اللحوم الحمراء... فوائدها وأضرارها وكيفية تناولها بطريقة صحية

اللحوم الحمراء… فوائدها وأضرارها وكيفية تناولها بطريقة صحية

نور البراقي

كاتبة
  • القيمة الغذائية للحوم الحمراء.
  • فوائد اللحوم الحمراء ومضارها.
  • أثرها في النفس من حيث طرد الاكتئاب وتحسين المزاج.
  • ضرر اللحوم الحمراء على حاملي بعض الأمراض  المزمنة.

__

تُعد اللحوم بأنواعها وأشكالها المخـتلفة من الأغذية المهـمة والأساسـية لتزويـد الجسـم بالاحتياجات الرئيسية من البروتينات والدهون. وتتعدد مصادر اللحوم وأشكالها فهناك اللحوم الحمراء، وتشمل الأبقار والضأن والماعز، وهناك اللحوم البيضاء وتشمل الدواجن والأسماك. وتختلف طرائق حفظ اللحوم فتحفظ طازجة مبردة أو مجمدة.

من المعروف أن اللحوم بأنواعها من الأغذية سريعة التلف والفساد مما يتطلب ممارسات صحية سليمة أثناء عرضها ونقلها وتداولها وتحضيرها وحفظها وتخزينها، لتجنب كثير من حالات التسمم الغذائي والأمراض المنقولة والتي قد تصيب مستهلكي اللحوم في حال عدم مراعاة تلك الممارسات الصحية.

ونظراً لأهمية اللحوم كقيمة غذائية للإنسان لما تحتويه من مواد بروتينية ودهنية لبناء جسمه وإمداده بالطاقة اللازمة لأداء وظائفه اليومية فيجب أن تصل إلى المستهلك بصورة سليمة.

مع المتعة التي يشعر بها البعض في تناول اللحوم، فإن اللحم يسبب مشاكل صحية كثيرة لصحة الإنسان إذا تناوله بكثرة وبطرق غير صحية كما يفعل البعض. فمثلاً يسبب اللحم اضطرابات معدية مثل الإسهال أو الإمساك أو الحموضة أو أنه يصيب الإنسان بارتفاع ضغط الدم والكولسترول ثم الإصابة بأمراض القلب وأيضاً مرض النقرس.

القيمة الغذائية للحوم والفارق بين أنواع اللحم الأحمر

يتمتع اللحم بقيمة غذائية عالية فهو يمد الجسم بالبروتينات والأملاح والدهون الضرورية ويحتوي الأحماض الأمينية الأساسية التي يحتاج إليها الجسم والتي لا يستطيع تخليقها. ومن المعلوم أن الإنسان بحاجة إلى 50 ـ 60 غرام من “البروتين” يومياً، حيث تحتوي كل 100 غرام من اللحم 20 غراماً من البروتينات وهو ما يعني أن هذه الكمية من اللحم توفر ثلث الاحتياج البروتيني اليومي للإنسان.ويعد اللحم من أغـنى الأغـذية “بالزنك”  والذي يدخل في بعض عمليات الجسم الحيوية الهامة مثل المحافظة على حاسة الشم وتنظيم مستوى السكر بالدم ومستوى التمثيل الغذائي، كما يعمل أيضاً على رفع المناعة ويساعد في سرعة التئام الجروح. كما أن اللحوم هي أغنى الأغذية بالحديد الذي هو ضروري للمحافظة على مستوى “الهيموغلوبين” المطلوب بالدم وحماية الإنسان من أمراض فقر الدم. وهو كذلك مصدر جيد من مصادر العناصر المعدنية مثل “الفوسفور” و”البوتاسـيوم” و “المغنـيزيوم” و”السيلينيوم” و”فيتامين” ب.

 فوائد اللحوم الحمراء 1- فوائد اللحوم الحمراء للقلب

يشترط للحصول على فوائد اللحم تناوله بطريقة صحية وبكميات قليلة جداً وليس بشكل يومي، فقد وجد العلماء أن تناول اللحوم الحمراء بكميات منخفضة يمكن أن يساهم في خفض مشاكل القلب عن طريق تقليل “الكولسترول” كنتيجة لوجود حمضين دهنيين يوجدان باللحم وهما “الستياريك” (حمض دهني مشبع) “والأوليك” (حمض دهني أحادي غير مشبع).

2- تحسين الحالة المزاجية

في دراسة أجريت في أستراليا مؤخراً، وجد أن تناول 30-60 غرام يومياً من لحم البقر أو الضأن يمكن أن يساهم في خفض معدلات الاكتئاب الشديد والقلق، ولكن هذا يتوقف على نوع اللحم ذاته حيث أن اللحوم الأسترالية غنية جداً بأحماض “أوميجا-3” نتيجة تغذية الحيوانات في المراعي على الحشائش. ويحتوي أيضاً اللحم على “التربتوفان” وهو حمض أميني يتحول إلى هرمون “السيروتونين” وهو هرمون يساعد في تحسين الحالة المزاجية والتخلص من القلق والتوتر.

أضرار تناول اللحوم بكثرة

المرضى الذين يعانون من أمراض مزمنة مثل القلب والسكري والضغط والكبد والكلى، لابد أن يتم تناول اللحوم بطريقة مناسبة حتى لا تتسبب في تفاقم أعراض هذه الأمراض بشكل سريع. أما إذا كنت لا تعاني من هذه الأمراض المزمنة، فإن الإفراط في تناول اللحم يمكن أن يسبب إصابتك بها.

1- أضرار اللحوم على السكريين

هناك اعتقاد سائد بأن تناول اللحوم لا يرفع السكر بالدم لأنها لا تحتوي على نشويات أو سكريات، ولكن هذا الاعتقاد خاطئ لأن اللحم على الرغم من عدم احتوائه على مواد نشوية، إلا أن تركيز الأحماض البروتينية في مصل الدم عن طريق تناول اللحم بكثرة يؤدي إلى عدم قدرة الكبد على تنظيم السكر وبالتالي يستمر الارتفاع في نسبة السكر.

ويؤكد اختصاصيو الغدد الصماء والسكر على أن كثرة تناول اللحوم تؤثر سلباً على قدرة البنكرياس على تنظيم السكر بالدم. وينصحون مرضى السكر بالاعتدال في تناول اللحوم وبطريقة صحية وأن تكون مطهية جيداً سواء كانت مسلوقة أو مشوية. ويُفضل الابتعاد عن تناول اللحوم الغنية بالدهون أو تحضيرها باستخدام الزبد أو السمن حيث أنها ترفع مستوى الدهون و”الكولسترول” في الدم مما يسبب مشاكل صحية. ويشيرون إلى أن مريض السكري يجب أن لا يزيد تناوله للحم عن 180 غرام في اليوم بشرط انتظام وظائف الكلى.

قام باحثون من كلية الطب بجامعة هارفارد عام 2012 بدراسة تأثير تناول اللحوم على الإنسان بداية من ثمانينات القرن الماضي. وأشارت النتائج إلى أن كل وجبة إضافية من اللحم الطازج يومياً تسهم في زيادة خطر الوفاة إلى 13%، بينما زادت هذه النسبة إلى 20% في اللحوم المصنعة مثل النقانق والسجق والسلامي والبسطرمة والهوت دوغ.

ووجدت دراسة أجريت في سنغافورة عام 2013 أن تناول اللحوم الحمراء يومياً يساعد في زيادة خطر الإصابة بمرض السكر إلى 50% وذلك بسبب الدهون المشبعة الموجودة في اللحم الأحمر والتي تؤدي إلى الإصابة بالمرض. وقال الباحثون أن المرض قد حدث للمشاركين في الدراسة في غضون أربع سنوات فقط. بينما قللت الأنظمة النباتية معدل حدوث المرض إلى 14%.

2- أضرار اللحوم على مرضى الضغط

يشير اختصاصيو الأمراض الباطنية والقلب إلى أن تناول كميات كبيرة من اللحوم التي يستخدم فيها الكثير من التوابل والملح يؤدي إلى ارتفاع ضغط الدم بشكل كبير ومفاجئ. ويجب أن يراعي هؤلاء المرضى تقليل تناول الدهون في اللحوم لأن الأغذية الدهنية بشكل عام وخاصة المجهزة بطرق غير صحية تحتوي كميات كبيرة من الدهون المشبعة التي لها أثر كبير في ارتفاع ضغط الدم. وينصح باستبدال اللحوم الحمراء بلحوم خفيفة قليلة الدهن مثل الأسماك والدواجن إلى جانب استخدام التوابل بدلاً من الملح عند طهي الطعام.

3- أضرار اللحوم على مرضى القلب

اكتشف الدكتور ستانلي هيزين الأستاذ بجامعة كليفلاند وفريق بحثه في مستشفى كليفلاند الجامعي عام 2013 دور اللحوم الحمراء في تدمير القلب والتسارع نحو الوفاة المرضية بنهج غير معروف مثل ارتفاع “الكولسترول” أو الدهون المشبعة، ولكن عن طريق مادة تسمى ب”الكارنتين” حيث  تقوم بكتريا الأمعاء بتحويلها في الكبد إلى مادة أخرى كيميائية تسمى TMAO حيث ترتبط هذه المادة بتراكم الدهون في الأوعية الدموية مما يؤدي إلى تفاقم الإصابة بأمراض القلب والوفاة سريعاً. ويشير الباحثون إلى أن كثرة تناول اللحوم يشجع على نمو “البكتريا” التي تستخدم L-carnitine كمصدر للطاقة، ووجد الباحثون أن “النباتيين” كانت لديهم مستويات أقل من البكتريا التي تستخدم الكارنتين كمصدر للطاقة ومن ثم تحوله إلى مركب TMAO الذي يشارك في زيادة معدلات أمراض القلب.

4- أضرار اللحوم على مرضى الكبد

يحذر مختصو العقاقير والنباتات الطبية من إفراط مريض الكبد في تناول اللحوم الحمراء حيث أن اللحم الأحمر يحتوي على كميات كبيرة من الدهون حتى بعد إزالة الدهون منه، وهو أمر يؤدي إلى ارهاق الكبد ويصيبه بالخلل ويمكن أن يصاحبه الإصابة بالغيبوبة الكبدية.وحتى الأشخاص الأصحاء وإن كانوا قادرين على هضم البروتينات بسبب كفاءة الكبد، فإنهم معرضون لاحقاً إلى حدوث مشاكل في الكبد عند تناول اللحوم بكثرة. بينما في حالة مرضى الكبد، فإن “البروتين” لا يتم تمثيله بطريقة صحيحة خاصة عند استهلاكه بكميات كبيرة مخلفاً بعض السموم التي تؤثر على الصحة كحدوث التشوش الذهني والدوار والتعب.

5- أضرار اللحوم على الجهاز الهضمي

يسبب تناول اللحوم الحمراء بكثرة سوء الهضم والقولون العصبي والإمساك والإسهال. وتحتاج اللحوم إلى الكثير من المضغ قبل بلعها وهو غالباً لا يحدث بسبب شراهة آكلي اللحوم وتناولهم الطعام سريعاً مما يؤدي إلى حدوث مشاكل في المعدة نتيجة عدم الهضم الجيد مثل الغازات والانتفاخ والامساك والإسهال والتقلصات. ومن مشاكل تناول اللحم بالنسبة لمحبي اللحوم هو أن اللحم لا يحتوي على الألياف التي تساعد على تنظيم الهضم داخل الأمعاء ومن ثم يسبب غياب الألياف سوء الهضم. ويشير أغلب خبراء التغذية إلى احتياج النساء إلى أكثر من 25 غرام يومياً من الألياف، بينما يحتاج الرجال إلى ما لا يقل عن 40 غرام يومياً. ولذلك يشير خبراء التغذية إلى ضرورة أن تحتوي الوجبات على الأغذية الغنية بالأليـاف إلى جانب اللـحوم مثل السـلطات والخضروات.

6- اللحم الأحمر والسرطان

أكدت العديد من الأبحاث دور اللحوم الحمراء في زيادة الإصابة بالسرطان. وتؤكد منظمة الصحة العالمية ارتفاع معدلات الإصابة بالسرطان في الدول المتقدمة والغنية مقارنة بالدول النامية وقد قام الباحثون في العديد من دول العالم بإجراء دراسات على تأثير تناول اللحوم وتسببها في الإصابة بالسرطان. فوجدت دراسات إنجليزية وألمانية كبرى ارتفاع الإصابة بالسرطان بين متناولي اللحوم بمقدار 40% مقارنة بالنباتيين. ووجدت دراسات أميركية أخرى ارتباط اللحوم الحمراء بالسرطان، فيؤكد الباحثون في كلية الطب بجامعة هارفارد على ارتفاع مخاطر الإصابة بسرطان القولون بين معتادي أكل اللحوم مقارنة بمن يتناولونها قليلاً.

نصائح لتجنـب أضرار اللحـوم الحمراء

يشير خبراء التغذية إلى أن هناك بعض الطرائق التي يمكن اتباعها للحصول على فوائد اللحوم الحمراء وتجنب أضرارها قدر الإمكان ومن بينها:

  1- تناول اللحم باعتدال

ينصح مجلس السرطان الأسترالي بأن يتناول الإنسان ما لا يزيد عن 65-100 غرام من اللحم الأحمر 3-4 مرات أسبوعياً. وينصح أيضاً بتجنب تناول اللحوم المصنعة تماماً مثل السجق والفرنكفورت والبرجر وغيرها.

2- عدم تناول وجبات كبيرة من اللحم

تناول وجبات كبيرة من اللحم يمكن أن يؤدي إلى حدوث مشاكل صحية سريعة، لذلك ينصح بأن تحتوي الوجبات على كميات قليلة من اللحم إلى جانب الخضروات، وضرورة تناول الأغذية الغنية بالألياف إلى جانب اللحم مثل الجزر والفلفل والفجل والبقدونس والبروكلي والخرشوف وهي أغذية تساعد على الهضم وتحتوي الكثير من مضادات الأكسدة التي تحمي الجسم من أضرار تناول اللحوم، مع إضافة بعض النقاط من زيت الزيتون.

3- التخلص من الدهون

يجب إزالة جميع الدهون باللحم الأحمر قبل طهيه، وإضافة الليمون إلى الحساء أو اللحم. ويفضل أيضاً إضافة البقدونس إلى قطع اللحم حيث أن له قدرة فائقة في امتصاص نسبة من الدهون. مع تقطيع قطع من فصوص الثوم الطازج إلى اللحم وتقليل نسبة الملح في اللحم والسلطة واستبداله بالليمون و التوابل.

4- عدم تناول اللحم مع النشويات

يشير الطبيب الأمريكي الشهير الراحل “ويليام هوارد هيي” صاحب نظام “هيي دايت” إلى ضرورة عدم الجمع بين الأغذية عالية البروتين مثل اللحوم و”الكربوهيدرات” حيث أن اللحوم تحتاج إلى وسط حامضي بينما النشويات تحتاج إلى وسط قلوي للهضم مما ينشأ عن ذلك حدوث تخمرات بالمعدة وتكون الغازات وعسر الهضم والانتفاخ، ويقول:أن النظام الغذائي الغربي المكون من اللحوم مصحوباً بالخبز الأبيض والبطاطس هو وصفة كارثية لإحداث مشاكل بالهضم. ويشير أيضاً إلى أن النشويات تمنع “البروتينات” من الهضم كما وجد أيضاً أن معظم الأغذية البروتينية تهضم جيداً حينما تكون مصحوبة بالسلطة الخضراء الطازجة، و يجب أن لا يتناول المشروبات الغازية مع أو عقب الغذاء لأن هذا يسبب إرباكاً للمعدة على عكس ما يعتقده البعض عن طريق الخطأ أن المياه الغازية تساعد في الهضم.

5- الإكثـار من شـرب الماء والمشي

ينصح خبراء التغذية بعدم الإفراط في تناول الرقاق والفتة لأنها أغذية عالية السعرات الحرارية، مع شرب كميات كبيرة من الماء للقيام بمهامها في الهضم، كما ينصح بوضع الشوربة داخل الثلاجة ثم قشط طبقة الدسم منها. ومن المهم المشي لمدة نصف ساعة أو ساعة يومياً للتخلص من السموم الناتجة في الجسم.

Share via
تابعونا على الفايس بوك