من فرق بيني و بين المصطفى فما عرفني و ما رأى2

من فرق بيني و بين المصطفى فما عرفني و ما رأى2

التحرير

  • شريعة الإسلام وتحديات الزمن
  • معنى التجديد ومجددوا الإسلام
  • الزمن الأخير والمجدد الأخير ومهامه
  • الخلافة على منهاج النبوة

__

لا شك أن الرسالة السماوية المحدودة زمنيا المختصة بقوم معين والتي لا تغطي حاجات ومتطلبات الشعوب كافة.. حاضرا ومستقبلا، هي رسالة محدودة الزمان والمكان ولا تحتوي على مميزات وخصائص تجعلها رسالة عالمية.

ولقد اقتضت رحمة الله إكمال الدين وإتمام نعمة النبوة بالإسلام.. وفي هذا الأمر إشارة خفية إلى أن هذا الدين الكامل لن يحتاج إلى آليات خارجية للتصدي لتحديات أي زمان ومكان حيث إنه يحتوي على خصائص تضمن تطوره وتجدده بذاته حسب مستجدات ومتطلبات العصر، وهذه من أهم ميزات الدين الكامل.

إن التجديد في الإسلام لا يعني البتة إضافة مواد جديدة خارجية للقرآن الكريم، بل العودة بمفاهيم استقرت عليها أفهام الناس وفق رؤى اجتهادية غير صائبة إلى التعليم الأصلي الصافي والطاهر. كما يتم من خلال عملية التجديد إزالة البدع الدخيلة والشوائب الفتاكة لتتأصل شجرة الإيمان في العقول والقلوب.

والثابت عن النبي أن الله تعالى يبعث على رأس كل مائة سنة للأمة من يجدد لها دينها. ولقد شاء قدر الله أن تحقق هذا النبأ بإقامة سلسلة المجددين الربانيين في شتى بقاع العالم الإسلامي. ولقد نالوا شرفا عظيما في هذا المضمار حتى إنهم نالوا مكانة روحانية نالها أنبياء بني إسرائيل. ومن خلال هذا الدور التجديدي استحقوا بجدارة التكريم المحمدي “علماء أمتي كأنبياء بني إسرائيل”، حيث تصدّى هؤلاء الربانيون لعبث العابثين وطعن الطاعنين. فكانوا شهبًا ثاقبةً في سماء الإسلام وحفّاظ الشريعة الغراء. ورغم دورهم التجديدي المقيد بالزمان والمكان وتأثيرهم الذي لا يتجاوز بعض الأمصار والأقطار إلا أنهم قدموا للدين الحنيف خدمة جليلة في صيانته من انتحال المبطلين وهجمات الشياطين.

ومن البديهي أن التأثيرات الروحانية لهؤلاء المجددين ما كان لها أن تَبقى سدًّا منيعا ممتدا لكل العصور وحتى الزمن الأخير الذي اقترن بظهور فتنة الدجال التي هي أشد الفتن. حيث اقتضت رحمة الله أن يتم صيانة التوحيد وإزاحة التأثيرات الدجالية من خلال البعثة التجديدية الموعودة وذلك في شخص الإمام المهدي والمسيح الموعود ليعكس أنوار وفيوض المصطفى كبدر تام في الليلة الليلاء. وتحديدا هذا ما بينه الإمام عبد الرزاق القاشاني في كتابه شرح فصوص الحِكم حيث قال :”المهدي الذي يجيء في آخر الزمان فإنه يكون في أحكام الشريعة تابعا لمحمد ، وفي المعارف والعلوم والحقيقة تكون جميعُ الأنبياء والأولياء تابعين له كلهم. ولا يناقض ما ذكرناه لأن باطنه باطن محمد .”

ويتم هذا التجديد الإلهي بفيوض النبوة المحمدية وبالاتباع الصادق والهداية من الله والعصمة من الزلل كونه نبيا ظليا نبوّته جزء لا يتجزأ من نبوة سيدنا محمد .

ومن هذا المنطلق يتبين لنا حكمة تأكيد النبي على كل مسلم ومسلمة ببيعته. وعلاوة على هذا فلقد سماه النبي “حكما عدلا”، ومراده أنه يحكم ويفصل في القضايا الاختلافية ويزيل البدعات والخرافات التي تطرقت إلى الأفهام، والتي تُنسب خطأ إلى الإسلام ونبيه الكريم . وهكذا يُعيد للدين حياته من جديد ويجمع شتات الأمة تحت راية النبي . ويتم هذا التجديد الإلهي بفيوض النبوة المحمدية وبالاتباع الصادق والهداية من الله والعصمة من الزلل كونه نبيا ظليا نبوّته جزء لا يتجزأ من نبوة سيدنا محمد . ولقد وضح سيدنا أحمد هذه النقطة في الخطبة الإلهامية حيث قال الله على لسانه: “من فرَّق بيني وبين المصطفى فما عرفني وما رأى”.

وها نحن في عصرنا الحالي ننعم تحت ظل الخلافة الراشدة على منهاج النبوة والتي هي امتداد وتمثيل لدعوة المسيح الموعود ورسالته الإحيائية والتجديدية في الإسلام والتي وصفها النبي بأنها “خلافة على منهاج النبوة”. ولا شك أن هذه السلسلة المباركة الممتدة وفق وعد الله ورسوله تعمل على نفس المنهج الذي خطه المسيح الموعود لإظهار الاسلام على الدين كله وإشاعة التعليم الصحيح. وهي المؤسسة التجديدية التي ستبقى راعية للدين في شخص الخليفة الذي يمثل إمام جماعة المسلمين والسلطة الروحية التجديدية، ولهذا ينبغي علينا كمسلمين أحمديين أن نحرص كل الحرص على الحفاظ على مقام الخلافة ومعانيها وأهدافها وأن نعود إليها في المستجدات الفكرية المعاصرة..

إن الخلافة الربانية التجديدية في الجماعة الإسلامية الأحمدية هي حبل الله الذي لا يبلى ولا تَزلُّ أيدي من يتمسك بأهدابها وفيوضها في إظهار تعاليم الاسلام. ندعوه تعالى أن يديم علينا بركات هذه السلسلة التجديدية المنوطة بالخلفاء الكرام الأطهار لسيدنا الإمام المهدي الذين يسعون إلى إقامة عمائد الدين بأبهى صورة على الأرض كلها وإثبات جدارة تعليم القرآن وكماله التام أمام كل التحديات بفيوض أنوار المصطفى .

جعلنا الله وإياكم ممن يستمعون القول فيتبعون أحسنه، وهدانا وإياكم لما يحبه ويرضاه. وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على أشرف المرسلين سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

Share via
تابعونا على الفايس بوك