للإسلام رب يحميه

للإسلام رب يحميه

التحرير

ما أكثر ما يقال ويكتب عن الدين الحنيف… دين الإسلام. فالعلماء -ممن يزعم أنه عالم أو يظنه الناس هكذا- يكتبون ويسودون صفحات وصفحات، حتى تجد الأكشاش والمكتبات مكدسة ومليئة بكتبهم ومنشوراتهم.

ولكن لو فتحتها وتأملت فيها بعمق وبصيرة لن تجد شيئا مبتكرا جديدا. فقط ينقلون من كتب التراث أقوالاً وعبارات وروايات بدون أن يدركوا منها شيئا. وكأن المعاني السامية تخاف وتنفر منهم وتطير فوق رؤوسهم عن بعد دون أن تمس عقولهم. والحق أن مثلهم كمثل طالب يذاكر ويحفظ ويحشو رأسه بعبارات لا يعي منها معنى ولا مغزى.

وتجد بعضهم يجمع بين الغث والسمين، ويخلط بين الأحاديث الصحيحة وبين الإسرائيليات، ويشوه الحقائق، ويرتبك بنفسه كما يُربك الآخرين.

بينما تجد بعضا آخر يطعنون في القرآن الكريم والحديث النبوي الشريف لقلة فهمهم وضيق أفقهم، أو لأنهم لم يجربوا ولم يتذوقوا من الأمور الروحانية شيئًا، أو لأنهم ضحية لفلسفة ملحدة مضللة للدجال الغربي.

ندعوك أيها القارىء الكريم أن تقارن ما يكتبه هؤلاء بما تقدمه الجماعة الإسلامية الأحمدية من معانٍ سامية في تفسير القرآن ومعارف حقة لأحاديث الرسول تغذي العقل والروح معًا. أليس هذا دليلا على أنها جماعة الأطهار الذين طهرهم الله بيده، فزادهم بسطة في العلم والمعرفة والروحانية الحقة التي هي غاية الدين أولاً وأخيرًا وذلك مصداقا لقوله تعالى لاَ يَمَسُّهُ إلاّ الْمُطَهرُونَ ..

أي لا يمكن أن يطلع على المعاني السامية المكنونة في كلام الله تعالى إلا الذين صقل الله عقولهم بمعرفة منه وجلّى أبصارهم بنور منه، فيرون ما لا يراه غيرهم، ويدركون ما لا يدركه الآخرون. فوعد الله الحق واضح لمن له عينان روحانيتان مبصرتان، إذ أنه لم يَعد بمنح الفهم الصحيح لمعاني كتابه الكامل القرآن لشعب دون آخر ولم يختص قومًا أو قبيلة بهذه الهبة، ولكنه يختص برحمته من يشاء أي تلك النخبة من الأبرار الذين يتطهرون بنية التقرب منه فيتم عليهم فضله ويمنحهم وسام الطهارة الربانية فيدخلون بفضله ورحمته في زمرة المطهرين، فينهلوا من العلوم والمعارف الروحانية البحتة ما لا ينهله علماء الدين السطحيون الذين يتمسكون بالقشور ويضربون باللب عرض الحائط. فهؤلاء العلماء يلقبهم البعض بأصحاب الفكر السلفي الذي يعتمد النقل ولا العقل ولا يبالي بالإبداع بل يكتفي بالاتباع، فالحجة والبرهان مصطلحات لا قيمة لها عندهم أما المنطق الذي يتضارب مع ما قاله السلف يعتبر كفرًا ومخالفته إهدار دم الأبرياء والأتقياء على السواء. فمحاكم التفتيش التي نقرأ عنها في كتب التاريخ نسمع عنها في أيامنا هذه في أكبر المؤسسات التعليمية الإسلامية إذ أنها وجدت لنفسها رواجا وتأييدا وتمويلا ممن غيروا المثل القائل من “خَالف تُعرَف” إلى “خَالِفْ تُقْتل”.. أي إما يُهدر دمك أو تُخرج من دائرة الإسلام -حيث يُحكم عليك بالإعدام الروحاني- وفي الوقت نفسه نجدهم يؤلفون كتبا ضخمة حول عذاب القبر ويصورون مشاهد مرعبة ومخيفة في ذهن العامة حتى يرهبوهم ويسوقوهم كما يسوق الراعي الغنم الذي لا يأخذ برأيه ولا يستشار بل يُباع ويُشترى ويأكل ويُؤكل حسب مزاج صاحب الأمر.

فهؤلاء العلماء يلقبهم البعض بأصحاب الفكر السلفي الذي يعتمد النقل ولا العقل ولا يبالي بالإبداع بل يكتفي بالاتباع، فالحجة والبرهان مصطلحات لا قيمة لها عندهم أما المنطق الذي يتضارب مع ما قاله السلف يعتبر كفرًا ومخالفته إهدار دم الأبرياء والأتقياء على السواء.

نفس الظروف القاسية التي نحن بصدد تحليلها والتي فرضتها هذه الفئة من العلماء أو جدت في الماضي -عبر عصور الظلمات- جفافًا روحانيًا نتج عنه تبني بعض المشائخ إلى مبادئ الصوفية وتطويرها. وظهر على الساحة العقائدية الكثير ممن يُشار إليهم أنهم على البركة، وتبع ذلك سلسلة من البدعات والضلالات. وابتعد كلا الطرفين عن الدين الحنيف. أما اليوم فنرى أن هذه القساوة من العلماء السلفيين أوجدت فئة يشار إليها بالمثقفين المتنورين الذين ينادون باستعمال العقل في المسائل الدينية والدنيوية على السواء. فلاقوا من العلماء نفس ما لاقاه كبار مشائخ الصوفية في الماضي بالرغم من تباعد الأفكار والمعتقدات.

أين نحن من الإسلام؟ فئة تفرض ما قاله السلف بالقوة، وأخرى تنعزل عن الدنيا وتتخذ لنفسها مفاهيم دخيلة عن الدين الحنيف وثالثة تعتمد على العقل فقط لفهم الدين الحنيف. لقد تناسى هؤلاء أن للإسلام ربًّا يحميه وذلك بإظهار كماله وجماله للدنيا قاطبة. ولن يتم ذلك لا بمتنورين ولا تابعين ولا زاهدين ولكن بوحي العزيز القدير الذي يمنح أموات الروحانيات حياة جديدة فيحلقون في عالم الروحانية. وهذا ما تحقق فعلا في شخص مؤسس الجماعة حضرة الإمام المهدي . ولكننا نأسى على قوم يُدعون إلى هذا الإمام وإلى ما يفيض به من كنوز روحانية ولكنهم عنه معرضون، فيحرمون أنفسهم وأهلهم وأجيالهم من الطهارة الحقة والروحانية الحقيقية والطمأنينة الصادقة!

Share via
تابعونا على الفايس بوك