أبرز خدمات الأحمدية للعالم العربي ح 3

أبرز خدمات الأحمدية للعالم العربي ح 3

محمد طاهر نديم

  • جهود محمد ظفر الله خان في تسوية النزاع بين مصر وبريطانيا
  • جهود ظفر الله خان في استقلال تونس والمغرب
  • دعمه لاستقلال ليبيا
  • تكريمه في السعودية
  • اعتراف الأردن بخدمات ظفر الله خان
  • تعزية الملك حسين بوفاة ظفر الله خان

__

إن إخلاص الأحمدية وولاءها للعالم الإسلامي والعربي منذ تأسيسها إلى يومنا هذا غنيّ عن البيان. ولقد كانت قضايا العرب والمسلمين في صلب اهتماماتها دوما.

جهود محمد ظفر الله خان في تسوية النـزاع بين مصر وبريطانيا

سيطرت بريطانيا على قناة السويس، فنشب نزاع بينها وبين مصر، فبذل وزير خارجية باكستان محمد ظفر الله خان كل ما في وسعه لحل هذه القضية. فالتقى برئيس الوزراء البريطاني مستر إيدن في لندن في يناير 1952 وناقش معه هذه الأزمة، فنجح في محاولاته، حيث حددت بريطانيا فترة قصيرة للانسحاب من السويس، وأخبرت مصرَ بسحب قواتها من هناك بعد تلك الفترة.

وقد اعترفت جريدة الأهرام بجهود السيد محمد ظفر الله خان، وكتبت في عددها الصادر في 21 فبراير 1952 أن لوزير خارجية باكستان محمد ظفر الله خان دورا كبيرا في استصدار هذا القرار.

ونشرت جريدة “المصري” الصادرة في القاهرة بتاريخ 25 فبراير 1952 في افتتاحيتها مقالا أشادت فيه بالخدمات الإسلامية التي قام بها محمد ظفر الله خان، واعترفت أن البلاد الإسلامية قد انتفعت كثيرا من قدراته الفذة ومساعيه المشكورة. كما أشاد ممثل الجريدة نفسها بجهود حضرته وقال: إن التغير الحاصل في وجهة نظر القوى الأوروبية تجاه الإسلام وتعاليمه وأهدافه يعود فضله إلى جدارة محمد ظفر الله خان وفهمه العميق وفكره النير. (نقلا عن جريدة الفضل 27 فبراير 1952 ص 8)

جهود ظفر الله خان في استقلال تونس والمغرب

كان المسلمون في تونس والمغرب يكافحون منذ فترة طويلة الاحتلال الفرنسي ساعين من أجل حريتهم واستقلالهم. كانت أمريكا وبعض البلاد الغربية تعارض بشدةٍ طرح قضية المغرب وتونس على طاولة الأمم المتحدة للنقاش والبت فيها. فألقى محمد ظفر الله خان حول هذا الموضوع كلمة مؤثرة جدا ندد فيها بموقف أمريكا والبلاد الأخرى المعارِضة لحل هذه القضية وقال: إذا رفضتم مناقشة هذه القضايا في الأمم المتحدة فإنها ستتفاقم وستؤدي إلى قتل ودمار، وسيكون الممثل الأمريكي مسؤولا عنها.

فلما قال حضرته جملته الأخيرة امتقع لون ممثل أمريكا في تلك الجلسة. (جريدة “ملت” الباكستانية عدد 22 يناير 1954 ص 7)

قد اعترف زعماء تونس بهذه الأيادي لمحمد ظفر الله خان، فقال السيد الباهي الأدغم رئيس الوزراء التونسي الأسبق في ذكرياته المنشورة في إحدى الجرائد المحلية:

“لقد نصَحنا ظفر الله خان بعرض القضية في شهر أفريل 1952 عندما تكون الباكستان في رئاسة الدورة، وهو الذي أشعرنا بخطأ عرض القضية في شهر جانفي (يناير) 1952 عندما كانت فرنسا في الرئاسة. وقدم لنا نصائحه هذه في اجتماع جمَعني به صحبة السيد الحبيب بورقيبة الابن. في هذا الاجتماع قدم لنا إعانة مالية تمثلت في تمويل حالة عرض القضية التونسية في الأمم المتحدة، وعرض علينا خدماتِ الأستاذ أحمد البخاري الذي ساعدنا مساعدة مثالية من حيث إجراء الاتصالات والدفاع عن القضية خلال اللقاءات الجماعية والثنائية… ولم يكتف ظفر الله خان بهذه الأشكال من المساندة بل عندما عرضت القضية على الجمعية العمومية حضر بنفسه في الدورة وشارك في الجلسات العامة وفي اللجنة السياسية… ودافع عن القضية التونسية بقوة وإيمان.”

وكتبت جريدة “الصباح” في عددها الصادر في 14 مايو 1981 بمناسبة زيارة محمد ظفر الله خان لتونس ما يلي:

“إن الصحف التونسية تابعت في الخمسينات تدخلاته ومواقفه التاريخية من قضيتي تونس والمغرب…. وفي مقال مطول بعنوان “قضيتا تونس ومراكش أمام الجمعية العامة”، أوردت جريدة “الزهرة” يوم 5 نوفمبر 1953 صورة عن تدخُّل السيد محمد ظفر الله خان للدفاع عن القضيتين ببسطة صادقة اللهجة حارة الأنفاس مدعمة بالحجج المنطقية والقوانين الدولية أوضح فيها حق تونس ومراكش في الحصول على استقلالهما.”

وما يزال التونسيون يذكرون لحد الآن التأثير الذي كان لخطاب السيد ظفر الله خان في افتتاح المناقشات حول قضية تونس بالجمعية العامة سنة 1952، فقد ألقى خطابا تجاوزت مدته ثلاث ساعات وتجاوزت أصداؤه مبنى الأمم المتحدة لتساهم في اطلاع الكثير من شعوب العالم على عدالة القضية التونسية.”

وهكذا كان لكلمة حضرته دور بارز وأساسي في وضع هذه القضية في قائمة قضايا الأمم المتحدة.

ولما قرر مؤتمر العالم الإسلامي أن يحتفل المسلمون في العالم أجمع بالحادي والعشرين من نوفمبر 1952 باعتباره يوم تونس والمغرب دعمًا لكفاح المسلمين فيهما من أجل الاستقلال، أمر سيدنا الخليفة الثاني أبناء جماعته بعقد اجتماعات دعمًا لموقف هؤلاء المسلمين المضطهدين، كما دعا لهم بالنجاح.

(جريدة الفضل عدد 21-22 نوفمبر 1952)

لقد استجاب الله تعالى دعوات الخليفة وجماعته، وأثمرت جهود محمد ظفر الله خان، كما تكللت جهود أهل تونس والمغرب بالنجاح العظيم، حيث استقل البَلدان في عام 1956.

دعم ظفر الله خان لاستقلال ليبيا

كانت القوى الاستعمارية تحيك المؤامرات ضد مستقبل ليبيا، واتفقت بريطانيا وإيطاليا في 10 مارس 1949 على مشروع (بيفن سيفورزا) الخاص بليبيا، الذي يقضي بفرض الوصاية الإيطالية على “طرابلس” والوصاية البريطانية على “برقة” والوصاية الفرنسية على “فزان”، على أن تمنح ليبيا الاستقلال بعد عشر سنوات من تاريخ الموافقة على مشروع الوصاية. وقد وافقت عليه اللجنة المختصة في الأمم المتحدة في 13 مايو 1949 وقُدّم إلى الجمعية العامة للأمم المتحدة للاقتراع عليه، ولكن مشروع الوصاية باء بالفشل إذ لم يحصل على الأصوات المؤيدة الكافية. ونتيجة للمفاوضات المضنية لحشد الدعم لاستقلال ليبيا التي قام بها وفد من أحرار ومناضلي ليبيا للمطالبة بوحدة واستقلال ليبيا، أصدرت الجمعية العامة للأمم المتحدة في 21/11/1949 القرار رقم 289 الذي يقضي بمنح ليبيا استقلالها في موعد لا يتجاوز 1/1/1952، وتشكلت لجنة للعمل على تنفيذ هذا القرار وبذْلِ قصارى جهدها من أجل تحقيق وحدة ليبيا ونقل السلطة إلى حكومة ليبيّة مستقلة.

هذا ما تجدونه منشورا في كثير من وسائل الإعلام، ولكننا سنذكر الآن الجانب المجهول من تاريخ ليبيا الذي قلما يذكره المؤرخون. لا شك أن الجمل السابقة تشير إلى بعض الحقائق التي يجهلها الناس ولكن بطريقة غير واضحة.

لقد كانت الدوائر الاستعمارية تحيك المؤامرات، وكانت بريطانيا وإيطاليا وفرنسا متفقة على تقسيم ليبيا إلى ثلاثة بلدان منفصلة، ثم مع كل هذا الاتفاق والتواطؤ لم تستطع هذه الدول أن تأخذ الأصوات المؤيدة الكافية لنجاح المشروع! فكيف حصل ذلك؟ ولو نجحوا لكانت ليبيا ثلاث دول متفرقة تعيش تحت هيمنة أوروبية.

نلخص فيما يلي تفاصيل هذه القضية من كتاب (تحديث نعمت) أي التحديث بالنعمة، وهو السيرة الذاتية لمحمد ظفر الله خان، حيث يقول:

كان عدد الأعضاء في الأمم المتحدة آنذاك أقلّ من ستين دولة، وكان لا بد لنجاح أي مشروع من أن يحظى بثلثي الأصوات المقترعة. فعرفنا من خلال النقاش فيما بيننا أن لدينا 15 صوتا فحسب في حين كنا بحاجة إلى 19 صوتا ليفشل هذا المشروع المطروح (مشروع الوصاية). صحيح أن البلاد العربية كانت معارضة لهذا المشروع، ولكن ستة منها فقط كانت أعضاء في الأمم المتحدة، وكان وزير خارجية مصر سعادة أحمد خشبة باشا أيضا يسعى جاهدا لجمع الأصوات المطلوبة، فكنا نتشاور ونتلاقى من أجل حل هذه المشكلة.

الدعاء بتضرع وابتهال

لقد حان موعد مناقشة المشروع في حين لم نستطع جمع أكثر من 15 صوتا فحسب. كنت قلقا جدا، وصليت صلاة الظهر في هذه الحالة المثيرة للقلق والاضطراب، ودعوت الله تعالى بتضرع وابتهال أن يهدينا إلى طريق نتبعه من أجل تحرير عباده المظلومين. فلما كنت في السجدة إذ ألهمني الله تعالى بفضله خطة.

فلما فرغت من الصلاة تلقيت مكالمة هاتفية من محمود فوزي – المندوب المصري في الأمم المتحدة – يقول لي إن وزير خارجية مصر يريد أن أقابله قبل بدء جلسة المجلس العام حتى نفكر مرة أخرى ونبحث عن حل لهذه المشكلة. فلما ذهبت إليه وقابلته سألني: هل وجدت أي حل؟ قلت: نعم، أو بالأحرى هو ما ألقى الله تعالى في رُوعي، وهو: بدلاً من جمع الأصوات المعارضة لهذا المشروع يجب أن نبحث عن بعض البلاد المؤيدة لوضع “برقة” تحت الوصاية البريطانية و”فزان” تحت الوصاية الفرنسية، ونطلب من هؤلاء المؤيدين أن يعارضوا فقط مشروع وضع “طرابلس” تحت الوصاية الإيطالية.

فقال سعادة أحمد خشبة باشا: ماذا سنستفيد من ذلك؟

محمد ظفر الله خان: بهذا سوف يفشل الجزء الثالث من المشروع.

سعادة أحمد خشبة باشا: مع كل ذلك سوف يتم تقسيم البلد. وكنتَ مصرًّا قبل هذا على ألا يتم هذا التقسيم، فكيف طرأ التغير على رأيك بين ليلة وضحاها؟

محمد ظفر الله خان: لم أغير رأيي، بل لا أزال أريد ألا يتم تقسيم ليبيا، غير أننا إذا استطعنا إلغاء الجزء الثالث من المشروع نكون قد ضمنّا عدم تقسيم ليبيا.

سعادة أحمد خشبة باشا: وكيف ذلك؟

محمد ظفر الله خان: إذا فشل مشروع وضع طرابلس تحت الوصاية الإيطالية فلا بد أن ترفض دول أمريكا اللاتينية قبول بقية أجزاء المشروع، وبالتالي لن تصوت لصالح المشروع عند التصويت الشامل حول أجزائه الثلاث.

قفز سعادة أحمد خشبة باشا من شدة الفرح وقال: رائع جدا. لماذا لم يدُرْ هذا بخلدي أنا؟ على أية حال، ماذا يجب علينا فعلُه الآن، لأنه لم يبق لدينا وقت كثير؛ إذ سيكون التصويت مساء.

محمد ظفر الله خان: قد نفوز بصوت “هايتي” إذ هي دولة من أمريكا اللاتينية، وليست لها علاقات مع إيطاليا، فيجب أن تحاولوا ذلك. أما أنا فسوف أحاول إقناع المندوب الهندي.

استطاع محمد ظفر الله خان وخشبة باشا إقناع مندوب هايتي ومندوب الهند لمعارضة الجزء الثالث من المشروع. ونجحت الخطة إذ كانت الأصوات المؤيدة للجزء الثالث من المشروع 33 والمعارضة 17، وبحسب قانون الجمعية العامة كان العدد المطلوب لنجاح المشروع هو 34 ولم يكن عند مؤيدي المشروعِ هذا الصوت الواحد.

يقول حضرته:

عندما أعلن رئيس الجلسة فشل هذا الجزء من المشروع بدأتُ أضرب على الطاولة الأمامية بشدة حتى تورّمتْ يدي.

كان الجزء الرابع من المشروع أن تبقى هذه الدويلات الثلاثة – المزعومة – من ليبيا تحت وصاية البلاد الأوروبية الثلاثة لعشر سنوات قادمة. فلما نادى الرئيس للتصويت على تقسيم البلد إلى بلدان ثلاثة، وقفتُ وقلت: أرجو التوضيح ما هو البلد الثالث منها؟ إذ إن التصويت باء بالفشل حوله. فقال الرئيس: سوف يتقدم الآن أحد باقتراح التغيير في المشروع فنكتب “بلدين” بدلاً من “ثلاثة”. وبينما كنت أريد أن أقف لأقول شيئا إذ استأذن مندوب الأرجنتين وقال: لا جدوى من التصويت على بقية أجزاء المشروع لأنه في حالة عدم تسليم طرابلس إلى إيطاليا سوف تعارض دول أمريكا اللاتينية المشروع كله. وهذا ما حصل بالضبط على صعيد الواقع، وباء مشروع (بيفن سيفورزا) الخاص بليبيا بالفشل الذريع.

رجعتُ إلى كراتشي بعد هذه الجلسة في الجمعية العامة، فأتى لمقـابلتي السفـير الإيطالي في باكستان، ومعه رسالة من وزير خارجية إيطـاليا قال فيها: لم أتأسف على فشل المشروع، بل نريد أن نصـادق الدول العربية ونكسب ثقتهم، لذلك فإننا جاهـزون لتأييد استقلال ليبيا في الجلسـة القـادمة.

فعُرض مشروع منح الاستقلال لليبيا في عام 1949، وأصدرت الجمعية العامة للأمم المتحدة في 21/11/1949 القرار رقم 289 الذي يقضي بمنح ليبيا استقلالها في موعد لا يتجاوز الأول من يناير 1952، وشُكّلت لجنة لتنفيذ هذا القرار، وكانت باكستان ومصر من أعضائها البارزين. (تحديث نعمت ص 569 إلى 573)

لعل سعادة أحمد خشبة المندوب المصري في الأمم المتحدة كان يتذكر جهود محمد ظفر الله خان لذلك أدلى بتصريح يفيض بمشاعر الإخلاص والامتنان تجاه حضرته إثر صدور فتوى التكفير ضده من قبل مفتي مصر، فقال:

“إن السيد ظفر الله خان الرجل الوقور ذا اللحية الکثّة أخذتْه نشوةُ فرح لا توصف بانتصار الدول العربية ومؤيديها فی قضـية ليبيا أمام الجمعية العمومية للأمم المتحدة عام 1952 فقال بصوت مسمـوع للجميع إن سروره لا يقدّر بانتصار قضية ليـبيا العربية. وکذلك کان دفاعه مجيدا عن طرابلـس.” (جريدة الأهرام 28 يونيو 1952)

تكريم محمد ظفر الله خان

وشكرًا على هذه الأيادي البيضاء وإشادةً بهذه المواقف الجريئة الصادقة لصالح العرب منحتْ عدة دول عربية لسيادته أرقى أوسمتها ونياشينها. واتخذه ملك الأردن الحسين وملك السعودية فيصل وملك المغرب الحسن الثاني صديقا حميما لهم. نذكر فيما يلي بعض أحداث تقدير واحترام وتكريم حضرته من قبل كبار زعماء العرب.

تكريمه في المملكة العربية السعودية

كان محمد ظفر الله خان على علاقة طيبة مع وزير الخارجية السعودية آنذاك “الأمير فيصل بن عبد العزيز آل سعود”، فأخبره مرة عن رغبته في أداء فريضة الحج، فقال له: ستنـزل ضيفا علينا وتحج. ولكن بعد عدة سنوات في عام 1955 سافر حضرته للعمرة غير أنه لم يخبر الأمير فيصل عن قدومه وإنما أبلغ سفيرَ باكستان في المملكة العربية السعودية. فلما وصل حضرته في جدة استقبله في المطار السفير الباكستاني الذي أخبره أنه أخبر الملك سعود أن محمد ظفر الله خان قادم لأداء العمرة، فقال الملك: إنه سيحل ضيفا علينا. ثم أمر بتجهيز كل شيء لازم للضيف المكرم. (تحديث نعمت ص 644-645)

اعتراف الأردن بخدمات محمد ظفر الله خان

كان محمد ظفر الله خان في زيارة لإيران في عام 1953، فقابله السفير الأردني في طهران، فقدم له دعوة رسمية من قبل حكومة بلاده لزيارة الأردن خلال هذه الجولة، فاعتذر حضرته وقال لا بد أن أصل سريعا إلى كراتشي. ولكن في اليوم التالي تلقى رسالة من العاهل الأردني يطلب منه زيارة عمان. فسافر حضرته إلى الأردن حيث استقبله الملك الحسين في قصره وقال له:

نشكرك جزيل الشكر على ما قمت به دفاعًا عن الحق العربي منذ بداية  القضية الفلسطينية. وعندما ارتكبت إسرائيل مذبحة مروعة في قرية قبية داخل المناطق العربية قُمتَ في الجمعية العامة وكشفتَ عن مكائد الإسرائيليين ومؤامراتهم.

واعترافا بخدمات ظفر الله خان للعالم العربي كله، قد منحه العاهل الأردني خلال تلك الزيارة أعلى وسام في الأردن. (تحديث نعمت، ص610 إلى 612)

تعزية الملك الحسين بوفاة ظفر الله خان وإشادته بمواقفه

وعند وفاة محمد ظفر الله خان في سبتمبر عام 1985 بعث عاهل الأردن رسالة عزاء إلى عائلته في باكستان، وقد نشرت بعض الجرائد هذا الخبر كالآتي:

عمان، بترا: بعث جلالة الملك الحسين برقية تعزية إلى أسرة المرحوم السير ظفر الله خان الذي انتقل إلى رحمة الله تعالى أمسِ الأول، وأشاد جلالة الحسين بمناقب الفقيد الكبير وخدماته الجلّى للقضايا الإنسانية عموما والقضايا العربية والإسلامية خصوصا.

وقال جلالته: إن ذكرى الفقيد ستظل حية في الأذهان لِما قدّم من جليل الخدمات للإنسانية ولقضايا العدل في كل مكان وعلى الأخص القضية الفلسطينية.

وقال: لقد كان المرحوم بحقٍّ نصيرَ القضية العربية، وستبقى جهوده المستمرة سواء في العالم الإسلامي أو في دول عدم الانحياز أو في محكمة العدل الدولية مثالا مشرفا لرجل عظيم كرس حياته للمبادئ السامية لديننا وحضارتنا.

ويذكر أن الفقيد ظفر الله خان هو أول وزير خارجية لدولة باكستان عند قيامها عام 1947 وكان يحمل لقب “سير”، وكان من أشد المدافعين عن القضايا العربية وقضايا التحرر وعدم الانحياز أثناء رئاسته للجمعية العامة في الأمم المتحدة. كما كان -رحمه الله – لسان حق في القضية الفلسطينية منذ نشأتها ودافع بحماس وإيمان عن حق الشعب الفلسطيني…. كما ناصرَ قضايا الشعوب العربية التي كانت تسعى لنيل استقلالها والتحرر من سيطرة المستعمر، ودافع عن قضايا شعوب العالم الثالث وعدم الانحياز سواء في الأمم المتحدة أو في محكمة العدل الدولية التي كان رئيسا لها أو في المحافل والمؤتمرات الدولية كافة.

كما كان المرحوم ظفر الله خان داعية إسلاميا متميزا، عمل على نشر تعاليم الإسلام السمحة وعرضها بمفهوم عصري وعلمي. (جريدة “الدستور” الأردنية، العدد 5547 الصادر في 3 أيلول 1985)

وقد أُطلق حينها على أحد شوارع العاصمة الأردنية عمان اسم ظفر الله خان تقديرا لجهوده التي بذلها دفاعا عن الحقوق العربية.

تكريمه في المملكة المغربية

في عام 1962 دُعي محمد ظفر الله خان لزيارة المغرب، وفي القصر الملكي منحه العاهل المغربي أعلى وسام الدولة وقال له مشيدا بمواقفه المشرفة:

لا نقدر أن نجازيك بشيء على الخدمة التي أسديتها للمغرب وعائلتها الملكية، ولكن إذا قبلتَ منا هذا الوسام تذكارًا لسعادتنا بك وصداقتنا معك فسيكون ذلك مدعاة لسعادتي وسروري.

ثم في السنة نفسها زار العاهل المغربي الولايات المتحدة الأمريكية حيث دُعي في اجتماع المندوبين الأفريقيين والآسيويين، وكان المندوب الباكستاني سيرأس هذه الجلسة، وهو آنذاك محمد ظفر الله خان، فعرّف جلالةَ الملك على المندوبين، ثم حين قام الملك لإلقاء كلمته بدأها بقوله:

أيها السادة إن هذه الجلسة مصدر فرحة وسرور خاص لي إذ سنحت لي الفرصة لأنقل باسمي وباسم الشعب المغربي آيات الشكر والامتنان للشخصية الكريمة التي ترأس الآن جلسة المجموعة الآسيوية والأفريقية، وذلك على خدمتها لنا في وقت عصيب جدا. لقد أبديت له بمشاعري هذه في الرباط أيضا، غير أنني كنت أريد أن أقولها له أمامكم أنتم أيضا. كان أصدقاؤنا يكادون يُعَدّون على أصابع اليد عندما طُرحتْ قضية المغرب على طاولة الأمم المتحدة، غير أننا عندما كنا نسمع محتوى خطابات ظفر الله خان في الأمم المتحدة بالراديو أو نقرأها في الصحف كانت قلوبنا تمتلئ طمأنينة، ويحدونا الأمل أن يكون النجاح حليفنا يوما ما لأن قضيتنا بيد محام محنك وقدير. (تحديث نعمت ص 695)

Share via
تابعونا على الفايس بوك