من مجالس الخليفة

 

لقاء مع العرب

مجلس أسئلة وإجابات

تلبيةً لرغبة كثير من قرَّائنا الكرام واستجابةً لاستفساراتهم العديدة اخترنا لكم في هذا العدد سؤالاً حساسًا أُلقيَ في إحدى حلقات برنامج الفضائيّة الإسلامية الأحمدية الناجح “لقاء مع العرب” بتاريخ 13-08-1994. وتفضل حضرة أمير المؤمنين مرزا طاهر أحمد مشكورًا بتقديم الإجابة. والجدير بالذكر في هذا المقام أن حضرته أجاب على هذا السؤال باللغة الإنجليزية وحاز على شرف ترجمته إلى العربيّة الأستاذ المرحوم الحاج محمد حلمي الشافعي رئيس تحرير «التقوى» السابق.

*  إعداد: أبو حمزة التونسي

 (س) يستدلُّ بعض الناس بحديثين شريفين تاليين على استحالة مجيء نبي بعد الرسول ، فما هو تعليق حضرة أمير المؤمنين على ذلك؟

  1. حَدَّثَنَا سَلَمَةُ بْنُ شَبِيبٍ حَدَّثَنَا المـُقْرِئُ عَنْ حَيْوَةَ بْنِ شُرَيْحٍ عَنْ بَكْرِ بْنِ عَمْرٍو عَنْ مِشْرَحِ بْنِ هَاعَانَ عَنْ عُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ : “لَوْ كَانَ بَعْدِي نَبِيٌّ لَكَانَ عُمَرَ بْنَ الخَطَّابِ.” (الترمذي، كتاب المناقب)
  2. حَدَّثَنَا عَبْدُ الْقُدُّوسِ بْنُ مُحَمَّدٍ حَدَّثَنَا دَاوُدُ بْنُ شَبِيبٍ الْبَاهِلِيُّ حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ عُثْمَانَ حَدَّثَنَا الْحَكَمُ بْنُ عُتَيْبَةَ عَنْ مِقْسَمٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: لَمَّا مَاتَ إِبْرَاهِيمُ ابْنُ رَسُولِ اللَّهِ – صَلَّى رَسُولُ اللَّهِ وَقَالَ: “إِنَّ لَهُ مُرْضِعًا فِي الْجَنَّةِ، وَلَوْ عَاشَ لَكَانَ صِدِّيقًا نَبِيًّا… (سنن ابن ماجة، كتاب ما جاء في الجنائز)

(ج) هذان الحديثان من مجموعة أحاديث كثيرة تتعلَّق بالنبوة بعد سيدنا محمد المصطفى . وأرى أنّه لا يصحُّ أخذ هذه الأحاديث فُرادَى كذلك لا يصحُّ أخذها في مجموعات معيّنة وإنّما يجب أن تُدرس مجتمعةً ويجب الربط بينها ومن ثم يتم استخراج صورة كاملة وشاملة منها تُلقي الأضواء على ما تُبرز هذه الأحاديث من معانٍ. وللأسف الشديد نجد أن كثيرًا من العلماء يأخذون بعض الأحاديث ويركِّزون عليها في تحليلاتهم ولا يُشيرون إلى باقي الأحاديث المتعلِّقة بنفس الموضوع، وغيرُهم يأخذ أحاديث أخرى ولا يُشير إلى ما سبقها، وهذا الأسلوب لا يرفضه القرآن الكريم فحسب بل ويُدينه. وثبت من السيرة النبويّة أن اليهود كانوا يُقدِّمون بعض آيات من كتابهم المقدَّس للرسول ويُخفونَ أخرى لأنها تُخالف آراءهم وتُعارِضهم، وقد بيّن الله تعالى ذلك. فيجب أن لا يتّبع العلماء المسلمون هذا الأسلوب الذي ضلَّل به علماء اليهود كثيرًا من الأبرياء.

سوف نبحث هذه الأحاديث التي تتناول هذا الموضوع في كافة أشكالها ولكن يجب أولاً أن نتفهم معنى كلمة “بعد” التي تحمل معاني ثلاثة:

  1. المخالفة والمضادّة، قال تعالى: فَبِأَيِّ حَدِيثٍ بَعْدَ اللَّهِ وَآيَاتِهِ يُؤْمِنُونَ (الجاثية: 7). فليس بعد الله زمنٌ فالله ليس بعده شيء. فــــــــ «بعد» هنا لا تعني أن يأتي بعده تعالى في الزمن ولكن تعني المخالفة أي بأي حديثٍ مُخالف لله وآياته يؤمنون.
  2. البَعديّة الزمنيّة الأبديّة التي تكون بعد وفاة الإنسان إذ من يأتي بعده يكون بينه وبين المتوفى بُعدٌ زمنيٌّ دائم.
  3. البَعديّة الزمنيّة المؤقتة وذلك من خلال غياب شخص يأتي شخصٌ آخر بعده في زمنٍ معيّن ثم يعود الشخص الأصلي.

هناك صنفٌ من الأحاديث التي تناولت النبوة بعد النبيّ منها: لا نبيَّ بعدي. ويقول العلماء أن “لا” هنا نافيةٌ للجنس ويكون المعنى المستنبط أنّه لا يمكن أن يأتي نبيٌّ بأيِّ حالٍ من الأحوال بعد وفاة النبي . وهذا هو المعنى الذي يأخذونه غالبًا من هذه الأحاديث، ولكن في نفس الوقت نجد أن هنالك أحاديث أخرى تتحدَّث عن مجيء نبيٍّ بعد الرسول حيث أخبرنا بأن المسيح سيأتي بعده. إذًا نستطيع أن نفهم كلمة بعد في هذا السياق: من فترة الرسول حتى مجيء هذا المسيح. وقد أخبرنا النبي أن المسيح سيكون نبيًّا وأوضح أنه لن يكون هنالك نبيٌّ بينه وبين ابن مريم الموعود.

حَدَّثَنَا أَبُو اليَمَانِ أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ عَنِ الزُّهْرِيِّ قَالَ: أَخْبَرَنِي أَبُو سَلَمَةَ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ أَنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ يَقُولُ: “أَنَا أَوْلَى النَّاسِ بِابْنِ مَرْيَمَ وَالأَنْبِيَاءُ أَوْلاَدُ عَلَّاتٍ، لَيْسَ بَيْنِي وَبَيْنَهُ نَبِيٌّ.”

إذاً فنبوّته ثابتة، البعديّة محصورة في الفترة الزمنيّة بين النبي وبين نزول المسيح الذي وُعِدت الأمة به.

رُويَ عن السيدة عائشة الصدِّيقة رضيَ الله عنها أنها سمعت مرةً أحد المسلمين يهتِف “لا نبيَّ بعدهُ، لا نبيَّ بعدهُ” فأدركت المعنى المغلوط الذي يجول في ذهنه فقالت له: “قولوا إنّه خاتَم النبيِّين ولا تقولوا لا نبيَّ بعدَهُ.” وبقولها هذا تكون قد ألقت الضوء على هذا الموضوع ووضَّحت المعنى الحقيقي للآية الكريمة في سورة الأحزاب:

مَّا كَانَ مُحَمَّدٌ أَبَا أَحَدٍ مِّن رِّجَالِكُمْ وَلَكِن رَّسُولَ اللَّهِ وَخَاتَمَ النَّبِيِّينَ وَكَانَ اللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمًا

وأيضًا وضَّحت معنى هذا الحديث.

فلو كان معنى خاتَم النبيين يوافق معنى «لا نبيَّ بعدي» بمعنى نفي النبوّة مُطلقًا لما اعترضتْ، وهي كذلك وضَّحت في نفس الوقت مدلول معنى خاتَم النبيين بمعنى أنه لن يأتي نبيٌّ بعد الرسول خارج نِطاق نبوّته ومُخالفًا لشريعة الإسلام على الإطلاق.

لم يرفض العلماء من السلف الصالح هذه الرواية بل اتفقوا على أخذها. كذلك خشيَ البعض الآخر أن المسيح عند ظهوره سيُرفض بناءً على هذا الاستنتاج المغلوط لحديث “لا نبيَّ بعدي”. وقالت مجموعة أخرى بأنّ (بعد) تُشير إلى أنّه لن يُبعث نبيٌّ خارج شريعة الإسلام ومُخالفًا لمحمد .

لقد بحث كثيرٌ من كبار علماء السلف الصالح هذه الرواية عن السيدة عائِشة الصِّديقة رضيَ الله عنها وهم يُقدِّرونَ ما للسيدة عائِشة من ذكاءٍ وفهمٍ للدين. فقد أشارَ المصطفى في حديثه “خُذوا نِصْفَ دِينِكُم عنْ هذهِ الحُميراء” إلى الأخذ من هذه السيدة الفاضلة العالِمة التي كانت تتميّز بنبوغها وفِطنتها. ولم يعتقدوا بأنّ قولها يتعارض مع القرآن الكريم ومع الحديث المذكور لذلك أرادوا أن يستنبطوا المعنى الصحيح لآية خاتَم النبيين وحديث “لا نبيَّ بعدي” وتوصلوا إلى النتيجة التالية: لا يمكن أن يأتي نبيٌّ يُخالف نبوّة النبي أو يخرجُ عنها. هذا هو المعنى الذي وصل إليه العلماء الذين نظروا إلى الموضوع نظرةً عميقةً مُتأنيّة جيدة.

وتوصَّل البعض الآخر إلى أنّه ربما أحسَّت السيدة عائِشة أنّه ربما عندما سيأتي المسيح سيُرفَضُ بناءً على حديث “لا نبيَّ بعدي” لذلك أصرَّت السيدة عائشة على القول بأنّه خاتَم النبيين ووضَّحت هذا وفهموا أن “لا نبيَّ بعدي” تُشير إلى استحالة مجيء نبي بعد الرسول يُخالف شريعته وما جاء من أجله. وهذا يعني أنّ النبوّة التابعة للنبي في إطاعته وخطواته ليس هنالك ما يُخالفها في قول النبي ولا في القرآن الكريم.

وإذا تأملنا في المعنى الأول لقول السيدة عائشة رضيَ الله عنها نفهم أنها خشيت أنّه عندما سيأتي عيسى بن مريم سيُرفض بناءً على حديث “لا نبيَّ بعدي” في نفس الوقت فهمت أنّه إذا آمن الناس بأن سيدنا محمد هو خاتَم النبيين واستوعبوا المعنى الصحيح لذلك فلن تُوضع أيُّ عراقيل في سبيل مجيء نبيٍّ تابعٍ في الأمة وتكون بذلك قد فتحت لنا بابًا عظيمًا للفهم والتأمُّل وربطت بين هذا الحديث وآية خاتَم النبيين وهذا يدلُّ فعلاً على فهمها وإدراكها لهذه المعاني.

الرأيُ الثاني الذي تبنَّاه العلماء أنّه ربما كان في ذهن السيدة عائشة أن كلمة «بعد» تعني البَعديّة المطلقة أي لا يمكن أن يأتي بعد النبي نبيًا، وهذا سيُغلقُ الباب أمام المسيح الذي وُعِدت به الأمة الإسلاميّة. وذهب البعض الآخر إلى إذا كان معنى «بعد» في هذا السياق يُشير إلى أنها المخالَفة أو المعارضَة أو الخروجُ عن نِطاق الدعوة المحمديّة فإن اعتراضها يُحقِّق المعنى الذي أرتأته رضيَ الله عنها. فالبَعديّة في هذا السياق تُشير إلى ضرورة حصر المبعوث بين الجدران الأربع للقرآن الكريم وفي هذه الحالة لا يكون المبعوث مُخالفًا للمصطفى ولا تكون البعدية هي البعديةُ المطلقة وهذا الذي أدّى بالسيدة عائشة على الإصرار على قول: قولوا أنه خاتَم النبيين عِوضَ عن «لا نبيَّ بعده» حتى لا يتسرَّب إلى ذهن العامة المقصود من “لا نبيَّ بعدي” هو البَعديّة الزمنيّة الأبدية المطلقة.

ولم تُشر السيدة عائشة الصِدِّيقة بقولها سالف الذكر من قريب ولا بعيد على مجيء المسيح ولكن هذا كان استنباطًا من العلماء الذين أرادوا أن يربِطوا بين قولها هذا وبين الحديث فوصلوا إلى هذا المعنى. ولكن المنطق يفرض علينا أنها كانت تُشير إلى أنّه وإن جاء أحدٌ بعد النبي فإنّه سيكون تابعًا خادمًا خاضعًا مُستمدًا منه جميع العلوم والبركات ويكون داخل إطار دعوته لا يخرج عنها قيد أُنملة. الرسول هو النبيُّ الخاتَم وهو السيد وهو الأصل ومصدر جميع البركات الروحانيّة.

هنالك نقطةٌ لطيفة تتعلَّق بكلمة “بعد” ومعانيها والجدل الذي يجري بين الجماعة الإسلامية الأحمدية وبين العلماء في أماكن شتّى. فإن فهموا من عبارة لا نبيَّ بعدي أنَّ “لا” تنفي الجنس فإنّ ذلك يعني أنّه لن يأتي نبيٌّ بعد المصطفى بالرغم من أن هنالك حديثًا يوكِّدُ على نبوّة المسيح عندما سينزل وذُكِرَ فيه أربع مرات أنّه نبيُّ الله (صحيح مسلم، كتاب الفتن واشراط الساعة). إنّهم يتهرَّبونَ من هذه المشكلة ويقولون ليس بعد النبي شخصٌ يُرفع إلى مرتبة النبوّة ولكن النبيّ القديم لا تزول عنه النبوّة ويبقى حاملاً لها لذلك يمكن أن يرجع مرةً أخرى إلى الدنيا وبذلك لا يكسر خاتميَّة الرسول وإنّما يبقى في إطارها ويأتي بنبوّته القديمة تلك. هذا هو المعنى الذي أقفلت عليه السيدة عائِشة الباب وقالت: “قولوا إنّه خاتَم النبيين” أي لن يأتي إلا الذي خُتِمَ بختمِ محمد ومن الأحياء وليس من الأموات بمعنى لن يأتي من بعدي نبيٌّ ممن بُعِثَ قبلي.

لو تصوَّرنا أن سيدنا عيسى بن مريم جاء إلى الدنيا بنبوّته، أفلا يتلقّى وحيًا جديدًا من الله سبحانه وتعالى. يرى البعض أنّ هذا لا يتعارض مع ختم النبوّة إذا توفّر فيه شرطان.. الأول: أنّه يقبل شريعة القرآن وما جاء به سيدنا محمد المصطفى .. الثاني: أن يكون خاضعًا للنبي ولا يخرج عنه ولا يُغيّر شيئًا جاء به . إذا انطبق عليه هذان الشرطان فإنه لا يكسر ختم النبوة. وهذا ما تعتقد به الجماعة الإسلامية الأحمدية حيث إنّ المسيح الذي أسَّس هذه الجماعة ينطبق عليه هذان الشرطان ولقد جاء تحت شريعة القرآن ولم يخرج عنها قيد أُنملة وهو تابعٌ للنبي ، ولكن هؤلاء يُحبِّذونَ الإتيان بنبيٍّ من خارج الأمة المحمديّة أي المسيح الناصري عيسى بن مريم الذي قال القرآن في حقّه إنّه نبيٌّ إلى بني إسرائيل، فكيف يحقُّ له أن يكون نبيًّا للأمة الإسلاميّة؟!!.. هل سيُناقض القرآنَ؟ وكيف سيحكم بالشريعة الإسلاميّة والقرآن الكريم أم أنه سيحكم بالتوراة؟! ونجد أن القرآن الكريم يؤكِّد أنه بُعِث لتقويم التوراة.. فكيف نوفِّق بين هذه الأمور؟ هل سيكون نبيًّا إلى بني إسرائيل أم إلى أمة محمد؟.. لماذا هذا التناقض؟ لماذا نأتي بنبي من خارج الأمة ونُناقض القرآن الكريم الذي لا يسمح بذلك.

تلخيص الموقف أننا أمام خيارين: إما أن نقبل بوجود شخص من أمة النبي يتربَّى على القرآن وتعاليم الأحاديث ويُرفع إلى درجة النبوّة أو المهدويّة. وإما أن يأتي نبيٌّ سابق من خارج الأمة الإسلاميّة يتحتَّم عليه تعلُّم الشريعة الإسلامية. ونحن نعرف أن أنبياء الله لا يتعلّمون الشريعة من الجامعات الدينيّة ولكن الله يتولى بنفسه تعليمهم إيّاها عن طريق الوحي، ويُفهم من ذلك أن الله سيُوحي القرآن له مرة أخرى. فنجد أنفسنا أمام نبوّةٍ جديدة ومُعضلاتٍ لا فائدة منها ولا صحّة فيها. على أيّة حال لو تمّ فإنّ الأمة ستواجه كثيرًا من المتناقضات.

خرج النبي في إحدى الغزوات وعيَّن حضرة علي أميرًا على المدينة وقال له: “… أنت مني بمنزلة هارون من موسى إلا أنّه لا نبيّ بعدي.” (صحيح مسلم، كتاب فضائل الصحابة). نحن نعرف أن سيدنا موسى وهارون عليهما السلام كانا نبيين من بني إسرائيل، ولما غادر سيدنا موسى لتلقّي الوحي طلب من أخيه هارون أن يخلُفه في قومه فترة غيابه. فكي يبتعد هذا المعنى عن ذهن حضرة علي أخبره النبي أنّك قريبٌ مني وحبيب كما كان هارون مُقرَّبًا وحبيبًا لموسى غير أنّك لست نبيًا مثلما كان هارون نبيًا. إنّك أنت ستخلُفني في المدينة ولكنك لست نبيًّا. فهنا البَعديّة تُغطّي فترة غياب الرسول عن المدينة خلال تلك الغزوة. وعلى هذا الأساس يمكن أن يُفهم معنى الحديث «لا نبيّ بعدي» أي لا نبي أثناء حياة النبي حتى إن كان متغيّبًا في أحد الأماكن.

نأتي الآن إلى صلب السؤال المتعلِّق بالحديثين: الحديث الأول “لَوْ كَانَ بَعْدِي نَبِيٌّ لَكَانَ عُمَرَ بْنَ الخَطَّابِ”. يمكن أن نفهم هذا الحديث وذلك بربطه بحديث آخر قيل فيه بما معناه: لو لمْ أُبعَثْ لَبُعِثْتَ يا عُمر. هذا الحديث يبيّن أن كلمة بعدي تعني غيري وخلافي. ليس أنا ولكن شخصٌ آخر. لو كان هناك شخصٌ آخر سيُبعث لكان ذلك عُمر.

أما الحديث الثاني “لَوْ عَاشَ إبراهيم لَكَانَ صِدِّيقًا نَبِيًّا” قد وضَّح المسألة، وأزال كل ما فيها من غموض. النبي هو الذي نُزِّل عليه القرآن وهو الذي فَهِمَ أكَثرَ من غيره معنى خاتَم النبيين وهو الذي قال «لا نبيَّ بعدي» ومع ذلك قال: “لَوْ عَاشَ إبراهيم لَكَانَ صِدِّيقًا نَبِيًّا”. يُفهم من هذا أنه عندما يقول «لا نبيَّ بعدي» فإنه يُشير إلى أنه ليس هنالك من يخرج عن شريعتي ورسالتي وتابعيّتي. وإبراهيم كان ابنًا للرسول وما كان له الخيار إلا أن يكون تابعًا له بأتمِّ معنى الكلمة.

*   العِلّات: الضرائر، وبنو العِلّات الإخوة لأب غير الأشقاء.

Share via
تابعونا على الفايس بوك