- رحمة الله تقتضي أن يرجع المجدد باذن الله المفاهيم الاسلامية إلى حد ذاتها
- من لوازم كمال الرسالة أن تنسجم مع المتغيرات والأوضاع العالمية الجديدة
- أرسى حضرة ميرزا غلام أحمد القادياني مفهوم التجديد في الاسلام
- الخليفة هو المجدد
__
لازال موضوع التجديد الديني يحتل صدارة المواضيع الهامة التي تُناقش على الساحة الإسلامية حيث ترى القوى الفكرية أن التجديد في الإسلام ينطلق من الحديث النبوي الشهير “إن الله يبعث لهذه الأمة على رأس كل مائة سنة من يجدد لها دينها”. ولعلهم استنبطوا من هذا الحديث أنه بعد فترات زمنية متباعدة وكلما تفرض مستجدات حضارية جديدة نفسها على الواقع الديني يظهر على مسرح الأحداث تحديات معاصرة تفرض على الدين التعامل معها بفكر ديني جديد قد ينسخ ما أصِّل وفصِّلَ.
إن الدين الحينف ليس بحاجة إلى تبني مفاهيم جديدة لإثبات صلاحيته لكل زمان ومكان ولكن تقتضي رحمة الله تعالى أن يُرجِعَ المجددُ بإذن من الله المفاهيمَ الإسلامية في حد ذاتها إلى حالتها السليمة التي أحضرها فيها سيدنا محمد المصطفى فالعيب ليس فيها ولكن في العقول المتحجرة التي فشلت في أن تدلو بدلوها وتستخرج من كتاب الله ما يشفي غليل المعاصرين. ومما لا شك فيه إن كمال الدين الحنيف لا يسمح بإضافة أي عنصر إلى كيان بلغ الكمال، ولكن تقتضي الحاجة أن يُنفض الغبار الذى تراكم عليه عبر عصور الظلمات وتُعرف هذه العملية بالتجديد؛ أي إرجاع الكيان الكامل إلى حالته الأصلية أي في هيئته الجديدة التي تحلَّى بها خلال البعثة النبوية الشريفة.
لا حاجة لأي مجدد ونظام الخلافة قائم، فالخليفة هو المجدد وليس بين مقامه ومقام النبوة أي مقام. وهكذا يكون التجديد آلية من آليات منهاج النبوة التي تحافظ على حياة الإسلام.. الدين الحي.
فمن لوازم كمال الرسالة هو أن تنسجم طريقة فهمها وتعاملها مع الأوضاع العالمية المتغيرة والمتجددة يوميا. فليس من الحكمة في شيء الوقوف عند ما قاله الأقدمون أو السلف بحرفيته في كل المسائل التي خاضوها وتكلموا فيها انطلاقا من خلفيتهم التي تأثرت بأوضاع البيئة والثقافة والعادات والتقاليد آنذاك، لأن تفسيرهم وتطبيقهم للنص القرآني على واقعهم هو مجهود إنساني غير معصوم، في مقابل عصمة الوحي التي تخول له الظهور بحلية جديدة في كل حين وآن على امتداد حياة الإنسانية. ومن هنا فإن عدم صلاحية أو عجز ما نقرؤه في كتب التراث بشأن بعض التحديات المعاصرة أو عدم وجود أي طرح لها لا يعني أن الاسلام لا شأن له بها أو أنه لا سمح الله عاجز في تقديم حلول لها. كما لا يعني ذلك أنه لا يجب على المسلمين الخوض فيها والوقوف على معالمها والتطلع إلى وجه المصلحة والعدل فيها.
ويبدأ الخلاف عادة في تحديد من يقوم بهذا الدور.. دور تجديد الدين. فالذين يؤمنون بضرورة التجديد لمواجهة التحديات المعاصرة يتساءلون: أين المجدد المنتظَر؟ فالمجدد كما يظنون يجب أن تتوفر فيه كثير من المواصفات اشترطها عليهم خيالهم السقيم فاقتنعوا بصحتها وفعالياتها وتبنوها دون التفكير فيها. هذا إلى جانب احتواء كتب الفكر الإسلامي على كمٍّ هائل حول ضرورة التجديد وتحويل القيم إلى أرض الواقع والانتقال من الحماس إلى الاختصاص. وهذا فعلا هو نقطة البداية في التعامل مع مفهوم التجديد ولكن نخشى أن يكون في هذا الطرح ما يدفع الإنسان إلى الوقوع في الوهم بأن أمر التجديد يعالجه مختصون – بالمصطلح الأكاديمي – وهؤلاء وإن وُجدوا فقد تبلورت منهجيتهم الإسلامية وتوجههم إلى هموم الأمة وهويتها. هذا بالإضافة إلى أن حديثهم عن البرنامج التجديدي يقتصر حصرًا على التجديد في السلم السياسي أو العلمي أو الاقتصادي. وهكذا ومرة أخرى يحظى تجديدهم المزعوم بالعجز والفشل والهوان. ويرجعون من ندواتهم ومؤتمراتهم بـخُفَّي حُنَيـْن.
ويشهد العالم الإسلامي اليوم صحوة شاملة علاوة على وجود تيارات وطروح متعددة تحاول جاهدة الخروج بالأمة من أزمة التخلف والاختلاف والتناحر والهيمنة الغربية في كل المجالات وتؤكد بإلحاح على أن تسري روح التجديد في جسم الأمة لتسترد العافية في عقلها وصلتها بكتاب الله وتتلمس خطواتها وتدرك أين تضع أقدامها متطلعة إلى مستقبل راشد.
وما كان الله ليترك أمة خاتَم النبيين تتخبط للأبد في متاهات الضلال. فبرعاية خاصة منه أرسل على رأس القرن الرابع عشر خاتَم المجددين تجسيدا لقدرة الله وعاكسًا أنوار النبوة المحمدية الخالدة.. حضرة مرزا غلام أحمد القادياني الذي أرسى بتوجيه من الله عز وجل أُسس التجديد في الإسلام وذلك من خلال قدرة الله المتجسدة الثانية أي نظام الخلافة الراشدة على منهاج النبوة. فلا حاجة لأي مجدد ونظام الخلافة قائم، فالخليفة هو المجدد وليس بين مقامه ومقام النبوة أي مقام. وهكذا يكون التجديد آلية من آليات منهاج النبوة التي تحافظ على حياة الإسلام.. الدين الحي.