تداعيات الغرور الفكري
  • الشيطان يجد منفذا لوسوسته في استدراج كل من لديهم غرور في عقولهم وافتتان بعلومهم.
  • النور والإرشاد الإلهي هو الوحي المستمر للبشر لا انقطاع له وليس حصرا على رجال الدين فحسب بل يتعدى ذلك ليشمل علماء الإختصاصات المادية.
  •  الغرور الفكري يبقى عائقا في قبول الحق وبذلك امتلأت كتب التفاسير بالخرافات
  • ولاشك أن أبحاث ودراسات العالم المتبحر المصاب بالغرور الفكري تؤدي به نحو الهاوية وتستعمل في هدم سلام وامن العالم.

__

الدراسة المستفيضة لتاريخ الديانات تكشف الغطاء عن أسباب وموانع عديدة صدت ولا زالت تصد الإنسان عن قبول الحق الذي يأتي به المأمورون من الله عز وجل. فيأخذ التقليد الأعمى المجرد من البيِّنة والبصيرة مأخذه مِمن عمت قلوبهم، كما تتحكم العادات السيئة في النفوس فيصد الاستكبار وطاغوت الافتتان بالمركز والجاه والثراء عن سماع صوت الحق وقبوله. ولا تتوقف قائمة الأمراض الأخلاقية الفتاكة إلى هذا الحد ولكنها تزداد بازدياد طغيان وجبروت الإنسان. وسنركز عبر هذه السطور على ظاهرة تُعتبر العمود الفقري لهذه الأسقام ألا وهي الغرور الفكري الذي يُعرف غالبا بأنه إعجـاب الإنسان المفرط بقواه العقلية وافتـتانه برأيـه وإضفاء عصمة زائفة عليه فيتدخل في ما لا يعنيه وفي مجالات لا باع له فيها.

إن مشاعر الغرور والإعجاب بالنفس لها صلة وطيدة بالعقلية الجهنمية التي أبرزها الشيطان منذ بدء الخلق وأعلن “أنا خير منه”، وبالتالي فقد وجد عبر العصور منفذا لوسوسته فـي استدراج كل من لديهم غرور في عقـولهم وافتتان بعــلومهم، فاستهواهم وزيَّن لهم أن  يخوضوا فيما ليس لهم به علم وأن يتهجموا ويستهزئوا بكل مبدأ لا يتماشى مع ما ينصه  عقولهم.

لقد بيّـن الحَكم العدل حضرة مرزا غلام أحمد عليه السلام أن عقل الإنسان هو عبارة عن غرفة حالكة الظلام مغلقة النوافذ، ولا تنتعش هذه الغرفة بالنور إلا عندما يقرر صاحبها فتح نافذتها فيدخل النور من خلالها. والنور في هذا المقام هو توضيح وهداية وإرشاد الله عز وجل لمسلك المعرفة الصحيحة الموثقة بتأييده عز وجل. ويتم هذا الأمر عن طريق وحي المبشرات الساري المفعول في الأمة. فالمدارك العقلية مهما بلغت من نضج وحنكة إلا أنها تبقى ناقصة معرضة للخطأ الفاحش ما لم تَحظَى بتوجيه ورعاية رب العزة.

وهكذا يبقى الغرور الفكري أكبر عائق في قبول الحق كما تبين الآية القرآنية الكريمة

وقد صد عن سبيل النور الإلهي فئة قالت بانقطاع الوحي بجميع أنواعه وكفَّرت كل من قال بغير ذلك وبالتالي حجبت نور الهداية والرعاية السماوية على الأمة فتسرب لفكرها ومعتقدها الغث والسمين وامتلأت كتب التفاسير بالخرافات. وقد استفحلت هذه الظاهرة في عقود منصرمة لُقبت بعصور الظلمات والتي من خلالها ظهرت معتقدات هدامة غاية في الخطورة مثل الناسخ والمنسوخ في القرآن وحياة المسيح في السماء والطعن في شرف الأنبياء وهلم جرًّا من التفاسير الهدامة المخالفة للنص الصريح للقرآن الكريم. كل هذا حدث في ظل الغرور الفكري الذي رفض متعمدا أن تكون مرجعيته نور الهداية الربانية عن طريق وحي الهداية والإرشاد.

ولا يتوقف الإرشاد الإلهي على رجال الدين فحسب بل يتعدى ذلك ليشمل علماء الإختصاصات المادية المتشعبة حيث يبقى العقل عاجزا عن الوصول إلى بر الأمان معتمدا كلية على قدراته.. وهذا هو المعنى الحقيقي للتوكل على الله حيث يسعى المرء جادا في بحوثه ودراساته ومساعيه ولا يبالي بإقحام القوى الإلهية كي تضع اللمسات الأخيرة على عمله.

ولا شك أن أبحاث ودراسات العالم المتبحر المصاب بالغرور الفكري تؤدي به رويدا رويدا نحو الهاوية وتُستعمل في هدم سلام وأمن العالم. والأمثلة على ذلك كثيرة حيث استُغلت البحوث في مجالات الذرة والبيولوجيا في أضرار وخيمة في حق الإنسانية.

وفي مقابل ذلك نجد أن العالم الرباني المتحلي بخشية الله لا يزيغ عن مبدأ الأمن والسلام فهو الذي قال الله تعالى في حقه:

  إِنَّمَا يَخْشَى الله مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ

ولا شك أن مساعيه تعم فائدتها “الخلق” الذين هم “عيال الله”.

وهكذا يبقى الغرور الفكري أكبر عائق في قبول الحق كما تبين الآية القرآنية الكريمة:

فَلَمَّا جَاءَتْهُمْ رُسُلُهُمْ بِالْبَيِّنَاتِ فَرِحُوا بِمَا عِنْدَهُمْ مِنَ الْعِلْمِ وَحَاقَ بِهِمْ مَا كَانُوا بِهِ يَسْتَهْزِئُونَ* فَلَمَّا رَأَوْا بَأْسَنَا قَالُوا آمَنَّا بِالله وَحْدَهُ وَكَفَرْنَا بِمَا كُنَّا بِهِ مُشْرِكِين* فَلَمْ يَكُ يَنْفَعُهُمْ إِيمَانُهُمْ لَمَّا رَأَوْا بَأْسَنَا سُنَّةَ اللَّهِ الَّتِي قَدْ خَلَتْ فِي عِبَادِهِ وَخَسِرَ هُنَالِكَ الْكَافِرُونَ (غافر:84-86)

ندعو الله عز وجل أن ينير بصائرنا ويجعلنا من حملة مشعل نور محمد المصطفى صلى الله عليه وآله وسلم.

Share via
تابعونا على الفايس بوك