كلمة إلى العرب في ذكرى يوم البيعة الخالد

كلمة إلى العرب في ذكرى يوم البيعة الخالد

التحرير

  • أساس التفاضل بين بني البشر
  • القرآن الكريم، الإعلان العالمي عن رب العالمين
  • مظاهر الانحطاط في أمة الإسلام
  • العرب ومبعوث الله الموعود في الزمن الأخير

__

لا شك أن أساس التفاضل بين البشر هو التقوى والعمل الصالح وليس العرق أو اللون أو الرقي المادي.  ويا حسرتاه فكثيرا ما مجد البعض عبر التاريخ بني قومه زاعما أنهم انفردوا بمزايا دون غيرهم من الأقوام.. وتوسعت رقعة هذا الغرور حيث نشأت جماعات دينية مختلفة تعتقد أن لها فوقية وأن الله اختارها كشعب الله المختار وأن النجاة حكر لهم دون غيرهم، ولعل أقوى تجل لهذه الظاهرة هو ما يذكره التاريخ والأسفار الدينية عن بني إسرائيل الذين كانوا مثالا واضحا لهذا التعصب والغرور كما يذكر القرآن:

وقالت اليهود والنصارى نحن أبناء الله وأحباؤه قل فلم يعذبكم بذنوبكم بل أنتم بشر ممن خلق يغفر لمن يشاء ويعذب من يشاء… (المائدة: 19).

ولا شك أن ظهور المصطفى من بين العرب يمثل إحسانا ورحمة عظيمة بالبشرية جمعاء وهو في نفس الوقت لا يخلو من حكمة بالغة الأهمية خصوصا إذا علمنا أن الله تعالى لا يميز ولا يفضل البشر من حيث الأعراق والأجناس ولكنه سبحانه يصرّف مشيئته لحكمة يراها ولنبأ غيبي يحققه وفق استحقاقات خاصة، فشاء سبحانه بواسع فضله ورحمته أن يبعث المصطفى من العرب الذين كانوا قياسا مع باقي الأمم والشعوب المحرومون من أي وحي أو نبوة أو تعليم سماوي. فجاء دورهم في نيل النبوة بعد الجميع وكانت نبوة من تراز خاص لم تشهدها الإنسانية من قَبل ولا بعد حيث شملت الإنسانية قاطبة بالفيوض والبركات الروحانية دون تمييز عرقي أو جغرافي أو حضاري  فتساوى العربي مع الأعجمي وذابت الفروق والفوارق بين بني البشر في بوتقة الإيمان والعمل الصالح..كما أن الكتاب الذي أُنزل على محمد المصطفى اختُص بالكمال والشمولية وتوخى إصلاح الأمم كلها، ومن خلاله خاطب رب العزة سبحانه بني البشر أجمعين  “ببني آدم” و”يا أيها الناس” كسرا لكل الفوارق التي قدّسها الناس. وبالتالي فإن القرآن وحده هو الكتاب الذي أحسن إلى العالم وليست التوراة ولا الإنجيل الذي يدلل على احتكار الربوبية والألوهية والنبوة لشعب إسرائيل وأرض إسرائيل!!!  فالله في الإسلام ليس إلها قوميا أو فئويا أو لشعب معين، بل هو رب العالمين وليس رب اليهود وحدهم ولا رب النصارى وحدهم ولا حتى رب العرب وحدهم. فقد وصف الله ذاته المقدسة في فاتحة الكتاب بـ الحمد لله رب العالمين أي أنه للناس كافة وأنه سبحانه منذ أن خلق هذا الكون وهو يهيئ الأسباب لهداية الناس كلهم ولا يزال يهديهم في المستقبل أيضا وعليه فرسالة الإسلام رسالة نجاة للبشرية كلها لكل الشعوب والأقوام وهي بحر لا شاطئ له وينبوع مازال يتدفق ماؤه لكل العطشى واليائسين..

إن القرآن الكريم والكتب السماوية كلها توضح بأن الأنبياء منذ عهد آدم وحتى زمن النبي المصطفى قد بعثوا من عند الله . لكي ينفخوا في أممهم حياة جديدة. لقد علموهم الحب وغرسوا فيهم بذرة التقوى والرغبة في بذل الجهد المتواصل والسعي الدءوب والعمل الشاق.. إنها السنة الإلهية المتكررة التي لا تتبدل ولا تتغير.. المنسجمة مع طبيعة البشر ومع فكره وضميره..

وها نحن بعد مرور أربعة عشر قرنا من البعثة النبوية حين صارت العرب مهبط الرسالة المحمدية أصبحنا في حال يرثى لها.. فالدين في تراجع والجريمة في تصاعد، ورقعة المظالم تتوسع يوما بعد يوم، والحروب والفتن يقطع فيها إخوة الإسلام رقاب بعضهم بعضا في تناحر مذهبي وتكفيري ضاعت فيه الأوطان وسالت فيه الدماء وتشرذمت فيه خراف الأمة وغربت فيه شمس القيم الإسلامية وعاثت فيه فسادا ذئاب الدجال وجيوشه من منصرين ومثقفين وسياسيين دجلا ومكرا. كل هذا، بالإضافة إلى مساوئ أخرى لسنا بصدد حصرها.. إنها علاماتٌ إن دلت على شيء فإنما تدل بوضوحٍ على أن الوطن العربي الذي هو قلب العالم الإسلامي أصبح مجتمعاً متدهورا. وإذا كانت القِيَمُ الأخلاقية لأي دينٍ تشكل حياة الدين وروحه.. فإن البعد المتواصل عن هذه القيم قد ساق إلى نتيجة حتمية مؤداها انتصاب جسد الدين واقفا دون روح.  فأي روحانية تتبقى لدين نراه يُختزل ليصبح قومية وتحزبا وتزلفا ومغنما وإرهابا يسعى به إلى التسلط. فماذا تبقى من الإسلام بعد هذا كله! وأي صحوة هذه!.. ألا ترى أنها صحوة الأموات لتتجول بين القـبور، فهي أجسـاد بلا أرواح لا تذود عن حياض الديـن الحنيف ولا تُستثـار غيرتها على كرامة خير المرسلين!!

فياليت العرب المسلمون اليوم يشخصوا الحال الذي هم فيه ليتجنبوا المصائب التي حلّت بهم. وليعلموا جيدا أن من مقاصد بعثة سيدنا الإمام المهدي إرساء سلطان رسول الله في الدنيا؛ وأن يثبت صدق الإسلام للإنسانية قاطبة. ومن أجل ذلك أعلن وأقام جماعةً من المخلصين بأمر الله تعالى وأخذ منهم البيعة. كان حبه للنبي قد بلغ منتهاه وكان عارفًا حقيقيًا لمكانته . بل الحقُ يقال لو أن أحدًا من الأولياء والصديقين والصلحاء في تاريخ الإسلام قد عرف مكانة النبي عرفانا كاملا فهو سيدنا الإمام المهدي . الذي أقامه الله تبارك وتعالى  ليُعرِّف المسلمين عموما والعرب خصوصا المقام السامي للنبي ؛ وكذلك من مهامه أن يطفئ نار النصرانية التي اضطرمت نيرانها وعلا لهيبها محاصرا العرب والعجم؛ وينشر التعاليم السامية للإسلام العظيم في أنحاء العالم. و أن يُعرِّف الناس على تلك المبادئ التي نزلت على “محمد” . ويجعل الإسلام غالبًا على الأديان كلها. فعلى الإخوة العرب إن أرادوا أن يُعصَموا من جميع الآفات أن ينظموا إلى جمعه المؤمن لبعث الإسلام. واليوم حيث تعود إلينا ذكرى قيام الجماعة بأمر الله تعالى في يوم البيعة الخالد 23 من آذار/ مارس وفق الله عز وجل جماعة سيدنا المسيح الموعود تحت قيادة خليفته الخامس المفدّى لافتتاح قناةٍ فضائيةٍ جديدة “mta3 العربية” بواسطة قمر صناعي عربي؛ في بث موجه إلى الوطن العربي الكبير ليستفيد ذووا الأرواح السعيدة الصالحة العطشى من العرب ولكسر كل الحواجز والافتراءات الوهمية الكاذبة التي لطالما أراد من ورائها المغرضون تشويه صورة هذه الدعوة المباركة ومؤسسها الكريم.. وللرد على الحملات المعادية للإسلام التي ما كان لأحد أن يقارع فيها بقوة واقتدار غير الأحمدية كما هو مشهود لها.. وعليه ندعو من منبر التقوى كل الخيرين البررة والصلحاء السعداء من العرب العرباء أن يفتحوا قلوبهم وصدورهم ليكونوا جندا من جنود هذا الدين وأن يريهم سبحانه وتعالى الحق حقا ويرزقهم إتباعه ويريهم الباطل باطلا ويرزقهم اجتنابه اللهم آمين  وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلّم.

Share via
تابعونا على الفايس بوك