مأساة مسلمي كشمير وفلسطين والخدمات الأحمدية (القسط الثاني والأخير)
التاريخ: 1985-03-08

مأساة مسلمي كشمير وفلسطين والخدمات الأحمدية (القسط الثاني والأخير)

حضرة مرزا طاهر أحمد (رحمه الله)

حضرة مرزا طاهر أحمد (رحمه الله)

الخليفة الرابع للمسيح الموعود (عليه السلام)

خطبة جمعة ألقاها حضرة أمير المؤمنين ميرزا طاهر أحمد نصره الله

الخليفة الرابع للإمام المهدي والمسيح الموعود

في 8 آذار / مارس 1985 في مسجد “الفضل” بلندن

(القسط الثاني والأخير)

في القسط السابق ذكرنا بعض الخدمات التي قامت بها الجماعة الإسلامية الأحمدية لمسلمي كشمير وقضيتهم. أما الآن فنذكر خدمات الجماعة لمسلمي فلسطين وقضيتهم.

وهذا القسط يحتوي على الخطبة السابعة من سلسلة الخطب التي ألقاها سيدنا ميرزا طاهر أحمد، الخليفة الرابع للإمام المهدي  ردًا على تهم باطلة ألصقتْها بجماعته حكومة الدكتاتور ضياء الحق في باكستان في “البيان الأبيض” المزعوم الذي نشرته بعنوان: “القاديانية، خطر رهيب على الإسلام”.

لقد ردَّ الخطيب في كلمته على هذه التهم الباطلة القائلة بأن الأحمدية خانت مصالح العرب المتعلقة بقضية فلسطين، وبأن السير ظفر الله خانْ أول وزير خارجية لباكستان قدّم قضية فلسطين في الأمم المتحدة بأسلوب أدى إلى تقسيمها.

لقد أثبت الخطيب من خلال الأحداث المسجلة على صفحات التاريخ أنه كلما تعرضت مصالح المسلمين العرب أو غيرهم لأي خطر كانت الأحمدية في الطليعة دائمًا للذود عنها، في حين إن الذين يتهمونها اليوم قد خانوا مصالح المسلمين دوما، وسيرتهم هذه مسجلة على صفحات التاريخ بأقلام مؤرخيهم.

لقد تشرَّف بترجمتها الأستاذ عبد المجيد عامر وراجعها الأستاذ عبد الله أسعد عودة.

لدي مواد كثيرة حول القضية الفلسطينية وأرى أنه من المستحيل إنهاء الموضوع في خطبة اليوم. غير أنني سوف أحاول أن أعرّفكم اليوم بالقضية من حيث المبدأ. هناك نوعان من التهمة المتعلقة بالخيانة التي تلصق بالأحمدية:

إحداهما: قد أخفقت قضية فلسطين بسبب شودري ظفر الله خان، لأنه أفسدها بسوء تقديمه إياها. ولو قام أحد غيره برفع هذه القضية لنجحت، فكأن شودري محمد ظفر الله خانْ تعمّد الخيانة بمصلحة إسلامية.

والثانية: أن الأحمديين عملاء لإسرائيل، وهناك 600 منهم يخدمون في الجيش الإسرائيلي حاليًا. والغريب في الأمر أن عدد 600 لازال كما كان منذ 10 أو 15 سنة. لم يُقتل واحد منهم في أي قتال ولم يمت أحد بموت طبيعي أيضا منذ 15 سنة.  كما لم يزدد عددهم بشكل من الأشكال بل بقي على حاله طوال هذه الفترة كما يقولون.

ويُقال أيضًا في هذا الصدد بأن للأحمدية مركزًا في إسرائيل، لذا فإن الأحمديين عملاء لإسرائيل لا محالة. هذا ملخص التهم التي تلصق بالأحمدية باعتبارهم إياها عميلة لإسرائيل*.

أوّلاً وقبل كل شيء يجب أن نعرف ما هو المركز؟ وما المراد منه؟ إن معارضي الأحمدية لا يعرفون حتى بحقيقة المركز. إنهم قرؤوا كلمة المركز في كتاب “المراكز التبليغية للجماعة الإسلامية الأحمدية”، وما لبثوا أن شنّوا الهجمات. فإمّا أنهم منخدعون بأنفسهم أو يتعمدون خداع العالم إذ يزعمون أن لهذا المركز أيضًا صفة المراكز السياسية التي تقيمها الحكومات. وعامة الناس عندما يسمعون مثل هذا الكلام لا يعرفون حقيقة الأمر بل يتركون الأمر على عواهنه ويحتارون من أمرهم، إذ يحسبون أن العالم الإسلامي كلّه قد قاطع إسرائيلَ، ولكن الأحمديين أقاموا مركزًا لهم، وكأن لهم علاقات على مستوى السفارة.

بالله عليكم، كيف يكون مركز سفاري في الخارج للذين ليس لهم بلد أو حكومة مستقلة في أي مكان؟ المراد من مركز الأحمدية هو المركز التبليغي لا غير. أي المركز المهاجِم من قِبلِ الإسلام على اليهودية. المركزُ الذي هو في حالة جهاد مستمر بكل شجاعة وبسالة ضد الباطل ويحاول ضم اليهود إلى صفوف الإسلام. لماذا لا تدعون الله أنتم أيضًا حتى يوفقكم لإقامة مراكز كهذا.

فالحق أن المعارضين يجهلون الحقيقة. وليست تصرفاتهم هذه إلاّ الشغب والضجيج الفارغين اتخذهما المحترفون كحرفة لهم. إنهم اختلقوا بعض المصطلحات ثم بدؤوا يشيعونها من غير وجه حق. وقد نحلوا بعض الأكاذيب التي يصدقها المسلمون السذّج بمنتهى البساطة. وما يُسعدني هو أنه يتضح من سلوك الناس البسطاء هذا أنهم يكنّون حبًّا بالغًا للإسلام.

والظالمون هم أولئك الذين غيّروا مجرى عواطفهم وحبهم إلى اتجاه غير صحيح. لو لم تكن العامة يحبون الإسلام لما خالفوا الأحمدية أبدًا عند إثارة المشايخ إيّاهم. لذا من واجبنا أن نصل إلى هؤلاء المحبين للإسلام ونخبرهم بالحقيقة بغضّ النظر عمّا يقوله المشائخ ظلمًا وزورًا. من المهم جدًا الوصول إلى عامة الناس مباشرة لأنه حيثما وُجد الحبُّ للدين فقد وضع الله خيرًا في صاحبه. ولا يمكن أن يضيع الله قومًا يحبّون الإسلام. لذا إنني على ثقة كاملة أن المسلمين، من الهند كانوا أو إندونيسيا أو ماليزيا أو البلاد العربية الأخرى أو الأفريقية أو غيرها، كلما اطلعوا على الحقائق عن الأحمدية تأثروا بها حتمًا، ولا بُد أن يؤيدوا من يؤيده الإسلامُ، ويميلوا إلى مَن معه الإسلام والقرآن والرسول إنهم سوف يؤيدون الصدق والحق.

إن معارضتهم للأحمدية نابعة من حبهم للإسلام، وإن كان ذلك بسبب جهلهم بحقيقة الأمر، إذ يُقدّم إليهم العدو صورة الأحمدية مشوّهةٌ تمامًا وكأنها عدوة للإسلام. ويقالُ لهم انظروا: إن الأحمديين أقاموا مركزًا في إسرائيل فثبت كونهم عملاء لها.

أقول: إن مجرد وجود المركز في بلد ما ليس دليلاً على صحة اتهامهم، وليس قولهم إلا حمق وغباوة. من المعلوم أن لباكستان مركزًا سفاريًا في روسيا، فهل أصبحت باكستان عميلة لروسيا؟ وهل باكستان عميلة لأمريكا وبريطانيا والبلاد الأخرى كلها التي فيها سفارات باكستانية؟

تعتيم الحقائق

كما قلت سابقًا، ليس لنا في إسرائيل مركز مثلما يكون لبلد مركز في بلد آخر على مستوى الحكومة. حتى لو كان الأمر كذلك فمع ذلك إن استنتاجهم الآنف الذكر نابع عن الجهل والغباوة لأنه لا يقدر أحد على أن يبيّن لنا ما هو ذلك الظلم وما هو نوع العمالة التي يقوم بها الأحمديون في إسرائيل؟

لم يقدر أحد من معارضينا إلى يومنا هذا على أن يثبت أن جماعتنا قبلت مليمًا واحدًا كمساعدة مالية من جهة خارجية، حكومة كانت أم جماعة، لأننا لسنا بحاجة إليها بفضل الله تعالى.

السؤال هو: ما هي تلك الخيانة أو التصرفات التي تقوم بها الأحمدية؟ بيِّنوا لنا إن كنتم تملكون شيئًا من الحياء أو الصدق. واقرؤوا أحداثًا سجلها مؤرخوكم لتعرفوا “خيانة” الأحمدية ضدكم. تذكَّروا معركة “شدهي” وتذكّروا أحداثًا جرت في أودية كشمير، وتذكَّروا جبهاتِ القتال بين الهند وباكستان حيث ضحَّى المسلمون الأحمديون بأرواحهم بحماس مفرط في سبيل وطنهم باكستان. وهل تتذكَّرون جبهة كشمير حيث احتشد الأحمديون صغارًا وكبارًا، شبابًا وشيوخًا وطلابًا وأساتذة، بل من جميع فئات المجتمع، على نفقاتهم الخاصة لبذل حياتهم في سبيل الوطن وليس لجلب منفعة دنيوية.

فهل هذه الأحداث تعكس خيانة من أجل إسرائيل؟ وماذا تستفيد إسرائيل بتقوية قوم هذه أسوتهم وهذه شمائلهم؟ من هم الخونة في الحقيقة؟ هذا ما سوف أميط عنه اللثام لاحقًا، عندها سوف تعرفون بوضوح من هم الخونة والعملاء للأعداء.

على أية حال إن اعتراض المعاندين على جماعتنا أن لها مركزًا في إسرائيل اعتراض مثير للاستغراب، إذا لا ينتبه أحد إلى حقيقة أن فرع الجماعة الإسلامية الأحمدية العالمية كان قد تأسس رسميًا في دولة فلسطين حين لم يكن لإسرائيل وجود على وجه الأرض. وما زال ذلك الفرع موجودًا إلى الآن. وحيثما توجد جماعتنا في أنحاء العالم توجد مراكزنا أيضًا، ويشتغل فيها دعاتنا يربُّون الأحمديين تربيّة دينيّة.

وعلاوة على ذلك يجب أن تعرفوا أن هناك مساجد لغير الأحمديين من المسلمين في إسرائيل يتوظف فيها كثير من العلماء. وبالإضافة إلى ذلك يجب أن تعرفوا أيضًا ان هناك فِرقًا غير قليلة من المسلمين تقطن في أرض فلسطين التي تحتلها إسرائيل، ولكل فرقة مساجدها وأئمتها، وهذا ما يُسمّى مركزًا. فهل صار العالم الإسلامي كله عميلاً لإسرائيل؟ وإذا كان الأمر هكذا فلا يختلف الأمر شيئًا، لأن الأحمديين أيضًا يسلكون مسلَكهم. غير أن ما أؤكد عليه هو أن الأحمدية لم تُقِم مركزًا لها في إسرائيل بعد قيام حكومة اليهود فيها. ولو قال أحد بذلك لكذب كذبًا شنيعًا ولافترى علينا بهتانًا عظيمًا.

واقع الأمر أن الجماعة الإسلامية الأحمدية أرسلت دُعاتها إلى تلك البقاع عام 1924م لأوّل مرة. ثم تأسس مركزها الرسمي هناك عام 1928م.

في حين أن حكومة إسرائيل تأسست عام 1948م على ما أظن. فالبلد الذي كان المسلمون الأحمديون يقطنونه، وكان الفرع الفعّال للجماعة موجودًا فيه بفضل الله تعالى قبل 24 عامًا من قيام حكومة إسرائيل، فهل إرسال الدعاة إلى تلك البقاع يُسمّى عمالة لإسرائيل عند معارضينا؟!

بيانات الزعماء المسلمين من فلسطين

هناك صديقنا الأحمدي الفلسطيني ضمن أبناء الجماعة في الكبابير اسمه السيد ابراهيم، لما سمع عن الضجّة الحالية التي يثيرها المشائخ في كافة أنحاء العالم زاعمين أن الأحمدية عميلة لإسرائيل قال عفويًّا: إن علماء فلسطين لا يعرفون بذلك على الإطلاق. وأضاف وقال: إن باكستان بلد أمره غريب للغاية إذ يثير مشائخه ضجّة بهذا الخصوص في كافة بلاد العالم ولا يخبرون بذلك العربَ فقط الذين يهمهم الأمر. فاجتمع السيد ابراهيم مع علماء المسلمين الكبار وأخبرهم بخطورة الموقف وقال: يتهمنا بعض المعارضين بأننا نحن الأحمديين عملاء إسرائيل، وأننا نخدم في جيش إسرائيل. فكتب هؤلاء العلماء شهادات وختموها وسمحوا له بنشرها حسبما شاء.

إن هؤلاء العلماء العرب كانوا يخشون الله ولم يخافوا لومة لائم لقولهم الحق. رسائلهم في هذا الموضوع طويلة جدًا ولكنني ألخصها لكم خوف التطويل حيث اعترفوا أن الجماعة الأحمدية جماعة مسلمة، تؤمن بالله وتهتم بالأمور الدينيّة والإسلامية البحتة، ليس لها علاقة بالسياسة. وإنهم أناس نبلاء محترمون يتمسّكون بالقيم الأخلاقية والاجتماعية السامية.

يحبون الجميع ويحافظون على التعاليم الدينيّة. وأبناء هذه الجماعة يتحلّون بخصائل حميدة وأخلاق حسنة. إنها جماعة صادقة ومحبة للوطن وجديرة بالتقدير. لا تساهم في نشاطات إسرائيل العسكرية. تحترم القانون وتبتعد عن اللهو واللعب. هذا ملخص وثيقة الشهادات التي منحها المسلمون البارزون من أراضي فلسطين المحتلة ووقّعها القاضي الشرعي لمدينتيّ عكا وحيفا، الشيخ محمد عبد العزيز ابراهيم، ومحافظ مدينة “شفا” السيد نمير حسين، ورئيس البلدية السيد عامر حمير الدرويش، وعضو البرلمان السيد محمد وتد، والسيد محمد خالد مساور المحامي، وأمين لجنة الدعوة الإسلامية السيد فتحي توراني، والسيد محمود صالح مدير المدرسة الثانوية، والدكتور سامي مرعي المحاضر في جامعة حيفا. وهكذا جمع أخونا ابراهيم بطريقة حكيمة أقوالاً لرجالات من جميع مجالات الحياة.

عليكم بإثبات التهمة

في إحدى المرات ألّفتُ كُتيبًا ردًا على كتاب المعارضين: “مِن ربوة إلى تل أبيب”*

وقلتُ: “اتقوا الله يا من تسمّون أنفسكم علماء الدين! تقولون إن 600 من الأحمديين يتوظفون في جيش إسرائيل. فأَخبِرونا أيّ عميل لليهود زفّ إليكم هذا الخبر؟ ما هو مصدركم لهذا الخبر؟ لقد تحدّيتُهم قائلاً أن أَخبِرونا بأسماء 60 من هؤلاء الجنود فضلاً عن 600، أو 6 أو واحد على الأقلّ ممن توظف في جيش إسرائيل، من باكستان كان أو غيرها من البلاد، إن كنتم قادرين أو صادقين. ولكنهم لم يقدروا على تقديم اسم واحد لأنه ليس موجودًا أصلاً. مشكلتهم هي أنهم لا يستطيعون تقديم اسم افتراضي ولو فعلوا ذلك لاضطروا إلى بيان هويّته وعنوانه حتى يتمكّن من يشاء من التحقيق في الموضوع. ليس قولكم هذا أيها المتهمون، كمثل انتخاباتكم المحلية في باكستان حيث تُسجّلون أصوات الأموات أيضًا في قائمة الناخبين ثم تُدلون بها حسب رغبتكم. فلو كنتم تتهموننا بتوظف الأحمديين الباكستانيين في الجيش الإسرائيلي فلا بُدّ لكم من بيان أسمائهم وهوياتهم وعناوينهم.

إن هؤلاء العلماء العرب كانوا يخشون الله ولم يخافوا لومة لائم لقولهم الحق. رسائلهم في هذا الموضوع طويلة جدًا ولكنني ألخصها لكم خوف التطويل حيث اعترفوا أن الجماعة الأحمدية جماعة مسلمة، تؤمن بالله وتهتم بالأمور الدينيّة والإسلامية البحتة، ليس لها علاقة بالسياسة. وإنهم أناس نبلاء محترمون يتمسّكون بالقيم الأخلاقية والاجتماعية السامية.

إخلاصُ الأحمدية لعالم الإسلام

أمّا فيما يتعلق بإخلاص الأحمدية وولائها للعالم الإسلامي فهو غنيّ عن البيان منذ يوم تأسيس الجماعة إلى يومنا هذا، فكانت الأحمدية بفضل الله على صلة متينة ومُخلصة مع المصالح الإسلامية المنوطة بفلسطين منذ ذلك الوقت الذي ما كان فيه المعارضون يعرفون عن قضية فلسطين شيئًا حتى لم يكونوا على معرفة كافية باسم فلسطين أيضًا. إن خلفاء الجماعة الإسلامية الأحمدية كانوا ينبّهون مسلمي فلسطين في الوقت المناسب إلى كل خطر أطلّ برأسه، وكانوا يأمرون أبناء الجماعة بالقيام بأيّة خدمة ممكنة لهم.

هذه حكايات ما زالت تجري على ألسنتكم ما قبل انقسام الهند حتى اعترفت بها جرائد “الأحراريين” أيضًا، مما يعني أنكم أقررتموها بلسانكم ورقمتموها بأقلامكم، بما فيها قولكم: “الولاء الذي أبداه السيد ميرزا محمود أحمد القادياني للمسلمين وعالم الإسلام قلما يُوجد له نظير”.

الجرائد التي تكرّس جُلَّ وقتها لعداوة الأحمدية، عندما تنطق بالحق والصدق، على الرغم من بُغضها وضغينتها، يُعتبر قولها شهادة الحق والفضل، لأن الفضل ما شهدت به الأعداء. كانت هناك جريدة “زمزم” الناطقة بلسان الأحراررين وكانت مكرّسة لعداوة الأحمدية، وعلى الرغم من ذلك كتبتْ متأثرة بجهود نبيلة بذلها سيدنا المصلح الموعود لحماية مصالح مصر حين تعرضت لخطر داهم، وذلك قبل تقسيم الهند، فكتبت الجريدة المذكورة في عددها 19 يوليو/تموز 1942م مايلي:

“الغيرة الإسلامية التي أظهرها في الظروف الراهنة حضرةُ الخليفة على مصالح مصر والحجاز المقدس لجديرة بالتقدير. لقد مثّل حضرته عواطف المسلمين أحسن تمثيل بإظهاره هذه الغيرة”.

لاحظوا أن الأعداء الألداء أيضًا لا يرون أحدًا يستطيع تمثيلهم إلا المسلمين الأحمديين. وكانوا يعتبرون إمام الجماعة الإسلامية الأحمدية أفضل ممثل للمسلمين.

الأحمدية تسبق غيرها دائما بفضل الله تعالى في خدمة المسلمين أيّا كان نوعها. ولكن ما الذي حدث بكم اليوم أيّها المعارضون؟ ألم يبق فيكم شيء من خشية الله وتقواه . لقد تناسيتم كل ما قلتموه إلى الأمس القريب، فبدأتم تتفوهون اليوم على عكس ما كنتم تنادون به إلى الأمس القريب.

أكتفي بهذا القدر في هذه الخطبة وسوف أقرأ على مسامعكم بعض المقتطفات الأخرى في هذا الصدد في الخطبة القادمة بإذن الله. وسوف أشرح كيفية الدور الذي أداه السير محمد ظفر الله خانْ في القضايا السابقة الذكر. ولسوف أبيّن أيضًا كيف أشادت الدنيا بدوره، وكيف مدحه العرب أنفسهم لهذا لدوره هذا وقدّروه، وأـشادوا بإيمانه وإخلاصه وولائه للإسلام بكلمات جميلة. كما سأبين لكم ما هي الجهود الجبارة التي قام بها سيدنا المصلح الموعود في هذا الصدد؟ وما قام به أعداء الإسلام من مساعٍ نتيجة لأعماله البارزة لخدمة الإسلام. فكل هذه الأحداث شائقة ومُمتعة تضمها أوراق التاريخ ويجب أن يطلع عليها أبناء الجماعة الإسلامية الأحمدية. إذ تصلني الرسائل من الأخوة عن السلسلة الجارية للخطب حيث يظهر منها أن بعضًا من الأحمديين أيضًا كانوا يجهلون هذه الحقائق. وكتب إليّ بعض الشباب ولاسيما الأخوة القاطنين في ألمانيا أنهم قبل هذه السلسلة كانوا يجدون بعض الصعوبة عند الرد على بعض الأسئلة المطروحة من قبل المعارضين لأنهم ما كانوا يعرفون الردود المناسبة عليها، ولكنهم أصبحوا الآن يردّون بالثقة المتناهية مما جعل الأعداء يضطربون. كذلك يكتب إليّ الإخوة أن مشاجرات ساخنة وقعت في صفوف المعارضين في بعض الأماكن إذ يشجبهم الناس قائلين إنكم أنتم الكاذبون والحق مع الأحمديين.

إذن فعندما ينطق الحق بأعلى صوته يؤثر هذا الصوت في القلوب لا محالة. لكن من واجبكم أن تتسلحوا بأسلحة الحق والصدق. وليكن كل أحمدي على معرفة كاملة بالحقائق. لذا فإنني سوف أسلّط الضوء في الخطبة القادمة بإذن الله على ما تبقى من هذه الحقائق، وسوف أقوم بإدانة المعارضين بناء على ما خرج من أفواههم وأقلامهم. وفقني الله لذلك.

*  يجدر التنويه هنا أن مركزنا في فلسطين يقع في القسم الإسرائيلي حاليا، وقد أُسس عام 1928 قبل تقسيم فلسطين وتأسيس إسرائيل بعشرين سنة. ولا يوجد في الجيش الإسرائيلي أحد من الأحمديين أبدًا، كما لا يخدم أحد منهم في شرطتها، في حين يخدم المسلمون الشيعة  “الدروز” في الجيش والشرطة الإسرائيليين.

وشهد على ذلك وجوه العرب وزعماؤهم في اسرائيل من خلال رسائلهم. (المترجم)

* ومن أراد مزيداً من الاطلاع على هذا الموضوع فليرجع إلى الكتيب المذكور ص 84 إلى 88.  (المترجم)

Share via
تابعونا على الفايس بوك