«هو يدعو الزمان والزمان يدعوه»

«هو يدعو الزمان والزمان يدعوه»

محمد طاهر نديم

مما لا شك فيه أن أنجع وسيلة للتخلص من المرض هو تشخيصه كمرحلة أولى، ثم تناولُ الدواء المناسب كمرحلة ثانية. وبناء على هذه القاعدة نلفت أنظار الرأي العام – من خلال ندواتنا ونقاشاتنا – إلى الحالة المتدنية التي وصل إليها المسلمون اليوم، وأنه لا خروج لنا من هذا الواقع المر إلا باتباع ذلك المصلح السماوي العظيم الذي تنبأ به خير الخلق كافة سيدنا محمد المصطفى ، ليعيد الأمور إلى نصابها، ويصلح ما فسد، ويقيم ما اعوجّ. ولكن يا حسرتاه! فغالبا ما ترتفع أصوات على الساحة الإسلامية تؤكد على أنه لم يفسد شيء، فالناس لا يزالون بخير. القرآن موجود، والعلماء والمشائخ لا ينفكّون يلقون مواعظ تفيض بالنصح والعلوم الدينية، فلم يتغير شيء أبداً حتى يأتي أحد لإصلاحه.

ولكن الحقيقة ليست كذلك، والأمور ليست على ما يرام. ورَحم الله من قال: إنك تستطيع أن توقظ النائمين ولكن لا تستطيع أن توقظ المستيقظين!! إن هؤلاء المستيقظين يتناسون ما ورد في هذين الحديثين:

{عَنْ زِيَادِ بْنِ لَبِيدٍ قَالَ ذَكَرَ النَّبِيُّ شَيْئًا فَقَالَ ذَاكَ عِنْدَ أَوَانِ ذَهَابِ الْعِلْمِ قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ وَكَيْفَ يَذْهَبُ الْعِلْمُ وَنَحْنُ نَقْرَأُ الْقُرْآنَ وَنُقْرِئُهُ أَبْنَاءَنَا وَيُقْرِئُهُ أَبْنَاؤُنَا أَبْنَاءَهُمْ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ قَالَ ثَكِلَتْكَ أُمُّكَ زِيَادُ إِنْ كُنْتُ لَأَرَاكَ مِنْ أَفْقَهِ رَجُلٍ بِالْمَدِينَةِ أَوَلَيْسَ هَذِهِ الْيَهُودُ وَالنَّصَارَى يَقْرَءُونَ التَّوْرَاةَ وَالْإِنْجِيلَ لَا يَعْمَلُونَ بِشَيْء} (سنن ابن ماجه, كتاب الفتن){عَنْ أَبِي الدَّرْدَاءِ قَالَ كُنَّا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ فَشَخَصَ بِبَصَرِهِ إِلَى السَّمَاءِ ثُمَّ قَالَ هَذَا أَوَانُ يُخْتَلَسُ الْعِلْمُ مِنْ النَّاسِ حَتَّى لَا يَقْدِرُوا مِنْهُ عَلَى شَيْءٍ فَقَالَ زِيَادُ بْنُ لَبِيدٍ الْأَنْصَارِيُّ  يارسول الله وكَيْفَ يُخْتَلَسُ مِنَّا وَقَدْ قَرَأْنَا الْقُرْآنَ فَوَاللَّهِ لَنَقْرَأَنَّهُ وَلَنُقْرِئَنَّهُ نِسَاءَنَا وَأَبْنَاءَنَا فَقَالَ ثَكِلَتْكَ أُمُّكَ يَا زِيَادُ إِنْ كُنْتُ لَأَعُدُّكَ مِنْ فُقَهَاءِ أَهْلِ الْمَدِينَةِ هَذِهِ التَّوْرَاةُ وَالْإِنْجِيلُ عِنْدَ الْيَهُودِ وَالنَّصَارَى فَمَاذَا تُغْنِي عَنْهُمْ قَالَ جُبَيْرٌ فَلَقِيتُ عُبَادَةَ بْنَ الصَّامِتِ قال: قُلْتُ أَلَا تَسْمَعُ إِلَى مَا يَقُولُ أَخُوكَ أَبُو الدَّرْدَاءِ فَأَخْبَرْتُهُ بِالَّذِي قَالَ. قَالَ صَدَقَ أَبُو الدَّرْدَاءِ إِنْ شِئْتَ لَأُحَدِّثَنَّكَ بِأَوَّلِ عِلْمٍ يُرْفَعُ مِنْ النَّاسِ الْخُشُوعُ يُوشِكُ أَنْ تَدْخُلَ مَسْجِدَ جَمَاعَةٍ فَلَا تَرَى فِيهِ رَجُلًا خَاشِعًا}  (سنن الدرامي، كتاب المقدمة)

كما يتناسى هؤلاء المستيقظون ما كان ولا يزال يعترف به كبار علماء المسلمين بهذا الصدد منذ فترة طويلة. والحق أن هذه الاعترافات صرخة أليمة تدعو بلسان حالها مصلحاً سماوياً يتدارك وضع الأمة المسلمة، فيضع بلسماً على جروحها، ويشفيها من أمراضها، ويخلصها من آلامها. نورد فيما يلي، على سبيل المثال، بعض ما قاله العلماء الكبار والمشائخ العظام، والأدباء والكُتاب والساسة والصحف والمجلات، عما آلت إليه حالة المسلمين. ونترك الحكم للقارئ الكريم فيما إذا كان هذا هو الزمن الذي ينطبق عليه الحديث النبوي الشريف القائل: “يأتي على الناس زمان لا يبقى من الإسلام إلا اسمه، ولا من القرآن إلا رسمه، مساجدهم عامرة وهي خراب من الهدى، علماؤهم شر من تحت أديم السماء، من عندهم تخرج الفتنة وفيهم تعود.” (مشكاة المصابيح، كتاب العلم)

فإليك الآن أيها القارئ الكريم هذه الأقوال والآراء، والتعليقات والكتابات.

رأي السلف الصالح وأبرار الأمة

  • يقول الإمام الغزالي رحمه الله الذي يحتل مكانة سامية بين مفكري الإسلام:

“فأدلة الطريق هم العلماء الذين هم ورثة الأنبياء، وقد شغر منهم الزمان ولم يبق إلا المترسمون. وقد استحوذ على أكثرهم الشيطان، واستغواهم الطغيان، وأصبح كل واحد بعاجل حظه مشغوفا، فصار يرى المعروفَ منكرا والمنكرَ معروفا، حتى ظلَّ علمُ الدين مندرساً، ومنارُ الهدى في أقطار الأرض منطمساً. ولقد خَيَّلُوا إلى الخلق أن لا علم إلا فتوى حكومة تستعين به القضاة على فصل الخصام عند تهاوش الطغام، أو جدل يتدرع به طالب المباهاة إلى الغلبة والإفحام، أو سجع مزخرف يتوسل به الواعظ إلى استدراج العوام”. (الإملاء عن إشكالات الإحياء للإمام الغزالي وهو ملحق بكتابه إحياء علوم الدين ج 5، ص 219- 220 دار الحديث القاهرة)

هذا ما قاله الإمام الغزالي رحمه الله قبل زمان طويل، فما بالك الآن؟

  • كذلك يقول ولي الله الشاه الدهلوي ما معناه: ” إذا أردت أن ترى نموذج اليهود، فانظر إلى العلماء السوء العاكفين على الدنيا… كأنهم هم”. (الفوز الكبير مع فتح الخبير في أصول التفسير ص10، الباب الأول، المطبعة المحمدية)

لسان الصحف والمجلات

  • جاء في افتتاحية جريدة “الفتح” المصرية العدد 450 ما يلي: “ماذا أُعدّد من عِلَلنا التي أُصبنا بها، لأننا ليس لَنا قيادة. وأقسم بالله، لو لا أن الله نهانا عن اليأس والقنوط لقلتُ: إن هذه الأمة تعاني اليوم ألامَ النزع، ولن يرجى لها حياة بعد هذا أبداً.”
  • وتقول “المجلة الأزهرية” في عددها الصادر في جمادى الثانية 1352 هـ وهي تعرب عن يأس تجاه حالة المسلمين: ” … ولكن ما الحيلة وقد ابتعد الناس عن الدين والخلق المتين، حتى كاد ينقض من الأساس.”
  • قالت جريدة “وكيل” الهندية في عددها 15/1/1927م: ” لقد حذا المسلمون حذو اليهود والنصارى في الحياة الفردية أوّلاً، والآن أصبحوا يحذون حَذْوَهم في الحياة الاجتماعية أيضا.”
  • وكتبت جريدة “الجمعية” الناطقة باسم المشائخ والصادرة في دلهي، في عددها 4/4/1926م وهي تتحدث عن الحالة الراهنة للأمة الإسلامية: “زال الستار دفعة واحدة وشاهدت الدنيا بوضوح أنه إذا كانت الأمة المسلمة تعني جماعةً متحدةً أو مسْبحَةً مرتبطةً، فلا وجود اليوم للأمة المسلمة بمعناها الحقيقي. إنها بمثابة أوراق منتشرة أو حبات مسبحة متناثرة، أو بضع خراف ضالة لا قطيع لها ولا راعي.”
  • وكتبت جريدة “زميندار” الصادرة بالهند في عددها 18/9/1925م مخاطبةً مسلمي الهند بلسان رسول الله : “إنكم تُدعون أمتي، ولكن لا تأتون بأعمال الوثنيين واليهود. لقد اتصفتم بصفات قوم عاد وثمود. تعبدون بعلاً ويغوثَ ونسراً ويعوقَ، وتَذَرون ربَّ العالمين، وأكثرُكم يسيئون إلي؟”
  • ثم قالت جريدة “زميندار” في عدد آخر: “هدرُ الوقت في النزاعات السخيفة وتشويه سمعة الآخرين أصبح شعار المسلمين اليوم، رحم الله هذا القوم الضالين”. (جريدة زميندار، ديسمبر 1926م)
  • تقول جريدة “زميندار” 14 آب/أغسطس 1915م معترفة بهذه الحقيقة كالآتي: ” عندما تأتي أيام هلاكِ قوم وجعلهم هباء منثورا في جو السماء، تُسلب من أعيانهم القدرةُ على القيام بالحسنات. ويسلَّم أمر هلاكهم إلى أعمال سيئة لأهل النفوذ منهم. ويكون هذا قدراً من الله. إن سيئات مسلمي الهند قد ظهرت عواقبها منذ فترة طويلة في صورة المرشدين الكاذبين والمشائخ الجهلة والزهاد المرائين، الذين لا يخافون الله، ولا يعيرون للرسول اهتماما، كما لا يحترمون الشرع ولا القِيم العُرفية. إن هذه الطبقة من ذوي النفوذ والسلطة الذين يُقيّدون في حبائل تزويرهم ومكائدهم ألوفاً من الناس يرتكبون باسم الإسلام جرائم يندى لها جبين إبليس خجلاً”.
  • ثم تقول جريدة “زميندار” في عددها المذكورآنفا: “لقد تجاوزت منذ بضعة أيام مساوئُ هذه الفئة الشريرة (يعني المرشدين الكاذبين والمشائخ الجهلة والزهاد المرائين) التي تعكس الشرك والفسق لدرجة أنه لو قلَّبتْ غيرة الله تعالى العالَمَ الإسلامي كله رأساً على عقب عقاباً لجرائمهم لما تعجب على ذلك أبدا أحدٌ من الذين أوتوا نصيبا من البصيرة”.
  • والآن تعالوا نقرأ معاً ما جاء في مقال للجريدة نفسها في عددها 14 يونيو/حزيران 1925م: “نرى أن المسؤولين عن دمار المسلمين، هم أولئك المشائخ والعلماء “الجاهلين” الذين قد أكَّدوا دائما وفي كل زمان على صداقتهم للكفر”.
  • ثم نشرت الجريدة نفسها في عددها 15 أبريل/نيسان 1929م بلسان أحد المشائخ كالآتي: “أنا أيضاً أُعَدّ من جماعة العلماء لذا أعرف حقيقتهم جيدا. أطلب من المسلمين بكل قوة ألا يغضّوا الطرف عن العلماء ولا للحظة، بل يجب أن يُخرجوهم من سياستهم ودينهم دفعة واحدة، لأنهم لا يعرفون السياسة ولا يعرفون حقيقة الدين. إنهم بارعون في الخداع والدجل فقط، وهم عبيد أهوائهم الشخصية. إنهم ليسوا هداة بل هم قطاع الطرق”.
  • وقالت جريدة “البشير” الصادرة في “أوتاوه” في عددها سبتمبر 1925م: “إن حالة التشتت والفرقة التي كانت سائدة بين اليهود حين بعثة النبي لو قرأتم تاريخها ثم قارنتموها بحالة علماء المسلمين في الوقت الراهن لبدا لكم جليا أن حالة كثير من علماء الإسلام اليوم نسخة منتسخة من علماء اليهود والنصارى في ذلك الوقت.”
  • ونشرت جريدة باكستانية إحصائيات عن المسلمين جاء فيها: “يبلغ عدد المسلمين حالياً في العالم قرابة مليار نسمة، ستون مليوناً منهم أميّون لا يعلمون القراءة والكتابة، حتى إن معظمهم يعجزون عن قراءة القرآن الكريم أيضاً.” (سائنس ميغزين كراتشي ص 8 العدد الصادر في 16 يونيو 1989) وجاء في مجلة أخرى: “لقد انغمست أغلبية مسلمي العالم في الفسق والفجور ناهيك عن الكفار.” (مجلة “معارف الإسلام” الصادرة في لاهور عدد أغسطس 1972 ص 4)
  • وكتبت مجلة “انقلاب” في عددها 2/5/1930م: “لا بد أن نعترف نظرا إلى حالة المسلمين الراقدة الراهنة أنهم لا يملكون ذرة من الحق وإلا فلماذا لا يجدون في أنفسهم رغبة جامحة في نشر الإسلام وإشاعته في العالم؟
  • تقول جريدة “أهل الحديث” في لاهور: “لقد شجب القرآن الكريمُ اليهودَ بأنهم يؤمنون ببعض الكتاب ويكفرون ببعض. والأسف كل الأسف أن هذا العيب يوجد اليوم فينا نحن أهل الحديث أيضا.

الأسلوب الذي نريد به إصلاحَ معارضينا يتسبب في نشر الضلال بدلا من الهدى”. (جريدة أهل الحديث عدد 19/4/1907 م)

  • ثم تقول الجريدة نفسها عن أحوال المسلمين المتردية في مصر كما يلي: “لو ألقى مسلم مخلص سليمُ المعتقد نظرةً على حالة المصريين الدينية لانخلع قلبه وانشق كبده إذ إنهم قد أدخلوا البدعات والخرافات في الإسلام لدرجة لم يسلم منها شعيرة من الشعائر الدينية…. حتى لم يسلم الأذان أيضا من شوائب البدعة…. إذ إن المؤذّن يرتقي المنارة وينشد بصوت عال وبألحان جميلة أبياتاً من قصيدة البردة وذلك قبل رَفْعِ الأذان، ثم يبدأ بالأذان…و الأسف كل الأسف أن هذه البدعة لم تنحصر في مصر فحسب بل تعدت حدودها لتغزو الحجاز أيضاً.” (أهل الحديث 28 يناير 1921م)
  • ثم تقول هذه الجريدة في عددها 20/12/1921م: “نحن أناس قد سُلبت قوانا. لقد فُقدت منا الشجاعة نهائيا، وضعفت الأعضاء، وانعدم البحث عن الحق من قلوبنا. بل لو قلنا إن الأعضاء كلها قد عطبت ولم يبق إلا فم ولسان فقط لأصبنا الحقيقة”. ألا ينطبق على الحالة المذكورة آنفاً الحديث النيوي الشريف التالي حيث قال النبي : إن الله لا يقبض العلم انتزاعا ينتزعه من العباد، ولكن يقبض العلم بقبض العلماء، حتى إذا لم يُبق عالما اتخذ الناس رؤوساً جهّالاً، فسُئلوا فأفتَوا بغير علم، فضلّوا وأضلّوا”. (البخاري، كتاب العلم، باب كيف يقبض العلم)
  • ثم قالت جريدة “أهل الحديث” في عددها 1/3/1968م عن العلماء: “إن تصرفاتهم تذكّرنا بقول الرسول : مساجدهم عامرة وهي خراب من الهدى، علماؤهم شر من تحت أديم السماء، من عندهم تخرج الفتنة وفيهم تعود. (البيهقي)”.
  • وتقول الجريدة نفسها في عددها 5 سبتمبر1969م: “أحدهم سأل المولوي التهانوي المرحوم: لماذا يسرق هؤلاء الأحذية (من المساجد!) مع كونهم مشائخ، ويقومون بمشاحنات …. ويفعلون كذا وكذا، لماذا يحدث كل هذا؟ فأجاب: يا صاحبي! لا يتحول الشيخُ إلى السارق بل السارق يصبح شيخا”.
  • ثم تقول المجلة في العدد نفسه: “الناشئة الذين قام المولوي غلام غوث الهزاروي (الزعيم المعروف لجمعية علماء الإسلام) بتربيتهم بلسانه البذيء يقدمون اليوم ولن يزالوا يقدمون نماذج الشتائم والسباب التي لم يسبق لها نظير. وسيأتي وقت حين يقوم هؤلاء الناشئة في وجهه بالأسلحة نفسها مما سوف يجعله يتحسر”.
  • وكتبت مجلة “ترجمان الوهابية” ص 41-42 وهي تترقب ظهور الموعود: “لم يبق سوى الشهرين فحسب من انقضاء القرن الثالث عشر ثم يبدأ القرن الرابع عشر في 1884م، وسيتم نزول عيسى وظهور الإمام المهدي وخروج الدجال… لأنه من المقدر أن يحدث ذلك عندما تملأ الأرض ظلماً وجوراً، ويصل كل صنعة وعمل ذروة كماله. ويبدو أن عصر نزول حضرته أصبح وشيكاً جداً.”
  • وكتبت جريدة “إنْدِيَنْ” الصادرة في كلكوتا بالهند في عددها 14 أكتوبر 1900 م: عصرنا الحاضر نموذج حي للحياة الحيوانية المنحطة…. والعالم يقتضي مجيء نبي من الله ليخلص الناس من الحالة المخيفة التي ابتلوا بها.”

رأي كبار الساسة

  • قال الملك ابن السعود: “إن الجهل قد تفشّى، وساد التخاذل بين المسلمين، فوصلنا إلى ما وصلنا إليه، ولم يبق من الدين إلا اسمه، وتفرقنا أيدي سبا، وأصبح المسلمون فرقاً وشيعاً.” (جريدة “الفتح” المصرية)
  • وهاكم نص ما قاله الأمير شكيب أرسلان في رسالته “لماذا تأخر المسلمون” يقول: “… إلا أنه بمرور الأيام خَلَفَ من بعد هؤلاء خلف اتخذوا العلم مهنة للتعيش، وجعلوا الدين مصيدة للدنيا، فسوّغوا للفاسقين من الأمراء أشنع موبقاتهم، وأباحوا لهم باسم الدين خرق حدود الدين. هذا، والعامة المساكين مخدوعون بعظمة عمائم هؤلاء العلماء وعلو مناصبهم. يظنون فتياهم صحيحة وآراءهم موافقة للشريعة. والفسادُ بذلك يعظم، ومصالح الأمة تذهب، والإسلام يتقهقر، والعدو يعلو ويتنمر. وكل هذا إثمه في رقاب هؤلاء العلماء.” (لماذا تأخر المسلمون ص44)
  • ويقول الرئيس الأسبق لباكستان غلام إسحاق خان: “اليوم تتأجج نار النفور والنفاق في كل مكان، وتترآى لنا في جميع النواحي مظاهر البغض وضيق النظر وعدم الثقة وسوء الظن والاستغلال والطمع.” (جريدة “جنغ” عدد 4 يوليو 1990)
  • وقال السيد نواز شريف رئيس الوزراء الأسبق لباكستان: “إن السيئات والموبقات التي توجد في مجتمعنا لا توجد مثلها في أي مجتمع آخر، ولا يكتنف مجتمعٌ من مجتمعات العالم سيئاتٍ بقدر ما يكتنفها المجتمع الباكستاني. والحقيقة أننا لنخجل من سلوكنا اليومي.” (جريدة “جنغ” عدد 24 أكتوبر 1985)
  • وتقول السيدة أسماء بيك زوجة الجنرال مرزا أسلم بيك الرئيس الأسبق للجيش الباكستاني: “لم نعد مسلمين، وإنما صرنا منافقين. لا شك أننا نذكر الإسلام في كل حين وآن، إلا أن أعمالنا لا تتطابق مع الإسلام بالمرّة.” (جريدة “جنغ” العدد الخاص الصادر في 29 سبتمبر 1990)
  • ويقول رئيس مجلس الشعب الباكستاني الأسبق ملك معراج خالد: “كل ما يجري في البلد لا يمت إلى الإسلام بصلة. فإننا ننفي الإسلام بأنفسنا، ويبدو كأننا نرفع راية نظام أبي جهل قصدا أو من دون قصد.” (جريدة “نوائي وقت” عدد 17 يونيو 1990)
  • ونُشر بيان للدكتاتور الأسبق الجنرال ضياء الحق في جريدة جنغ 31/1/1985م، جاء فيه: “هناك حوالي 50 ألف إمام في المساجد، و36 ألفا منهم شبه مثقف، أما 11 ألفا الآخرون فغير مثقفين نهائيا”.
  • ثم يقرّ هذا الدكتاتور فيقول: “بعد أربعة عشر قرنا لم نعد مسلمين ولا باكستانيين، ولا حتى أناساً.” (جريدة “جنغ” الصادرة في لاهور عدد 8 فبراير 1988)

أقوال الأدباء والعلماء والمفكرين

  • ولقد ورد في كتاب “الوحي المحمدي”: إن الإسلام ليس له زعامة ولا جماعات ثبت دعوته ولا دولة تقيم أحكامه وتنقذ حضاراته، بل صار المسلمون في جملتهم حجة على الإسلام، وحجاباً دون نوره.” (الوحي المحمدي ص 194)
  • وكتب الأستاذ فضل مسكين الآتي: “لقد مات ضميرنا، كما مات تفكيره أيضاَ. ولقد تلاشت الإنسانية من داخلنا، وحل محلها خبث السبعية، لذلك صرنا وحوشاً وسباعاً، وضربنا هداية النبي محمد عرض الحائط، واستعضنا عنها الغواية والضلالة، وأدرنا الظهر لآيات كلام الله، وهكذا جمعنا لأنفسنا شر متاع للآخرة.” (مجلة “تعمير قوم” الأسبوعية الصادرة في كراتشي عدد 26 سبتمبر 1987 ص 46)
  • وكتب المفسر الكبير والأديب الشهير والوزير المسلم في الحكومة الهندية السابق المولوي أبو الكلام آزاد: “لقد غرقت الدنيا في الظلام مرة أخرى وتبحث مرة أخرى عن النور… لقد نزف جرحها القديم الذي تضرع الرسول الكريم لمداواته، فوضع عليه بلسماً أخيراً بيد الله تعالى في القرن السادس الهجري. إن الظلمة التي كانت فاشية زمن ظهور الإسلام جراء الجهل هي فاشية اليوم أيضاً باسم الحضارة والثقافة، في حين أن الإسلام قد عاد غريباً كغربته الأولى.” (الهلال ج 4 ص 102)
  • ويكتب مولانا آزاد في مكان آخر: “إن أنفسنا وأرواحنا فداء لذلك الصادق والمصدوق إذ أصبح المسلمون مشركين حسبما تنبأ به، والذين كانوا يفتخرون باعتناق دين التوحيد صاروا يسلكون سبل عبدة الأصنام، واللات والعزّة اللذان خلّص العالم يوماَ من عبادتهما أصبحا يعبدان مرة أخرى”. (التذكرة لأبي الكلام آزاد ص 278 الطبعة الثانية)
  • وقال الطبيب الشهير والشخصية المرموقة في باكستان حكيم محمد سعيد: ” إن لم تكن الظروف التي نعيشها اليوم هي نفسها التي كانت سائدة لدى بعثة رسول الله فلا تختلف عنها كثيراً. (جريدة “جنغ” لاهور، عدد 27 يونيو 1990)
  • وكتب الشيخ عبد الرحيم أشرف محرر مجلة “المنبر”: “عندما نقف يوم الحشر أمام رب العرش، وسيقول الرسول : يا ربِّ إنَ قومي اتَخذوا هذا القرآن مهجوراَ ، فماذا عسى أن يكون جوابنا حيال هذه الشكوى الأليمة؟” (مجلة “المنبر” الصادرة في تلبور عدد مارس 1976 ص 9)
  • ويقول نواب أبو الخير نور الحسن خان ابن نواب صديق حسن خان: ” إن عامة الناس كالأنعام منذ بدء الخليقة، أما الخواص فلا تجدون ولا واحداَ من الألف متجرداَ عن الرياء، وغير متطلع إلى السمعة مهما قمتم بالتحرّي والاستقصاء. ويعلن كل هؤلاء الفقهاء العظام والأساتذة الكبار والدراويش بأنهم رجال الدين وعبّاد التوحيد ولكن الحقيقة أن عامة الناس يتبعهم بسبب إبطالهم الحق وتأييدهم الباطل وتشبّههم بغير المسلمين في شعائرهم الدينية ومأكلهم ومشربهم. والحق كل الحق أنهم عبدة البطن وأسرى أهواء النفس وتلامذة إبليس… يعتبرون أنفسهم مجتهدين ومجددين ولكنهم لا يفرقون بين الحق والباطل والحلال والحرام. إنهم يعملون ليل نهار على ترويج الغيبة والسبّ والشتم، وإشاعة الخديعة والافتراء، وقول الزور والفجور بين الناس وكأنها الباقيات الصالحات. والحق أنهم جعلوا ألسنتهم أداة لكسب معاشهم. (اقتراب الساعة ص 8)
  • ثم كتب في مكان آخر من كتابه كما يلي: “لم يبق من الإسلام إلا اسمه، ولا من القرآن إلا رسمه. المساجد عامرة في الظاهر، ولكنها خراب من الهدى، وعلماء الأمة أسوأ من الأمة نفسها، منهم تخرج الفتنة وفيهم تعود.” (اقتراب الساعة ص 12)
  • ثم يقول: ” إن الظروف السائدة الآن مواتية لظهور الإمام المهدي وعيسى ابن مريم عليهما السلام إذ الأرض ملئت ظلماً وجوراً، ولم يبق من الإسلام إلا اسمه، بل ولد عاد الإسلام غريباً وحقيراً، وكثر أعوان الدجال وأنصاره في كل قطر ومصر. العلماء والواعظون موجودون بالكثرة… ولكن الرسول قال عن مثل هؤلاء العلماء: ” من عندهم تخرج الفتنة وفيهم تعود”….. اللهم عجَل لنا مجيء الإمام المهدي، وليت سيدنا المسيح الموعود يظهر الآن.” (اقتراب الساعة ص 142)

انطباعات الشعراء

  • لم يتأخر الشعراء أيضاً في هذا المضمار، فقد نظموا أبياتاً وقصائد حول هذا الموضوع. فكتب الشاعر العربي الشهير محمد رضا الشبيبي قصيدةً طويلة ذكر فيها وضع المسلمين، فقال:

ألا ليتَ شعري ما ترى روحُ أحمداً

إذا طالَعتنا مِنْ عَلٍ أو أطلَّتِ

.

وأكبرُ ظني لو أتانا محمدٌ

للاقى الذي لاقاه مِنْ أهلِ مكةِ

.

عَدَلْنا عن النور الذي جاءنا به

كما عَدَلتْ عنه قريشٌ فضلَّتِ

.

إذَنْ لقضى: لا منهج الناس منهجي

ولا ملّةُ القومِ الأواخرِ ملّتي

(ديوان الشبيبي ص 107 طبعة 1359 هـ)

  • واسمعوا الآن ما يقول الشاعر القومي الشهير في الهند محمد إقبال في شعره تحت عنوان:

“الشكوى وجواب الشكوى”

” هناك ضجة تتصاعد أن المسلمين قد تلاشوا من العالم، ولكني أقول: هل كان المسلمون موجودين أصلاً حتى يصح القول إنهم تلاشوا الآن؟

أنتم النصارى هيئةً، والهندوس مدنيّةً.

لقد تردت حالة المسلمين لدرجة يخجل منهم اليهود. إنكم تنتمون إلى عائلات كبيرة مثل السيد والمرزا والأفغان، ولكني أسألكم: هل تنتمون إلى الإسلام أيضاً؟” (جواب الشكوى ص 11)

  • ويقول السيد “حالي” الشاعر القومي المعروف في القارة الهندية:

لم يبق الدين ولا الإسلام، وإنما بقي اسم الإسلام فقط…”

ثم يشبَه الشاعر الإسلام بالحديقة ويقول:

“سترى حديقةً خربةً تماماً حيث يعلوها الغبار في كل حدب وصوب. لا تتراءى فيها النضارة أبداً. سقطت فروعها الخضراء بعد أن يبست، ولن تحمل أزهاراً ولا ثماراً. أصبحت أشجارها اليابسة جديرة بالحرق.” ثم يخاطب رسول الله بلهجة يعلوها الحزن والألم ويقول: ” يا أفضل الرسل! الوقت وقت الدعاء. إن أمتك تواجه وقتاً عصيباً. الدين الذي كان قد انطلق من وطنه بعزة، قد صار اليوم خارج وطنه غريباً لا يلوي عليه أحد. والدين الذي دعا قيصر وكسرى إلى مأدبته، قد نزل اليوم ضيفاً عند الفقراء. الدين الذي أنار محافل العالم بأسره، لم يعد في مجالسه اليوم سراج ولا مصباح. لقد تدهورت الحالة لدرجة لا تكاد تعود إلى طبيعتها. ويبدو أن هذا هو قضاء الله وقدره. نتوسل إليك يا ربَان السفينة! فإن السفينة قد أوشكت على الغرق.” (المسدس للحالي، الناشر: شركة سنك ميل، لاهور باكستان ص 38 و 109)

  • ونشرت مجلة ” الإسلام” قصيدة تصف حالة المسلمين نورد فيما يلي تعريب بعض أبياتها: ” الكل يدعي بأنه مسلم، ولكنه مجرد قول لا حقيقة له، إذ المسلم متعطش لدم المسلم، وتلاشت الأخوة الإسلامية، وانمحى أثر الإيمان، واختفت الحقيقة وضاع اللب، ولم يبق إلا القشر. لقد رفع فهم القرآن والحديث، لذلك لا توجد في المواعظ والخطب سوى القصص والأساطير. (مجلة “الإسلام” الصادرة في لاهور عدد 24 دسمبر 1976).

رأي كبار المشايخ ورجال الدين

  • ويقول أحد زعماء المسلمين بالهند شودري أفضل حق المعروف بمفكّر الأحرار: ” لو جاء إلى الهند مسلم من القرن الأول الهجري، بطريقة ما، لصاح لتوّه أن ثمانين بالمئة من مسلمي هذه البلاد كفرة. لقد سمّوا أنفسهم مسلمين لتحقيق مآربهم السياسية فحسب.” (باكستان والمنبوذون ص 19 مكتبة أردو لاهور باكستان الطبعة الأولى)
  • يقول المولوي ثناء الله الأمر تساري:”بدعات الشرك وغيرها إنما سببها المشايخ فحسب… شرَ الشرِّ شِرار العلماء”. (مجلة “أهل الحديث 23 شباط/فبراير 1906) لاحظوا كيف يخرج قدر الله تعالى الحَّ من أفواههم، إذ ينطبق على الحالة التي يشير إليها قول الرسول : “علماؤهم شر من تحت أديم السماء”.
  • وعلّق الخواجة محمد سليمان التونسوي، وهو صوفي معروف في شبه القارة الهندية، على حالة المسلمين فقال:” لو كان صحابة النبي موجودين في عصرنا هذا لاعتبروا مسلمي هذا الزمن كافرين، وذلك لأنهم قد تركوا اتباع الشريعة.” (تذكرة الخواجة سليمان التونسوي الترجمة الأردية المسماة بـ”نافع السالكين” ص 57 الطبعة الأولى)
  • وكتب المولوي كوثر نيازي وهو من المشائخ الكبار في باكستان وكان وزير الأوقاف في حكومة ذو الفقار علي بوتو:” لقد طرأت على الإنسانية حالة مشابهة بما كانت سائدة زمن ميلاد النبي وبعثته، إذ غرقت الدنيا مرة أخرى في ظلمات الضلالة والانحراف والضياع. لقد شرع الإنسان يتأله مرة أخرى، والإنسانية ترزح تحت الآلام، وغدت تبحث عن مداوات لجروحها. “(ميلاد النبي ومقتضياته ص 5)
  • وقال عبيد الله أنور رئيس الأحرار الأسبق:” ليست الصلاة اليوم هي صلاة الإسلام، ولا الصوم هو صوم الإسلام، لا التجارة نزيهة ولا الزراعة صحيحة، وإن تصرفاتنا تتسبب في تشويه سمعة الإسلام. (مجلة “خدام الدين” الصادرة في لاهور عدد 23 يناير 1976)
  • ويقول الدكتور أسرار أحمد وهو أحد المشائخ البارزين في باكستان ويدعو لإقامة نظام الخلافة من جديد: ” لم يبق وجود للأمة المسلمة الموحدة في بلد من بلاد العالم.(جريدة “جنغ” عدد 28 اكتوبر 1987)
  • ثم يقول في مكان آخر ” لا نجد الأمة المسلمة في باكستان مهما حاولنا البحث عنها.” (جريدة “جنغ” عدد 21 اكتوبر 1987)
  • وأعرب الأستاذ أحمد ديدات عن أسفه الشديد تجاه حالة المسلمين فقال: “لم يعد المسلمون يعملون بالتعاليم الإسلامية، كما لا يبشرون بها غير المسلمين، ومثالهم في ذلك كحيَة ضخمة متربعة على كنز ثمين لا تستخدمه بنفسه ولا تسمح لأحد ليحوزه.” (جريدة “جنغ” 12 اكتوبر 1987)
  • وهاكم الآن ما قاله المودودي وهو يتحدث عن حالة المسلمين: “زوروا الأسواق، سترون مومسات مسلمات جالسات في بيوت الدعارة، وستجدون الزناة المسلمين متجولين. زوروا المعتقلات فستتعرفون على اللصوص المسلمين والصعاليك المسلمين والفسَاق المسلمين. ارجعوا إلى الدوائر والمحاكم تجدوا كلمة ” المسلم” مقرونة بالرشوة وشهادة الزور والخديعة والمكر السيء، والظلم بل بكل نوع من الرذائل. تجوَلوا في المجتمع تواجهوا المسلمين المدمنين على الخمر أحياناً، وتصادفوا المسلمين المدمنين على القمار والموسيقى والتغني والتهريج أحياناً أخرى. تأمَّلوا الآن لأية درجة أهينت كلمة “المسلم”، وبأية صفات ربطت؟ المسلم الزاني! المسلم المتعاطي للخمر! المسلم المقامر! المسلم المرتشي! فإذا كان المسلمون يتصرفون بكل التصرفات التي قد يتصرف بها الكافر فمتى كانت الدنيا بحاجة إلى وجود المسلم إذن؟” (المسلمون والعراك السياسي الحالي، ج 3 ص 28- 29 تحت عنوان: “انحطاط الحركة الإسلامية”)
  • ثم يقول: “لو استعرضتم هذا المجتمع المسلم المزعوم لرأيتم فيه مسلمين من أنواع مختلفة يتعذر عليكم إحصاؤها. إنها حديقة الحيوانات التي اجتمعت فيها ألوف الأنواع من الحيوانات بما فيها الغربان والحدءات والنسور والسُّمانى والحجل.” (المرجع السابق ص 31)
  • ويمضي المودودي ويقول:”ليس في الشريعة الإلهية ما يؤدي إلى تشكيل أمم مختلفة كأمة أهل الحديث والحنفية والديوبندية والبريلوية وأهل الشيعة وأهل السنة. هذه الأمم كلها نتاج الجهل.” (الخطابات، الطبعة الرابعة ص 74 تحت عنوان: الدين والشريعة)
  • أما فيما يتعلق بعامة المسلمين فيقول المودودي: ” أما هذا السواد الأعظم الذي يسمى بالأمة المسلمة فإن 999 بالألف منهم لا يعرفون الإسلام، ولا يقدرون على التمييز بين الحق والباطل. ولم يتغير اتجاههم الأخلاقي والذهني وفقاً للإسلام. إنما يتوارثون اسم الإسلام من الأب إلى الابن ومن الابن إلى الحفيد، ولذلك فهم مسلمون… أما من ناحية السلوك اليومي ففيهم عيوب مثل عيوب الكفار. ” (المسلمون والعراك السياسي الحالي، الجزء الثالث ص 130 تحت عنوان: الصراط المستقيم للإسلام وسبل الانحراف عنه)
  • ويقول رئيس الأحرار الأسبق والعدو اللدود للأحمدية الشيخ عطاء الله شاه البخاري: ” إن الذي نمارسه باسم الإسلام لهو كفر صراح… وإن نظامنا كله عبارة عن كفر بوّاح. ولجأنا إلى كنف الشيطان بدلاً من القرآن”. (جريدة “آزاد” اليومية الصادرة في 9 ديسمبر 1949)
  • هذا، وهناك كتاب بعنوان: ” القاديانية” للسيد أبي الحسن الندوي، يصف فيه حالة المسلمين بالهند بالكلمات التالية: ” ومن ناحية ثانية قد اتسع الخرق بين الفرق الإسلامية، وتحمست كل فرقة في الرد على غيرها. وكثرت المناظرات والمجادلات الدينية أدت في بعض الأحيان إلى المضاربات والمقاتلات والمحاكمات. وعمت حالة الحرب الأهلية الدينية الهند كلها. وكل ذلك قد أحدث قلقاً في الأفكار وتوتراً في العلاقات وكآبة في الطبائع. ” ثم يقول : ” استولى على المسلمين بشكل عام اليأس والقنوط والشعور بالهزيمة من الظروف السائدة. كان الناس قد يئسوا من الإصلاح وتغيير الأحوال بأساليب وطرق عادية نظراً إلى عاقبة النضال الذي جرى عام 1857م، وإلى خيبة أمل الحركات الدينية والعسكرية المختلفة. وكانت الأغلبية الساحقة من الناس تنتظر بعثة رجل من الغيب، ملهم ومؤيد من الله تعالى.” (قاديانيت ص 16-17 للسيد أبو الحسن علي الندوي، الناشر: مكتبة دينيات لاهور باكستان، الطبعة الأولى عام 1959م)
  • نورد الآن رأي العلامة الشيخ طاهر القادري رئيس حركة ” منهاج القرآن” حيث يقول: “لم يعد ضلال المسلمين جزئياً منذ قرنين ونصف القرن من الزمن، إذ ساد هذا الضلال والزوال تصرفاتهم السياسية والاقتصادية والاجتماعية، فقضى على القيم الأخلاقية والروحانية والدينية والفكرية والعلمية برمَّتها. فإن الاعوجاج الذي أصاب الأمة منذ القرنين لم يعد جزئياً، بل هو كلي وشامل، ولا يمكن تقويم هذا الاعوجاج إلا بحركة ثورية عالمية.” (مجلة ” قومي دايجست” عدد نوفمبر 1986 ص 30)
  • وفي الأخير نورد فقرات من مقال نشرته “مجلة الإسلام” عدد 42، فقد جاء فيه: “ونحن في هذا العصر الذي ركدت فيه حياه الإسلام الصحيحة وحمي التكالب على المادة والعصيان، نحتاج إلى التجديد الإسلامي الخالص….. نحن في حاجة إلى طائفة من المجددين ينفخون في قلوبنا وعقولنا ونفوسنا روح الإسلام النافع المفيد المقتبس من الإسلام وحده، فالإسلام في العلاج الناجع لأدوائنا والدواء الشافي لأسقامنا. نريد قوماً يجددون لنا أخلاقنا التي ساءت لأنها لا ترد مورد الإسلام. يجددون لنا إيماننا الذي أصابه الضعف من التهاون في أداء الفرائض والأحكام. يجددون لنا همتنا وشجاعتنا وأملنا إلى التكسب من الجري وراء الأوهام. يجددون لنا تاريخنا المليء بالمفاخر والمكارم وقد شوهته أيدي قوم دساسين. يجددون لنا سيرة الرسول الأعظم وقد تركناها واستعضنا عنها بروايات لا تورث إلا الآلام. يجددون لنا الجهاد في سبيل الله. فإننا نسيناه فتركتنا القوة والحزم والإقدام. يجددون لنا التعاون على البر والتقوى، فقد غلبنا الأعداء بتعاونهم على ضررنا وتعاوننا على الإثم والعدوان. يجددون لنا الخير الذي فقدنا بترك تعاليم ديننا دين الله القيّم الذي سيتشرف به جميع الأنام. يجددون لنا الحرية والاستقلال والعزة والكرامة والغنى والسلام. يجددون لنا مجد السلف العظام وسلطان آبائنا الكرام.

هذا هو التجديد الذي نريده فإن تقدُّم لنا أحد به رحّبنا به، وقلنا إليه: أحسنت وبررت. أما التجديد الغربي فهو السبب الأكبر لما نحن فيه من ذل وحقد وضعف واستعباد وخوف وشقاق. اللهم جددنا بالتجديد الإسلامي العظيم بفضلك يا مولانا يا حليم يا كريم.” هنا نتساءل فنقول: كلما انحرفت أمه من الأمم السابقة عن الهدى، وضلت جادة الصواب، فهل حصل مرة في تاريخ الأديان الممتد آلاف السنين أن رجعت بنفسها إلى الصراط المستقيم؟ أو أصلحتها حركة دينية أقامها الناس؟ وإذ كانت بحاجة إلى مجددين فمن ذا الذي يقيم هؤلاء المجددين؟ هل الحكومات أو المؤسسات الدينية أو لجان المشائخ؟ أم نفخ فيهم مبعوث من الله روح الإيمان، فأحياهم بعد موتهم الروحاني، وارتقى بهم إلى المعارج السامية من التقوى والروحانية؟ فإن هذا الإصلاح المنشود لا يتحقق إلا بواسطة مصلح يبعثه الله من لدنه.

  • وما أجمل ما كتبته مجلة “زندكي” (أي الحياة) حيث قالت:” العالم الإسلامي اليوم بأمس حاجة إلى مسيح آخر ينفخ فيهم حماساً جديداً وينشط فيهم روح العمل.” (مجلة “زندكي” الأسبوعية الصادرة في لاهور عدد 8 سبتمبر 1969)
  • وما أحسن ما قاله الشاعر محمد إقبال في بيت شعر له ما تعريبه: يبحث هذا العصر عن إبراهيمه، لأن العالم كله قد تحول إلى معبد للأصنام.
  • اسمعوا الآن تعليق الشيخ المودودي على المشائخ، فيقول: ” من المؤسف جداً أن العلماء أنفسهم – إلا ما شذ وندر- كانوا قد تجردوا من روح الإسلام الحقيقية. لم تكن فيهم قوة الاجتهاد، كما لم يبق فيهم التفقه ولا الحكمة ولا القدرة على العمل. وما كانوا يملكون القدرة على استنباط قوانين الإسلام الدائمة المرنة من كتاب الله وهدي الرسول العلمي والعملي، ثم الاستفادة منها في الظروف المتغيرة للزمن. وكان داء تقليد الأسلاف الأعمى والجامد قد تمكن منهم، وبالتالي كانوا يبحثون عن كل شيء في كتب لم تكن من الله تعالى ولم تكن مترفعة عن قيود الزمن، وكانوا في كل أمر يرجعون إلى أناس لم يكونوا أنبياء الله حتى تكون بصيرتهم متحرره عن قيود الأوقات والحالات، فكيف كان بإمكانهم أن يقودوا المسلمين قيادة ناجحة في زمن كان قد تغير تماماً، وكان التغير العظيم قد حدث في عالم العلم والعمل. ذلك التغير العظيم الذي كانت العين الإلهية فقط لتدركه وما كان لعين إنسان غير النبي أن تصل إليه بخرق حجب القرون”. (التنقيحات لأبي الأعلى المودودي، ص 27 تحت عنوان: الأقوام المريضة في العصر الحديث)
  • ثم يقول الشيخ المودودي في مكان آخر من الكتاب نفسه: ” ما من حرام نهى الله ورسوله عنه إلا وقد اعتبره المسلمون مباحاً لهم، وما من شيء حدد الله ورسوله حدوده إلا وقد تجاوزها المسلمون، وما من قانون سنّه الله إلا وقد خالفه المسلمون.” (التنقيحات لأبي الأعلى المودودي ص 144)

وكتب الشيخ المودودي في كتاب آخر: “إن الزعماء المسلمين سواء كانوا السياسيين أو الدينيين من علماء الشرع المتين والمفتين كلهم، نظراً إلى أفكارهم وخططهم وأعمالهم، ضالين عن الصراط السوي، وكلهم حادوا عن الحق وصاروا في الظلمات يعمهون، وليست نظرة أحدهم نظرة المسلم.” (المسلمون والعراك السياسي الحالي ج 3 ص 77) يعترف اليوم علماء المسلمين والمثقفون أن هذا الزمن هو زمن ظهور الموعود الذي تنبأ به الرسول الكريم حيث صار الإيمان مفقوداً، والهدي معدوماً، حتى أصبح المسلم الحقيقي شيئاً لا يعثر له على أثر في العالم. وينطبق على الأمة المسلمة قول الشاعر: كريشة في مهبّ الريح طائرة لا تستقرّ على حال من القلق. أيها القارئ الكريم، هذه هي حالة المسلين وعلمائهم اليوم، حالة مشهودة. وكل هذه الأمور المذكورة أعلاه تضعنا أمام علامة استفهام كبيرة، ألا ينطبق عليها الحديث النبوي الشريف القائل: “يأتي على الناس زمان لا يبقى من الإسلام إلا اسمه، ولا من القرآن إلا رسمه، مساجدهم عامرة وهي خراب من الهدى، علماؤهم شر من تحت أديم السماء، من عندهم تخرج الفتنة وفيهم تعود.”(مشكاة المصابيح، كتاب العلم) أفلم يتحقق في هذا الزمن ما يحويه أثر عن سيدنا علي  حيث ذكر علامات خروج الدجال الذي قُدّر ظهوره قبيل بعثة الإمام المهدي فقال: ” احفظ  فإن  علامة ذلك إذا أمات الناس الصلاة، وأضاعوا الأمانة، واستحلوا الكذب، وأكلوا الربا، وأخذوا الرّشا… وكان الحلم ضعيفاً، والظلم فخراً … القرّاء فسقة… وحلِّيت المصاحف، وزخرفت المساجد، وطوّلت المنار… وشارك النساء أزواجهن في التجارة حرصاً على الدنيا.” (بحار الأنوار ج 52 ص 51) وهل الحالة المذكورة في هذه الكتابات هي نفسها التي ذكرت في  ” مختصر تذكرة القرطبي” حيث جاء فيه: ” ومن علامات الساعة أيضاً قول رسول الله : سيكون في آخر الزمان عبادٌ جهال وقرّاء فسقة.” (مختصر تذكرة القرطبي ص 152- 153) بلى لقد أصبح الإسلام والمسلمون في حالة يرثى لها. إذن فإن الوقت يقتضي مجيء مصلح عظيم قائم بأمر الله، وإلا يلزم الاعتقاد بأن الله أهمل أمر الإسلام والمسلمين- والعياذ بالله- والسباع الضارية تنوش لحومهم، والنسور تنقضّ عليهم بمرأًى منه ومسمع، وهو لا حراك به، كأنه لا يهمّه الدين الحنيف اليوم. كلا، ما كان ليترك الإسلام فريسة للذئاب، ولقمة سائغة للأعداء، بل هو أرسل الإمام المهدي والمسيح الموعود   الذي جاء طبقاً لأنباء المصطفى     ، خادماً مخلصاً مطيعاً له ولشريعته الغراء. يقول حضرته : “فاعلموا أنّي أنا المسيح الموعود والمهديُّ المعهودُ من الله الأحفى، وأُرسلتُ عند صولِ الصليب وكون الإسلام كالغريب، ليتمَّ بي الوعدُ الحقُّ وما كان حديث يُفترى. ولو كنت مُفترياً غير صادق لما اجتمع لي من الآي ما اجتمع. وإن الله لا يؤيّد من كذب وافترى على الله واعتدَى. وإن في زماني ومكاني وقومي وعداً قومي لآياتٌ على صدقي لمن تدبّرها وما استكبر وما علا. وجئتكم حكماً عدلاً لأبّين لكم بعض الذي تختلفون فيه، ولأقتل كل حيةٍ تسعى. وما جئت في غير وقتٍ، بل جئتُ على رأس المائة وعند فتن بلغتِ المنتهى. وما جئتُ من غير برهان وقد نزلت الآيُ من السماواتِ العُلى.” (الخطبة الإلهمية، الخزائن الروحانية ج 16 ص 98- 99). ويقول في مكان آخر ما نصه: “وما جئت من نفسي بل أرسلني ربي لأُموّن الإسلام، وأراعي شؤونه والأحكام، وأنزلتُ وقد تقوّضت الآراء، وتشتت الأهواء، وأُختير الظلام وتُرك الضياء، وترى الشيوخ والعلماء كرجل عاري الجلدة، بادي الجردة، وليس عندهم إلاّّ قشرٌ من القرآن، وفتيلٌ من الفرقان. غاض درَهم، وضاع دُرّهم، ومع ذلك أعجبني شدّة استكبارهم مع جهلهم ونتن عُوارهم، يؤذون الصادق بسبّ وتكذيب وبهتان عظيم، ويحسبون أنّ أجره جنّة النعيم، مع أنهم جاءهم لينجّيهم من الخنّاس، ويخلص الناس من النعاس.” (تذكرة الشهادتين، الخزائن الروحانية ج 20 ص 91). ثم يقول حضرته   في كتاب آخر ما نصه: ” وما جئتهم في غير وقت بل جئتُ عند غربة الإسلام، في زمان فسادٍ أشار إليه سيدنا خير الأنام، وعلى رأس المائة وكانوا من قبل ينتظرون وقت هذه المائة، يحسبونها مباركة للملّة، فلما جئتموهم نبذوا علومهم وراء ظهورهم، وصاروا أوّل العادين. ” (حقيقة المهدي، الخزائن الروحانية ج 14 ص 471). “فوالله، قد حيّرني إصرارهم على أمر يخالف القرآن، ويُجيحُ الإيمان. وقد جاءهم حكمٌ من الله بالحق والحكمة على رأس المائةِ، وعند غلبةِ كل نوع البدعة وغلبةِ الكفرة، فأعجبني أنهم لأيّ سبب أنكروه، وهو يدعو الزمان والزمان يدعوه. ووالله، إني أنا المسيح الموعود، وأعطاني ربي سلطاناً مبيناً، وإني على بصيرة من ربي، ولو رفع الحجاب لما ازددت يقيناً. إن الله رأى نفوساً عاصيةً، وزمناً كليلةٍ قاسيةٍ، فأرسلني لعلهم يتوبون. وكيف ننصح لهم وإنهم قوم لا يسمعون، وإنهم عن صراط الحق لناكبون؟” (الاستفتاء، الخزائن الروحانية ج 22 ص659). وما أجما ما قاله في بيت شعر له باللغة الأردية ما تعريبه: كان الوقت يقتضي ظهور المسيح الموعود على لسان المصطفى ، فإن لم أبعث أنا لكان أحد آخر بُعث مسيحاً.

Share via
تابعونا على الفايس بوك