لا يغرنكم مجدُ غابرٍ وكبرياء قاهر

لا يغرنكم مجدُ غابرٍ وكبرياء قاهر

التحرير

مما لا شك فيه أن أنباء الله التي جرت على لسان مرسليه مبشرةً أو منذرةً للأقوام عبر مختلف الأزمنة والعصور كانت صادقة الوعد والتحقق. فكان الأنبياء أول من أيقن بها وصدقها قبل غيرهم، فكانوا أول المؤمنين باعتبارهم مَحَطَّ وحي وإلهام رب العزة ذي الجلال والإكرام. وكانت زُمَرُ المؤمنين بالمرسلين دائما تُوقِنُ في قرارة نفسها أن وعد الله آت لا مبدل لكلماته، بينما كانت زُمرُ المكذبين دوما تحاول التشكيك والسخرية من النبوءات التي يعلنها رسل الله بغية تحقير شأنهم وتَسْفِيهِ مُنْطلقَاتِهِم وإعلاناتهم المقدسة ونسبها إلى ضرب الافتراء والاختلاق. هكذا كانت سنة المكذبين تجاه مبعوثي السماء حتى أتى أمر الله عليهم بغتة وهم عن الصراط ناكبون، وللحق جاحدون، وفي ظلماتهم قابعون، فأشرقت عليهم الأرض بنور ربها ولو بعد حين، فحَصْحَصَ الحق ببرهانه، وعَلتْ راية صدق المرسلين خفاقة في عليين.

إن البشارات والنبوءات الغيبية تحمل بين طياتها رسائل هداية وإرشاد وتبصرة للغافلين. وهي في نفس الوقت اختبار للمؤمنين لينكشف إيمانهم بجلاء ليميز الله أهل الإيمان ويفصل بين الخبيث والطيب. فمتى سطع ومِيضُ نبأ الله في السماء الروحانية اشْرَأَبَّتْ أعناق المؤمنين تهتدي به اهتداء السفن الضالة بالنجوم في ليلة مظلمة، وفي بحرٍ هائج، فتصل إلى بر الأمان آمنة مطمئنة وأعينهم تفيض من الدمع مما عرفوا من الحق. بينما المكذبون يغرقون في طوفان تكذيبهم، فتُغرِقُهُم أمواجُ فتنٍ هي كالطود العظيم، فتأتي عليهم من كل جانب، إذ لا مفر لهم من أمر الله ولا ملجأ يعصمهم منه إلا التوبة إليه وشهادة أن وعد الله حق وأن الرسول حق وأنهم كانوا مخطئين حينما أصرُّوا على الحنث العظيم وتكذيب من اصطفاهم الله واجتباهم لتبليغ رسالاته.

كما تحمل النبوءات بين طياتها شروط تحققها في قالبِ إشارات خفية تكون تارة واضحة لمن له عينان وأخرى مفصلة جلية غراء كي تتم الحجة على المكذبين. ولنا في نبوءة سيدنا الإمام المهدي الشهيرة حول “محمدي بيغم” أحسن دليل على ما نقول. وبإمكان القارىء الكريم دراسة تفاصيلها ووقائعها في هذا العدد ضمن زاوية “السيرة المطهرة”.

فهلموا إلى هذا الفتح الجديد الذي طالما انتظره آباءٌ وأجدادٌ، فتح روحانيٌّ موعود.. سيفُه القرآن، ودِرعُه الإيمان، وفارسه إمام الزمان وخليفة العصر والأوان. فهلُمُّوا ليكون لكم حظُّ في غلبة الإسلام في زمن الآخَرين كما كان لمن قبلكم حظُّ في زمن الأولين!!

فها نحن يا سادة يا كرام يا أبناء الأمة الإسلامية نرفع نداء دراسة نبوءات القرآن الكريم آملين أن تعتبروا ممن كان قبلكم ولا يغرنكم مجدُ غابرٍ وكبرياء قاهرٍ على تفحص حالكم وأحوالكم في ضوء ما أنبأ به المصطفى أنكم ستتبعون سنن من كان قبلكم شبرا بشبر وذراعا بذراع !!! فيا إخواننا هلموا وانظروا حولكم وفتِّشوا في أنباء الله ورسوله خصوصا بعدما نطقت السماء بكلماتها، والأرض بعلاماتها، وشهدت الدنيا أن نبوءات الله ورسوله حقٌّ كالشمس في كَبِدِ السماء. فها أنتم ترون هذا الزمان كيف أُسدِلَتْ فيه بحسب نبوءات المصطفى غُيُوم سوداءُ على ديارِ الإسلام، وعمَّت الفتنة الكبرى أرجاءكم، وأحاطتكم فتنة الدَّجال في عقْرِ دياركمْ، تُنصِّرُ أبناءكم وتُوجِّه الطعن لدينكُم وأنتم مُعجبون بِسحرِهِ وزُخرُفه! وسُلِّط يأجوجُ ومأجوجُ على برِّكم وبحرِكُم وجوِّكم وخيرَاتكم .. يسُومُكُم سُوءَ العذَابِ، فأصبحتم أضعفَ منَ الأيتام على مأدبَةِ اللِّئَام، وأنتم بالرغم من كثرتكم وتعدُّدِ أعلامكم كغثاء السيل! فهلاّ نظرتم في مرآة كتاب الله وأقوال رسول الله إلى التحذير والإنذار والتنبيه والتفسير!! فوالله الذي بعث رسول الله بالحق إنَّ هذا لهو البلاء العظيم الذي فيه اليوم تُمتحنون بعدما سطع صدق كلام سيدنا الإمام المهدي في الآفاق فجعله الله حُجَّة عليكم وعلى غيركم، رغم طعنِ البعض وتسفيههم! فما كان الله ليظلمكم وأنتم له مطيعون، وما كان لكم أن تكونوا أسفل سافلين بعدما كنتم في عِليِّين لو استجبتم لحجة الله هذا الذي سطع نجمه وبزَغت شمسُهُ أحمديةً محمديةً مباركة والتي أشرقت وما تزال تشرق أشعتها ببشائر ملاحِم عُظمى للإسلام ومفاخر علياء لأمة خير الأنام. فهلموا إلى هذا الفتح الجديد الذي طالما انتظره آباءٌ وأجدادٌ، فتح روحانيٌّ موعود.. سيفُه القرآن، ودِرعُه الإيمان، وفارسه إمام الزمان وخليفة العصر والأوان. فهلُمُّوا ليكون لكم حظُّ في غلبة الإسلام في زمن الآخَرين كما كان لمن قبلكم حظُّ في زمن الأولين!!

فلا تغرنكم جُموعُ التكذيب التي تغْترُّون بكثرتها، فلن تضُرَّ الله ومبعوثه شيئا فهي بحسبِ وصف المصطفى “فيج أعوج”! واعلموا أن وعد الله متحقق رغم أنف المكذبين، وسيكون النصر حليف عبده المهدي، وسينشر ذكر جماعته في العالمين وسيهرع إلى ظل خلفائه الطاهرين أفواج الخلق من كل الألوان والأجناس والبلدان تلبي نداء السماء: ربنا إننا سمعنا مناديا ينادي للإيمان أن آمنوا بربكم فآمنا.

وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على أشرف المرسلين سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين إلى يوم الدين، آمين.

Share via
تابعونا على الفايس بوك