حقيقة ضيف إبراهيم.. ملائكة أم بشر
  • معنى أن الله غفور رحيم
  • سبب ذكر قصة لوط بعد قصة إبراهيم عليهما السلام
  • ضيوف إبراهيم بشر من العالمين
  • الغيرة على الإيمان
  • نبأ البشرى ونبأ العذاب
  •  امرأة لوط ومصيرها
__
نَبِّئْ عِبَادِي أَنِّي أَنَا الْغَفُورُ الرَّحِيمُ (50)

التفسـير:

لقد وردت هنا كلمة عبادي بمعناها العام الذي يشمل الصالح والطالح من الناس، وتعني الآية: أنْ طَمْئِنْ عبادي الذين أسرفوا على أنفسهم ألا ييئسوا من رحمتي ظنًّا منهم أنهم قد ارتكبوا كثيرًا من المعاصي التي لا سبيل بعدها للتوبة؛ فأنا الغفور، سأغفر لهم ما تقدم من ذنوبهم. وقُلْ لعبادي المؤمنين ألا يكتفوا بما عملوا من الصالحات ظانين أنهم قد حققوا ما قُدّر لهم من الكمال الروحاني؛ فأنا الرحيم، سأزداد رحمةً وفضلاً عليهم كلما ازدادوا صلاحًا؛ فيجب ألا يتوقفوا عن فعل الخيرات.

وَأَنَّ عَذَابِي هُوَ الْعَذَابُ الْأَلِيمُ (51)

شرح الكلمات:

عذابي: العذاب: كلُّ ما شقَّ على الإنسان ومنَعه عن مراده. وفي الكليات: “كل عذاب في القرآن فهو التعذيب إلا وَلْيَشهَدْ عذابَهما طائفةٌ فإن المراد الضربُ” (الأقرب).

التفـسير:

يقول الله : إن عذاب أحد لا يمكن أن يسمَّى عذابًا إزاء عذابي؛ ذلك أن تعذيب إنسان لأحد تعذيب مؤقت، ثم هناك مخرَجٌ منه وملاذ ألا وهو ذات البارئ ، ولكن إذا أراد الله أن يعذّب قومًا بعذاب فلا مناص منه، إلا أن يقول الإنسان لربه: “لا ملجأَ ولا مَنْجَى منك إلا إليك.”

وقولهم: فلا تَكُنْ من القانطين يدل على أن هؤلاء الضيوف كانوا بشرًا ولم يكونوا مطلعين على درجة إبراهيم في التوكل على الله. لو كانوا ملائكة لما خاطبوا إبراهيم بمثل هذه الكلمات لأن الملائكة كانت تعرف جيدًا مقام إبراهيم في التوكل على الله تعالى.

وَنَبِّئْهُمْ عَنْ ضَيْفِ إِبْرَاهِيمَ (52)

التفسـير:

كان المقصود هنا الحديث عن سيدنا لوط ، ولكن القرآن – كما أسلفتُ – كلما تناول قصة لوط بالتفصيل تحدث أولاً عن إبراهيم عليهما السلام. ولم يفعل القرآن ذلك صدفةً، بل قصدًا، وذلك ليبين أن لوطًا كان رسولاً تابعًا لإبراهيم عليهما السلام.

وقد ذكر القرآن حادث لوط بعد قصة آدم عليهما السلام لأن أهل مكة كانوا يعتبرون أنفسهم من أولاد إبراهيم الذي كان لوط من أقاربه. فكأن القرآن الكريم يذكّر بذلك أهل مكة بأن الوحي قد سبق أن نـزل على إبراهيم ولوط اللذين تعرفون أحوالهما، فلِمَ تنتابكم الوساوس والشبهات لدى نزول الوحي اليوم على محمد؟ كما يحذّرهم القرآن بذكر آبائهم هؤلاء أن إنكار الوحي يعرّض الإنسان للعقوبة الإلهية.

ولا جرم أن هذا الأسلوب القرآني يمثّل دحضًا لأولئك الذين يزعمون أن لا ربطَ ولا ترتيبَ بين آيات القرآن.

إِذْ دَخَلُوا عَلَيْهِ فَقَالُوا سَلَامًا قَالَ إِنَّا مِنْكُمْ وَجِلُونَ (53)

شرح الكلمات:

وَجِلُون: وَجِلَه يَوجَله وَجَلاً: خاف. وفي المفردات: استشعر بالخوف. والوَجِل: الخائفُ (الأقرب).

التفسـير:

يبدو أن أمارات الخوف كانت بادية على وجوه ضيوف إبراهيم، فأدرك بفراسته أن وراءهم ما يهمّهم ويقلقهم.

أو توجس إبراهيم منهم الخوف لأنه حينما قدّم إليهم الطعام – كما ورد في سورة هود – اعتذروا عن تناوله، فعرف أنهم قد أتوه بخبر محزن ربما يخصه هو، فقال لهم: إن امتناعكم عن تناول الطعام يريبني، وأخاف أنكم لم تأتوني لخير.

وقد يكون سبب خوف إبراهيم أنه ظن أنه ربما قد أساء ضيافتهم، فقال لهم: أخاف أن أكون قد فرّطت في شأنكم.

قَالُوا لَا تَوْجَلْ إِنَّا نُبَشِّرُكَ بِغُلَامٍ عَلِيمٍ (54)

التفـسير:

لما لاحَظَ الضيوف آثار القلق لدى إبراهيم زفّوا إليه البشرى الخاصة به وقالوا: إن الخبر المحزن الذي أتينا به لا يخصك، بل نبشّرك بولادة غلام عليم.

ولا جرم أن هؤلاء الضيوف أو أحدًا منهم قد تلقى وحيًا حول ما سيحدث مع إبراهيم ولوط عليهما السلام، ولا غرابة في ذلك، إذ هكذا جرت سنة الله تعالى فيما يتعلق بالأنباء، فقد قال النبي “يراها المؤمن أو تُرى لـه” (الترمذي: الرؤيا).. بمعنى أنه يخبر المؤمنَ بمشيئته مباشرةً وبواسطة الآخرين أيضًا.

وعندي أن إبراهيم ولوطًا كانا غريبين في تلك المنطقة إذ هاجرا إليها من العراق، حيث ورد في التوراة أنهما كانا من سكان قرية للكلدانيين اسمها أُور (تكوين 11: 28 و31). كذلك يخبرنا القرآن الكريم أن إبراهيم لما أُوذي على يد قومه قال إني مهاجر إلى ربي (العنكبوت: 27). وبعد ما اشتدت المعارضة وحاول قومه إحراقه في النار التي جعلها الله برْدًا وسلامًا عليه، قام إبراهيم بالهجرة إلى أرض كنعان حيث يخبرنا سبحانه وتعالى: ونَجَّيْناه ولوطًا إلى الأرضِ التي بارَكْنا فيها لِلعالَمين (الأنبياء: 72)..أي نجّاه الله إلى أرض كنعان التي تسمى اليوم فلسطين حيث توجد أماكن مقدسة لليهود مثل أورشليم وغيرها. (راجع أيضًا تكوين 12: 5)

وكانت تلك المنطقة شبه غريبة للوط لأنه قد أتاها قبل فترة قصيرة، وكان خروجه من بين أهلها المجرمين سوف يعرّضه لكثير من الصعوبة والعناء.. فأوحى الله إلى هؤلاء الضيوف- الذين كانوا على ما يبدو من سكان المنطقة نفسها- أن يقوموا بتهدئة خاطر لوط وأن يشيروا عليه بالمكان المناسب الذي سيهاجر إليه.

وأما قول الضيوف لإبراهيم إنّا نبشرك بغلام عليم ففيه تأكيد وتسلية من الله تعالى لإبراهيم الذي كان رقيق القلب جدًّا حيث يخبرنا الله تعالى إن إبراهيم لأوّاهٌ حليم (التوبة: 114). ذلك أن خبر هلاك القوم كان سيمثّل صدمةً فاجعة لإبراهيم، فتخفيفًا من صدمته زفّ الله لـه البشرى بولد عليم بواسطة هؤلاء الضيوف. فكأنه تعالى أنـزل السكينة على قلب إبراهيم وقال: إذا كنا سنُهلِك قومًا فاسدين من جهة، فإننا من جهة أخرى نرسي الأساس لأمة صالحة أيضًا.

ولما كان العلم الحقيقي إنما يحصل بالنبوة فقد تنطوي كلمة غلام عليم على البشارة بكون هذا الغلام أي إسحاق نبيًّا أيضًا.

قَالَ أَبَشَّرْتُمُونِي عَلَى أَنْ مَسَّنِيَ الْكِبَرُ فَبِمَ تُبَشِّرُونَ (66)

التفسـير:

فكّر سيدنا إبراهيم أنه قد أصبح شيخًا طاعنًا في السن، فلا بد أنهم يبشّرونه بولادة الابن بناءً على إلهام تلقَّوه من عند الله تعالى؟ فقال لهم مستفسرًا: ما هو مصدر هذه البشرى؟

قَالُوا بَشَّرْنَاكَ بِالْحَقِّ فَلَا تَكُنْ مِنَ الْقَانِطِينَ (56)

شرح الكلمات:

القانطين: قنَط يقنُط قُنوطًا: يَئِسَ (الأقرب).

التفسـير:

قال لـه الضيوف: لم نبشرك عن فراغ؛ إذ لا حقَّ لنا كبشر أن ندلي بنبأ كهذا، إنما البشرى من الله تعالى، ونزفّها إليك بما مَنَحَنا الله من حق؛ أو المعنى أننا نزفّها إليك بناء على أوامره التي آتانا إياها نظرًا إلى الظروف السائدة، فلا تقنُطْ من رحمة الله.

وقولهم: فلا تَكُنْ من القانطين يدل على أن هؤلاء الضيوف كانوا بشرًا ولم يكونوا مطلعين على درجة إبراهيم في التوكل على الله. لو كانوا ملائكة لما خاطبوا إبراهيم بمثل هذه الكلمات لأن الملائكة كانت تعرف جيدًا مقام إبراهيم في التوكل على الله تعالى.

قَالَ وَمَنْ يَقْنَطُ مِنْ رَحْمَةِ رَبِّهِ إِلَّا الضَّالُّونَ (57)

التفسـير:

لما سمع إبراهيم قولَهم فلا تَكُنْ من القانطين ردّ عليهم بنبرة قوية: هل تظنونني ضعيف الإيمان. إنه لا ييئس من رحمة الله إلا أهل الضلال؟ إنني واثق برحمة ربي الثقة كلها، إنما أقصد من سؤالي أن أعرف: هل هذه البشرى من قبيل ثرثرة المنجمين، أم أن الله تعالى هو الذي أخبركم بها بالوحي. أما وقد كشفتم حقيقة الأمر فلم يبق لديّ الآن أدنى شك في صحة البشرى.

لاحِظوا الغيرة الإيمانية عند إبراهيم . فهو مِضياف لدرجة أنه ما لبث أن ذبح عِجلاً وقدّمه لضيوفه شواءً لذيذًا، وحين وجدهم لا يأكلون خاف أن يكون قد فرّط في ضيافتهم، ولكن لما قال له الضيوف فلا تَكُنْ من القانطين ثارت غيرته الإيمانية، فأجابهم من فوره ومَن يَقنَطُ مِن رحمةِ ربِّه إلا الضالّون ؟ أي أن المؤمن لا ييئس من رحمة الله أبدًا. هكذا يغار أنبياء الله على إيمانهم ودينهم. فكم هو حريّ بكل مؤمن أن يبدي الغيرة من أجل إيمانه متأسيًا بأسوة هؤلاء الكرام! لو كان هناك شخص آخر مكان إبراهيم لقال لأولئك الضيوف: كيف أصدّقكم وقد هجَم علي المشيب، ووهنت عظامي واضمحلت قوتي. ولكن إبراهيم يقول: إذا كان الخبر من البشر فأرى فحصه واجبًا، وأما إذا كان من عند الله تعالى فإني أصدّقه بالرغم مما أصابني من وهن وضعف.

قَالَ فَمَا خَطْبُكُمْ أَيُّهَا المرسَلُون* قَالُوا إِنَّا أُرْسِلْنَا إِلَى قَوْمٍ مُجْرِمِينَ (58، 59)

شرح الكلمات:

خَطْبُكم: الخطب: الشأنُ؛ الأمرُ صغُر أو عظُم، ومنه: هذا خطبٌ يسيرٌ وخطبٌ جليلٌ. وقيل: الخطب اسمٌ للأمر المكروه دون المحبوب؛ وقيل: هو المكروه والمحبوب جميعًا (الأقرب).

التفسـير:

عندما تبين لإبراهيم أنهم لم يجدوا في ضيافته أي تقصير كما لم يأتوا له بأي خبر مخيف.. أدرك من فوره أنهم جاءوه بهدف آخر، إذ لو كان قصدهم زفَّ البشرى إليه فحسب لما أصابهم هذا الذعر والحزن؛ فلا شك أنهم يحملون خبرًا آخر أكثرَ خطورة، ولا يمكن أن يكون خبرًا سارًّا وإلا لما عافُوا الطعام. ولذلك سألهم ما خطبُكم أيها المرسلون ؟ أراكم مذعورين قلقين؛ وهذا يعني أنكم لم تأتوا لتبشروني بالمولود فقط، إنما وراءكم أمر آخر أكثر خطورة.

إن هذا الاستدلال من إبراهيم أيضًا يدل بكل وضوح على أنه كان يعتبر الضيوف بشرًا، ومن أجل ذلك نجده لا يطمئن رغم تلقيه بشارة الابن على لسانهم، بل يستنتج من امتناعهم عن الأكل أنهم قد جاءوا بخبر محزن. فلو أن إبراهيم اعتبرهم ملائكة بسبب البشرى التي زفّوها إليه لما اندهش على امتناعهم عن الأكل، ولما سألهم: فما خطبُكم أيها المرسَلون .. أي ما هو هدفهم الحقيقي إذن؟ ذلك أن إبراهيم لم ينتبه إلى أن وراءهم أمرًا خطيرًا آخر إلا بشيء واحد، هو امتناعهم عن تناول الطعام رغم كونهم بشرًا. فقال لهم: أراكم محزونين ولأجل ذلك لا تأكلون. فأجابوه قائلين: الأمر هكـذا، فـإننا قد أُرسـلنا بخبر نزول العـذاب على قوم مجرمـين.

إِلَّا آَلَ لُوطٍ إِنَّا لَمُنَجُّوهُمْ أَجْمَعِينَ (60)

التفسـير:

هنا حددوا لإبراهيم الشعب المقدر هلاكه، مؤكدين لـه نجاة عائلة لوط كيلا يحزن إبراهيم عليهم.

وأما قولهم إنا لمنجّوهم فهو عندي إشارة إلى أن الله تعالى أرسلهم لكي يأخذوا لوطًا إلى مكان محفوظ.

ويتبين من قولهم أجمعين أن من نجا مع لوط كانوا جماعةً في نظر القرآن الكريم، ولكن التوراة تزعم أنه لم ينج معه إلا بنتان له فقط (تكوين 19: 30).

إن هذا الاستدلال من إبراهيم أيضًا يدل بكل وضوح على أنه كان يعتبر الضيوف بشرًا، ومن أجل ذلك نجده لا يطمئن رغم تلقيه بشارة الابن على لسانهم، بل يستنتج من امتناعهم عن الأكل أنهم قد جاءوا بخبر محزن. فلو أن إبراهيم اعتبرهم ملائكة بسبب البشرى التي زفّوها إليه لما اندهش على امتناعهم عن الأكل، ولما سألهم: فما خطبُكم أيها المرسَلون ..

إِلَّا امْرَأَتَهُ قَدَّرْنَا إِنَّهَا لَمِنَ الْغَابِرِينَ (61)

شرح الكلمات:

قَدَّرْنا: التقدير تبيينُ كميةِ الشيء. وتقديرُ الله: الحكمُ منه أن يكون كذا أو لا يكون كذا. والتقدير من الإنسان: التفكرُ في الأمر بحسب نظر العقل وبناءُ الأمر عليه (المفردات).

الغابرين: الغابر: الباقي، وجمعُه الغُبَّرُ والغابرون، ومنه: فأنجيناه وأهلَه إلا امرأتَه كانت من الغابرين .. أي من الذين بقُوا في ديارهم فهلكوا (الأقرب).

التفسـير:

لما كانت زوجة سيدنا لوط تخلفت ولم تخرج معه فما استطاع أن يخلّصها من الهلاك.

وبما أن كلمة قَدَّرْنا تعني أيضًا “حكَمْنا وقرَّرْنا” لذلك يستنتج البعضُ منها أن الضيوف كانوا ملائكةً لأنها هي التي يحق لها أن تقول “قَرَّرْنا”.

ولكن هذا الاستنتاج ليس بصحيح، إذ لا يحق للملائكة أيضًا أن يقولوا قَرَّرْنا وحكَمْنا بذلك، لأن الحكم والقدر بيد الله وحده، لا بيد الملائكة. فالحق أن قولهم قَدَّرْنا جاء هنا بمعنى التخمين والتقدير. ويبدو أن الله أخبر هؤلاء الضيوف أو بعضهم عن نجاة آل لوط بواسطة الإلهام أو الرؤيا، ولكن لم ينكشف لصاحب الرؤيا مصير زوجة لوط انكشافًا واضحًا، غير أنه فهم منها أن زوجة لوط أيضًا من الهالكين، ولذلك لم يؤكد هؤلاء على هلاكها وإنما اكتفوا بقولهم بأنها بحسب تقديرنا لن تنجو من العذاب. وقد قالوا ذلك تعظيمًا لله ، أو تخفيفًا من وطأة الصدمة التي ستصيب إبراهيم . ولم يكن قولهم هذا كذبًا منهم، فإن الله تعالى يلغي أنباء العذاب أحيانًا. فمن المحـتمل أن يـكون هؤلاء قد فكّروا لعل الله تعـالى سينجي زوجـة لوط لدعـائه وابتهـاله، فلـم يجزموا بعـذابـها.

هذا، وفي موضع آخر من القرآن الكريم قد نسب الله تعالى فعل التقدير هذا إلى نفسه صراحةً حيث قال: قَدَّرْناها من الغابرين (النمل: 58). فلا يمكن إذن لهؤلاء الضيوف – سواء كانوا بشرًا أو ملائكة – أن يقولوا: نحن حَكَمْنا وقَرَّرْنا بعذابها. فالحق أن فعل التقدير – كما تؤكد القواميس – إذا كان من عند الله تعالى فيعني الحكم والتقرير بأمر من الأمور، وإذا كان من البشر فيعني التكهن والتخمين، وهذا هو المراد في هذه الآية.

هذا، ونجد اختلافًا بين التوراة والقرآن الكريم في صدد سرد هذا الحادث حيث ورد في التوراة: “ولما طلع الفجر كان الملَكانِ يعجّلان لوطًا قائلين: قُمْ خُذْ امرأتَك وابنتيك الموجودتين لئلا تهلك بإثم المدينة. ولما توانى أمسك الرجلان بيده وبيد امرأتـه وبيد ابنتـيه لشفـقة الرب عليه، وأخـرجاه ووضعاه خارج المديـنـة.” (تكوين 19: 15 و16)

ولكن القرآن الكريم يبين أن الله تعالى كان قد أخبر لوطًا من قبل أن زوجته لن تخرج معه، بل تكون من الغابرين حيث قال: إنا منجُّوكَ وأهلَك إلا امْرَأَتَك كانت مِنَ الغابِرين (العنكبوت: 34). وكل عاقل سيدرك بمنتهى السهولة أيٌّ من هذين البيانين أقرب إلى الصواب. ما دام الله يعلم أن زوجة لوط هالكة لا محالة فما الداعي أن تُخرجها الملائكة من المدينة المقدَّر تدميرها؟ ولماذا تُخرج الملائكة القوم الذين تعلم أن الله قد قرّر هلاكهم؟ لو كان أحدٌ سوى الملائكة أخرج هذه المرأة لعُدَّ معذورًا، ولكن ما دامت الملائكة هي التي أتت بخبر هلاك هذه المرأة من عند الله فكيف ساغ للملائكة أن تُخرج هذه المرأةَ من المدينة. فثبت أن بيان القرآن الكريم هو الحق والصواب، لا بيان التوراة.

Share via
تابعونا على الفايس بوك