الصلاة مخ العبادة
  • الصلاة مخ العبادة، فمن ظفر بالمخ فلا حاجة له لأي أنواع أخرى من الأدعية
  • الصلاة تكسب الانسان القرب من الله تعالى
  • على الأنصار أن يقدموا أسوة حسنة للصغار والشباب
  • مؤسسة أنصار الله ستبقى دائمة لكونها تضم أفراداً ينصر الله بهم الدين
  • علينا دوماً أن نستحضر العهد الذي قطعناه مع الله أن نؤثر الين على الدنيي

__

أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك لـه، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله. أما بعد فأعوذ بالله من الشيطان الرجيم. بسْم الله الرَّحْمَن الرَّحيم * الْحَمْدُ لله رَبِّ الْعَالَمينَ * الرَّحْمَن الرَّحيم * مَالك يَوْم الدِّين* إيَّاكَ نَعْبُدُ وَإيَّاكَ نَسْتَعينُ * اهْدنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقيمَ * صِرَاط الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ غَيْر الْمَغْضُوب عَلَيْهمْ وَلا الضَّالِّين . (آمين)

إن أعضاء منظمة أنصار الله – في نظام المنظمات الفرعية للجماعة – قد بلغوا مرحلة من السن يكون التفكير فيها ناضجا تماما، ويجب أن يكون كذلك، وينجز الإنسان بطبعه كل عمل ومهمة في هذه السن بإعمال الفكر بعيدا عن العواطف وبإدراك ووعْي، إلا الذين يبلغون أرذل العمر فتضعف ذاكرتهم وحواسهم وأعضاء بدنهم لدرجة وكأنهم قد عادوا إلى الطفولة، وهذه الرسالة التي سمعتم في مسابقة نقل الرسالة أصاب مَن كتب: “في النهاية يأكل المخ كل شيء ولا يبقى المخ ولا العظام*. على كل حال ينضم الإنسان إلى منظمة أنصار الله بعد بلوغه أربعين سنة وينال التوفيق لمدة طويلة للعمل وإبداء المواهب في شتى المجالات، ويتمكن من إحراز الكمال في هذه السن في شئونه الدنيوية، وإذا أراد فإنه يستطيع أن يبلغ الكمال في الأمور الروحانية أيضا. ولا يمكن أن أنصح الإنسان الخبير المحنك في سنّ التفكير الناضج كما أنصح الأطفال والشباب، غير أن التذكير يمكن، وإن كان التذكير هو الآخر نوعا من النصيحة ولوْنًا من ألوان النصيحة بتعبير آخر.

إنما أتوجه بهذه النصيحة للأنصار ظنا مني بأنهم ينسون بعض الواجبات التي ألقاها الله عليهم والمسئوليات التي تقع على عواتقهم. فأنتم تملكون العلم بشكل عام، إذ لا يمكننا القول في حق مَن بلغ هذه المرحلة من العمر وهو ينشط في نظام الجماعة، أن ليس لهم علْم بأمور معينة في نظام الجماعة. كلا إن العلم موجود عندهم لكنهم إما أنهم لا ينتبهون إلى بعض الأمور رغم العلم بها أو ينسونها. على كل حال مهما يكن من سبب، ونظرا إلى كل هذه الأمور وانطلاقا من هذه الاحتمالات يتم تذكيرهم بأن ينتبهوا إلى الأمور التي لا يعيرونها اهتماما أو ينسونها، أو إذا كانوا منتبهين فليس بالمستوى اللائق بالأنصار والمطلوب منهم، لهذا يقال لهم في هذا التذكير أن يعيروا الانتباه لتلك الأمور، ويولوا الاهتمام بتلك الواجبات والأعمال التي عُهدتْ إليهم. حين سألتُ رئيس أنصار الله: إذا كنت تريد أن أوجه الأنصار إلى أمر معيَّن بشكل خاص فأخبرني فقال -كما قرأ في التقرير قبل قليل وقد عُقدتْ أثناء الاجتماع بعض الندوات أيضا- إننا وضعنا على رأس قائمة أولوياتنا هذا العام لفْت الانتباه إلى إقامة الصلاة، لكننا لم نستطع إحراز الهدف المنشود، لهذا إذا أردتم أن تلفتوا الانتباه إلى هذا الجانب فتفضلوا. وكان جواب الرئيس قد أصابني بذهول وأقلقني أيضا. لأنني أنصح الشباب والأطفال بهذا مرارا ويعتبر الوالدان أفضل وسيلة ليسترعوا انتباه الأولاد إلى الصلاة، وفي الحقيقة يمثل الوالدان وسيلة مؤثرة جدا في هذا المجال، لكنه إذا كان الآباء الذين أغلبيتهم من أنصار الله هم أنفسهم لا يعيرون الاهتمام لهذا العمل فكيف يمكن لنا أن نوجه الأطفال والشباب إلى أهمية الصلاة أو كيف يمكن لنا أن نوضح لهم أهمية الصلاة أو كيف يمكن أن ننصحهم بذلك، إذ يمكن أن يقولوا إننا لم نلاحظ من كبارنا الاهتمام بهذا العمل ولم نرَهم يصلّون الصلاة باهتمام. وهذا الأمر غاية في الخطورة، لهذا إذا كان عدم انتباه أنصار الله للصلاة انتباها كافيا من ناحية يدل على التوقف أو الانحطاط في حالتهم الروحانية فمن ناحية أخرى يتسبب في عدم انتباه الأجيال القادمة إلى الصلاة، وابتعادِهم عن التقوى. ثم إن آثار نهاية الحياة تبدأ بالظهور في سنّ أنصار الله، حيث يتبين للإنسان مع تقدمه في السن أن حياته ستنتهي أخيرا في يوم من الأيام وهذا هو مصيره. يجب أن تكون الخطوات الحثيثة إلى العاقبة لافتةً الانتباه كثيرا إلى هذا بقلق واهتمام كبيرَين. فالمؤمن الذي يخشى الله حين يرى عاقبته قريبة مع تقدمه في السن يصاب بالخوف، وحالة الخوف هذه تدفعه بالضرورة إلى أن يخر على عتبات الله تعالى بإخلاص ويسأله قربه. لقد مررنا من شهر رمضان في الأيام الأخيرة، وأتوقع أن الضعفاء أيضا أحدثوا في نفوسهم تغيرا ما، وأعاروا لإقامة الصلاة نوعا من الاهتمام، وكما يتبين من حضور المصلين في المساجد أنه قد حصل الانتباه، وإذا جعل الأنصار هذا الاهتمام والانتباه في كامل حياتهم فسوف نلاحظ في الجماعة تغيرا طاهرا عظيما لن نشعر آثاره في نفوسنا نحن فحسب، بل سوف نشعره في أولادنا وأزواجنا أيضا. فحين أمر الله تعالى بأداء الصلاة فقد أعلن أنه بذلك سيحْدث في نفوسكم انقلابٌ طاهر. الناس يسألون عن دعاء أو ذكْرٍ يولِّد في نفوسهم تغيرا طاهرا، وأن يدوم ذلك الانقلاب إذا حدث، فأقول لهم إن أكبر دعاء وأعظم ذكر هو الصلاة بشرط أن تصلوها مؤدّين حقوقها. ولهذا قد ورد في الحديث أن النبي قال: الصلاة مخ العبادة، فمن ظفر بالمخّ فلا تبقى له حاجة في أي نوع من الأذكار والأدعية، هذا المخ الذي لا يشمل كل أنواع الأدعية فحسب، بل يشمل شتى حالاتِ الإنسان أيضا التي تُكسبه قرب الله من التواضع والتضرع والخضوع، فحين تُسمّون أنفسكم أنصار الله فأول ما يترتب على هذا اللقب من مقتضيات وأعظمها وأهمها هو أن تسجلوا أعلى مستويات عبادته .

الصلاة مخ العبادة، فمن ظفر بالمخّ فلا تبقى له حاجة في أي نوع من الأذكار والأدعية، هذا المخ الذي لا يشمل كل أنواع الأدعية فحسب، بل يشمل شتى حالاتِ الإنسان أيضا التي تُكسبه قرب الله من التواضع والتضرع والخضوع…

من واجب أنصار الله – كما قلت – أن يقدموا أسوة للأولاد والشباب أيضا بالإضافة إلى تقوية علاقتهم بالله عز وجل وإذا كان شريحة كبيرة من أنصار الله مقصرين باستمرار في أداء الصلاة، وإن لم تقصِّر الأغلبية، فهم بعدم الاهتمام بهذه الفريضة المهمة يضعِّفون علاقتهم بالله من ناحية ويرتكبون من ناحية أخرى جريمة دينية بعدم الاعتناء بفريضة دينية كما يجب. فالصلاة فريضة أداؤها غاية في الأهمية. فإن فريضة الصلاة – بعد أداء الشهادتين وبيان وحدانية الله والإيمان بالنبي – جُعلت أول وأهم أركان الإسلام، وكأن أداء الشهادتين إعلان باعتناق الإسلام باللسان، والصلاة صورة عملية له، فالإنسان إذا ادَّعى بأمور ولم يعمل بها فإنه يرتكب جريمة. ومِن المعتاد أن الناس يخضعون لقوانين حكومية، لكن ألا يعتبر مجرما من يخالف هذه القوانين الحكومية بأعماله؟ بلى! إن الإنسان بمخالفته القانون الحكومي يرتكب جريمة، كذلك فإن الذي لا يؤدي الصلاة فإنه يرتكب جريمة دينية. ثم إن مسؤولية تربية الأولاد أيضا ألقيتْ على أنصار الله، وإذا لم يقدموا أمامهم نماذج حسنة ولم يؤدوا حق هذه الأمانة فهؤلاء يصيرون مجرمين في حق الأمة. وإذا تطرق الفساد إلى القوم فإنما ذلك لأن المكلَّفين بالمسؤولية لا يؤدونها كما يجب. وإذا تطرق الفساد إلى ذرياتهم فإنما سبب ذلك النقص في دعائهم وأسلوب تربيتهم. فعندما تقولون: نحمد الله تعالى على أننا أعضاء “مجلس أنصار الله” فهذا يعني أنكم أعضاء مجلس يشمل الأنصار إلى الله في كل شيء. وهذا يعني أيضا أننا جاهزون دائما لتقديم الخدمة العملية من كل نوع لإرساء دعائم وحدانية الله ورفع راية النبي في كل أنحاء العالم. والخطوة الأولى والأساسية للخدمة العملية التي فرضها الله هي الصلاة. وعندما تقام في البيوت نماذج عملية للعبادة، وتُبيَّن فيها أهمية إقامة الصلاة، فلا بدّ أنها سوف تترسَّخ في أذهان الجيل الناشئ. وهكذا نثبِّت أجيالنا ونربيهم تربية حسنة على أسسٍ لفت الله أنظارنا إليها. وهذا في الحقيقة دور هام جدا يلعبه رب الأسرة بصمت.

فاذكروا دائما أن الضعف في أعضاء مجلس “أنصار الله” سيؤدي إلى الضعف في الأجيال القادمة. لقد صدق طفل صغير حين قال لأحد الصلحاء الكبار: لو زللتُ أنا لأصِبتُ أنا بجروح، أما لو زللتَ أنتَ لزلّ القومُ كلُّهم. ولم يستنتج الرجلُ الصالح من قول الطفل استنتاجا ظاهريا فقط بل ذهبت به أفكاره عميقا. وقال في نفسه: إن لي تلاميذ كثيرين كثيرون، وأتباعا كثيرين كثيرون، فمن شأن زلَّةٍ صغيرة في سلوكي أن تُفسد حياة أتباعي وعقباهم أيضا. فهذا هو التفكير الذي يجب على كل عضو من أعضاء المجلس أن يخلقوه في أنفسهم، عندها فقط يمكن أن تقولوا إننا أنصار الله حقيقةً، وإلا فإن عضوية مجلس أنصار الله، والانضمام إليه بعد البلوغ من العمر أربعين عاما، أو دفع التبرعات المترتبة عليهم حسب النسبة المحددة من قبل الجماعة، أو الاشتراك في السباق الخيري، أو في الاجتماع السنوي ليومين أو في بعض برامجه لا يجعلكم أنصار الله بالمعنى الحقيقي. بل إن أنصار الله بالمعنى الحقيقي هم الذين يتنبهون جيدا إلى ما أمرهم الله به، وما هي واجباتهم بصفتهم مؤمنين، وكيف يمكنهم العمل بها بإخلاصٍ ولوجه الله خالصة. فالاهتمام بالصلوات والعبادة أمر هام جدا. لذا على أعضاء مجلس أنصار الله أن يصُبُّوا عليها اهتمامهم مئة بالمئة.

وعلاوة على ذلك أريد أن أوجِّهكم إلى أمور أخرى أيضا، منها الاهتمام بالعلوم الدينية وتحصليها، وهذا لا يمكن إلا بمطالعة القرآن الكريم والأحاديث وكتب المسيح الموعود .

لقد قال النبي : “اطلبوا العلم من المهد إلى اللحد”، فطلبُ العلم فريضة على كل مسلم. لا يمكن لأحد أن يدّعي بأن لديه رصيدا علميا كبيرا ولا حاجة له بطلب العلم أكثر من ذلك. حين نطالع القرآن الكريم ونتدبر فيه تنكشف علينا مفاهيمه المتجددة دائما. وهناك من الأحاديث أيضا ما لا يفهمه أحيانا بعض العلماء أيضا كما يجب، فيستعينون بمن هو أكثر منهم علمًا في هذا المجال. ثم هناك كتب المسيح الموعود ، فكلما قرأناها انكشفت على القارئ نقاط ومعارف متجددة كل مرة. فلا يسع أحدا أن يدّعي أنه قد قرأ القرآن الكريم وترجمته بلغته وقرأ بعضا من كتب التفسير والحديث وقد أصبح عنده رصيد كاف ولم يعُد بحاجة إلى العلم أكثر من ذلك. بل يجب على كل واحد أن يهتم دائما بأن يزيد في رصيد علمه. والذين يزعمون أنهم علماء كبار فإن زعمهم هذا خاطئ تماما.

لقد قال سيدنا المصلح الموعود مرة بأن الناس لا يقرؤون جريدة “الفضل” باهتمام، ويقولون لا يوجد فيها شيء جديد بل تعاد أمور قديمة وتُنشر مقالات قديمة دائما. فالمصلح الموعود – الذي أخبر الله عنه المسيحَ الموعود أنه سيُملأ بالعلوم الظاهرية والباطنية – يقول: قد لا يجد هؤلاء المثقفون أو الذين يزعمون أنفسهم مثقفين شيئا جديدا في الجريدة – ولعلهم أكثر مني علما – أما أنا فأجد فيها شيئا جديدا دائما.

فالذي يرغب في طلب العلم فهو يقرأ دائما. حيثما وكلما وقعت يده على كتاب فهو يقرأه. والذين لديهم علم فليضيفوا إليه شيئا فشيئا، والذين يملكون من العلم قدرا يسيرا فلينتبهوا إلى الإضافة إلى رصيدهم العلمي حتى يزيدهم هذا العلمُ معرفةً من ناحية ومن ناحية ثانية يكونون أسوة لأولادهم أيضا. فحين يرى الأطفالُ في البيوت آباءَهم يقرؤون كتبا دينية يهتمون هم الآخرون أيضا بقراءتها في صغر سنهم. والمعلوم أن هذا العلم ينفع كثيرا في مجال الدعوة والتبليغ. هناك عدد لا بأس به من أعضاء مجلس أنصار الله ليس لديهم عمل أو وظيفة. فبدلا من أن يظلوا جالسين في البيوت فارغين يجب على مجلس أنصار الله أن يضع لهم برنامجا يُستخدَم فيه أعضاؤه في مجال التبليغ. وعلى أعضاء المجلس – الذين يوجد عندهم متسع من الوقت – أن يقدموا أنفسهم ويساعدوا في هذا المجال. لقد طلبت من الجماعة ومن المنظمات الفرعية أيضا أن يحاولوا تبليغ دعوة الأحمدية أي الإسلام الحقيقي إلى جميع شرائح المجتمع. فعليهم أن يخططوا لعشر سنوات قادمة حتى نتمكن من تعريف الإسلام والجماعة ولو بشكل بسيط لأهل بريطانيا في السنوات العشر القادمة. ولنيل هذا الهدف لا بد من تعريف الجماعة لعُشر عدد السكان في البلاد كل عام.

ففي المرحلة الابتدائية يمكن أن تحتوي الدعوة على نبذة تعريفية وجيزة لماهية دعوة المسيح الموعود والهدف من بعثته، وضرورة الدين بشكل عام. وفي هذا الصدد يمكن أن تُنشر ورقة أو ورقتان مختصرتان تحتويان على مادة بسيطة بالإضافة إلى عنوان موقعنا وقناتنا الفضائية. وكما هو ملاحَظ أن الراغبين في معلومات أكثر يهتمون بالموضوع من تلقاء أنفسهم. فهذا الأسلوب أفضل من عقد احتفال توزَّع فيه على بعض الناس كتب ضخمة لا يقرأونها عادة فتضيع بدلا من أن يستفيد منها غيرهم. فأولا عليكم أن تفحصوا فيما إذا كان الشخص الذي تعطونه كتبا مهتما بها أو بالدين بشكل عام أم لا.

فأولا ينبغي أن تصل إلى كل شخص ورقة تحتوي على تعريف بالجماعة، ثم تُفتح أبواب أخرى رويدا رويدا. إذا كان أعضاء مجلس أنصار الله من الذين ليس لديهم شغل أو وظيفة ويجدون متسعا من الوقت، أو ممن لا يستطيعون أن يقوموا بعمل شاق لأسباب صحية، أو ممن منعهم الأطباء من العمل فهم يستطيعون أن يقوموا بواجب التبليغ على الأقل. ويستطيعون أن يلعبوا دورا هاما جدا في تبليغ الدعوة. وبالإضافة إلى ذلك عندما يضعون قدمهم في مجال التبليغ العملي يتوجهون تلقائيا إلى الأدعية ورفع مستواهم في العلوم الدينية، ثم يزدادون انتباها إلى هذه الأمور مما يساعدهم على التقدم في الروحانية بإذن الله. فمن المهم أن يقدم الإخوة أنفسهم في مجال الدعوة والتبليغ بشوق وحماس.

والأمر الثاني والمهم هو تقديم التضحيات المالية في سبيل الدين. وقد وجّهتُ أنظار الإخوة من قبل أيضا إلى أن في مجلس أنصار الله شريحة من الإخوة الذين بلغوا الذروة في براعتهم المهنية، وكذلك رواتبهم المالية عالية. لذا عليهم أن يرفعوا مستوى تضحيتهم المالية ويدفعوا في سبيل الدين أيضا نصيبه من مدخولاتهم.

فتيقنوا أن الله تعالى سوف يهب الخلافة والمسيح الموعود أنصارا للدين بشكل مستمر أيضا. وعليه فإن مؤسسة «أنصار الله» ستبقى قائمة لكونها تضم أفرادا ينصر بهم الله تعالى الدين. فإذا كان أحد أفرادها غير مستعد لنصرة الدين فسوف يأتي الله بأفراد وأقوام آخرين بحسب وعده وسيبقى نظام أنصار الله جاريا مستمرا إلى الأبد.

لقد قلت سابقا أن يحاول الإخوة في الصف الثاني في مجلس أنصار الله الاشتراك في نظام الوصية، فانتبهوا إلى هذا الأمر وبالتالي قد انضم معظمهم إلى نظام الوصية – بل يجب عليهم أن ينضم إليه جميعهم – فالحمد الله على ذلك. أما إذا كان هناك قصور في هذا الصدد فلا بد أن تتم محاولات لملء هذا الفراغ على مستوى مجلس “أنصار الله” المركزي. وإذا كانت أعمالكم لا ترقى إلى الدرجة المطلوبة فيجب السعي لذلك، لأن بعض الناس يقولون إن أعمالنا ليست جديرة بحيث نشترك في نظام الوصية. ولكني أقول لهم أن يبادروا في الاشتراك في هذا النظام حتى لو كانت أعمالهم على الحالة التي يذكرونها، فلعل الله تعالى ينفخ فيهم روح البر والعمل الصالح بسبب بركة اشتراكهم في هذا النظام. ويكتب إليّ كثير من الناس أنهم وفقوا للصالحات تلقائيا بعد انضمامهم إلى نظام الوصية مما يزيدهم تقربا إلى الله تعالى وتركيزا على الأدعية وعلى أداء الصلوات – كما يجب – وعلى التضحيات. على أية حال، فإن الوصية تبعث على رفع المستويات الروحانية. لا شك أن الأنصار من الصف الأول – الذين أعمارهم من 70 إلى 75 عاما أو أكثر من ذلك – يسعون للاشتراك في نظام الوصية ويراعي المركز ظروفهم الخاصة وبناء عليها يقبل وصية البعض أو يرفضها، ولكن على الأنصار من الصف الثاني – الذين أعمارهم من 40 إلى 55 عاما – أن يسعوا للوصية بشكل خاص، كما يجب الانتباه إلى الاشتراك في الصناديق المالية الأخرى أيضا. تمعنوا في اسمكم “أنصار الله” ثم انظروا إلى التضحيات التي تقومون بها وحاسبوا أنفسكم، واستفتوا قلوبكم إذا كنتم حقًّا تؤدون مسؤولياتكم تجاه كونكم أنصار الله أم لا. وإذا فكرتم على هذا النحو فلا بد أن ترتفع مستويات التضحيات والتغييرات الطيبة في نفوسكم. ثم إن ارتفاع هذه المستويات يكفل للجماعة حياتها وازدهارها الروحانيَين. ومن إحدى مهام “أنصار الله” أيضا العلاقة الوثيقة مع الخلافة والسعي لتقوية نظام الخلافة، وبفضل الله تعالى يسعى لذلك جميع أفراد الجماعة، ويتسابقون في إظهار نماذج الإخلاص، ولكن على “أنصار الله” أن يراقبوا هذا الوضع حتى لا تتوقف هذه المستويات في مكان ما بل يجب أن تظل في ازدياد وارتفاع مستمر. إذا كنتم ترون أن هذا وعد من الله – وهو وعد من الله – أن الخلافة ضرورية للمؤمنين، وقد ذكرها القرآن الكريم بقوله:

  وَعَدَ الله الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الأَرْضِ (النور 56)،

فإنه تعالى قد وعد أنه يقيم في المؤمنين نظام الخلافة وأن جماعة المؤمنين تتبع كل ما يأمر به هذا النظام وتطيعه لدرجة تصبح الجماعة والخليفة اسمان لكيان واحد، فيصبح أفراد الجماعة أعضاءً للخليفة ويصبح الخليفة بمنـزلة القلب والذهن في هذا الكيان. وإذا فكر كل واحد على هذا النحو فلا يمكن أن يصرّ أحد على قراراته وعلى نكاته العلمية وعلى أعماله الخاصة. لم يرَ العالم قطّ هذا المشهد بحيث يأمر الدماغُ – في جسم ما – اليدَ بشيء فترفض وتقوم بعمل آخر. إن الذين آمنوا وعملوا الصالحات والذين يعبدون الله حق عبادته يصبحون بحسب وعد الله تعالى جزءا من هذا الجسم الذي يكون تابعا للدماغ، ويصبحون جزءا من هذه الجماعة التي كان قد قُدّر لها أن تتأسس بيد المسيح الموعود في الزمن الأخير وتلحق بالأولين، وبسبب أعمالهم يأخذون نصيبا من ذلك الإنعام الإلهي الذي لن ينقطع إلى يوم القيامة. يجب أن يتذكر “أنصار الله” دوما أنهم لن يأخذوا نصيبا من هذا الإنعام ما لم يضعوا في اعتبارهم دوما أنهم يمثلون جزءًا هامًّا في ذلك الجسم (أي جسم الجماعة)، وإن حياة هذا الجسم وبقاءه منوط بسلامة أعضائه. كما عليهم أن يتذكروا أن من واجبهم – بعد اتخاذهم لأنفسهم اسم “أنصار الله” – أن يجعلوا أنفسهم الجزء الأهم من الجماعة وذلك بأن تكون نماذجهم العملية وتغييراتهم الحسنة أكثر وأفضل بكثير من أعضاء المنظمات الفرعية الأخرى من الجماعة. كما يجب أن تكون مستويات تضحياتهم المالية أكبر من الآخرين، ونشاطاتهم التبليغية أكثر من الآخرين، وتكون مستوياتُ عبادتهم أيضا أرفع من الآخرين. وإن حصل ذلك فستكونون أنصارا حقيقيين لله تعالى. لقد وعد الله تعالى المسيح الموعود أن يهب جماعته الغلبة ويكتب لها الرقي والازدهار. لا شك أن الجماعة واجهت وستواجه عراقيل كثيرة ولكنها ستظل تحقق الرقي والازدهار. فإذا كان هذا وعد الله تعالى – الذي وعد باستمرار نظام الخلافة أيضا – فتيقنوا أن الله تعالى سوف يهب الخلافة والمسيح الموعود أنصارا للدين بشكل مستمر أيضا. وعليه فإن مؤسسة “أنصار الله” ستبقى قائمة لكونها تضم أفرادا ينصر بهم الله تعالى الدين. فإذا كان أحد أفرادها غير مستعد لنصرة الدين فسوف يأتي الله بأفراد وأقوام آخرين بحسب وعده وسيبقى نظام أنصار الله جاريا مستمرا إلى الأبد. فيجب أن تسعوا دائما ليصبح كل واحد منكم ناصر الدين ويؤدي هذه المهمة خير أداء معتبرًا إياها منة من الله. إن رقي الجماعة وازدهارها الذي نراه في هذه الأيام ليس هو نتيجة مساعي فرد خاص أو جماعة معينة أو أنصار هذه الجماعة أو تلك، بل هو فضل من الله تعالى وهو نتيجة مساعي الجماعة كلها التي يبارك الله فيها فنأكل ثمراتها اليوم، وسنظل نجني هذه الثمار الطيبة إلى الأبد. لقد برهن أجدادنا على كونهم أنصار الله الحقيقيين فقدموا تضحيات للدين بكل إخلاص ووفاء، وأصبح من واجبنا اليوم أن نركز على الدعاء ونبذل جهودًا خاصة لنسهّل هذه الطرق لمن خلفنا. يقول سيدنا المسيح الموعود : “لقد قلت مرارا إن جماعتنا والمسلمين الآخرين يشتركون في اسم الإسلام بصورة ظاهرة إذ أنتم مسلمون وإنهم أيضا يُدعون مسلمين، وأنتم تنطقون بالشهادتين كما أنهم أيضا ينطقونهما، تدّعون اتباع القرآن كما يدّعون ذلك أيضا. فإنكم سواء في الادعاءات. ولكن تذكروا أن الله تعالى لا يرضى بالادعاءات الفارغة ما لم ترافقها حقيقة أو شهادة فعلية أو تغيير طيب في سلوك الإنسان.

قال حضرته: لا بد من معرفة حقيقة البيعة والالتزام بها. وحقيقة البيعة أن يُحدث المبايع في نفسه تغييرا حقيقيا ويولّد في قلبه خشية الله تعالى، ويجب أن يعرف الغرض الحقيقي من البيعة وبالتالي يقدم في حياته نموذجا حسنًا لها. فإن لم يفعل ذلك فلا فائدة من البيعة.”

يقول حضرته: “من واجبنا تبليغ الناس وإسداء النصح لهم. نلاحظ أن جماعتنا هذه قد أحرزت شوطا كبيرا في الإخلاص والمحبة، وهناك ألوف من الناس قد حققوا رقيا ملموسا في المحبة والإخلاص إلا أنهم في بعض الأحيان – بسبب عاداتهم القديمة أو بضعفهم البشري – يخوضون في الأمور الدنيوية بحيث يؤدي خوضهم هذا إلى تغافلهم عن الدين. أما هدفنا فهو أن يكونوا طاهرين ومخلصين لدرجة لا يقيمون للأمور الدنيوية أدنى اهتمام مقابل الدين، وتزول عنهم أنواع من الغفلة التي تؤدي إلى الابتعاد عن الله تعالى.”

قال حضرته:

“لذلك من الضروي جدًّا أن تستحضروا دوما عهدًا قطعتموه وهو أنكم ستؤثرون الدين على الدنيا، وأن تقدموا من حياتكم نموذجا عمليا لهذا العهد. تذكروا أنه لا ضمان لحياة الإنسان إذ إن كثيرا من رفاقنا أيضا يفارقوننا كل سنة.”

وفقنا الله تعالى أن نقضي حياتنا ونرفع فيها مستويات عبادتنا وفق تلك المناهج  التي يريدها الله تعالى ورسوله والتي أكد عليها المسيح الموعود . آمين.

Share via
تابعونا على الفايس بوك