمد، لاحظ أن هناك وقتًا لإتمام إعداد القبر، فتنحى جانبًا في ذلك البستان وجلس فالتفَّ حوله أصحابه وجلسوا أيضا. وبعد صمت لم يدم طويلا قال حضرته مخاطبا المولوي نور الدين: قلما تأتي في حياة الإنسان أيام فرح كهذه، ثم قال: لقد وضع الله تعالى لرقي الإنسان في سبيل الله قانون الشريعة وقانون القضاء والقدر، أما نفاذ قانون الشريعة فقد جعله بيد العبد فيوجِد فيه أنواعًا من الراحة والسهولة واليسر، مثلا إذا كان به أذى من الوضوء تيمَّم، وإذا صعبت عليه الصلاة قائمًا صلى جالسًا وإذا شعر بالأذى في جلوسه صلى مضطجعًا، وإذا كان مريضًا أخّر صومه لوقت آخر، وهكذا دواليك. ولما كان نفاذ الشريعة في يد الإنسان فإنه يخترع لنفسه أنواعًا من الراحة واليسر، وهكذا ينجو من التعرض للأذى الظاهري. أما قانون القضاء والقدر فقد جعله الله تعالى بيده، ولم يجعل للإنسان أي خيار فيه. فإذا أصابت الإنسان ضربة قانون القضاء والقدر فتحمّلها لوجه الله وتحلى بالصبر ورضي بقضاء الله فإنه في آن واحد يحقق رقيًا وازدهارًا لا يسعه تحقيقه من خلال الصوم والصلاة لمدة أربعين سنة. فإن مثل هذه الأيام في الحقيقة أيام فرحة كبيرة للمؤمن.

أقول: لقد روى شيخ عبد الرحمن المصري أيضا هذه الرواية.

159- بسم الله الرحمن الرحيم. حدثني ميان عبد الله السنوري وقال: كان أحيانًا يذكر قصة وفاة ولد لرجل صالح نعى إليه الناس ابنَه فقال: مات ولدُ الكلب فادفنوه.

أقول: لعل هذا القول صدر من ذلك الصالح في حالة خاصة. أما الأنبياء فلا يسلكون هذا المسلك لأنهم ينبغي أن يكونوا أسوة حسنة للناس ولا بد أن يقيموا الـمُثُل العليا في حقوق العباد أيضا.

160- بسم الله الرحمن الرحيم. أخبرني ميان عبد الله السنوري أنه عندما لم يبق إلا يوم واحد للمدة المضروبة لتحقق النبوءة الخاصة بـ”آتهم” طلب المسيح الموعود  مني ومن ميان حامد علي أن نأخذ عدداً محددا من حبات الحمص (لم أعد أذكر عدد الحبات التي حددها حضرته) وطلب منا أن نقرأ على تلك الحبات سورة معينة لعدد معين (ولا أذكر عدد المرات التي حددها). وقد أخبرني ميان عبد الله قائلاً: “لا أذكر اسم السورة لكنني أذكر أنها كانت من قصار السور مثل أَلَمْ تَرَ كَيْفَ فَعَلَ رَبُّكَ بِأَصْحَابِ الْفِيلِ (الفيل: 2). لقد استغرق إكمال  ذلك الوِرد معظم الليل. وبعد إتمامها أخذنا تلك الحبات إلى حضرته حيث أمرنا أن نأتي بتلك الحبات إليه فور إكمال الورد. بعد ذلك قادنا حضرته إلى خارج قاديان، وأظنه أخذنا باتجاه الشمال، وأمرنا بإلقاء تلك الحبات في بئر مهجورة. ثم قال: “ينبغي أن نعود مسرعين دون أن نلتفت إلى الخلف بعد أن أرمي تلك الحبات في البئر المهجورة”. وفعلاً قام حضرته بإلقاء تلك الحبات في البئر المهجورة، ثم أدار  وجهه بسرعة  وعاد مسرعًا، وعدنا نحن أيضاً معه بسرعة دون أن يلتفت أي منا إلا الوراء.

(لقد ورد شرحُ ما ذُكر من قراءة الورد على هذه الحبات ثم إلقائها في بئر مهجورة في الرواية رقم 312 في الجزء الثاني من هذا الكتاب، حيث ذكر في رواية بير سراج الحق أن حضرته طلب هذا العمل من أجل تحقيق ظاهري لرؤيا أحد الإخوة، وإلا فإن مثل هذا الفعل خلاف لسنته وما اعتاد عليه قط. وكان لهذه الرؤيا معاني خاصة ظاهرية وتحققت في وقتها.)

161- بسم الله الرحمن الرحيم. حدثني ميان عبد الله السنوري وقال: بينما كنت أصلي السنن قبل صلاة الظهر في المسجد المبارك ناداني المسيح الموعود من داخل بيت الفكر. فقطعت الصلاة وذهبت إليه وقلت له: سيدي لقد قطعت الصلاة وأتيت إليك. فقال حضرته: حسنًا فعلت.

أقول: بيت الفكر اسم لغرفة ضمن بيت حضرته وهي متصلة بالمسجد المبارك من الجانب الشمالي. كان حضرته يجلس فيها في الأيام الأولى وكان يدخل المسجد المبارك من بابها الصغير.

قال ميان عبد الله السنوري: حدث ذلك في أوائل الأيام.

أقول: قطع الصلاة عند نداء الرسول قضية شرعية معروفة. والحقيقة أن العمل الصالح ليس اسمًا لعمل معين بل هو طاعة الله وطاعة الرسول.

162- بسم الله الرحمن الرحيم. حدثني ميان عبد الله السنوري وقال: في أوائل الأيام قبل انتقال المولوي نور الدين الخليفة الأول إلى قاديان كتب إلى المسيح الموعود قائلا: إذا استطعتم القدوم إلى هنا فإن المهاراجا يرغب في لقائكم. يقول ميان عبد الله: أمرني حضرته أن أردّ عليه بما يلي: بئس الفقير على باب الأمير.

163- بسم الله الرحمن الرحيم. حدثني عبد الله السنوري وقال: لقد أخبرني المسيح الموعود عن جميع الظروف والأحوال التي سأتعرض لها وأمرُّ بها حتى نهايتي. وأرى أنني أمرّ بالظروف بحسب ما أخبرني به حضرته.

164- بسم الله الرحمن الرحيم. حدثني ميان عبد الله السنوري وقال: كنت جابي الضرائب الحكومي في قرية “نوغاون” في أوائل الأيام. وكان مرتبي السنوي  55 روبية، ولكنني بتحريض من جابٍ آخر طلبت الانتقال إلى مفوضية منطقة “بائل”، إلا أن قلبي لم يرتح بعد الانتقال إلى هناك، بل أصابني قلق شديد لأن تلك القرية كانت لهندوس من قبيلة “جات” المتشددة، ولم يكن فيها مسجد، أما قرية “نوغاون” التي تركتها فكان بها مسجد. فأتيت حضرته وقلت له بأنني لا أرتاح في هذا المكان الجديد فادع لي أن أرجع إلى قرية “نوغاون”، وطلبت منه الدعاء بكل قلق وإلحاح. فقال حضرته: ينبغي عدم الاستعجال، فإنه سيتم ذلك تلقائيًا عندما يحين موعده.

يقول ميان عبد الله: ثم تم نقلي إلى منطقة “غوث غرهـ” بعد فترة وقد أعجبت بها لدرجة خلا قلبي من رغبة العودة إلى “نوغاون”، وأوّلت قول حضرته السابق أن المراد منه منطقة “غوث غرهـ” لأنها قرية المسلمين وبها مسجد أيضا وأعجبت بها أيضا، وقلت في نفسي بأن قول حضرته قد تحقق على هذا النحو. ولكن الذي حدث هو أن منطقة “نوغاون” قد خلت من أي جابٍ للضراب في الفترة نفسها، وكان راتب الجابي في هذه المنطقة أيضا 55 روبية سنويًا، فرشح نائب المفوض اسمي لترقيتي وقال بأن تُفوّض إليّ منطقة “نوغاون” إضافة إلى منطقة “غوث غرهـ” ويعطى لي راتب المنطقتَين وهو 110 روبية سنويا. لقد قبِل المهاراجا ترشيح نائب المفوض وهكذا صارت المنطقتان “غوث غرهـ” و”نوغاؤن” تحت إشرافي وتم ترفيعي أيضا.

يقول ميان عبد الله: كان هذا فعل الله المقتدر وإلا فكانت المسافة بين “نوغاون” وبين “غوث غرهـ” نحو 35 كيلومترا وكانت هناك قرى كثيرة أخرى بينهما.

أقول: بسبب تبليغ ميان عبد الله دخلتْ قرية “غوث غرهـ” كلها في الأحمدية. وأقول أيضا بأن هذه القرى كلها تقع في ولاية “بتيالة”.

Share via
تابعونا على الفايس بوك