علماؤهم .. وقفة تأملية
التاريخ: 1985-03-22

علماؤهم .. وقفة تأملية

حضرة مرزا طاهر أحمد (رحمه الله)

حضرة مرزا طاهر أحمد (رحمه الله)

الخليفة الرابع للمسيح الموعود (عليه السلام)

خطبة جمعة ألقاها حضرة أمير المؤمنين ميرزا طاهر أحمد نصره الله الخليفة الرابع للإمام المهدي والمسيح الموعود

في 22 آذار/مارس 1985م في مسجد “الفضل” بلندن

(القسط الأول)

الخطبة التاسعة من سلسلة الخطب التي ألقاها سيدنا ميرزا طاهر أحمد، الخليفة الرابع للإمام المهدي ردًّا على تهم باطلة ألصقتْها بجماعته حكومة الدكتاتور الجنرال ضياء الحق في باكستان في “البيان الأبيض” المزعوم الذي نشرته بعنوان: “القاديانية، خطر رهيب على الإسلام”.

ولقد ردَّ الخطيب في كلمته هذه على التهمة القائلة بأن الأمة المسلمة للتشتت والفرقة وفُتحت عليها أبوابُ الفساد على مصراعيها بسبب ظهور الجماعة الإسلامية الأحمدية.  وقد بيَّن الخطيبُ الخدماتِ الإسلامية والقومية التي قامت بها الأحمدية، ثم قدَّم تحليلا مفصَّلا لأسباب أدت إلى الفرقة والتشتت بين الأمة، مبينِّا أن المسؤولين الحقيقيين عن انحطاط الأمة هم العلماء السوء وحدهم.

لقد تشرَّف بترجمة هذه الخطبة الأستاذ عبد المجيد عامر وراجعَها الأستاذ عبد الله أسعد عودة.

أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمدا عبده ورسوله، أما بعد فأعوذ بالله من الشيطان الرجيم. – بسْم الله الرَّحمن الرَّحيم * اَلْحَمْدُ لله رَبِّ الْعَالَمِينَ * الرَّحْمَن الرَّحيم * مَالك يَوْم الدِّين * إيَّاكَ َنعْبُدُ وَإيَّاكَ نَسْتَعينُ * اهْدنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقيم * صرَاطَ الَّذين أَنْعَمْتَ عَلَيْهمْ غَيْر الْمَغْضُوب عَلَيْهمْ وَلا الضَّالِّينَ (آمين)

لأَنْتُمْ أَشَدُّ رَهْبَةً في صُدُورهْم منَ الله ذَلكَ بأَنَّهُمْ قَوْمٌ لا يَفْقَهُونْ * لا يُقَاتلُونَكُمْ جميعا إلا في قُرًى مُحَصَّنَة أَو مِنْ وَرَاءِ جُدُر بَأْسُهُمْ بَيْنَهُمْ شَديدٌ تَحْسَبُهُمْ جَميعاً وَقُلُوبُهُمْ شَتَّى ذَلكَ بأَنَّهُمْ قَوْمٌ لا يَعْقلُون * كَمَثَل الَّذين مِنْ قَبْلهمْ قَريباً ذَاقُوا وَبَالَ أَمْرهمْ ولهمْ عَذَابٌ أَليمٌ (الحشر: 14-16)

 تبدو هذه الآيات سهلة الفهم في بادئ الأمر ولا يظهر أنها تحتوي على حقائق دقيقة ومعارف عميقة بحيث لو تأمل فيها الإنسان لتوصل إلى معارف ودقائق أخرى أيضا.  ومن ميزات كل آية قرآنية أنها مهما بدت سهلة الفهم في بادئ الرأي، ولكن لو خاض فيها الإنسان لافتتح أمامه عالَم واسع من المطالب والمعارف.  تبدو آيات القرآن أحيانا سطحية المعاني مثل سطح المياه الغائرة الأعماق.  فالناظر العادي لا يدرك العالَم الواسع للمعاني الكامنة وراء كل آية من الآيات القرآنية. فالآية الأولى منها تحتوي على بعض الادعاءات الغريبة ظاهريا مثل قوله تعالى للرسول وأصحابه: إنهم يرهبونكم رهبة شديدة.  ويبدو هذا الادعاء غريباً في بادئ الأمر لأن النبي وأصحابه كانوا مستضعَفين وكانوا يُعتبرون عديمي الحيلة لدرجة أن كل من هبَّ ودبَّ كان يجرؤ على إهانتهم، حتى إن السوقة الأذلة رشقوا رسول الله وأصحابه بالحجارة وأطالوا لسان الطعن فيهم وأخرجوهم من ديارهم وبيوتهم.  ولم يكتفوا بذلك بل لم يمتنعوا عن شن الهجوم عليهم في منفاهم أيضا.  وعلى الرغم من ذلك كله يقول الله تعالى: لأنتم أشد رهبة في صدورهم !!

السؤال المطروح هنا هو: ما هي تلك الرهبة؟ الحق أنهم يرهبون انتصار الإسلام، ولكن لا يرهبون الانتصار الظاهري والمادي للمسلمين.  وإنما يرهبون قوة تبرز بالحجة، وتحيا بالبرهان وتنتصر بالبرهان أيضا.  إذن فيرهب الأعداء دائما قوةَ الصدق، ويرهبونها لدرجة لا يخافون الله مقابلها. فالذين يتمسكون بالحق والصدق يتناسى العدو حجتهم ويهاجمهم متجرداً عن تقوى الله.  هذا الأسلوب من المجادلة يدل على أن العدو قد تجرد من خشية الله نهائياً. إذ لو خشي اللهَ لما استخدم -مقابل الصدق -الأساليبَ البذيئة بما فيها الكذب والخديعة. فإنهم يرهبون قوة تبدو لهم متصاعدة بحد ذاتها. ولولا هذا الخوف وهذه الرهبة لما شنّ العدو الهجماتِ ضد رسول الله وأصحابه.

هجوم جبان

فخوفهم ناجم عن البرهان والحجة اللذَين جاء بهم الإسلام.  هذا الخوف مثل خوف الظلمة من النور.  الليل يخاف بصيصَ الصباح لأنه يعرف جيدا أنه سوف يقضي عليه.  فأعداء الحق أيضا يصابون بهذا الخوف الذي يبدو جليا من هجمات يشنونها ضده. والاضطهادات التي تُصب على الأحمدية تعكس الأمر نفسه.

ويلاحَظ في الاضطهاد المذكور أمر آخر أيضا وهو مذكور في الآية:

لا يُقَاتلُونَكُم جَميعاً إِلا في قُرىً مُحَصَّنَة .

أي أنهم يشنون عليكم هجمات من قرى ومدن محصنة أي من مواقع وبلاد حيث يعرفون أنه لن يُسمَح لكم بالرد، وحيث يعرفون أنهم حائزون هناك على غلبة ظاهرية ومرتاحون تحت ظلِّ حكومات متحيزة.  ولكن لا يجرؤون على مبارزتكم حيث الحرية، بل يفرون منكم فرار الحمير من الأسد. فما أعظَمَه من برهان بينه القرآن الكريم وما أروَعَه من كلام منطقي! إذ قال إن أسلوب مجادلتهم سوف يبين لكم أنهم جبناء. فإن مصادرةَ كتب الأحمدية من ناحية، وشنَّ الهجوم عليها من ناحية ثانية، وعدمَ السماح للأحمدية بالمناقشة من ناحية أخرى كلها أمور تعكس الأمر الآنف الذكر وهو:

لا يُقَاتِلُونَكُمْ جَميعاً إلا في قُرىً مُحَصَّنَة أَو مِنْ وَرَاء جُدُر ..

أي أنهم يشنون هجومًا من وراء جدر متمثلة في الحكومات الدنيوية، وعادتهم هذه لا تخفى على أهل البصيرة.

هناك قوى كبيرة وكثيرة معادية للإسلام تتسابق بعضها بعضًا في عداوته، والإسلام مهدَّد بأنواع من الأخطار من قِبلها.  ولكن معارضي الأحمدية لا يملكون إزاء هذه القوى إلا نسج المكائد الخيالية جالسين في قُراهم المحصَّنة المزعومة، ولا يجرؤون على مقاومة هذه القوى المعادية للإسلام، أو تحديها، أو الهجوم المضاد عليها.  إذن فمن ذا الذي يوفَّق لكل هذا؟ سوف أتناول ذكره بعد قليل.

رد فعل سلبي

ثم يقول الله تعالى:

تَحْسَبُهُمْ جَميعاً وَقُلُوبُهُمْ شَتَّى .

هنا يبِّين الله تعالى فلسفة عميقة جداً، وهي أنهم بسبب عدائهم لكم أصبحوا “جميعًا”، أي جمعًا موحَّدًا في الظاهر وإلا فلا توجد بينهم أواصر الحب والود حقيقةً.  لقد تمكن منهم خوفكم وعداوتكم لدرجة أَنستْهم عداوتهم الداخلية.  ولكن الحقيقة أن هذا لا يمثّل آثار الحياة.  إن آثار الحياة هي أن توجد بين القوم قوة الحب الحقيقي القادر على جمع شملهم.

وقد أدّوا هذا المفهوم القرآني بتعبير آخر هو: “الكفر ملة واحدة”. أي الوحدة التي تلاحظونها في ملة الكفر إنما هي بسبب قوة الإنكار، بمعنى أنهم قد اتحدوا على أن يرفضوا أحدًا، ولم يتحقق هذا الاتحاد لسبب إيجابي أبدا، ذلك بأنهم قوم لا يعقلون أي لا يعرفون أن مثل هذا الاتحاد أو الاجتماع لا يعنيان شيئا.  إذ من المعروف أن الاتحاد الذي يتم عند ظهور مصالح مشتركة كأنْ يجتمع الناس خوفا من عدو أو مِن خطر آخر فلا أهمية لمثل هذا الاجتماع، لأن الحيوانات أيضا تتحد في مثل هذه المواقف، إذ تتحد الذئاب والأسودُ والشياه في حالة الاضطرار.

هناك رسَّامٌ رسم هذا المشهد بأسلوب رائع جدا.  فقد رسم مشهد العاصفة العاتية والطوفان العارم، ولكي يزيد المشهد هيبة، رسم في وسط المشهد، بالإضافة الى الرعود والبرق، زوبعة تحيط بالوحوش المتنوعة بما فيها الخنازير والأسود والذئاب والشياه والأفراس جالسة بعضها مع بعض. والأمر لا يقتصر على مثل هذه الرسوم، بل إن القبور التي تم العثور عليها مؤخَّراً والتي يعود تاريخها إلى آلاف السنين، تتراءى من خلالها المشاهد نفسها. ففي بعض الأحيان محا الدمار الشامل المخيف كل آثار الحياة في بعض المناطق، وفي مثل هذه المواقف حاولت الحيوانات المتنوعة والمعادية بعضها لبعض الفرارَ من الكارثة، واجتمعت في مكان واحد حتى هلكت ودُفنت في قبور جماعية وكأنها جالسة بعضها مع بعض حبًّا وتوددًا. ولكن هذا النوع من الحب المؤقت لا يهب الحياة، لأنه يكون ناجمًا عن خوف معين وعن قوة سلبية. ولكن أولي البصيرة هم أولئك الذين يجتمعون على مبادئ إيجابية.  تتحد قلوبهم نتيجة للحب ويتراءى فيهم مشهد: رحماء بينهم .

ثم يقول الله تعالى: كمثل الذين من قبلهم أي هؤلاء أيضا سيواجهون عاقبة مثل عاقبة الذين كانوا قبلهم ولن يحظوا بالنجاة. ولهم فيها عذاب أليم لأنهم يحاولون التصدي لقدر الله تعالى، لذا لا يستطيعون أن ينجوا من العذاب الأليم.

مثال صارخ للدجل والتلبيس

الحق أن الظروف التي تمر بها الأحمدية حاليًا، والمشهد التي ترسمه هذه الظروف إنما هي بمثابة تفسير لهذه الآيات، إذ تتعرض الأحمدية لهجمات اللسان والقلم، ويُعذَّب أبناؤها تعذيبًا جسديًا، ويزجّ بهم في السجون، ويُستشهد الأعيان منهم دون هوادة.

إن البيان الأبيض المزعوم أيضا يقدم جانبًا للآيات القرآنية المذكورة، ولكنه جانب سلبي، والتهم التي أُلصقت بالأحمدية في هذا الكتيب جديرة بالمطالعة. لقد استمدوا من الحركة التي قامت ضد الأحمدية عام 1953 م بعض النتائج الغريبة.  ولكنهم قبل كل شيء يقدمون تحليلا عجيبا عن الأحمدية بكلمات آتية: ” لقد تم تأسيس الجماعة بإيعاز من قوة استعمارية، وأصبحت القضية معقدة أكثر فأكثر بمرور الوقت، إذ لم تسبب الكراهية والفُرقة بين مسلمي قارة آسيا فقط بل تعرضت لهذه الكراهيةِ والفُرقة الأممُ من بلاد إسلامية أخرى أيضا ولاسيما المسلمون في أفريقيا”. (الكتيب المذكور ص 1)

ثم يتناول البيان الأبيض المزعوم أحداث حركة عام 1953م وعواقبها فيقول: “أخذت هذه القضية تنفث سموم الكراهية والطائفية في الكيان السياسي لباكستان. وفي غضون هذه الفترة بدأ القاديانيون بإرسال بعثاتهم إلى الخارج وأقاموا هناك مراكزهم التبليغية. لقد أقاموها في أفريقيا وأوروبا وفي بلاد أمريكا الجنوبية والشمالية. وبما أنهم لم يشكلوا قوة تُذكر من الناحية العددية في أي بلد، لذا فقد تم التخلص منهم بسهولة في بلاد أخرى غير أنهم كانوا يحظون في باكستان بقوة عددية ملحوظة وكانوا أقوياء وراسخي الأقدام فيها.” (المرجع السابق ص 38)

هذه العبارة تشكل مثالا صارخا للدجل والتلبيس ويحتاج تحليلها الكامل إلى وقت طويل.  لذا أقول بالاختصار أوّلاً وأتساءل: من هو المسؤول عن بذر بذور الكراهية والفساد أثناء الحركة التي قامت عام 1953م؟ لِمَ لَمْ يخطر على بال مسؤولي الحكومة الحالية مطالعة تقرير محكمة التحقيق والتحليل للإجابة على السؤال المذكور؟ إن قضاة تلك المحكمة يُذكَرون بالاحترام والتقدير البالغَينِ في أوساط قضائية.  القاضي “منير” لم يكن قاضيا عاديا أبدا، كذلك كان القاضي “كياني” أيضا يحتل مكانة مرموقة في أوساط القضاء والعدل.  إنني لا أجد متسعا من الوقت لقراءة كلِّ ما يبرهن عليه تقريرهما، ولكنه لو جُمعت بضع مقتبسات من هذا التقرير لشكلت موضوعا ممتعا جدا للخطبة، ولكنني سوف أقرأ على مسامعكم مقتبسا واحدا فقط لضيق الوقت وستعرفون من خلاله من المفسدُ، وسليط اللسان وبذيئه. وأي شخص أو جماعة نفثت السموم في المجتمع! يقول القضاة: “هناك جريدة (مزدور) تصدر في مدينة ملتان بباكستان، محررها سيد أبو ذر البخاري، الزعيم المعروف لفئة الأحرار، وهو يمثل زعامتهم العليا في الوقت الراهن. نشرت هذه الجريدة في عددها 13 حزيران 1953م (مشيرة إلى مَن كان وراء الاضطرابات التي أدت إلى مفسدة 1953) مقالا ضم رسالة باللغة العربية مليئة بكلام بذيء وسوقي للغاية عن إمام الأحمدية لدرجة لا تسمح لنا لباقتنا بنقله.

ولو قيل هذا الكلام أمام شخص أحمدي وشُجت الرؤوس نتيجة له لما استغربنا من ذلك أدنى استغراب”. (تقرير محكمة التحقيق في مفسدة 1953 في فنجاب ص 87).

هذا رأي القضاة المسلمين الذين لديهم خبرة طويلة في مجال القضاء، ورأيهم ليس كرأي شخص عادي. فقد لَخَّص القضاة أسباب الاضطرابات كلها في بضع جمل وميَّزوا المفسدين عن الصابرين على الأذى.  ويضيف القضاة في هذا الصدد ويقولون:

” الكلمات المستخدمة في الرسالة بذيئة للغاية وتعكس ذوقا سوقيا جدا.  قد أهينت من خلالها اللغة المقدسة التي هي لغة القرآن الكريم ولغة الرسول إهانة شديدة”. (المرجع السابق ص 87-88)

 أقول: إذا كنتم لا تتذكرون أحداث 1953م، أو لا تطيقون قراءة قرارات محكمة التحقيق، فلمَ لا تنتبهون إلى ما يحدث في باكستان اليوم؟ واقع الأمر أنه تُجلب الملايين من أموال الزكاة لتخريج طائفة معينة من علماء الظاهر الذين ليس لهم همٌّ إلا سباب الأحمديين.  وبدلاً من أن يربّوا الناس تربية دينية أو ينشروا الإسلامَ دينَ محمد يُطلب منهم أن يكذبوا الأحمديين، ويشوهوا سمعتهم، ويحرضوا الرعاع على تنفيذ المجازر ضدهم ونهب بيوتهم وأكل أموالهم، وكل ذلك باسم الإسلام. هذه هي خدمة الإسلام التي تطلبها الحكومة في باكستان من علماء الظاهر.

ومع كل ذلك تتم المحاولات لإقناع العالم الخارجي أن الأحمديين هم الذين يزرعون بذور الكراهية في المجتمع، وكأن البلد كله أصبح عرضة للاضطهاد مِن ِقبل الأحمديين، وكأن العلماء المعارضين المساكين يصبرون على ذلك، ولا يحركون ساكنا ضد الأحمدية، ولكن إلى ما يصبرون؟  هكذا يريد المعارضون إثبات براءتهم.  ولكن العالم لا يجهل الحقيقة.  وبحوزتنا أشرطة تحتوي على خطابات هؤلاء المشائخ حيث استخدموا لغة بذيئة للغاية، وحرضوا الدهماء على الظلم والاضطهاد. اللغة السوقية التي كانت ولا تزال تُستخدم ضد الأحمدية في باكستان قد خرجت الآن من حدود البلد.  لأن مشائخهم المرتزقين يذهبون إلى الخارج ويستخدمون هنالك اللغة نفسها التي يستخدمونها ضدنا في باكستان.  ماذا يجري في جزر موريشوس وفي النرويج على سبيل المثال؟ عندنا أشرطة مسجلة عن أعمالهم، ومع ذلك يحسبون أن الدنيا تجهل كل هذه الأمور، وسوف تقتنع بقولهم بأن الأحمديين هم المفسدون، وغيرهم لا يزالون يصبرون ولا يقومون بأي نشاط ضدهم.

 أسباب انحطاط المسلمين

الصورة التي تُرسم ضد الأحمدية في باكستان لها ثلاثة جوانب، أحدها يتعلق باضطرابات عام 1953م. حيث يريدون أن يوهموا العالم أن المسلمين قبل بعثة سيدنا الإمام المهدي والمسيح الموعود كانوا متحدين قلبًا وقالبًا دون أن تجد الفُرقةُ أو سيئة أخرى طريقَها إليهم، وكانوا يشكلون قوة عظيمة بحيث ارتعدت لها القوى الاستعمارية كلها. فقامت هذه القوى بزرع الأحمدية لنشر الفساد بين المسلمين وتفريق شملهم حتى يزول الخطر المحدق بها من قبل الإسلام. ولكن الحقيقة على عكس ذلك تماما، إذ إن الكتب التي يروجونها قد جرى خلالها الحقُ على قلم مؤلفيها. فهناك كتاب بعنوان: “القاديانية” للسيد أبي الحسن الندوي، وهو من ضمن الكتب التي تنشرها وزارة الأوقاف في باكستان على نطاق واسع. لقد نشرت الحكومة هذا الكتاب في أنحاء العالم وتولت ترجمته إلى الإنجليزية والعربية. وهذا الكتاب يعارض المشهد الذي ترسمه الحكومة في البيان الأبيض المزعوم بأن المسلمين قبل بعثة الإمامِ المهدي والمسيح الموعود كانوا مسالمين متحابين فيما بينهم، فأقام الإنجليز هذه الجماعة لزرع الفُرقة فيهم، حيث يصف المؤلف المشهد قبل بعثة سيدنا الإمام المهدي والمسيح الموعود بالكلمات التالية:

” ومن ناحية ثانية قد اتسع الخرق بين الفرق الإسلامية، وتحمست كل فرقة في الرد على غيرها.  وكثرت المناظرات والمجادلات الدينية أدت في بعض الأحيان إلى المضاربات والمقاتلات والمحاكمات.  وعمت حالة الحرب الأهلية الدينية الهندَ كلها. وكل ذلك قد أحدث قلقا في الأفكار وتوترا في العلاقات وكآبة في الطبائع”.

ثم يقول:

“استولى على المسلمين بشكل عام اليأس والقنوط والشعور بالهزيمة من الظروف السائدة.  كان الناس قد يئسوا من الإصلاح وتغيير الأحوال بأساليب وطرق عادية نظرا إلى عاقبة النضال الذي جرى عام 1857م، وإلى خيبة أمل الحركات الدينية والعسكرية المختلفة. وكانت الأغلبية الساحقة من الناس تنتظر بعثة رجل من الغيب، مُلهَم ومؤيَّد من الله تعالى”. *

(قاديانيت ص 16-17 للسيد أبو الحسن علي الندوي، الناشر: مكتبة دينيات لاهور باكستان، الطبعة الأولى عام 1959م)

* يجدر الانتباه إلى أن الكتاب المشار إليه كان قد أُلف باللغة الأردية ثم تُرجم إلى العربية غير أن المترجم حذف بعض الكلمات الهامة التي تشير إلى ضرورة بعثة رجل ملهَم ومؤيَّد من الله، لذا قمنا بترجمة النص الأصلي الأردي.  (المترجم)

هذا هو الحق الذي جعل الله يجري على لسانهم أنفسهم.  وهذا هو الدجل والتلبيس الذي أشرت إليه؛ إذ يَكْذِبون ويحاولون تعتيم الحقائق من ناحية، ومن ناحية أخرى يدلون ببيانات تنم عن تلك الحقائق. هذه كانت خلفية الأوضاع السائدة آنذاك. وتوجد في هذا الخصوص بيانات كثيرة أدلى بها العلماء المسلمون حيث ذكروا كيفية انحطاط المسلمين وإدبارهم حتى يمكن أن تُدَوَّن من تلك البيانات كتب تقع في ألوف الصفحات، ولكنني سوف أقتبس بعضا منها على سبيل المثال.

تقول جريدة “الوكيل” في عددها 15/1/1927م:

” لم يظهر هذا المرض للعيان اليوم، وإنما كان قد ظهر منذ فترة طويلة. لقد حذا المسلمون حذو اليهود والنصارى في الحياة الفردية أوّلا، والآن أصبحوا يحذون حذوهم في الحياة الاجتماعية أيضا، الأمر الذي أسفر عن ضياع الخلافة”.

خراف ضالة 

وكتبت جريدة “الجمعية” الناطقة باسم المشائخ والصادرة في دلهي، في عددها 4/4/1926م وهي تتحدث عن الظروف السائدة قبل بعثة مؤسس الأحمدية:

“زال الستار دفعة واحدة وشاهدت الدنيا بوضوح أنه إذا كانت الأمة المسلمة تعني جمعية متحدة أو مسْبحَة مرتبطة، فلا وجود اليوم للأمة المسلمة بمعناها الحقيقي. أنها بمثابة أوراق منتشرة أو حبات مسبحة متناثرة، أو بضع خراف ضالة لا قطيع لها ولا راعي”.

أشباهُ عادٍ وثمود

كتبت جريدة “زميندار” في عددها 18/9/1925م مخاطبةً مسلمي الهند بلسان رسول الله :

“إنكم تُدعَون أمتي ولكن تأتون بأعمال اليهود والوثنيين.  قد اتصفتم بصفات قوم عاد وثمود.  تعبدون بعلا ويغوث ونسرا ويعوق وتذرون ربَّ العالمين، وأكثركم يسيئون إلي”.

السؤال هو: هل كانت الأحمدية هي السبب وراء كل هذه الأمور؟ لماذا لا يخافون الله؟ ولماذا ينسجون أكاذيب وبهتانات لا أصل لها ولا يقبلها، ولا للحظة واحدة شخص لديه قليل من العقل؟

يحذون حذو اليهود والنصارى

لو ألقينا نظرة على هذه الخلفية وشاهدنا الحالة التي كانت عليها الأمة المسلمة قبل بعثة سيدنا الإمام المهدي والمسيح الموعود وظلت عليها بعد مجيئه أيضا، لصرخ العقل عفويا أنه لابدَّ أن يأتي أحد لإحيائها ولا حاجة لهلاكها أكثر من ذلك، لأن أهلها كانوا أمواتا مسبقا من الناحية الدينية والدنيوية. وهذا ما حدث على صعيد الواقع.  فالآثار القليلة للحياة التي دبت فيهم كان سببها عائدا إلى بعثة سيدنا أحمد ، بمعنى أن منهم من أُحيي بسبب قبوله سيدنا أحمد ، ومنهم من اتحدوا على عداوته ظاهريا ولكن “قلوبهم شتى”.

تقول جريدة “البشير” الصادرة في “أوتاوه” في عددها سبتمبر/أيلول 1925م:

“إن حالة التشتت والفرقة التي كانت سائدة بين اليهود حين بعثة النبي ، لو قرأتم تاريخها ثم قارنتموها بحالة علماء المسلمين في الوقت الراهن لبدا لكم جليا أن حالة كثير من علماء الإسلام اليوم نسخة منتسخة من علماء اليهود والنصارى في ذلك الوقت”.

الرثاء على حالة المسلمين

أما فيما يتعلق بالشعراء فقد نظموا أبياتاً أليمة للغاية لبيان حالة المسلمين المتردية. والأسلوب الذي ذكر به حالتهم العلامةُ إقبال في شعره تحت عنوان: “الشكوى وجوابُ الشكوى” يحتاج ذكره إلى بيان طويل، ولكنني قبل ذلك سأقرأ على مسامعكم بعض الأبيات من شعر السيد “حالي” الشاعر المعروف في القارة الهندية، حيث يقول: “لم يبق الدين والإسلام أبدا، وإنما بقي من الإسلام اسمه فقط”..

ثم يشبِّه الشاعرُ الإسلامَ بالحديقة ويقول ما معناه:

” سترى حديقة خربةً تمامًا حيث يعلو الغبار في كل حدب وصوب على حد سواء. ولا تتراءى فيها النضارة أبدا. سقطت فروعها الخضراء بعد أن يبست، ولن تحمل أزهارا ولا ثمارا. أصبحت أشجارها اليابسة جديرة بالحرق”.

ثم يخاطب رسولَ الله بلهجة يعلوها الألم الشديد ويقول:

“يا أفضلَ الرسل! الوقتُ وقت الدعاء. إن أمتك تواجه وقتًا عصيبًا للغاية. الدينُ الذي كان قد انطلق من وطنه بعزة، قد صار اليوم خارج وطنه غريباً لا يلوي عليه أحد. والدين الذي كان مضيفا لقيصر وكسرى، قد نزل اليوم ضيفا عند الفقراء. الدين الذي أنار مجالس العالم بنوره، لم يعد في مجالسه اليوم سراج ولا مصباح. لقد تدهورت الحالة لدرجة لا تكاد تعود إلى طبيعتها. ويبدو من ذلك أن هذا هو قضاء الله وقدره. نتوسل إليك يا ربّان السفينة! فإن السفينة قد أوشكت على الغرق”. (المسدس للحالي، الناشر: شركة سنك ميل، لاهور، باكستان ص 38 و109)

واسمعوا الآن، يا من تعاندوننا، ما قاله العلامة د. إقبال الذي زيّنتم ” البيان الأبيض المزعوم” بتعليقاته. وإذا كنتم تُنزلون كلامه منزلةَ كلام الله، على حد قولكم، فاسمعوا ما يقوله عن المسلمين:

“أنتم النصارى هيئةً والهندوس مَدَنيّةً”. لقد تردت حالة المسلمين لدرجة يخجل منها اليهود” (جواب الشكوى ص 11)

تتشدقون كثيرا ضد الأحمدية معتزين بقول د. إقبال وكأنه شخص نزل عليه كلام الله، ثم تقدمونه بكل اعتزاز وتباه، فما رأيكم فيما وصفكم به لسانه؟

المودودي: الأمة المسلمة نتاج الجهل

وهاكم رأي المودودي الذي يقول:

“زُورُوا الأسواق، سترون مومسات مسلمات جالسات في بيوت الدعارة، وستجدون الزناة المسلمين متجولين. زُوروا المعتقلات فسوف تتعرفون على اللصوص المسلمين والصعاليك المسلمين والفُّساق المسلمين. ارجعوا إلى المكاتب والمحاكم تجدوا كلمة “المسلم” مقرونة بالرشوة، والظلم، بكل نوع من أنواع الرذائل.  تجوَّلُوا في المجتمع تواجِهوا المسلمين المدمنين على الخمر أحيانا، وتصادفوا المسلمين المدمنين على القمار والموسيقى والتغني والتهريج أحيانا أخرى. تأمَّلُوا الآن لأية درجة أهينت كلمة “المسلم” وبأية صفات رُبطت؟ المسلم الزاني! المسلم شارب الخمر! المسلم المقامر! المسلم المرتشي! فإذا كان المسلمون يتصرفون بكل التصرفات التي قد يتصرف بها الكافر فمتى كانت الدنيا بحاجة إلى وجود المسلم إذن”؟(المسلمون والعراك السياسي الحالي، ج 3 ص 28-29 تحت عنوان: “انحطاط الحركة الإسلامية”)

يجب على المعترضين على الجماعة الإسلامية الأحمدية أن يقرؤوا هذا المقتبس ويتأملون فيه جيدا.  أتساءل لماذا لم تبق فيهم خشية الله؟ نعم! إنهم يخشون ولكنهم يخشون غلبتنا فقط.

يقولون عن سيدنا الإمام المهدي والمسيح الموعود بأنه تكلم عن المسلمين بكلام قاسٍ وهاجمهم (والعياذ بالله)، ولكن الذي يسمونه “العارف بشمائل النبوة” يقول:

“لو استعرضتم هذا المجتمع المسلم المزعوم لرأيتم فيه مسلمين من أنواع مختلفة يتعذر عليكم إحصاؤها. إنها حديقة الحيوانات التي اجتمعت فيها ألوف الأنواع من الحيوانات بما فيها الغربان والحدءات والنسور والسُّمانَى والحَجَل”. (المرجع السابق ص 31)

هذه هي كلمات الشيخ المودودي إذ كتب عن حالة المسلمين التي وجدهم عليها. فهل أقام الإنجليز شخصاً لهلاك هذا القوم الذي كان منحطا – حسب رأي المودودي –  من قِيم إنسانية لدرجة يقدم مشهد حديقة الحيوانات؟ لا يمكن لأحد أن يرفض أن ذلك الموعود قد جاء ولمّ شملهم، ونفث فيهم الروح إلى حد ما، وبعث فيهم حماسا، وإن وُجد سلبيا في المعارضين. يمضي المودودي ويقول: “ليس في الشريعة الإلهية ما يؤدي إلى تشكيل أمم مختلفة كأمة أهل الحديث والحنفية والديوبندية والبريلوية وأهل الشيعة وأهل السنة. (وكأنه يريد أن يقول: لا بد أن تكون هناك أمة واحدة وهي الجماعة المودودية) هذه الأمم كلها نتاج الجهل”. (الخطبات، الطبعة الرابعة ص 74 تحت عنوان: الدين والشريعة) أما فيما يتعلق بعامة المسلمين والأمة المسلمة فيقول المودودي:

“أما هذا السواد الأعظم الذي يُسمى بالأمة المسلمة، فإن 999 من الألف منهم لا يعرفون الإسلام ولا يقدرون على التمييز بين الحق والباطل. ولم يتغير اتجاههم الأخلاقي والذهني وفقا للإسلام. إنما يتوارثون اسم الإسلام من الأب إلى الابن ومن الابن إلى الحفيد، ولذلك هم مسلمون”. (المسلمون والعراك السياسي الحالي، الجزء الثالث ص 130 تحت عنوان: الصراط المستقيم للإسلام وسبل الانحراف عنه)

هنالك أقوال كثيرة من هذا القبيل، كما أسلفت، اعترفَ فيها علماء الأمة القدامى منهم والجدد بحالة المسلمين المتردية. فمن الظلم العظيم إلقاء مسؤولية هذه الحالة على الأحمدية.

سوف أذكر لكم في هذا الصدد بعض المراجع، لا كلَّها. ومن أراد أن يعرف عن حالة المسلمين في بلاد ذكرها العلماء بلدا بلدا – بما فيها الهند بأقاليمها المختلفة مثل “حيدر آباد دكَّن، وسي بي، ومهار اشتر”، ثم بلاد العرب مثل مصر والعراق والجزائر، ثم بورما وتركيا وجزيرة جاوه وتايلندا وروسيا- فليرجع إلى تعليقات منشورة في الجرائد عن حالة المسلمين، والجرائد هي:

زميندار 16/7/1926م، أهل الحديث

16/4/1910م، و25/1/1920م،

و14/1/1921م، و28/1/1921م،

و18/2/1921م، مستقل 12/7/1929م،

همدم 8/9/1920م، و17/1/1925م،

سياست 5/11/1925م،

ملاب 16/8/1925م،

مدينة 1/4/1925م،

انقلاب 1/6/1930م،

طوفان 27/9/1930م،

تنظيم 8/11/1925م،

اتحاد 21/5/1931م،

همت 24/8/1929م،

مشرق 16/5/1930م.

وإلى جانب ذلك هناك كتب كثيرة بما فيها كتب المودودي أيضا حيث توجد تعليقات عديدة لا تخفى على أهل العلم والبصيرة.

عُودوا الى الصواب!

أما فيما يتعلق بما قالوا في “البيان الأبيض المزعوم” أنه عندما قامت حركة عام 1953 م، وحدثت البلبلة في باكستان، عندها بدأ الأحمديون بالخروج إلى بلاد أخرى حتى وصلوا إلى أوروبا وأفريقيا، فهو كلام جدير بالانتباه. أقول لهم: لِمَ لا تعودون إلى صوابكم؟ استخدِموا العقل والمنطق. كانت الأحمدية قد انتشرت في أنحاء العالم قبل تلك الفترة. حتى إنكم بأنفسكم قلتم بكل تفاخر بأننا قد تخلصنا من “قضية المائة سنة”، مما يعني أن الأحمدية كانت موجودة قبل مائة سنة. لقد ترسخت في تلك البلاد بل انتشرت في أنحاء العالم قبل تأسيس باكستان أيضا. ففي أمريكا على سبيل المثال تأسس مركزنا رسميا عام 1920م، وفي بريطانيا في 1913م، وفي عام 1920م تم شراء قطعة أرض حيث يقع اليوم مسجد “الفضل” بلندن، وكان السيد فتح محمد سيال أول داعية أحمدي في بريطانيا. كذلك بدأت نشاطات مراكزنا في كل من غانا ونيجيريا بأفريقيا الغربية عام 1921م. أما في أفريقيا الشرقية فتأسست الأحمدية عام 1896م، أي قبل بداية القرن العشرين، غير أن المركز الرسمي أنشئ هناك في 1934م. وذلك بالإضافة إلى مراكزنا في هنغاريا وبولندا وتشيكوسلوفاكيا حيث بدأت نشاطاتنا التبليغية في 1930م. كما تأسست مراكزنا للدعوة في اسبانيا وإيطاليا وألبانيا عام 1936م، بالإضافة إلى مركزنا في بورما عام 1935م.

إذن فلو ألقيتم نظرة فاحصة على الدنيا كلها لأدركتم جيدا أن الأحمدية كانت قد انتشرت في أنحاء العالم كله قبل ذلك بفترة طويلة جدا.

وبقي الآن أن نستعرض: ماذا كانت الأحمدية تقوم به من نشاطات في كافة أنحاء العالم؟ لابد أن تعتمدوا على الآراء التي سوف أتناولها لأن أصحابها ليسوا من الأحمديين ولكن الله تعالى جعل الحق يجري على لسانهم. فقالت جريدة “زميندار”[1]

“نريد أن نسأل المسلمين: ماذا يقوم به المسلمون من جهد لنشر دينهم المقدس. يسكن في الهند سبعون مليون مسلم، ولكن هل هناك مركز واحد لهم يقوم بنشاطات تبليغية في الغرب؟ إن تشويه سمعة الأحمديين جالسين في البيوت أمر غاية في السهولة، ولكن لا يسع أحدا أن ينكر أن هذه هي الجماعة الوحيدة التي أرسلت دعاتها إلى إنجلترا وبلاد أوروبية أخرى.

* علما أن هذه الجريدة كانت قد نذرت نفسها لمحاربة الأحمدية. (المترجم)

ألا يمكن ل “ندوة العلماء” و”منظمة ديوبند” و “فرنغي محل” ومراكز علمية دينية أخرى أن تشاركهم في نشر الحق والتبشير به؟ ألا يوجد في الهند من المسلمين الأثرياء الذين يستطيع كل واحد منهم – إذا أراد ذلك – أن يتحمل وحده نفقات مركز واحد للدعوة؟ بلى إنهم موجودون، ولكن الأسف كل الأسف أن العزيمة مفقودة.

هدرُ الوقت في النزاعات السخيفة وتشويه سمعة الآخرين أصبح شعار المسلمين اليوم، رحم الله هذا القوم الضالين”. (جريدة زميندار، ديسمبر/كانون الأول 1926م)

وكتبت مجلة “انقلاب” في عددها 2/5/1930م:

“إن صاحب الدين التبليغي يجد في نفسه رغبة عارمة للنشر والتبشير بالأمر الذي يراه حقا”.

ثم قالت: “لابد أن نعترف نظرا إلى حالة المسلمين الراقدة الراهنة أنهم لا يملكون ذرة من الحق وإلا فلماذا لا يجدون في أنفسهم رغبة جامحة في نشره وإشاعته في العالم؟ ومقابل ذلك، هناك الجماعة الإسلامية الأحمدية التي لا تعارضها الأديانُ الأخرى فحسب، بل إن المنظمات الإسلامية أيضا تخالفها أيما مخالفة، وعلى الرغم من ذلك، فإن هذه الجماعة القليلة العدد وحدها تعمل جاهدة ليلَ نهارَ لئلا تتمتع هي وحدها بنعمة الإسلام بل تحاول أن تؤهل الدنيا بأسرها للاستمتاع بها”.

(يُتبع)

[1] علماً أن هذه الجريدة كانت قد نذرت نفسها لمحاربة الأحمدية (المترجم)
Share via
تابعونا على الفايس بوك