ملاقاة الإنسان ربه

كيف يمكن أن يلاقي الإنسان ربه؟

وما هي كيفية هذا اللقاء؟

ومتى يتم ذلك؟

يَاأَيُّهَا الإِنسَانُ إِنَّكَ كَادِحٌ إِلَى رَبِّكَ كَدْحًا فَمُلاَقِيهِ

كيف يمكن أن يلاقي الإنسان ربه؟ وما هي كيفية هذا اللقاء؟ ومتى يتم ذلك؟ وما أهمية هذا اللقاء؟ كل هذه التساؤلات تطرحها هذه الآية الكريمة لمجرد سماعها. توضح الآية الكريمة أن لقاء الإنسان لربه لا بد أن يتم لا محالة وتوضح أن هذا اللقاء هو (لاقى) على وزن (فاعل) والفعل في هذا الوزن والتركيب يعني المشاركة. فنفهم من ذلك بأن اللقاء يتشارك فيه الإنسان مع الله تعالى فيلقى الإنسان الله نتيجة كدحه فيبادر الله تعالى للقائه. ولكن متى يتم هذا اللقاء؟ أهو في الآخرة فقط؟

إن الآخرة في مفهومنا نحن المسلمين الأحمديين ما هي إلا انعكاس لأعمال الإنسان في الدنيا، فالذي لا يجد جنته في الدنيا فلن يجدها في الآخرة أبدًا. والنار والجحيم ما هي إلا انعكاس للآهات والحسرات التي يعانيها الإنسان نتيجة لإغراقه في ذنوبه، ولقاء الإنسان بربه سيكون مظهرًا للقائه به يوم القيامة.

خلق الله الإنسان وأودع في فطرته التعلق به والتوق للقائه وجعل هذه الرغبة من أشد الرغبات في النفس. فالإنسان لا يبرح يبحث عن إله لكي ترتاح نفسه وتطمئن به. وكلمة (إله) مشتقة من الفعل (وَلَهْ) والوله في العربية هو الحب الشديد لذلك أراد الإنسان منذ بدء الخليقة أن يدرك هذا المحبوب مما جعله يضل عن السبيل كثيرًا في بحثه عنه. فتصوره تارةً الشمس وتارةً القمر وتارةً الكواكب وتارةً وثنًا عظيمًا أو صنمًا كبيرًا أو النار أو الماء.

كان منطلقه في البحث هو تلك الرغبة وكان اختياره يقع دائما على مظهر عظيم لأنه يدرك بفطرته أن إلهه يجب أن يكون عظيمًا. وعندما جاء الأنبياء أوضحوا لأقوامهم دوما بأن ما ترونه من مظاهر طبيعية عظيمة ما هي إلا جزء من ملكوت الله وأن الله أعظم من كل ما تدركون. ولكنهم في كثير من الأحيان كانوا لا يطمئنون إلى هذه الفكرة لأنهم يحبون أن يلمسوا هذا الإله ويدركوه ويتحدثوا معه مباشرة. فكان طلب اليهود من موسى أن يروا الله جهرةً وكذلك طلب المشركون من الرسول أن يأتي الله والملائكة قبيلاً أي يقابلونهم وجهًا لوجه وهم بهذا الطلب يكونون في واقع الأمر قد مالوا ميلاً عظيمًا لأنهم لو أمعنوا التفكير فإن مجرد إدراك هذا الإله بالحواس المادية التي يملكها الإنسان سيكون انتقاصًا كبيرًا والعياذ بالله من هذه الذات العظمى.

فمثلاً لو ظهر الإله بمظهر مادي أي لو كانت له أعضاء مادية فمهما عظمت هذه الأعضاء فإنه يمكن للإنسان أن يتصور ما هو أعظم منها.

لذلك فإن الاعتقاد بلقاء الله بشكل مادي أو التفكير في ذلك هو شيء لا يقبله المنطق السليم ولا يمكن أن يكون. إن الإنسان الذي لا يعي من الوجود سوى هذه الدنيا وبعض قوانينها ولا يدرك إلا المدى الذي تدركه حواسه ولا يفهم سوى المفاهيم الأرضية الخاصة بهذا الكوكب فقط. يحاول في غياب من المنطق السليم أن يطبق هذه المفاهيم والقوانين على من أوجدها ويظن بأن ما يدركه بحواسه المحدودة هو كل شيء وينسى أنه ينظر إلى الكون من نافذة صغيرة لا تدرك إلا مداها. فتراه مثلاً يظن أن خلق السماوات والأرض تم في ستة أيام، أي ستة أيام أرضية أي اليوم المكون من أربع وعشرين ساعة وينسى بأن اليوم يعني مدة زمنية وأن الله عندما يريد أن يتحدث عن أيامنا ومواقيتنا يقول مِمَّا تَعُدُّونَ ، لأن يومًا عند ربك قد يكون ألف سنة أرضية أو خمسين ألف سنة أو ملايين السنين. وتراه تارةً أخرى يتساءل عن بداية البداية أي متى بدأ الله بخلق الكون وماذا كان قبل ذلك ونسي أن البداية والنهاية أيضا مفاهيم أرضية والوقت مفهوم أرضي أيضا.

إن الإنسان الذي لا يعي من الوجود سوى هذه الدنيا وبعض قوانينها ولا يدرك إلا المدى الذي تدركه حواسه ولا يفهم سوى المفاهيم الأرضية الخاصة بهذا الكوكب فقط. يحاول في غياب من المنطق السليم أن يطبق هذه المفاهيم والقوانين على من أوجدها ويظن بأن ما يدركه بحواسه المحدودة هو كل شيء وينسى أنه ينظر إلى الكون من نافذة صغيرة لا تدرك إلا مداها.

وكثيرًا ما حاول الإنسان أن يتصور الله فظن أنه كائن كبير جدًا مثلاً حتى إن هذا الخطأ وقع فيه بعض الصحابة عندما سألوا رسول الله عن حجم الله فكان جواب المصطفى “والذي نفس محمد بيده لا يتسع لله إلا قلب المؤمن”. فهو بهذا الجواب الحكيم أراد أن يخبرهم بأن الله لا ينطبق عليه ما تفكرون به من مفاهيم ووضح أيضا طريقة ظهور الله وتجليه ومكان هذا التجلي ألا وهو قلب العبد المؤمن.

وبسبب هذا التفكير المنحرف أيضا جعل بعض المفسرين يضعون أوصافًا لعرش الله تعالى فاعتقدوا بأنه كرسي عظيم تحمله الملائكة على أكتافهم، بل ذهب بهم فكرهم بعيدًا وتصوروا بأن رؤوس الملائكة تخترقه وما إلى ذلك من قول يدل على أنهم لم يفهموا المعنى الصحيح من القرآن الكريم.

إن الإله الذي خلق السماوات والأرض وبثَ فيها من المخلوقات ما نعرفه لهو قادر جليل عظيم لا يمكن أن ندرك ذاته أبدا بوسائطنا الدنيوية ولو افترضنا جدلاً بأن الله قد أوجد واسطة مادية لإدراكه في الدنيا لما عاد لمفهوم الحياة الدنيا من معنى. فلا بد أن يكون الله مخفيا حتى يعمل الناس الخير ويثابوا عليه ويقترفوا الشر ويعاقبوا عليه. فلو مثّلنا الحال هذه بحال والد وأولاده -ولله المثل الأعلى- فإذا قال لأولاده مثلاً أنا سأترككم الآن وسأذهب إلى العمل أرجو منكم أن تكونوا مطيعين لأمكم وأن لا تؤذوا الجيران، وعندما أعود سأعطي من أطاع دينارًا وسأضرب من عصى وأزعج والدته. فلو بقي الوالد في البيت لتظاهر الجميع بأنهم مطيعون لكي ينالوا الجزاء ويفلتوا من العقاب، أما عندما يغيب فيتصرفون في غيابه براحة وينسون موعد مجيئه وعلمه بما فعلوا. فلو كان الله تعالى بحال يدركه الناس دوما لما أصبح للدنيا كونها دار اختبار واختيار أي معنى. لذلك جعل الله نفسه مخفيًّا حتى ظن بعض الناس أنه غير موجود أصلاً وجعل ظهوره مرتبطًا بكل إنسان على حدة، فهو يظهر لكل إنسان ويتجلى على قلبه بقدر ما يكون قلب الإنسان وهو عرض الرحمن مجهزًا ومعدًا لاستقباله وهذا هو مفهوم اللقاء الذي سنحاول توضيحه.

عندما أرسل الله المرسلين في السابق كل إلى قومه، أرسل مع كل نبي شريعةً ومنهاجًا لقومه بما يلائم ظروفهم، ثم أراد الله أن يرسل الشريعة الكاملة الشاملة التي تصلح لكل الأقوام، لكل زمان ومكان، فأرسل الإسلام الكامل على الإنسان الكامل حضرة محمد المصطفى عليه الصلاة والسلام التي تجسدت فيه كل الصفات التي تجعل لقاءه بالله كاملاً، فكان القرآن الكريم الوحي الكامل الأكثر رقيًا وكمالاً من بين كل ما أنزل سابقًا من الوحي والكتب. وسيرة الرسول توضح أن قلبه الذي نشأ على الفطرة السليمة كان يعد لحمل عرش الرحمن فكان على خلق عظيم ولم تصدر أو تبدر منه هفوة بسيطة على مدار حياته. ولنا في رسول الله أسوة حسنة لمن كان يرجو الله واليوم الآخر، فإذا أردنا لقاء الله لقاءً رائعًا فعلينا أن نتبع خطوات رسوله الكريم ونتصف بصفاته ونأخذ ما آتانا، وبقدر ما يقفو الإنسان خطوات المصطفى بقدر ما يكون لقاءه بالله عظيمًا، أما من يحيد عن هذه الطريق فلن يلقى الله على أكمل وجه. وقد أوضح الله تعالى ذلك عندما قال في الحديث القدسي: “أنا عند ظن عبدي بي”، فإذا كان اعتقاد الإنسان بالله أنه قادر على كل شيء فهو يكون كذلك بالنسبة له أما إذا ساوره الشك في ذلك فهو كما ظنه وعند ذلك سيجد “ربه” الذي اعتقد به، ولذلك قال تعالى في هذه الآية

يَاأَيُّهَا الإِنسَانُ إِنَّكَ كَادِحٌ إِلَى رَبِّكَ كَدْحًا فَمُلاَقِيهِ

ولم يقل (إلى الله كدحًا فملاقيه). فرب كل إنسان هو ما اعتقده به فمن اعتقده حيًا فهو حي ومن اعتقده متكلمًا فهو كذلك ومن اعتقده قد توقف عن الكلام فهو كذلك. لذلك يمكن أن نقول بأن من لاقى الله حقًا هو المصطفى الذي كان العبد الكامل للرب الكامل المنزه عن كل نقص، ولكن هذا لا يعني أن ييأس من لقاء عظيم لله، وإنما مجرد أن نبدأ في الكدح بالاتجاه الصحيح فسنلقى الله في كل مرحلة وسيكون كل يوم في شأن من الإنسان وفقًا لتطوره ويظهر له بشكلٍ عظيم كلما كان التغيير في الإنسان نحو الخير عظيمًا. ويبقى الإنسان في هذا الدرب سعيدًا يتلقى ثمرات الجنة يومًا بعد يوم وهذه الحال هي ما تعرف بالنفس المطمئنة حيث تسود الطمأنينة كيان هذا الإنسان ويصبح الله تعالى سمعه الذي يسمع به وبصره الذي يبصر به ويده التي يبطش بها ورجله التي يمشي بها وتصبح قدرة الله في يديه وفق تطوره فإن سأله أعطاه وإن استعاذه أعاذه. أما من ضل عن هذا السبيل وكدح بالاتجاهات الخاطئة ونكب عن درب الخير وانغمس في الدنيا وفي محرماتها وسدر في غفلته فإنه سيجد في كل مرحلة ربه وفقًا لانحرافه. فربه المال حينًا والملذات أحيانًا والهوى والشهوات وما إلى ذلك من الآلهة الباطلة التي تضله وتهوي به في مكان سحيق فتصبح حياته جحيمًا ويبقى دومًا يسعى نحو الملذات والشهوات والأماني الكاذبة، نفسه لا تشبع ولا يدرك الراحة والطمأنينة أبدًا حتى لو أدرك كل ما يفكر به من ملذات هذه الدنيا. وهذه الحال لا تخفى على الناس، فكثيرًا ما لجأ من يملكون ملايين الملايين إلى الانتحار لأنهم وجدوا أن حياتهم دون معنى ذلك لأن الله مولى الذين آمنوا والذين كفروا لا مولى لهم، وهذه الآلهة الباطلة لا تغني عنهم من الله شيئًا ولا تروي ظمأهم وهم في ذلك في واقع الحال يلقون الله ولكن ليس كما يجب ويلاقون منه السخط والغضب والجحيم لأن الله هو خالق السنن جميعها الحسنة والسيئة وهو مالك الملك ومالك يوم الدين فهم لم يفلتوا من ملكوته وإنما أفلتوا من رحمته وكانوا من الخاسرين. وخلاصة القول فإن لقاء الله على سبيله وصراطه المستقيم هو أسمى رغبة للنفس البشرية وإن خفيت على بعض الناس وهي تورث السعادة والهناء في هذه الدنيا لا غير. فالحمد لله الذي هدانا لهذا وما كنا لنهتدي لولا أن هدانا الله. فبعد أن أرسل الله سيدنا محمدًا المصطفى الذي رسم لنا هذا الصراط ودّلنا عليه مرت السنون واختلط الأمر على الناس وضلوا السبيل بسبب اتباعهم لآلهة أخرى من دون الله من الهوى والملذات والعظماء والكبراء والمشائخ، فأرسل الله حضرة الإمام المهدي والمسيح الموعود ( ) ليزيل العقبات ويفتح الطريق مرة أخرى بإذن الله، فالحمد لله رب العالمين الرحمن الرحيم الذي أنعم علينا بهذه النعمة التي لا نملك أمامها إلا أن نشكره ونحمده حق شكره، فنرجو الله أن يثبتنا على هذه الطريق ويجعلنا أئمة ندعو إلى الخير بإذنه. فأوصي نفسي وأوصيكم إخوتي بالاعتصام بحبل الله واتباع سبيله ونعوذ بالله من أن تتفرق بنا السبل فنضل عن سبيله. اللهم صلَ على محمدًا وعلى آل محمد.

ثم أراد الله أن يرسل الشريعة الكاملة الشاملة التي تصلح لكل الأقوام، لكل زمان ومكان، فأرسل الإسلام الكامل على الإنسان الكامل حضرة محمد المصطفى عليه الصلاة والسلام التي تجسدت فيه كل الصفات التي تجعل لقاءه بالله كاملاً، فكان القرآن الكريم الوحي الكامل الأكثر رقيًا وكمالاً من بين كل ما أنزل سابقًا من الوحي والكتب.

بكاء الظالم

قال الشعبي: كنت جالسا عند شريح القاضي، إذ دخلت امرأة تشتكي زوجها وهو غائب، وتبكي بكاء شديدا، فقلت: ما أراها إلا مظلومة، قال: وما علمك؟ قلت: لبكائها.

قال: فإن إخوة يوسف جاءوا أباهم عشاء يبكون وهم ظالمون!!

وصية شاعر حكيم

أدِّ الأمانة، والخيانةَ فاجتنبْ

واعدلْ ولا تظلم يطيبُ المكسبُ

.

واحذر من المظلوم سهمًا صائبا

واعلم بأن دعاءه لا يُحجب

رياضة للجميع

المشي أبسط أنواع الرياضة. وهو من أكثرها انتشارا بين أوساط الناس على مختلف مشاربهم. والمشي أيضا ربما يكون الرياضة الوحيدة التي يمكن ممارستها في أي مكان وأي زمان. وهو لا يتطلب أية مقدرة خاصة، ولا يحتاج إلى تخصيص وقت محدد لممارسته.

Share via
تابعونا على الفايس بوك