في شارع الصحافة

في شارع الصحافة

في شارع الصحافة سيلتقي القارئ الكريم مع الأحداث الساخنة التي تتناولها الصحافة العربية من زوايا مختلفة، وبذلك يكون على تواصل فكري مستمر مع جميع تلك القضايا وتكون هي مثار الجدل والنقاش.

إن <<التقوى>> هي الامتداد الفكري لكل مسلم يعيش بيننا على اتساع الخارطة، ومن هنا تأتي أهمية هذا الباب الجديد، ونحن دائما بانتظار آراءكم وانتقاداتكم لكل جديد نحمله كي نتمكن من تطوير خدماتنا الإعلامية.

اخترنا لقرائنا الأفاضل في هذا العدد مقتبساً من جريدة الرأي الأردنية نُشر بتاريخ 20-مارس 1998

الأزهريون يحاكمون الشيخ خليل عبد الكريم

بقلم: زياد أبو لبن

إن محاكم التفتيش التي يقوم بها الأزهريون لتدعونا إلى الوقوف طويلا أمام الفكر السلفي الذي يعتمد النقل وليس العقل ويعتمد الاتباع وليس الابداع. هذا العقل الذي أمام التطور الحضاري في العالم، وأمام الفكر الإنساني عبر امتداد العصر متحجرا. فمن يقف الآن بدور الحاكم والقاضي كمن وقفت تدافع عن الآلهة التي انتقدها سقراط في البانتيون. فمنذ طه حسين والشيخ علي عبد الرزاق وقبل ذلك الكثيرون مرورا بالشيخ عبد الوهاب النجار وحسن حنفي ونصر حامد أبو زيد والعشماوي وسيد القمني وجلال صادق العظم والقائمة طويلة إلى أن نصل إلى الشيخ خليل عبد الكريم فيحاكم الآن بتهمة ازدراء الأديان بعد قرار مجمع البحوث الأزهري الذي طلب محاكمة الشيخ الجليل ومصادرة كتبه في مصر. والملفت للنظر أن معظم هؤلاء وغيرهم إلى التمرد والثورة ضد العلم التلفيقي – التلقيني؟ وهل الأزهر الذي ثار عليه طه حسين هو الأزهر الذي ثار عليه خليل عبد الكريم؟! وبرغم الثورة ضد الجهل والتخلف يبقى لهؤلاء المتخلفين كتابة التقارير ونصب محاكم التفتيش وتولي القضاء ويكفر من يكفر وتحرق كتبه وأسفاره، ويحارب، ويهدد، وقد يصل إلى القتل.

هذه المحاكم تنصب أشخاصًا غير قادرين على مناظرة الآخر، أو الرد عليه بالحجة، فيلجأون إلى اتهامه وتكفيره بحجة ازدراء الأديان أو الخروج على السلف الصالح! وأن تأثير هؤلاء على العامة أكثر من تأثير المفكرين الذين يجادلون ويحتكمون إلى العقل بالحجة والبرهان، في حين أن الوصول إلى العامة يكون عن طريق الحكايات والقصص التي تتحدث عن الترغيب والترهيب، ويكون الترهيب أكثر من الترغيب بحكم أن الإنسان يحتاج دائما إلى آلة تقمعه وتهذب نفسه وتذللها أمام ماديات الحياة إلى درجة أن الزهد (ليس الزهد بما يقصده أبو العتاهية) بل الزهد بمعنى الرهبنة، ولا رهبنة في الإسلام، بل أكثر من رهبنة أخوتنا المسيحيين، إلى ما يطلقه العامة على بعض الأشخاص (على البركة)! وهذه الكلمة قادرة على حمل مدلولاتها عبر فهم متخلف للدين هكذا يتحول العامة إلى أنصار بل رهبان لقضاة الأزهر ليس في مصر وحدها، بل يصل امتدادهم إلى الوطن العربي، بل إلى العالم كله في تجمعات النقل والاتباع. هذه سلطة الخطاب الأزهري في مصر، الذي يفوق سلطة حركة التنوير وخطابها، فالأولى سلطة تخاطب عامة الناس على الأكثر، والثانية سلطة تخاطب المثقفين والمتنورين، وبين السلطتين اتهامات تصل إلى حد التكفير والردة والتضليل والفساد، هذا ما يحدث في مصر، وهذا ما سوف يحدث ويمتد إلى الوطن العربي مستقبلا؟!

Share via
تابعونا على الفايس بوك