الهدف السامي من قراءة القرآن الكريم
التاريخ: 2015-07-31

الهدف السامي من قراءة القرآن الكريم

حضرة مرزا مسرور أحمد (أيده الله)

حضرة مرزا مسرور أحمد (أيده الله)

الخليفة الخامس للمسيح الموعود (عليه السلام)
  • أصل تلاوة القرآن الكريم حب الله تعالى .
  • السعي لتلاوة كتاب الله تعالى تلاوة صحيحة خالية من الأخطاء قدر الإمكان.
  • ضرورة مساعدة المسلمين الجدد التلاوة الصحيحة.
  • الرؤى والكشوف تتولد من التقوى والطهارة.
  •  قد يتولد الورد من الشوك والمؤمنون من العصاة.

__

أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك لـه، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله. أما بعد فأعوذ بالله من الشيطان الرجيم. بسْم الله الرَّحْمَن الرَّحيم * الْحَمْدُ لله رَبِّ الْعَالَمينَ * الرَّحْمَن الرَّحيم * مَالك يَوْم الدِّين* إيَّاكَ نَعْبُدُ وَإيَّاكَ نَسْتَعينُ * اهْدنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقيمَ * صِرَاط الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ غَيْر الْمَغْضُوب عَلَيْهمْ وَلا الضَّالِّين . (آمين)

في الآونة الأخيرة أراني أحد مقطع فيديو قصير وكان فيه شيخ إفريقي يعلِّم الكبار القرآن وكان يضرب تلامذته بشدة عند صدور أبسط الأخطاء، فالإنسان الذي لغتُه ليست لغة القرآن وفي الوقت نفسه كان كبير السن، أي الإنسان الذي عمره 18 سنة أو أكثر كيف يمكنه أن ينطق كل حرف بلفظ صحيح كالقراء. فالنتيجة أن الناس يفرون من تعلُّم القرآن، ولهذا السبب كثير من المسلمين غير العرب لا يستطيعون قراءة القرآن الكريم. فإذا كان المسلمون يريدون تعليم القرآن فيجب أن يكون ذلك بأسلوب يولِّد في القارئ حبا وشوقا له. لقد جاءت لزيارتي قبل بضعة أيام سيدةٌ يابانية تقيم هنا، قد بايعت قبل فترة، فأخبرتني أنها بفضل الله قرأَت القرآن الكريم خلال مدة ثلاث سنوات بفضل الله تعالى. وكانت تريد أن تقرأ أمامي شيئا منه، فقلت لها حسنا: اقرأي، فقرأتْ آية الكرسي وأدهشتني. فالأصل أن يقرأ الإنسان القرآن الكريم بحب وانهماك، لا أن يقرأ القرآن بإخراج الأصوات من مخارجها فحسب بدافع التكلُّف والرياء على شاكلة القرّاء. فقد أمرَنا الله بترتيل القرآن، أي أن نقرأه ببطء وبلفظ صحيح قدر المستطاع. فإذا زعمْنا أنا نستطيع قراءة القرآن كالعرب فهذا صعب، إذ لا يستطيع غير العرب لفْظ بعض الحروف مطلقا، إلا أن يكون الإنسان قد ترعرع بين العرب. واليابانيون أيضا لا يستطيعون لفظ بعض الحروف. فمثلا هذه السيدة أيضا لم تميز الحاء من الخاء، أو عندما كانت تلفظ الخاء يبدو منه كأنها تلفظ الحاء، فبعد الاستماع إلى هذه السيدة اليابانية رأيت أنه يبدو أن كثيرا من اليابانيين لا يقدرون على نطق بعض الحروف مثل هذه السيدة إن لم يكن كلُّهم.  على كل حال فالأصل هو حب كلام الله، وينبغي أن يسعى المرء لقراءته صحيحا قدر الإمكان، لا أن يكون الإنسان قارئًا ويشارك في المسابقات فقط، فقد كان الله ورسوله ينظران بحب إلى كلمة “أسهد” لسيدنا بلال بدل “أشهد” وهذا الحب لم يحظَ به أيِّ قارئ أو عربي.

فغير المسلمين أيضا يسلمون وينضمون إلى الجماعة. إن غالبية المسلمين كما قلت لا يعرفون قراءة القرآن الكريم. في أفريقيا يُضطر الدعاة الأحمديون لتعليم المبايعين القرآن الكريم من البداية بل من الدروس التمهيدية قبل القرآن. فعلينا أن نعلِّم هؤلاء الأفارقة أيضا القرآن الكريم. لذا يجب على معلِّمي القرآن الكريم أن يعلموه بأسلوب يولِّد في القرّاء حبه والرغبة في قراءته. أسأل الله أن يجزي السيدة الباكستانية التي علَّمت هذا اليابانيةَ القرآنَ الكريم، فهي لم تعلِّمها إياه فحسب بل يبدو أنها ولَّدت فيها حبه أيضا. فليس الهدف قراءة القرآن الكريم كالقراء. وينبغي أن لا تفكروا في ترك قراءة القرآن الكريم إن لم تستطيعوا نطق بعض الحروف بلفظ صحيح. فقراءة القرآن الكريم مهمة جدًّا ويجب السعي لتحسينها، ولا ينبغي أن نترك تلاوة القرآن الكريم أصلا بحجة أننا لا نستطيع نطق بعض الحروف بلفظ صحيح بل يجب أن يهتم كل أحمدي بتلاوة القرآن الكريم يوميا. وفي الوقت نفسه يجب بذل المساعي ليكون لفظُنا أقرب إلى الأصل قدر المستطاع ثم نستمر في تحسينه أيضا.

فالأصل هو حب كلام الله، وينبغي أن يسعى المرء لقراءته صحيحا قدر الإمكان، لا أن يكون الإنسان قارئًا ويشارك في المسابقات فقط، فقد كان الله ورسوله ينظران بحب إلى كلمة “أسهد” لسيدنا بلال بدل “أشهد” وهذا الحب لم يحظَ به أيِّ قارئ أو عربي.

يقول المصلح الموعود في موضع إن محاولة قراءة كل كلمة من القرآن الكريم بلفظ صحيح كالقراء لا تصحّ، وذلك لأن الله لم يمنحنا نحن العجم القدرة على ذلك. يقول : كانت زوجتي المرحومة أمَّ طاهر تقول: إن والدها كان شغوفا بتعليم القرآن الكريم فقد كان وظَّف المعلمين لتعليم أبنائه القرآنَ الكريم، وكان قد سلَّم البنت أيضا لهم. تقول أم طاهر: كان ذلك المعلِّم يضربنا كثيرا حيث كان يُقحم الأغصان داخل إصابعنا ثم يضغط عليها (كما كان بعض الأساتذة يُدخلون أقلام الرصاص) وكانوا يضربوننا لأننا لم نكن نقرأ القرآن الكريم بلفظ صحيح. إن لهجتنا نحن البنجابيين لا تجعلنا قادرين على النطق بالكلمات العربية بوجه صحيح.

ثم بيَّن المصلح الموعود حادثَ ذلك العربي الذي ذكرتُه لكم في الخطبة الماضية أيضا، أنه جاء للقاء المسيح الموعود  فأثناء الحديث حين استخدم حضرتُه حرف الضاد مرتين أو ثلاث مرات قال له: كيف تكون المسيحَ الموعود وأنت لا تقدر على لفظ الضاد. كان تصرُّف ذلك العربي هذا سخيفا ومسيئا إذ لأهل كل بلد لهجةٌ خاصة بهم. فالعرب أنفسهم يدعون بأنهم هم وحدهم الناطقون بالضاد بمعنى أن الهنود لا يستطيعون نطقها صحيحا. يقول : إن الهنود يلفظون الضاد إما دالا أو زايا، إلا أن لها مخرجا آخر، وما دام أحدٌ غير العرب لا يقدر على نطقها بلفظ صحيح فما وجه الاعتراض؟

فعلى الأحمديين العرب أيضا أن يضعوا هذا الأمر في الحسبان، وغالبيتهم عادةً يفهم هذا الأمر، لكن في طباع البعض نزعة الافتخار. فهنا سيدة متزوجة من عربي، فهي الأخرى تزعم بعد إخراج بعض الأصوات من مخارجها، أنها نطقت بلفظ صحيح، مع أنه لا يكون صحيحا تماما، فلو كانت القضية تتوقف عند شخصها لما كان البأس في ذلك، ولم تكن لي حاجةٌ إلى التكلم عنها. لكنني أُخبرت أنها تتكلم عن ذلك بلهجة ساخرة في بعض المجالس، وتقول إن الباكستانيين لا يقدرون على نطق بعض الحروف ولا يستطيعون قراءة القرآن الكريم ولا يقدرون على نطق الحروف العربية صحيحة وأن العرب يسخرون منهم. لا أعتقد أن كل واحد من العرب يسخر من هذا. ومن المحتمل أن يكون أفرد العائلة التي تزوجت فيها هذه السيدةُ ساخرين. فالإسلام يعلِّمنا أن نفتح قلوب كل قوم ونعرِّفهم بكلام الله ونولِّد في قلوبهم حبه ليقرأوه، ولكل واحد لهجة خاصة. كل واحد يحاول قراءة القرآن بأسلوب أفضل لحبه له، ويجب أن يكون كذلك، كما يجب الاهتمام بالترتيل أيضا. فالذين يعرفون القراءة بلفظ صحيح ويستطيعون أن يساعدوا المسلمين الجدد في هذا الخصوص عليهم أن يساعدوهم، أما السخرية من أحد فلا يُسمح بها بتاتا.

فالذين يقدرون على اللفظ الصحيح عليهم أن يضعوا في الحسبان أن لكل واحد من الشعوب والأقوام المختلفة لهجةً خاصة ولا يستطيع كل واحد منهم نطْق كل حرف عربي بلفظ صحيح.

الآن أقدم لكم بعض الأحداث الأخرى التي ذكرها المصلح الموعود   ، يقول حضرته في موضع عن أوضاع المسلمين المتردية: هناك مثل أن جبانا توهَّم أنه شجاع جدا، وكان في الزمن الماضي عادة أن الأبطال والبواسل كانوا يشِمون بعض العلامات على جسمهم تعكِس سلوكهم وأخلاقهم، وهذه العادة سائدة ومنتشرة في أوروبا أيضا. فسأله الواشم ما الذي يريد أن يستوشمه، فقال: أريد أن تشم لي أسدا، فلما أراد أن يرسم صورة الأسد ووخزه بإبرة تألم بذلك ولم يكن شجاعا، وإنما كان يتوهم أنه شجاع، فسأله ماذا تريد أن ترسم؟ قال الواشم: أريد أن أرسم أسدا، فسأله: أيَّ عضو منه؟ قال له: أرسم ذيله. فسأله: إذا بُتر ذنب الأسد أفلا يبقى أسدًا؟ فقال له الواشم: كلا بل يبقى أسدا. فقال له: إذَن اُترك الذنَب وابْدأ بغيره. فكلما وخزه بالإبرة سأله مرة أخرى ماذا ترسم الآن، قال له الواشم: أشِم الآن شقه الأيمن فسأله المستوشم إذا قُطع شق الأسد الأيمن في القتال أو المواجهة أفلا يبقى أسدًا؟ قال: كلا بل يبقى أسدا. فقال له: اترك شقه الأيمن إذن، وكذلك حين بدأ وشْم الشق الأيسر قال له مثله وطلب منه أن يتركه أيضا، ثم حين أراد وشم الرِّجل كرر عليه السؤال نفسه أي ألا يبقى الأسد أسدا دون الرجل؟ عندها تركه الواشم وجلس. فسأله ذلك المستوشم الذي زعم نفسه شجاعا: لماذا لا تعمل، فقال له الواشم: لم يبق شيء، فماذا أفعل؟ يقول سيدنا المصلح الموعود بعد سرد هذه القصة: إن الإسلام يتلقى هذه المعاملة في العصر الراهن، وهذا هو سلوك مشايخ المسلمين وقادتهم خاصة فهم يرفعون هتافات كثيرة، ولا يعملون هم أنفسهم شيئًا، والأسلوب الذي ينصحون به الآخرين لا يمتُّ إلى تعليم الإسلام بصلة. حيث يقولون بحقهم اتركوا هذا وذلك وذاك، باختصار يخلِّصون أنفسهم من كل شيء.

وفي هذا المجال قدَّم سيدنا المصلح الموعود مثالا آخر وقال: كان جدي حضرة مير ناصر نواب يقول: كنت مرِحا في الطفولة، (كان مير ناصر نواب حفيد الشاعر الصوفي المشهور مير درد من سكان دلهي حيث توجد أشجار المانجو)، فكان جدي يقول: إن أفراد الأسرة عندما كانوا يأكلون ثمار المانجو صباحا كنت أفصل الثمار الحلوة متظاهرا أنها حامضة (إذ عند تناول المانجو يتذوق المرء قليلا أهو حلو أو حامض، فكان أثناء ذلك الفحص يقول إنه حامض جدا ولا يصلح للأكل مع أنه كان حلوا) وأشاركهم في تناول بقية الثمار، وعند انتهاء الثمار كلِّها كنت أقول: أنا لم أشبع بعد ويمكن أن أتناول هذه الثمار الحامضة، ومن ثم كنت آكل كلَّ تلك الثمار التي كنت فصلتُها بحجة أنها حامضة. ذات يوم قال لي أخي الأكبر الذي خلَف مير درد فيما بعد: اليوم أنا أيضا لم أشبع ويمكن أن آكل الثمار الحامضة أنا أيضا، فنهَيته كثيرا بحجة أنها حامضة فلا يأكلْها لكنه لم يمتنع. فلما أكلها قال: هي حلوة وطيبة وكنتَ عبثا تقول: إنها حامضة. فكما كان يفصل الثمار الحلوة ويضعها على حدة ثم يشارك الآخرين في أكل البقية، ثم يأكل هذه التي كان قد فصَلها بحجة أنها حامضة؛ يقول المصلح الموعود : هذا هو حال المسلمين بالضبط في العصر الراهن. فإذا كان هذا هو حال الذين يطالِبون بتطبيق الشريعة الإسلامية فما بال أولئك الذين لا إلمام لهم بالإسلام، فمُطبِّقو الشريعة الإسلامية أيضا يتصرفون على هذا النحو حيث يفصلون الأشياء لأنفسهم مخادعين. كان مير ناصر يفعل ذلك في الطفولة أما هؤلاء فيقومون بتصرفات باطلة عن عمد. فالذين لا يعرفون عن الإسلام شيئا فلن يتركوا شيئا لا لحما ولا عظما، بل سوف يلتهمون كل شيء حتى لو كان باطلا. ففي العصر الراهن أيضا يجيز هؤلاء لأنفسهم النهب والغصب باسم الإسلام كما نراه ونلاحظ في كل مكان وهذه الظاهرة متفشِّية. فهي مأساة كبيرة للإسلام في هذا العصر، وبسبب هؤلاء المشايخ بقية المسلمين أيضا ينشغلون في النهب والقتل باسم الإسلام. ثم بسبب هؤلاء المشايخ قد تشكلت منظمات شتى تنشغل هي الأخرى في النهب والقتل والاعتداء، رحم الله المسلمين.

ثم يقول سيدنا المصلح الموعود لافتًا انتباه أبناء الجماعة إلى أنه كيف يمكن رفع معايير الإيمان بتحسين أوضاعهم الروحانية، وإنشاء العلاقة الوطيدة بالله: إذا تحلَّيتم بالتقوى والطهارة وتعودتم على الدعاء والذكر الإلهي، والتزمتم بالتهجد والصلاة على النبي ليرزقنّكم الله أيضا حظًّا من الرؤى الصادقة والكشوف ويشرفكم بإلهامه وكلامه. والمعجرة الحية في الحقيقة ما تظهر في شخص الإنسان، صحيح أن معجزات إبراهيم عظيمة ومعجزات وموسى وعيسى أيضا عظيمة. أما فيما يتعلق بشخص المرء فالمعجزة العظمى بالنسبة له هي التي يشاهدها في نفسه. في هذه الأيام أيضا يطرح الناس أسئلة من هذا القبيل، فأقول بأنه إن كنتم تريدون أن تروا المعجزات فلا بد من إنشاء العلاقة مع الله تعالى لهذا الغرض.

لقد ضرب المصلح الموعود مَثل التقدم في الإيمان ومشاهدة المرء آية في نفسه، وتناول في هذا الموضوع ذكر الصاحبزاده عبد اللطيف الشهيد فقال: انظروا إلى الصاحبزاده عبد اللطيف أنه عندما انضم إلى الأحمدية وعاد إلى كابول بعد المكث في قاديان لفترة وجيزة دعاه الملك وقال: عليك أن تتوب. قال الشهيد: أنّى لي أن أتراجع عن موقفي؟ إذ قد رأيتُني في الرؤيا على إثر انطلاقي من قاديان مصفَّدا بالأصفاد. فما دام الله تعالى قد قال لي بأنك ستلبس الأصفاد في سبيل الله فأنّى لي أن أسعى لخلعها؟ بل يجب أن تبقى هذه الأصفاد في يديّ حتى يتحقق كلام ربيّ.

انظروا الآن، لقد تحلى الشهيد بهذه الثقة واليقين لأنه رأى بهذا الخصوص رؤيا. كذلك مهما كان أحد قليل العلم، ولكنه عندما يرى رؤيا يثق بها تماما وإن كانت كاذبة، أما إذا أخفاها جبنا منه فهذا أمر آخر. فباختصار، إذا كان إيمان المرء قويا وكان على صلة بالله تعالى فلا يخاف الناس الماديين قط.

ثم يقول المصلح الموعود ضاربا مثالا آخر: لقد كان الصوفي أحمد جان اللدهيانوي رجلا صالحا ومن الأتقياء المعروفين في عصره. ذات مرة دعاه الراجا في جامون قائلا: تعالَ إلى جامون وادعُ لي، ولكنه رفض دعوته وقال: إذا كنت تريدني أن أدعو لك فتعالَ أنت إليّ، لماذا أذهب أنا عندك!

كل واحد يحاول قراءة القرآن بأسلوب أفضل لحبه له، ويجب أن يكون كذلك، كما يجب الاهتمام بالترتيل أيضا. فالذين يعرفون القراءة بلفظ صحيح ويستطيعون أن يساعدوا المسلمين الجدد في هذا الخصوص عليهم أن يساعدوهم، أما السخرية من أحد فلا يُسمح بها بتاتا.

إذًا، مَن كان له علاقة بالله تعالى لا يخاف أحدا أيًّا كان. ثم يذكر المصلح الموعود كم كان الناس يقدّرون ويحترمون المسيح الموعود قبل ادّعائه، وما آلت إليه حالتهم بعد ادعائه فيقول: يمكننا أن نقول نظرا إلى ذيوع صيت البراهين الأحمدية الحسنِ بأن مئات آلاف الناس كانوا يعتقدون به اعتقادا حسنا. فهناك شهادة أحدهم الذي مات قبل أن يدّعي أنه هو المسيحُ الموعود، وهو حضرة الصوفي أحمد جان الذي سبق ذكره قبل قليل، والذي دعاه الراجا إليه من أجل الدعاء له. لقد قال الصوفي أحمد جان اللدهيانوي في بيت شعره الذي سمعناه مرارا، ذاكرا المسيحَ الموعود قبل ادعائه فقال ما تعريبه: “المرضى كلهم يرنون إليك، فنرجوك أن تصبح مسيحا يشفيهم”.

لا شك أن هذا يدل على بُعد نظر الصوفي أحمد جان الذي كان وليًّا من أولياء الله فرأى بنظرته الثاقبة أن المسيح الموعود هو الموعود بمجيئه سواء أادّعى ذلك إلى الآن أم لم يدّعِ. ويمكننا القول بأن الذين لم يملكوا بُعد النظر إلى هذا الحد أيضا كانوا يدركون أن إحياء الإسلام منوط بشخصه. ولكن عندما أُعطي ذلك السلاح الذي كان مقدرا أن ينتصر به الإسلام وكان من شأنه أن يهزم العدو، وأُعطي ماء الحياة الذي كانت حياة المسلمين تتوقّف عليه، سخط منه كبار المخلصين وقالوا بأن الذي حسبناه تِبرا كان نحاسا مع الأسف. فأساء مئاتُ آلاف الناس الظنَّ بغتة لدرجة عندما أعلن المسيح الموعود بأخذ البيعة بايعه أربعون شخصا فقط في اليوم الأول مع أن مئات آلاف الناس كانوا يحسنون به الظن من قبل. يقول المصلح الموعود بأن القدامى من الناس سردوا كيف كان كبار العلماء يقولون بأن هذا هو الشخص الوحيد القادر على خدمة الإسلام، وكانوا يرسلون الناسَ إليه. ولقد كتب المولوي ثناء الله عند نشر البراهين الأحمدية أنه ذهب إلى قاديان مشيا على الأقدام لزيارة المسيح الموعود . وقال المولوي محمد حسين البطالوي الذي بذل فيما بعد كل ما كان في وسعه في المعارضة: لم يخدم أحد الإسلام في 1300 عام مضت بقدر ما خدمه المرزا المحترم.

في هذه الأيام أيضا يتحدث أصحاب بعض القنوات الإسلامية المزعومة حول هذا الموضوع كثيرا ويقولون بأنه كانت هناك في ذلك الوقت حاجة كبيرة إلى تلك الخدمة ولكنه (أي المسيح الموعود) فسد فيما بعد والعياذ بالله. ولكن الحق أن هؤلاء الناس عميان إذ يحسبون نحاسا مَن جعله الله تِبرا. وهم غارقون في ظلمات نفوسهم بدلا من أن ينظروا إلى شهادة الله الفعلية، ويضلّون قليلي العلم من المسلمين. ندعو الله تعالى أن يهبهم العقل والفطنة.

ذات مرة ذُكرت دار البيعة الكائنة في لدهيانه في مجلس الشورى في عام 1931م فقال المصلح الموعود لأعضاء مجلس الشورى بأن هذه القضية مهمة جدا في نظري، وقد وصف المسيح الموعود لدهيانهَ كـ “باب اللُدّ” حيث سيُقتَل الدجال بحسب النبوءة، أي المكان الذي سيُقضى فيه على الأعداء والدجال. فالمكان الذي سافر إليه المسيح الموعود من قاديان لأخذ البيعة يجب على الجماعة أن تهتمّ به بوجه خاص.

عندما التمس الخليفة الأول من المسيح الموعود ليأخذ بيعته قال : لن آخذها هنا أي في قاديان، بل أخذها في لدهيانه.

كان المرشد المرحوم الصوفي أحمد جان الذي توفّي قبل ادعاء المسيح الموعود من سكان لدهيانه وكان من الذين وفّقهم الله للإيمان به قبل ادعائه كما ذكرتُ من قبل. فقد جمع كافة أفراد أسرته قبل وفاته وقال لهم بأن المرزا المحترم سوف يدّعي أنه المسيح الموعودُ فآمِنوا به جميعا، فآمنت به عائلته كلها. السيد بير منظور محمد وبير افتخار أحمد هما ابناه، وزوجة الخليفة الأول ابنتُه. يقول المصلح الموعود ما مفاده: أنوي أن تُرسَم لهذا المكان خارطة بوجه خاص، ويُحدَّد مكان البيعة ويُعلَّم عليه، وتُعقَد بهذه المناسبة جلسة، وأن تُكتب هناك أسماء الأربعين شخصا الذين بايعوا في ذلك المكان.

أقول: البيت المشار إليه في لدهيانه بحوزة الجماعة الآن بفضل الله تعالى، ولكن ليس عندي الآن أية تفاصيل إلى أيّ مدى عُمل بهذه التعليمات وما هي الإجراءات قيد العمل، ولكن المساعي لتحويل تلك الذكريات إلى تذكار جارية على أية حال.

ثم يقول في ذكر لدهيانة والنبوءة عن الابن الموعود ما مفاده: لقد رأى النبي في الرؤيا أن عنقودا من عنب الجنة عُرض عليه وأُخبر أنه لأبي جهل. وكان تفسيره أن ابنه عكرمة سيدخل الجنة، وهكذا كان. يضيف المصلح الموعود ويقول: لقد وفّق الله ابن أبي جهل ليكون رجلا صالحا ويقدّم تضحيات رائعة في سبيل الدين. في إحدى المعارك واجه المسلمون موقفا صعبا جدا إذ كان النصارى يرمون سهامهم مصوِّبين إياها إلى عيون المسلمين، مما أدّى إلى استشهاد كثير من الصحابة y. فقال عكرمة بن أبي جهل: لا أستطيع أن أتحمل هذا المشهد وطلب من قائد كتيبته أن يأذن له بشنّ الهجوم على العدو، فهاجم بشدة متناهية قلب جيش العدو مع ستين جنديا شجاعا حتى اضطر قائد جيش العدو للهروب مما أدّى إلى التدافع والفوضى في صفوفهم. وقاتل هؤلاء البواسل بشجاعة كبيرة وعندما وصل جيش المسلمين إلى ذلك المكان كان هؤلاء إما قد استُشهدوا أو كانوا مجروحين بجروح بالغة. فجاء أحد الضباط بالماء إلى هؤلاء الجرحى وأراد أن يسقيه عكرمةَ أولا ولكنه رأى أن سهيل بن عمرو ينظر إلى الماء فقال للضابط أن اسقِ سهيلا أولا وسأشرب بعده فلا أتحمل أن أشرب الماء وأخي متعطش له بالقرب مني. فذهب الضابط بالماء إلى سهيل ولكنه رأى قربه الحارث بن هشام جريحا، فقال سهيل للساقي أن يسقي الحارث قبله. ذهب الساقي إلى الحارث ووجده قد لفظ أنفاسه، فعاد إلى سهيل ووجده هو الآخر قد مات، ثم عاد إلى عكرمة وكانت روحه أيضا قد فاضت.

إذًا، إذا كان أحد شريرا وملحدا وكاذبا فلا يمكن للمرء أن يقول بأن ابنه أيضا سيكون مثله. وفي كلام الله شهادات توضح الموضوع، وما لم تكن فيه شهادة لا يكون جديرا بالقبول. ملخص الكلام أن نبوءات الله تتحقق بشكل غريب. عندما رأى النبي الرؤيا المذكورة قلِق بشدة وقال في نفسه: كيف يمكن أن يكون أبو جهل في الجنة وأعطي عنقود عنب. ولكن كان المراد من ذلك أن ابنه سوف يؤمن وسيقدم تضحية عظيمة في سبيل الإسلام.

يقول المصلح الموعود بأن في نبوءة المسيح الموعود عن الابن الموعود شهادات كثيرة كوجودها في بقية نبوءاته. فقد أدلى بهذه النبوءة حين لم يعرفه حتى أهل قاديان. يقول كثير من المتقدمين في السن من أهل قاديان بأنهم ما كانوا يعرفونه ، وكانوا يظنون أن للسيد غلام مرتضى ابن واحد اسمه مرزا غلام قادر. فالشخص الخامل الذي لا يعرفه حتى سكان قريته يتنبأ أن الله تعالى سيرزقه أولادا وسينالون حياة طويلة، ومن بين ابنائه سيكون ابن سيذيع اسمُه إلى أقصى أنحاء العالم، وبواسطته تبلغ دعوة الإسلام إلى أنحاء المعمورة. هل لأحد أن يقول مثل هذا الكلام من عنده؟ يقول المسيح الموعود في هذه النبوءة أن ذلك الابن سيحوِّل الثلاثة إلى الأربعة. ومن معانيه أن هذا الابن سيولَد في العام الرابع من الإدلاء بهذه النبوءة. معلوم أنه تنبأ بهذه النبوءة في عام 1886م ووُلد المصلح الموعود في 12/1/1889م، وقد أخذ المسيح الموعود البيعة الأولى في لدهيانه بتاريخ 23/3/1889م.

قال الشهيد: أنّى لي أن أتراجع عن موقفي؟ إذ قد رأيتُني في الرؤيا على إثر انطلاقي من قاديان مصفَّدا بالأصفاد. فما دام الله تعالى قد قال لي بأنك ستلبس الأصفاد في سبيل الله فأنّى لي أن أسعى لخلعها؟ بل يجب أن تبقى هذه الأصفاد في يديّ حتى يتحقق كلام ربيّ.

تُذكر هذه النبوءة في جماعتنا وفي الخارج أيضا بكثرة ويُسأل عادة: من هو هذا الابن؟ فيقول المصلح الموعود : لقد أُخبر في هذه النبوءة أن اسم هذا الابن هو “محمود”، وقد سماني المسيح الموعود بهذا الاسم تفاؤلا. ولما كان من أسمائه “بشير الثاني” أيضا فسماني المسيح الموعود “بشير الدين محمود أحمد” كاسم كامل. وفيما يتعلق بنوال الأولاد عمرا طويلا فهذه النبوءة أيضا تحققت. لقد وفّق الله المسيح الموعود أن يسمي أحد أبنائه “محمود”، وظل العالم ينتظر ليعلموا إلى أيّ ابن تشير هذه النبوءة. فقد جئتُ إلى لدهيانة لإعلان هذا الأمر. (كان المصلح الموعود مسافرا إلى لدهيانه في تلك الأيام) يضيف ويقول: إن للجماعة علاقة بمدينة لدهيانه من عدة جوانب، ولها أهمية خاصة في تاريخ الجماعة من عدة نواحٍ. فقد أخذ المسيح الموعود أول بيعة في لدهيانه، هذا واحد. ثم تولّى حضرة المولوي نور الدين الخلافة بعده وتزوّج في لدهيانه من ابنة المرحوم المنشي أحمد جان، هذه علاقة أخرى. الابن المذكور في النبوءة المذكورة وُلد من بطن زوجة المسيح الموعود التي مكثتْ في لدهيانه أيضا.

فيقول المصلح الموعود أنه يذكر مكثه في لدهيانه لبعض الوقت في صغره: كنتُ صغيرا آنذاك فلا أتذكر أمورا كثيرة لذلك الزمن لأنني كنتُ أبلغ من العمر سنتين ونصف تقريبا. لاحِظوا ما يتذكره حضرته في هذا العمر الصغير لا يُتذكر عموما ولكنه يبين أحداث ذلك الزمن أيضا فيقول: أتذكر حادثا واحدا فقط وهو أن المنزل الذي كنا نقيم فيه كان على رأس الشارع وكان الشارع مستقيما وعندما خرجت من منـزلي رأيت شابًّا قادما من الطرف الآخر وألقى عليّ سحلية ميّتة فارتعبتُ لدرجة هربتُ إلى البيت باكيا. أتذكر خريطة تلك السوق التي كانت سويّة وإن كنتُ لا أعرفها الآن، وكان منزلنا على رأس الشارع، ولبثت هناك أشهرا من عمري في الصِغر. فلهذه المدينة علاقة بالأحمدية من عدة نواح.

يقول المصلح الموعود  إن لهذه المدينة خصوصية كبيرة، ولكنني كنت أفكر أن الأمور التي تُعلَن بأمر من الله تعالى يُعارضها الناس. فعندما أُعلن بتحقق النبوءة المتعلقة بالمصلح الموعود عُورضت في لدهيانه مع أنه كان قد عُقدت جلسة لإعلان تحقق النبوءة في لاهور وغورداسبور قبل لدهيانه ولم تحدث فيهما أية معارضة، مع أنني كنت أعلنتُ أن النبوءة قد تحققت في شخصي ولم يعارض أحد، ولكن عندما أتيتُ لدهيانه وكنت أمرّ بداخلها فرأيت مسيرة يردّدون هتاف “مات ميرزا، مات ميرزا” والعياذ بالله. على كلٍ هذا لا يؤثر فينا. إنهم قاموا بهذا الاستهزاء لأنهم نسوا تعليم رسول الله ، ولكن نبوءة المسيح الموعود تحقّقت بجلاء تام. ثم قام المصلح الموعود بدعاء أن يوفق الله تعالى أهل لدهيانه للإيمان بالمسيح الموعود وأن يصبح الذين يهتفون اليوم في المعارضة ممن يهتفون في حقه .

يقول المصلح الموعود -وهو يتحدث عن حب أحد صحابة الموعود وعلاقته به- إن ميان عبد الله السنوري أيضا كان يُكن في نفسه مثل هذا الحب. مرة جاء إلى قاديان والتقى بالمسيح الموعود   ، وكان المسيح الموعود يستعمله، لذا عندما انتهت رخصة ميان عبد الله السنوري واستأذن المسيح الموعود للذهاب فقال له : ابق هنا. فأرسل طلبا لتمديد إجازته، ولكن جاء الرد من الدائرة بأنه لا يمكن تمديد الإجازة، فذكر ذلك أمام المسيح الموعود فقال: ابق هنا. فكتب لهم حتى الآن لا أستطيع الحضور فأقالته الدائرة لإنها كانت دائرة حكومية، ومكث في قاديان أربعة أشهر أو ستة بحسب ما طلب منه المسيح الموعود   ، ثم عاد إلى دائرته فأثارت الدائرة نفسها قضية أن المسئول الذي أقاله لم يكن من صلاحياته أن يُقيله، فبناء على ذلك أُعيد إلى عمله وأُعطي راتب الأشهر الماضية التي كان قضاها في قاديان.

وهكذا ضرب مثالا آخر لحادث جرى مع المنشي ظفر أحمد الكبورتهلوي . يقول المصلح الموعود إنني كنتُ البارحة في السفر إلى دلهوزي فأخبرني ميان عطاء الله المحامي بحادث، وقد نُشر هذا الحادث في جريدة الحكم أيضا في 1934م، لذا أبيّنه بلسان السيد المنشي نفسه، يقول المنشي: عندما توظفت كاتبا كنت أعمل في المحكمة، فمرة أغلقت ملفات القضايا وأتيتُ إلى قاديان، ثم استأذنت المسيح الموعود في اليوم الثالث فقال : ابق هنا. ثم لم أر مناسبا أن أستأذنه مرة أخرى وتركت الأمر له . فمرّ على ذلك شهر وكانت الملفات في بيتي فتوقف العمل وبدأت تجيئني رسائل إنذار ولكني لم أفكر فيها، أي يقول نسيتُ كل شيء ولم أبالِ بالرسائل. كان في رفقة المسيح الموعود متعة ووجد لدرجة لم أهتم بخسران وظيفة ولم أخش أي محاسبة. فأخيرا جاءت رسالة قاسية جدا من المحكمة، فقدّمت تلك الرسالة أمام المسيح الموعود   ، فقال اكتبْ لهم بأن مجيئك صعب فلا تستطيع المجيء حتى الآن. فكتبتُ الجملة نفسها. وحين مرّ عليها شهر آخر قال : كم يوما صار لك؟ ثم بدأ المسيح الموعود نفسه يحصي الأيام وقال: طيب! اذهب الآن، فذهبتُ ولما وصلتُ كبورتهله ذهبت إلى منزل القاضي “لاله هرتشند داس” لأنني كنت أعمل في محكمة هذا القاضي، فذهبت إليه لأستعلم عن قراره أيُبقيني على الوظيفة أم يطردني أو يغرّمني؟ أم ماذا قرر. فلما ذهبت إلى بيته فقال: يكون السيد ميرزا قد أوقفك. هذا ما قاله القاضي. فقلتُ له: نعم. فقال القاضي: إن حُكمه أولى وأحق، أي حكم المسيح الموعود .

وأما قول رسول الله بأنني لا أدري ما الفرق بين صحبي وصحب المهدي فكان قوله هذا بسبب أمثال هؤلاء الناس. إنهم هؤلاء الناس الذين قدموا تضحيات من جميع الأنواع مثل أبي بكر وعمر وعثمان وعلي والصحابة الآخرين وكانوا دائما مستعدين لتحمل جميع أنواع المصائب في سبيل الله تعالى.

يقول المصلح الموعود الأمر الزائد في رواية ميان عطاء الله هو قول المسيح الموعود للمنشي المرحوم بأن يكتب إلى القاضي بأنه لا يستطيع المجيء فكتب الكلام نفسه وأرسله إلى القاضي.

يقول المصلح الموعود كانت هذه جماعة أولئك الذين أقاموا نموذجا عاليا من الحب لا يجعلنا نخجل أمام الجماعات السابقة. مهما كانت تقصيرات في أفراد جماعتنا ومهما كان من تهاون ولكن لو قدم أمامنا أصحاب موسى نموذجهم فنستطيع أن نقدّم مقابلهم نموذج هذه الجماعة، وكذلك لو قدم حواريو عيسى  أعمالهم العظيمة يوم القيامة فنحن نستطيع أن نعرض أمامهم صحابتنا هؤلاء بافتخار. وأما قول رسول الله بأنني لا أدري ما الفرق بين صحبي وصحب المهدي فكان قوله هذا بسبب أمثال هؤلاء الناس. إنهم هؤلاء الناس الذين قدموا تضحيات من جميع الأنواع مثل أبي بكر وعمر وعثمان وعلي والصحابة الآخرين وكانوا دائما مستعدين لتحمل جميع أنواع المصائب في سبيل الله تعالى.

انظروا إلى الخليفة الأول نفسه. إنني لم أذكره لأن الله تعالى قد رزقه مقاما رفيعا في الجماعة وإلا أحداث تضحياته أيضا مُدهشة. عندما أتى قاديان كان يمارس الطب في بهيره  وكان مشفاه مفتوحا وكان عمله جارٍ على نطاق واسع، فعندما استأذن المسيح الموعود للعودة فقال : لا تذهب وابق هنا. ثم لم يذهب الخليفة الأول حتى لأخذ أغراضه بنفسه بل طلب من شخص آخر ليُحضر أغـراضه من بهيره.

هذه هي التضحيات التي تميّز الجماعات عند الله تعالى، وهذا هو المقام الذي يجب أن يسعى كل واحد لإحرازه. لا يمكن محض الإيمان الفلسفي أن يجدي إنسانا نفعا، الإيمان المفيد للإنسان هو ذلك الذي يتحلى بحلاوة العشق والمحبة، ومهما قام الفيلسوف بادعاءات للحب فليست لها قيمة أكثر من الجدال العابث لأنه لا يكون من يرى الصدق بعين القلب بل يرأى بعين العقل المحض، ولكن الذي يعرف الصدق الذي جاء من الله ويعرف شعائر الله بعين القلب وليس بعين العقل فلا يستطيع أحد أن يغرّر بهم، لأن الدماغ يرفع يد الفلسفة والقلب يرفع يد الحب، وفقنا الله تعالى لنعرف إمام الزمان بعين القلب ونثبت على ذلك دوما، ونكـون دوما ممن يعرفون شـعائر الله ولا يتمـكن الشيـطان من أن يغرر بنـا.

Share via
تابعونا على الفايس بوك